الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقارب التركي الايراني الاخير واستهدافهم للقضية الكوردية

سامي عبدالقادر ريكاني

2017 / 8 / 18
السياسة والعلاقات الدولية


اتفاق الرياض اظهرت بان اطرافها (امريكا ودول الخليجي خط سعودية) ينظرون الى الكورد على انهم حلفاء مهمين ولايمكن الاستغناء عنهم في هذه المرحلة وحتى امد بعيد ايضا اذا ما ارادوا الوصول الى نجاح اهدافهم وفق اتفاقهم المبرم على المنطقة بقطع يد ايران وتركيا او تحجيم دورهم وتهميش تحالفهم مع روسيا ومن ثم فرض مصالحم وضبطها عبر التدخل في المناطق السنية والكوردية في كل من العراق وسوريا، حيث ينظر اطراف اتفاق الرياض وفق استراتيجيتهم بان الوجود الكوردي يعتبر صمام امان وعامل استقرار في المنطقة.
فمع صعوبة الاعتماد على ايران وتركيا والقوات التابعة لهما في الوصول الى توافقات ترضي جميع الاطراف، ومع صعوبة ايجاد قوة عربية فعالة محايدة عن الانتماء لاجندة ايرانة او تركية، ومع صعوبة قطع الصلة بين تركيا وعمقها الاخواني في المناطق السنية، وصعوبة حماية العرب من التدخلات الايرانية عبر دمشق، ولتطمين عرب الخليج ايضا على مستقبلهم، راى جميع الاطراف بان القوة الكوردية وجغرافيتها وايجاد كيان لهم تعتبر من اهم وانجع الحلول لهذه المعضلة مستقبلا مع صعوبة تحقيق ذلك بسبب التعنت التركي والايراني.
ومابين الحاجة الى العامل الكوردي لضبط هذا التوازن الذي لابد منه لتحقيق الاستقرار في سوريا ، والعراق ومابين صعوبة انقاذ المناطق الكوردية من المؤامرات التركية والتوظيفات الايرانية من طرف اخر التجا الطرفان الروسي والامريكي ايضا الى وضع المناطق الكوردية تحت الحماية الامريكية والروسية، والاعتماد على قواتهم التي تعتبر من اهم القوات الفاعلة على الارض في القضاء على دولة الخرافة الداعشية وفي ضبط التوازنات.
ولكن ازدياد المخاوف الايرانية والتركية اخيرا بعد استهداف امريكا لاهم نقطتين استراتيجيتين تمس حلم مشروعهما الامبراطوري في المنطقة، دفعتهم للتقارب والتواصل العسكري والدبلوماسي المكثف بينهما في اليومين الماضيين وهي مستمرة ، فاضافة الى نيتهما في العمل معا ضد المشروع الامريكي الذي يرون بانها تستهدفهما معا، بعد اعتماد امريكا على الحليف الخليجي طرف السعودية وتفضيلها عليهم حول كيفية التعاطي مع المناطق السنية في كل من العراق وسوريا، اضافة الى مخاوفهم المشتركة ايضا من تنامي المشروع الكوردي في ظل الحماية الامريكية والروسية، فمن اعلان للادارات الفدرالية في المناطق الكوردية في سوريا الى توجه اقليم كوردستان للتلويح بورقة الاستفتاء على الاستقلال عن العراق، الا ان امريكا اضافة ايضا الى مخاوفهم تلك عاملا مهددا اخر اوصلت حالتهم الى مرحلة الفزع والهستريا بعد استهداف امريكا لاهم نقطتين في مشروعهما الذي ستقضي على نفوذهم في المنطقة بصورة شبه نهائية متمثلة :
احدهما باستهداف امريكا للمشروع التركي والقضاء على حلمها في الوصول الى ادلب التي بذلك كانت ترى تركيا بانها بالوصول اليها كانت ستقطع الطريق نهائيا امام ربط الكانتونات الكوردية(جزيرة، كوبانى، عفرين) ببعضها البعض، وكذلك كانت لتبقي على الممر الذي ستربطها بالعمق السني في المناطق السورية من حلب وغيرها، ولكن عدم ضم ادلب حسب الاتفاق المبرم للمناطق المسموح بها للجيش التركي بالوصول اليها عبر حملتها العسكرية التي سمتها بدرع الفرات على خلفية الاتفاق الثلاثي الروسي التركي الايراني السابق، الذي سمحوا بموجبها اطراف الاتفاق لتركيا للقيام بتلك الحملة على المناطق الكوردية من سوريا، ولرفض ذلك ايضا من قبل امريكا واوروبا ، ومن ثم قيام امريكا اضافة الى ذلك بالتحضيرات العسكرية الحالية للدخول في ادلب ونيتها في اقامة قواعدها فيها من طرف، ومن ثم الاعتماد على القوات الكوردية والعربية المشتركة لاخراج داعش منها من طرف اخر ، ينظر اليها تركيا على انها اخر مزمار سيدق في نعش المشروع التركي وامبراطوريتها في المنطقة.
اما الاستهداف الاخر والذي سيقضي على المشروع الايراني في المنطقة وستقطع اخر امل لها في مد هلالها الشيعي الى العمق العربي عبر العراق وسوريا الى لبنان وبقية الدول العربية، هو المشروع الامريكي الذي يعمل عليه الان في تلعفر ببناء قاعدة عسكرية ضخمة فيها والتي تنوي امريكا الابقاء عليها حتى بعد تحرير العراق من داعش، وبهذا فانها ستقضي على اخر منفذ تبقى لمد الهلال الايراني ومشروعها الامبراطوري في المنطقة وبصورة نهائية، خاصة بعد سد المنافذ الاخرى بعد ان وضعت امريكا قواعدها في كل من كوبانى والحسكة ، وكذلك سيطرتها على المناطق الحدودية بين المثلث العراقي السوري الاردني وبناء قاعدتها في منطقة التنف السورية على الحدود، ومن ثم استهدافها للتحركات الايرانية عبر ضرب مليشيات الحشد الشيعي التي تتحرك بتوصية ايرانية للسيطرة على النقاط الاستراتيجية على طول الطريق الواصل بين المناطق التي تضمها خط الهلال الشيعي.
