الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذات والذات العارفة

صادق العلي

2017 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



الذات والذات العارفة
,,,
مدخل :
جميعنا ذوات ولكننا لسنا جميعا ذوات عارفة .

الذات :
هي الكينونة الانسانية التي تخضع لمتطلبات الحواس الجسدية من ناحية , وتخضع للقوانين والانظمة الموضوعة من قبل السلطات المختلفة من ناحية ثانية , مع عدم ابداء اي رفض او تعديل لما هو موجود, بل بالعكس تدافع هذه الذات عن الاثنين ( الغرائز والسلطات ) .
امثلة :
الطبيب والمهندس ورجل البوليس والمعلم وغيرهم من شرائح المجتمع , الذين يذهبون الى عملهم صباحا ً يحمدون ربهم على ما هم عليه من صحة وعافية , ايضاً هم الذين يتابعون نشرات الاخبار الصباحية بشكل منتظم كذلك يطلعون ما وضعه البعض من اقوال المشاهير على المواقع الالكترونية كي يدخلوا بنقاشات في اليوم التالي , هذا لا يمنع انهم اناس طيبون لا يخالفون القانون وفي اغلب الاحيان نجد النجاح المادي والوظيفي حليفهم .
الذات العارفة :
هي الكينونة الانسانية التي تجاوزت ما سبق , إذ تكون المعرفة او الثيمة اهم ما يشغلها والتي تجد ماهيتها فيها , هذه الذات العارفة غير معنية بما يُقال عنها ولا تكترث للسلطات بانواعها , هي دائما ً قلقة لذلك تحاول اعادة ترتيب ما يجري حولها حتى وان كانت احداث كبيرة , هذه الذات تعتقد انها تستطيع ان تضع بصمتها الخاصة على ما يجري بعيدا ً عن المسلمات لانها قادرة على تغيير العالم .
امثلة :
اصحاب الاكتشافات العظيمة بكل الاختصاصات عبر التاريخ , ايضا ً ( شعراء - فنانون - علماء ) اصحاب الابداعات الذين لا يبحثون عن الاطراءات والذين هم بالضرورة محط استهزاء وسخرية الجميع , هؤلاء يسببون القلق للسلطات ( على اختلافها ) , لذلك تجدهم هدف العقوبات ومنها ما يصل الى القتل وبأبشع الطرق , هم اللامنتمون للمجتمع سواءً بأقوالهم او بافعالهم .
المعرفة لا تعني رصف المعلومات في الذاكرة , ولا هي تداولها عبر وسائل الاتصال الحديثة لان العارف غير معني بقبول الاخرين لما يطرحه , المعرفة هي الانزياح عما هو موجود الى ما هو اعمق واسمى وارفع ( القيم الانسانية المشتركة العليا ) , اما عن حزمة الحقوق التي يحصل عليها المواطن من خلال الدين او القانون , فهي ذاتها الاديان او القوانين التي تصنع القطيع في جميع المجتمعات , طبعا ً بدرجات مختلفة وبآليات مختلفة وبالتأكيد ستكون النتائج مختلفة .
المعرفة انارت طريق الانسانية واكتشفت اخطر الامراض ووضعت لها العلاجات المناسبة , لم تكن وليدة الصدفة من قبل تلك العقول العظيمة , ايضا ً لم تكن وليدة اللحظة التي اعلنوا اكتشافها, انها رحلة طويلة وشاقة لاصحابها الذي كانوا كما اسلفت محط سخرية واستهزاء من قبل المحيطين بهم , ولكنهم وبعد نجاحهم وقف الجميع لهم احتراما ً , انهم ببساطة ورثة التراكم المعرفي والحضاري الذي تناقلته الانسانية عبر ملايين السنين .
بالمقابل :
النجاح في هذه الحياة يخضع لاهداف الاشخاص وليس للتعريفات فلسفية , مثلا ً هناك النجاح المادي الذي هو الهدف المشترك لاغلب سكان الكوكب !, هذا النجاح يوفر حياة كريمة متمثلة بشهادة اكاديمية يحصل من خلالها على وظيفة تؤهله لتكوين اسرة سعيدة وابناء يسيرون على خطى ذويهم , بعدها ستحتاج هذه الاسرة الى الطمأنينة والسلام الروحي الذي ستوفره بالتأكيد المؤسسة الدينية , وعليه فأن السواد الاعظم من الانسانية لا يكترثون لمن يطلقون الشعارات والنظريات الفلسفية او يحاولون ان ينتقصوا من مسيرة حياتهم التي ورثوها عن اسلافهم والتي سيورثوها لابنائهم .
يعتبر البعض ان اغلبية سكان العالم مرضى نفسيين يجب علاجهم , فهم ضحايا غرائزهم والاديان والتقاليد والانظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية , هؤلاء الضحايا منهم من يدرك انه اصغر من ان يقف بوجه هذه الانظمة او احداها , ومنهم من لا يدري انه احد افراد القطيع , فتراه يتنطح بكل ما هو مخالف او مختلف عنه .
هنا لابد من الاشارة الى كتاب مهم بهذا الصدد وهو ( سايكولوجيا القطيع ) او ( سايكولوجيا الجماهير ) بحسب الترجمات للفرنسي غوستاف لوبون , من ضمن ما تناوله الكاتب هو صناعة القناعة الجمعية او الوعي الجمعي , ومن ضمن اهم خطوات صناعة الوعي الجمعي او القناعات الجمعية هي تثبيتها لدى القطيع كي تبدو قيما ًراسخة تصل لحد اليقين , بالتالي مطالبة الجماهير او القطيع مسؤولية الدفاع عنها .
سؤال :
هل يمكن بأي حال تغيير القناعات الجمعية او الوعي الجمعي ؟.
الجواب :
نعم بالامكان تغيير هذه القناعات وتوجيه القطيع بحسب القادة ( رجال دين او ساسة ) , لهذا السبب نطلقون على اتباعهم ( القطيع ) .
في احيان كثيرة تربط صانعوا تلك القناعات التي يؤدي الى الصراعات , تربطهم علاقات ومصالح سياسية واقتصادية .
رجال الدين والساسة وغيرهم من قادة القطيع وصانعوا الوعي الجمعي ,لا يحبون ان يعارضهم احد بالطبع ولكنهم يحتاجون من يعارضهم ويتعلمون منه كثيرا ً !, يتعاملون معهم بقسوة ولكنهم بقرارة انفسهم لا يتمنون ان يقضوا عليهم , ولكن في مهاية المطاف تكون التصفيات الجسدية اهم وسيلة للتعامل مع المعارضين هذا بالنسبة للعالم الثالث , اما العقل الغربي فأنه تصرف بشكل عملي مع معارضيه من خلال تحويل مشكلة المعارضة مع المجتمع وليس مع السلطة ضمن ما يسمى بـ ( الديموقراطية ) التي تتيح للنظام الاجتماعي العام تحديد مساره وبالتالي تقويض الاخر العارف .

صادق العلي – ديترويت










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي