الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأي في وحدة الأسماء و(الصفات) ومكانتها في الفكرة الدينية

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رأي في وحدة الأسماء و(الصفات) ومكانتها في الفكرة الدينية

لا بد أن نشير إلى موضوع الأسماء والتي مر ذكرها سابقا كونها من قصدية النص الديني أن تعرف وأن ندعوه بها {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}الأعراف180، فالواجب أن نعرفها حق المعرفة والتحديد ليس لأنها أدوات معرفية فقط ولكن لأنها أمر تكويني وضرورة دينية تحت مسمى الواجب طبقا لما في النص من أمر، فيكون موضوع التعرف عليها من ضمن طاعة الله موضوعا أولا ومن معرفتها تحديدا درأ لما يسمى تقديسا عن التشبه بالمتنجس بأعتبار أن ما لا يصح لغير المقدس قابلا لأن يكون كذلك بطبيعته.
فدائرة الحصر والتنزيه والتي حدث فيها جدال وتنازع بين الموصوف بذاته والموصوف بعمله أو علمه أو طبيعته نتيجة طبيعية للتوحيد والأحدية، فالتعرف على الله بأسمائه وصفاته عن طريقِ العقل مدحضةٌ مزَلة، يقول ابن بدران في العقود الياقوتية ( فإن قلنا –صفاته تعلم- بطريق العقل وقفنا موقفَ الحائر لأننا نرى العقلاء قد اضطربوا اضطرابًا شديدًا، فبعضهم ادّعى الإثنينية، وآخرون ادّعوا التثليث، وقوم ادّعوا الإلحاد، وكل هذا من أوصاف المخلوق، ولا يليق بواحد منها أن يكون من أوصاف الخالق).
فمن الأسماء مما لا يمكن أن نطلقها لغير المقدس الغيبي لأنها لا يمكن أن تنطبق على أحد غيره لما فيها من تخصص وتخصص من جهة الذات الألهية، أو من جهة المعنى، كما في (أسم الجلاله الله، الرحمن، القدوس ،السبوح ،رب الأرباب، الدائم، الباقي، الحي الذي لا يموت) فهذه لا يمكن لمؤمن أن يقول أن لكائن من كان قدرة على الإدعاء بها أو التقلد بها أسما خاصا وكذلك لأنها وردت معدودة ومنصوصة عن طريق النقل.
وهناك أسماء لها إمكانية الأشتراك مع البشر وغيره كونها قابلة أصلا لذلك، ولكن الله يتمتع بها بالمطلق أما المخلوق فيتسمى بها من باب النسبية للفعل كالكريم والرحيم والرؤوف والمحسن والظاهر والملك وغيرها، ولكن الملاك في التفريق يعود للمطلق والنسبي في تحديد أطار الأسم، فالمطلق كما قلنا لا يتشارك به مع أحد، مع ملاحظة أن الاقتصار في عدّها على الكتاب والسنة الصحيحة، فخرج منها ( الأبد، الأمد، البرهان، البالي، البارّ، الثابت، الدائم، الرشيد، السالم، الشفيع، القديم، الكائن، المنير، البادي، المذكور، الصبور) والسبب أن أسماء الله توقيفية..
وللتفريق بين الأسماء وضع المسلمون من ضمن دائرة الفكر الإسلامي قواعد وأسس أختلف البعض بها وعليها وأتفق البعض، فمثلا ونزولا عند قاعدة (التوسع فيما لا يتوسع) ليس كل ما أخبرتْ به النصوص فهو من أسمائه الحسنى، لأن الأخبار يُتوسع فيها ما لا يُتوسع في الأسماء، فخرج مما جاء سبيل الإخبار ( كثير العفو، قابل التوبة، فالق الحب والنوى، محب المؤمنين ومبغض الكافرين، فعّال لما يريد، منعم، متفضل مكرم، مقلّب القلوب، الموجود، الشيء).
وهناك قواعد أخرى منها قاعدة عدم جواز الأشتقاق من الفعل اسما له من دون دليل، إذ لا يجوز أن يُشتق لله أسماء من صفاتِه وأفعاله، فخرج (الجائي، المطعم، المسقي، الكاتب، القاضي، المؤيد، المبتلي، الباعث، الباقي، العادل، الفاتح، القيام، العدل، المضل، الفاتن، الماكر) مما أخذ من قوله تعالى ( وجاء ربُّك ... )(كتب ربّكم ...)(والله يقضي بالحق)(أيدك بنصره)(يطعمني ويسقين)(ونبلوكم ..)، وخالف ابنُ العربي فجعلَ المشتقّ من أسمائه، ولا دليل!
وأيضا هناك من يستعين بقاعدة السلبية أو المذموم وإن وردت في النص لأن الله إيجاب مطلق ولا يمكن أن يذم نفسه، فلا يجوز عقلا أن يسمى الله جلا وعلا بالأسماء المذمومة، أو ما تشعر بالذم، فخرج ( العاجز، الخائن، الفقير، المخادع، الماكر، الفاتن، السّخط، المنتقم) أو ما تنقسم إلى كمال ونقص كـ (الزارع، الماهد، الآتي، المريد، المتكلم، الفاعل، الفعال، المبرم) أو تلك التي تتعلق بما لا يدع فيها لغيره كل اسمٍ لا يقبل أن يُدعى به أحد من المخلوقات بالعقل لا يجوز أن تنسب له فهي فليس اسمًا من أسمائه، فلا يقال ( يا دهر! ) لكن يدعى بصفاته وأفعاله .
وعلى العموم أن تنوع القواعد المختصة في تعيين الأسم وتعددها يرجع إلى تعدد في تقديم المعيار بناء على أجتهاد في تحديد المناط والملاك وليس بناء على قاعدة النص التي تقول ما نصه النص تحديد على أنه اسمه فيجب إتباعها كما هي، فمن الأسماء التي تعددها القواعد ما يعود إلى أستنباط من فعل الله أو شكلية الفعل أو طبيعة هذا الفعل وإن لم ترد في نص، فالله هو وحده من يخبرنا بها عن طريق النص كما أمرنا أن ندعوه بها، فليس من المعقول والمنطق أن يدع إلى غير معلوم به أو مجهول بحاجة للكشف والإظهار لأن الخبر النقلي من النص المقدس بين ومحكم وجلي.
فوحدة الأسماء مطلوبة في ذاتها ومطلوبة لأنها تعبر عن وحدانية ذات المسمى وإن كان التخصيص والذكر مستوجب عقلي، ولا أجتهاد في مورد النص لا بالزيادة ولا بالتنقيص وإنما بالتطابق والحصر، أما الصفات فالبعض لا يثبت لها حق لا في الوجود ولا في النص لأن الله دعا إلى ذكره بإسمائه ولم يشر إلى موضوع صفاته وهذا خرق وأنتهاك للنص وذكر بلا مذكر ودعوة بلا سند معللين بأن الصفات تعود للشيء والله تعالى ليس شيئا حتى يقبل التوصيف.
ونتيجة البحث وخلاصته تقوم على النظرية السابقة أن المقدس الغيبي وهو الله له أسماء ذكرها في النص فوجب ذكرها والدعوة بها، وأما ذكر الصفات من باب تأكيد فعل الله بها وإنتساب الفعل له على أنه مطلق بما فعل وليس توصيفا له، فمن يريد تنزيه الباري ينفي عنه وجود الصفات كوجود الأسماء على الحقيقة، وأنّ إثباتَ الصفاتِ تشبيهٌ ويؤدي إلى خلعِ الصفاتِ البشرية على الذاتِ الإلهية، فهو إلى التجسيم والتركيب، وكون هذه الصفات أعراض ومعان تقوم بغيرها لا بذاتها، والعرضُ لا يقومُ إلا بجسم، والجسمُ مركبٌّ من أجزائه، والمركبُ مفتقِرٌ إلى غيره، واللهُ ليس بجسم لأنّ الأجسامَ لا تخلو من الأعراضِ الحادثة، وما لا يخلو من الحادثِ فهو حادثٌ، والله تعالى غنيٌّ عن غيرِهِ، واجب الوجودِ بنفسه.
ونؤكد على مسألة أن الجسمَ محدودٌ تناهي لو طبقنا مفهوم النص عليه كونه شيء فخالق الأشياء ومبدعها ليس بشيئ كان فيكون له صفة {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}النحل40، فلو كانَ لله صفات كونه شيئ لكانَ محدودًا متناهيًا، ولا بد أن يكون له مخصص، وما افتقَر إلى مخصص لم يكن غنيًّا قديما، وأنّه لو قامت به الصفات لكان مماثلًا لسائر الأجسام، فيجوز ما يجوز عليها، ويمتنع عليه ما يمتنع عليها، وذلكَ ممتنعٌ على اللهِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بين الاسماء و الصفات
ايدن حسين ( 2017 / 8 / 18 - 11:02 )
ليس هناك فرق بين الاسماء و الصفات
فكما ان الصفة تعود للشيء الموصوف .. فان الاسم ايضا يعود للشيء المسمى
و احترامي
..