فهل ستنجح المشاريع الايرانية التركية من واد القضية الكوردية مرة اخرى ام ان الاستراتيجية الامريكية والعربية اضافة الى مخاوف روسيا ايضا من هذا االمشروع الايراني التركي الاخير ستنجح في فرض الكيان الكوردي على خارطة المنطقة كخطوة لابديل عنها في ضبط مصالحها؟، خاصة وان روسيا ايضا بدات تحس باهمية وجود هذا الكيان لحفظ مصالحها بعد التحولات والتقاربات الايرانية والتركية الاخيرة ، حيث كانت ترى سابقا بان ايران وتركيا في قبضتها وكانت تحاول استغلال مصالحهما المضادة لبعضها البعض لضبط مصالحها في المنطقة، وومن طرف اخر كانت تستغل تحالفها معهم لابتزاز امريكا من اجل المزيد من التنازلات لها ، اما الان فانها ترى بان هذا التحالف بين ايران وتركيا اضيف اليها قطر وانها تقف خلفها مشروعا اقتصاديا يهدد مكانتها في السيطرة على اسواق الغاز وطرق امدادها في المنطقة، خاصة وانها تدار خلف شعار مواجهة المشاريع العربية الامريكية في المنطقة.
الا ان روسيا تنظر اليها بانها الخاسر الاكبر من هذا التقارب خاصة اذا ماتم ذلك المشروع الاقتصادي الذي هو عبارة عن مشروع مد لانبوب الغاز من الحقول القطرية صاحبة اكبر مخزون عالمي للغاز السائل لتمرعبر ايران الى تركيا ومنها الى اوروبا، وذلك بعد منع مرور هذا الخط عبر السعودية وسوريا اليها والتي تسببت بالازمة السورية ومن ثم المواجهة بين تركيا وسوريا وصولا الى التدخل الروسي المباشر لمنع مد ذلك الخط الذي كانت تنظر روسيا اليها بانها ستكسر احتكارها للغاز العالمي، فروسيا اليوم تسيطر على اكثر من 70 بالمئة من الاسواق العالمية للغاز وخطوط امدادها عبرالعالم ، ومحاولة تركيا وايران وقطر ايجاد منفذ جديد اخر ربما ستؤدي الى احد الامرين: اما تدهور العلاقات بين روسيا وايران وتركيا وسيقابلها تقارب امريكي روسي اكبر، كما انها ستغييرمن خارطة المصالح ايضا.
او انها ستؤدي الى اجبار اطراف الاتفاق لاشراك روسيا في اخراج ونقل الغاز القطري وبذلك ستبقى روسيا محتفظة بمكانتها في السيطرة على اسواق الغاز، ولكن بهذا فان تركيا وايران ستكونان من اكبر الخاسرين في هذا البرنامج، خاصة تركيا فانها تعمل كل هذا من اجل تامين حاجتها للغاز وتريد ان تجعل من تركيا ونظامها مكان للتواصل الاقتصادي والايديولوجي بين الشرق والغرب، خاصة اذا علمنا بان معضم غاز تركيا تؤمنها لها الد خصومها التاريخيين في المنطقة وهي روسيا وايران، وسياستها مع قطروايجاد مخرج لنقل غازها عبر اراضيها ستجعل منها شريكا لها في حقولها الغازية وستؤمن حاجتها للغاز، ومن طرف اخر ستجعل من تحالفها عبرها مع الاخوانية صاحبة اكبر نفوذ ايديولوجي في المنطقة العربية الغنية بالموارد الطبيعية .
كما ان اي تقارب لاطراف الاتفاق مع روسيا بنية اشراكها في حقول الغاز القطري فانها ستحدث تنافسا ومواجهة بين الشركات الامريكية والاوروبية التي لها عقود مع قطر في حقولها الغازية كشركة اكسون موبيل الامريكية وشركة شل المتعددة الجنسيات اضافة الى توتال الفرنسية، وبين الشركات الروسية.
فكل هؤلاء يحاولون فعل المستحيل من اجل كسر احتكار روسيا لاسواق الغاز التي تستعملها الاخير كورقة ضغط على اوروبا كلما احتاجة اليها عند حدوث المواجهة بينهما على الامور المرتبطة بالنفوذ والسيطرة على المنطقة وفي مجال التجارة العالمية، ولن يقبلوا باي صورة اشراك روسيا في هذه الحقول.
واخيرا ووفق هذه الحالات فان المعادلة الكوردية ومصيرها ستفرض على واقع المصالح بصورة اكبر ولن يستطيع اي من الاطراف السابقة من التضحية بورقتهم في الوقت الحالي وحتى المستقبل البعيد، فهل سيعي القيادات الكوردية هذا الواقع وتتنازل قليلا عن عنادها وتعمل مع الاطراف الصديقة لدفع القضية الكوردية في سوريا والعراق الى بر الامان والتخلص من المؤامرات الاقليمية وعقدة ايران وتركيا، وليوصلوا بسفينتهم الى بر الامان؟ هذا مالا اتوقعه مع الاسف!! ولكن لاتياسوا فان المصالح الدولية وطبيعة الصراع الدولي والاقليمي اليوم هي الضامنة لاشراق مستقبل هذا الكيان الكوردي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة