الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماتت فدوى قبل موت جسدها

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 8 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


المختلف يعزل ثمّ يقتل. . .
هي فدوى، وربما كانت نجوى أو سلوى، قد تكون أحمد أو بيير، أو عالم ذرّة. يجب أن تسير تحت أعلام الطّائفة، أو المتصدّرين للمشهد.
فدوى أرادت أن تدخل المشهد الذي يعبّر عن السّوريين، فغنّت مع السّاروت. ذلك الشّاب الذي سحبوه، وملأ وه طائفيّة بغضّ النّظر عن الظّلم الذي وقع عليه، وما هي إلا أيّام ، وأصبحت مدسوسة من النّظام كما أشاع عنها بعض" الثوريين"
فدوى العلوية لم تكن تحمل طائفتها على منصّة الغناء. قد يكون انتماءها الطّائفي سهّل عليها أمر أن تكون موظّفة كممثلة "مجهولة" كما يسميها النّظام وهذا أمر طبيعي ، فحتى تكون مشهوراً في سوريّة في التمثيل والغناء، والأدب، والعلم .عليك أن تدخل من الباب الأمني العريض وحسب تسلسل الرتب في العائلة، أو المال، أو الدّعارة، وأنت تدخل المجال الذي تحبّ دون دفع مال، أو البحث عن مفتاح. أنت نفسك مفتاح يجلب لهم الثروة، والسّلطة ،وهؤلاء هم أذكياء سورية الذين يذّكرونك على الدّوام بأنّ كونك ملتزماً بقيم الإنسان، ومميّزاً في الدراسة أو العمل هي قيم أكل عليها الزمان وشرب، ومن باب الحريّة الشخصيّة أن تكون ابنتك سمساراً لك عند أمير القبو الأمني.
فدوى العلوية، وأنا الإسماعيلية، والساروت السّني عندما نفكّر في الخروج عن خطوط طوائفنا نحال إلى لجنة تأديبيّة ونعزل كما جرى لفدوى، والساروت. قالوا لهما: لا تحلموا بأبعد من كلمة هنا وكلمة هناك.
كلّ الطّوائف داعشية، ولها أمير مؤمنين، وأتباع ، ومريدين، وجهاد نكاح، ولو دخلت في التّفاصيل لانتحرت كما انتحر غازي كنعان بطلقتين في الرّأس.لكن ليس كلّ المنتمين للطائفة يوافقون على ذلك ففي كلّ الطوائف متنورين، ومؤمنين بسطاء، وشريرين.
نحن طائفيون قوميون. نمجد الاستبداد، وإذا كانت أحداث أمريكا الأخيرة قد دارت حول تمثال كان صاحبه ظالماً، فلو دخلت في ضمن طوائفنا وقومياتنا ، لرأيت من الأيقونات الملطخة أيديها بالدّم ما فاق الخيال، بل إنّ البعض يجادل فيما لو كان ذلك الزعيم الرّوحي هو الله، أم دون الله.
لو افترضنا أنّ الثورة السورية التي بدأت بالحديث عن شعب سوري واحد، وعدم تفرقة في الدين، والقوميّة كانت قد استمرّت في نفس التوّجه. لن تنجح أيضاً، ومع ذلك كانت تلك الطّروحات مؤقتّة.
في سوريّة هناك موت مدني قبل أن يموت الإنسان، وهذا الموت ليس على يد النّظام فقط بل على يد الأحزاب، والمجموعات العرقية، والطائفيّة، وعندما يرغبون في قتلك يطلقون عليك وصف خائن أو عميل، أو حرامي، ولا أكثر من الصّفات.
فدوى سليمان ماتت مدنيّاً قبل أن تموت جسديّاً، فالموت الجسدي أمر عادي، لكن أن تكون على قيد الحياة وميّتاً فهذا الأمر الجلل.
أن تكون سوريّاً، وأن تكون امرأة أيضاً فهذا يعني تعدّد المحاكم ودرجاتها، يحاكمك الأخ نيابة عن ذكور العائلة، والأخت المفوّضة برعاية مصالح الذكور، ثم الطّائفة كونك أنثى خاطئة إلى أن يثبت العكس، ثم القوميّة، وفي المرحلة الأخيرة تصل إلى تنفيذ حكم الإعدام المدني بحق ذاتك، أو يكون ثمنك طلقة بسبب الدفاع عن شرف العضو الذكري.
رغم الغضب الذي نمتلئ به، لكنّ تلك الثّورة التي حتى لو لم تكن معروفة القيادة، لكنّ أغلب السّوريين تمنوا أن تنتهي بزوال الظّلم، وهي لم تنته، فما يجري مريع فعلاً ، لكنّه ثمن لا بد منه عن سنوات طويلة من الاستسلام، وقد أصبح السوري يستطيع أن يفكّر. أي أن دماغه بدأ في العمل، وسوف لن تنتهي تلك الثورة الفكرية حتى لو انتهت الثورة السلمية العادية. الأفكار تتفاعل، وفي يوم غير معروف سوف تكون سوريّة دولة مثل بقيّة دول العالم.
إلى روح فدوى سليمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رحم الله...جدتي
ماجدة منصور ( 2017 / 8 / 19 - 04:00 )
اذ كانت تقول::بعد ما حطوًه عل المغتسل
دحشوا،،بأسفله عسل0

اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا