الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لأوسع ائتلاف معارض في لبنان في مواجهة -الطبقة السياسية-

فؤاد سلامة

2017 / 8 / 19
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


السؤال الذي يطرح نفسه بمناسبة التحضير للانتخابات النيابية الوشيكة، كيف يمكن للقوى الديمقراطية في لبنان تحقيق تقدم على جبهة اﻹصلاح، وكيف تستطيع هذه القوى المحدودة الانتشار، فتح ثغرات في الجدار السميك للطبقة السياسية؟
الجواب على هذا السؤال يتطلب تحديد من هي القوى الديمقراطية، ما هو حجمها، وما هي إمكانياتها في الوقت الراهن؟

لا نجد في لبنان حزبا ديمقراطيا واحدا عابرا للطوائف والمناطق. لا نجد أيضا وسيلة إعلامية واحدة تستطيع القوى الديمقراطية أن تطل على الجمهور من خلالها. كيف يمكننا في وضع كهذا أن نتشدد ونعلي سقف التعاون اﻻنتخابي مع اﻵخرين باشتراط موافقتهم على شروط مبدئية من الصعب أن نجد أحدا يقبل بها من القوى الوازنة؟

المجموعات التي تصنف نفسها كمنظمات مجتمع مدني مثل "بيروت مدينتي" و"طلعت ريحتكن" تعاني من مشكلة في اتخاذ القرار، والمجموعات السياسية "الديمقراطية" ليست أكثر من ثلاث أو أربع مجموعات صغيرة محدودة التأثير والفعالية السياسية. ثمة شخصيات مستقلة معارضة ومجموعات في المناطق قد تلتقي على موقف حاسم من "الدويلة" ومن السلاح غير الشرعي، ومن النظامين السوري واﻹيراني الساعيين للهيمنة على بلدنا ووضعه تحت الوصاية. ولكن من دون تحالفات واسعة في بيروت والمناطق مع قوى ومجموعات تنتمي للمعارضة وتقف في مواجهة الطبقة السياسية في اﻻنتخابات، فسيكون من الصعب تشكيل قوة فعالة قادرة على اﻻستجابة لمتطلبات خوض معركة انتخابية ناجحة ضد تلك الطبقة القوية والموحدة.

إذا لم نكن ننتمي لتيار واسع اﻻنتشار ولسنا بوارد التعاون الجبهوي مع أوسع تحالف انتخابي معارض ضد الطبقة السياسية فكيف يمكننا باﻻتكاء على إمكانيات تعبوية ضعيفة أن نواجه تلك الطبقة بكل ما تملكه من جبروت المال والسلاح واﻹعلام؟ الموقف المبدئي الطهوري لا يغني ولا يسمن عن جوع ولا يساعد في مواجهات تتطلب أوسع حشد للقوى المعارضة.

النقاشات لا تنتهي حول ضرورة حث القوى الديمقراطية على التعاون لتشكيل أوسع ائتلاف ديمقراطي معارض، ولكن عندما ننظر حولنا ﻻ نجد غير مجموعات وأحزاب لها تطلعات كبيرة وطموحات أكبر، ولكن في النهاية تحاول كل مجموعة السير في أجندتها الخاصة التي ربما تتقاطع مع رغبات تمويلية وأهداف شخصية بالنيابة والوزارة أي بموقع في السلطة تتم مقايضته بجمهور يتعب الطامحون لتكبيره بتحالفات مصلحية. ينتهي بنا المطاف لنجد أنفسنا كديمقراطيين، وحيدين نحاول التعويض بالكلام عن لجان مناطق نتحمس ﻹنشائها من خلال أصدقاء متواجدين هناك. هل ستعمل تلك اللجان بنفس الخطاب المبدئي المتشدد الذي نتمسك به؟ أم ستضطر تلك اللجان للتعاون مع كل قوى المعارضة في مناطقها لتضمن أقصى فعالية ممكنة للماكينة اﻹنتخابية؟

وإذا قبلنا بأن تتعاون اللجان في المناطق كل لجنة حسب ظروفها ومتطلبات المعركة اﻻنتخابية فلماذا ﻻنعمل نحن في بيروت بنفس المنطق باعتبار بيروت أيضا منطقة، فنمد أيدينا للتعاون مع كل قوى المعارضة كما يفرض علينا منطق خوض معركة انتخابية صعبة ومكلفة تحتاج لتضافر كل الجهود لنجاحها؟

أعتقد أننا نضيع وقتا ثمينا لا نستغله في نسج علاقات تعاون مع كل قوى المعارضة التي تقبل بشروط خوض معركة موحدة ضد الطبقة السياسية بمختلف أطيافها اﻵذارية، من دون أن نشترط على تلك القوى تبني موقف واضح من "الدويلة" ومن الهيمنة ومن السلاح الفئوي، هذا الموقف الذي يشكل جزءا جوهريا من الهوية السياسية للمجموعات الديمقراطية التي تتميز بكلامها الصريح، في الوقت الذي تتجنب فيه معظم القوى المجاهرة بهذا الموقف.

كلامي المحدد حول التحالفات لا يعني فتح الباب للتعاون مع قوى ذات ارتباطات واضحة مع اﻷجهزة ومع رموز نظام الوصاية، ولكن حصر التعاون فقط مع قوى ذات حيثية شعبية وسياسية معارضة، قوى تشاركنا الموقف من الطبقة السياسية التحاصصية ومن الفساد ورموزه هنا وهناك. وﻹعطاء أمثلة محددة أذكر الحزب الشيوعي و"مواطنون ومواطنات" وحزب سبعة، هذه القوى المعارضة التي لا ينبغي وضعها في خانة الطبقة السياسية ولا في خانة "الدويلة" لمجرد أنها ترفض أخذ موقف ضد "سلاح المقاومة" والعلاقة ب "محور الممانعة".

كذلك لا يجب أن يغيب عن بالنا أنه في حالة التأزم التي يعيشها التحالف المافيوي لقوى السلطة وللقوى اﻹقليمية الدكتاتورية حولنا، فإنه سيكون من الطبيعي أن تشتد النزعات الفاشية لقوى السلطة، كما هو الوضع اليوم، حيث لا تجد تلك القوى غير اللجوء للمزيد من القمع واتباع سياسة كم اﻷفواه، وذلك لكي تخفي أزمة نظام المحاصصة والتبعية الذي يؤمن استمرارها في عملية النهب المنظم للثروات واستمرار تقاسم أرباب تلك السلطة للصفقات. هذا ما يحتم على قوى المعارضة أن تسعى للمزيد من التعاون والتنسيق والتضامن ﻹبعاد سيف القمع والملاحقة المسلط فوق رؤوس أفرادها بشكل دائم.

ينبغي برأيي الانطلاق من الواقع المرير وهو أننا في قعر سياسي-اقتصادي-اجتماعي لن ننهض منه بتبني خطاب مبدئي متشدد يجعل القوى الديمقراطية تدورعلى نفسها في حلقات ضيقة سرعان ما ينتهي بها المطاف باﻹعياء واليأس من التعاطي بالشأن العام كما هو حال الكثير من المثقفين والمناضلين الذين أصابهم اﻹحباط والقرف من المشاركة في كل عمل سياسي جماعي، فانسحبوا إلى عوالمهم الشخصية والافتراضية يعوضون بها عن رغبتهم الدفينة بالتغيير التي لم تلق غير الانكسار والفشل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