الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن كذابون .. لماذا؟

حسام محمود فهمي

2017 / 8 / 17
المجتمع المدني


سأبدأ بتجربة تعرض لها صديق مُقرب ورواها لي وقد غلبه شعور جارف مرير بالخُزلان. اشترى صديقي شقة في مدينة نصر وسَدد كامل ثمنها وسَجلها في الشهر العقاري، ورغم كل ذلك لم يتمكن من سكناها، لماذا؟ صراع الجشع اشتعل بين مالك الأرض والمقاول، فلم تُستكمل العمارة!! بدأت رحلة البحث عن محامي، ولما كانت المهمة صعبة، اختار من وقعت عيناه على لافتته، أستاذ كبير في إحدى الجامعات المنتشرة مكانيًا في كل محافظات مصر، يشغل مناصبًا كبرى ووعظه الديني في الفضائيات؛ هذا هو الاختيار الأمثل. قابله في مكتبه وآعجبه حديثه ووقار سنه الذي تجاوز السبعين عامًا، فسلمه كل الأوراق المطلوبة وطبعًا ما طَلب من أتعاب. تعددت المقابلات وفِي كل مرة يأتي الأستاذ الدكتور المحامي الواعظ بكلام عما قام به، وما سيقوم به، ومع تكرار المقابلات تبين أنه ينسى ما قال في المقابلة السابقة، وأنه يأتي بكلام مختلف تماما، الكذاب نساي كما يقول المثل. مَر عامٌ كاملٌ، مَل صديقي من المقابلات والكلام الفشنك، وأيقن آنه تعرض لعملية نصب. لم يجد أمامه سوى الفضفضة المريرة والإحساس الجارف بالخزلان بعدما أُهدِر حقه بلا أي وازع. هذه الرواية للتمهيد والتأكيد على الموضوع، فقط، أما الشخص إياه فيها فكفاه منه لله.

هذه الواقعة هي بالضبط ما نحن فيه. وعود، ولا مؤاخذة، فشنك من مسؤؤلي الدولة على نغمة لا مساس لا مساس الشهيرة، لا يرى منها المواطن إلا منتهى المساس والدهس. إعلانات عن شقق ومنتجعات ومواعيد تسليم تُفضي إلى سرقة القرشين والتوهان في دهاليز القضاء. سياراتٌ وسلعٌ الكترونية وكهربائية مضروبة تملأ الأسواق، بلا ضمان حقيقي رغم إعلانات الجودة وتسهيلات السداد التي يسقط في كمائنها المواطن؛ لا لوم على المواطن فالإعلانات منشورة في كل الصحف على مرآى ومسمع أجهزة الدولة. هل يترك المواطن عمله ويعمل مخبرًا؟ إنها أزمة أخلاق لا ترى في الكذب سلوكًا كريهًا !!

الإنجازات والفتوحات في مجالات العلم مثل السيارة التي تعمل بالماء والغواصة الطائرة والفوز في مسابقات عالمية، كله أونطة في أونطة، ومع ذلك تجد أذانًا ومساحات إعلامية!! تصريحات بعض إدارات الكليات عن تفوق دورياتها العلمية وفبركة أرقامها وتأويل أخرى والتباهي متصورين أنهم في وسط أبله ولا يعلم !! مثل هؤلاء من الوارد جدًا أن تُسند إليهم مناصب على مستوى الجامعات والدولة، إزي الصحة؟! الكذب هو وسيلة للترقي أو البقاء في المنصب !!

أصبحت التعاملاتُ اليومية، الإدارية والشخصية والتجارية مغموسة في الكذب المقرون بأغلظ الإيمان عن الصراحة والامانة والشفافية وقال الله وقال الرسول!!

لماذا نحن كذابون بشدة وحتى النخاع؟! علماء الاجتماع عندهم الإجابة، ليتهم يُعلنونها صراحةً،،

مدونتي: http://www.albahary.blogspot.com
‏Twitter: @albahary








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في


.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ




.. تاريخ من المطالبات بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في ا


.. فيتو أمريكي ضد منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم الم




.. هاجمه كلب بوليسي.. اعتقال فلسطيني في الضفة الغربية