2 - ايدن بربك المصلوب انت عربي ؟؟؟
جعفر جعفر ( 2017 / 8 / 18 - 13:19 )
معقولة ما درست الفرق بين الاسم والصفة؟ عاد شلون لو سألتك عن الصفة والحال شنو الفرق بينها ؟؟
اتريق خبز وفاصوليا وشاي جيعان واعود لمناقشة المقال


3 - الاخ جعفر جعفر
ايدن حسين ( 2017 / 8 / 18 - 14:43 )
اولا
ربي هو خالقي و ليس عيسى
ثانيا
ان كنت انت مسلما .. فقولك .. مصلوب هو خطأ .. حيث يقول القران .. و ما صلبوه و لكن شبه لهم
ثالثا
انا اعتقد ان ربي بريء من كل الانبياء و من ضمنهم عيسى
رابعا
ان كانت الصفة بعد وجود الشيء .. فان الاسم يجب ان يكون قبل وجود الشيء
خامسا
الاسماء الحسنى .. هي تخاريف محمدية
سادسا
تقبل احترامي
سابعا
احترامي للكاتب
..


4 - دخيل العباس
شيخ صفوك ( 2017 / 8 / 18 - 15:45 )
واحد يترجملي وعلي مافتهمت كلشي


5 - الأخ الكاتب
جعفر جعفر ( 2017 / 8 / 18 - 17:52 )
لابد من التحقيق في الصفات التي تحمل المجازة على العمل من جنسه وغيرها
فمثلا المكر وإن كان صفة فلا تطلق على الخالق ولم يصف بها نفسه بل وصف نفسه بخير الفاعلين للفعل مكر ! فهي بحق الخالق فعل وليست صفة !
وكذلك الخداع فعل وليس صفة
فالمعيار بما نحن نراه من صفة نقص مرده للفعل وليس الوصف أو الصفة
تحياتي
تذكر الجزاء ( فعل ) من جنس العمل !!!

اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا