الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لافوازييه، بين الخيمياء والكيمياء

حسين حربي عراك

2017 / 8 / 18
الطب , والعلوم


تُبهرنا العلومُ بما توصلت إليه من مُنجزاتٍ عظيمة، لكن لهذه العلوم ماضٍ ساذج، أقرب للخرافة منه لواقعيته أيامنا الحاضرة. ولكي نُثْبت صحة رأينا هذا، علينا أن ننظرَ لبعضِ العلوم التي لم تتجاوز طفولتها أو مراهقتها بعد، وما تشتمل عليه من سُخافات، ولا تثريبَ عليها فهناك سببان: أولهما، حداثة أو قِدم ذلك العلم، وثانيهما، أن العلوم لا تسير على خطٍ أفقي واحد؛ فهناك طفرة قد تحدث هنا ولا تحدث هنالك؛ مما يؤدي إلى ازدهار أحدهما دون الآخر.
الكيمياءُ، علمٌ عريق قد مرّ بتاريخٍ كبير من التطورات والقفزات ومن الركود، متزامنٍ مع بزوغِ الحضارات وأفول نجمها، ومما لا يخفى علينا أن الإهتمام بالكيمياء، قد بدأ منذُ السومريين والبابليين وأزدهرَ عند الإغريق حتى يومنا هذا.
إعتقدَ العلماء بأن الخيمياء (الإسم الخرافي للكيمياء) علمٌ مهتم بتحويل سحري للمعادن الرديئة إلى ذهب، واستنفدت الخيمياءُ جُلَّ تأريخ الكيمياء حتى جاء العالمُ العراقي جابر إبن حيّان (ت 815م)؛ ليزرع أولى بذورِ الشّك، ويدعو إلى إستخدام (التجربة والتّرصد)، ولم تسلم أوربا في نهضتها من لعنة الخرافات؛ فلسنين طويلة سيطرَ (الفلوجستون phlogiston theory) على عقول العلماء الأوربيين. [الفلوجستون: عندما تُسَخَن المواد إلى درجة التوهّج، فكثيراً ما يصدر عنها شيء شبيه الدخان أو الأبخرة، وفُسِّرَ ذلك على أنه كمية تُفْقَد من المادة الأصلية. وسُميّ ذلك الشيء الذي يُفقد فلوجستوناً]. ولم تنشأ الكيمياءُ بوصفها علماً حديثاً إلا على يد روبرت وليام بويل( ت 1691م)، وبعد قرن من نشر روبرت لكتابه (الكيمياوي الشكّاك)، ظهرَ العالم الفرنسي انطوان لافوازييه (ولدَ في 26 آب-/أغسطس 1743م).
لم تكن أعمال لافوازييه، رغم أهميتها، سوى جزء من مساهمته في إدخال الكيمياء إلى المنظومة العلمية. ومن المهم تذكّر الدرس الذي علّمه كثيراً: الإستنتاج الصحيح لا ينجم إلّا من إتباع تجارب مخططة بدقة، وإستعمال قياسات دقيقة. ففي مختبره، كان ميزان الكيمياء حكماً للحقيقة، وبفضله بات القرن التاسع عشر عصراً ذهبياً للكيمياء.
قام لافوازييه بصياغة قانون حفظ المادة، وقانون حفظ الكتلة [يُعتقد كذلك بأن العالم الاندلسي المجريطي (ت 1007م) هو أول من أثبت ذلك]، وتعرّف على الأوكسجين، وفنّد نظرية الفلوجستون، وساعد في تشكيلِ نظام التسمية الكيميائي، فلُقِبَ بـأبي الكيمياء، أو نيوتن الكيمياء.

**********

"الجمهورية ليست بحاجة إلى عُلماء بل بحاجةٍ إلى عدالة"

أبدى لافوازييه ولهاً في الجيولوجيا في بداية حياتهِ رغم دراسته للقانون إلّا أن الكيمياء قد إستهوته أخيراً، وكان مختبره يمثل بالنسبة له متعةً عظيمة، تساعده فيه زوجته ذات الأربعة عشر عاماً، ومع تزايد إنشغالاته بالكيمياء، وجد زوجته (آن-ماري) في ذراعي صديقِه. رغم ذلك أبقى على حسن ارتباطه بها. وظّفَ لافوازييه أمواله في شركةٍ لجمع الضرائب أسستها الحكومة الفرنسية؛ مما مكنه من بناء مختبر راقٍ وتجهيزه بأفضلِّ المُعدّات من تضخم أرباح شركة (فيرم جنرال)، الذي جاءَ من فرضِ الضرائب على الفُقراء؛ لذلك عدّته الثورةُ الفرنسية (قامت في 1789م) عدواً لها.
لافوازييه، العالم العظيم، الذي لم يعترف بفضل أحدٍ عليه.. وجدَ نفسه على المقصلة التي نصبها إرهابيو عهد الثورة عام 1794م، فطلبَ منهم تأجيل الحكم بضعة أسابيع ليتمكن من إتمام بعض أعماله، فأجابه القاضي:
— الثورةُ ليست بحاجة للعلماء.
وبعدَ إعدامه، علّقَ أحدُ أصدقائه (جوزيف-لويس لاغرانج):
— لم يلزم سوى ثانية لقطع رأسٍ ربّما لا تنجب فرنسا مثله في قرن!.

المصادر:
1-سيرل أيدون، فضولية العلم.
2-مايكل هات، الخالدون المئة.
3-ويكيبيديا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة Researcher بتخبركن عن تطوير اجهزة استشعار لاكتشاف السرط


.. مشروع قانون بريطاني يسعى لخلق جيل خال من التدخين




.. خدمة جديدة من غوغل للعثور على الهاتف وإن كان مغلقاً


.. طفل فلسطيني يجمع قطرات المياه من خزان متنقل في غزة ليرتوي




.. الثاني عربياً والأول سورياً.. وفاة رائد الفضاء محمد فارس