الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
من يعارض مغربية الصحراء ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
2017 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية
من يعارض مغربية الصحراء ؟
منذ بداية نزاع الصحراء ، ظهرت معارضتان لمغربية الصحراء . وهي معارضة لم ترتكز في ادعاءاتها على الحجج التاريخية ، والجغرافية ، والحقوقية ، والقانونية . بل كان وراءها دوافع ضيقة انتهازية وعميلة .
المعارضة الأولى ، وهذه تتكون من الشباب الصحراوي الذي ولد في المخيمات ، خلال الثلاثين سنة التي أعقبت استرداد المغرب لصحرائه .
ان هذه المعارضة يمكن تفهم معارضتها ، ومن ثم يجب معذرتها ، لأنها حلّتْ أعينها في المخيمات ، ووسط جهابذة الفكر الانفصالي الذي كانت ولا تزال تشرف عليه الجزائر في حربها ضد المغرب المنافس القوي لهيمنها الاستعمارية ، وهي التي عانت من الاستعمار لما يفوق 140 سنة .
لقد تعرض هؤلاء الشباب لتكوين إيديولوجي لا يرى من حل أمامه ، غير الانفصال . كما خضعوا لتربية هجينة ، أساسها تقديم المغرب كعدو وكمحتل ، وكمهدد للثور الجزائرية ، التي تناصر حق الشعوب في تقرير مصيرها ، وبسبب نظامها الاشتراكي بالمنطقة ، ودعمها لحركات التحرر الوطني بإفريقيا وبأمريكا اللاتينية .
ان هؤلاء الشباب الذين أشرفت على تربيتهم المخابرات الجزائرية ، والعديد من المخابرات الأجنبية ، ككوبا وانغولا ، هم ضحايا مشهد مقلوب ، وضحايا فبركة استعمارية جديدة ، لتكوين دويلة تكون مرتبطة بعسكر الجزائر ، الذي يطمح بمدينة وجدة كذلك .
لكن الذي يؤخذ على هؤلاء ، أنهم أضحوا دوغماتيين ، لا ينظرون إلاّ لنصف ألكأس لا للكأس كاملا . ومن ثم تراهم وبسبب الجهل بالتاريخ ، وبطرق ووسائل تفسير الأحكام ، والقرارات الدولية ، يفقدون الشعور والضبط ، وتسيطر عليهم الانفعالية ، عندما يسرعون أكثر من البرق ، في وصف كل معارض لفصل الصحراء عن مغربها ، بالعميل ، والخائن ، والموالي للنظام ، والمخزني ... الى غير ذلك من المصطلحات التي أتعبت حتى القاموس الذي لم يعد قادرا على تحملها ، والتي أصبحت مع مرور الوقت ، اسطوانة مشروخة لا تفيد بالمقصود ، لأنها افتضحت .
وكان على هؤلاء ، عوض الاستمرار في المواقف المتطرفة التي لا ترى إلاّ اتجها واحدا ، أن يراجعوا ، ويقرؤوا بإمعان الرأي الآخر ، والتحليلات التي تضع المشكل في إطاره الصريح ، احتراما للتاريخ ، واعترافا بالجغرافية ، وأخذا بقرارات مجلس الأمن ، وبالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ، التي تتحمل كلها تفسيرات قانونية تدحض أبواق الدعاية الانفصالية .
ان المتمعن والمحلل لكل قرارات مجلس الأمن ، سيجد انها تنص على موافقة أطراف النزاع ، على اي حل قد يطرح مستقبلا لحل القضية . والموافقة هي شرط واقف ، بدونه لا يمكن لأي حل ان يطبق ، خارج رضاء وموافقة أطراف النزاع .
وهنا سأطرح السؤال : هل المغرب سيوافق على تنظيم الاستفتاء في أرضه ؟ وهل الجزائر والجبهة ، سيقبلان ليس بمغربية الصحراء ، بل فقط بالحكم الذاتي طبقا للشرعية الدولية ، لا المغربية ؟
المغرب يعرف ان الاستفتاء يعني الانفصال ، وبما ان النظام وجوده من عدمه مرتبط ببقاء او عدم بقاء الصحراء تحت سيطرته ، فهل النظام سيقبل بالاستفتاء الذي هو سيف دمقليص مسلط على رقبته ؟ فهل النظام سيقبل سقوطه ؟
والجزائر التي خسرت آلاف الملايير من الدولارات في تدعيم كيان وهمي ، وبدّرت أموال ، وثروات الشعب الجزائري في أشياء تافهة ، هل ستقبل بالحكم الذاتي الذي سيبقي الصحراء داخل المغرب ، وهي التي تعرف أن تأكيد مغربية الصحراء ، يعني سقوط حزب فرنسا وجنرالاته المسيطرة على الجزائر ؟ فهل النظام الجزائري سيقبل بسقوطه عند تأكيد مغربية الصحراء ؟
إذن يتبين من هذه المعادلة ، ان الصراع هو بين النظام المغربي والنظام الجزائري ، كما انه صراع بين الشعب المغربي المتمسك بصحرائه ، وبين حزب فرنسا وجنرالات الجزائر .
من هنا فان نزاع الصحراء ، وبسبب هذا التناقض بين النظامين ، أضحى بيد الدول الكبرى بمجلس الأمن ، لا بيد المغرب ، ولا بيد النظام الجزائري . أما جبهة البوليساريو ، فهي لا تعدو ان تكون رديفا ، لمن يحتضنها ، ويُموّلها ويتسوّل بها المنظمات الدولية .
لقد كتبنا العشرات من الدراسات التاريخية ، والقانونية ، والحقوقية ، والجغرافية ،التي تثبت بالحجة والدليل مغربية الصحراء ، لكن للأسف ، لا حياة لمن تنادي ، لان الشباب الصحراوي المغرر به ، لا يقرأ من جهة ، ومن جهة هو شباب مغرر به ، وضحية بروباگاندا مسمومة جزائرية ، تستعمله في خدمة مخططات الجزائر التي لا علاقة لها بحقوق ( الشعب الصحراوي ) ، ولا علاقة لها بالاستفتاء وتقرير المصير ، وإلاّ لكانت الجزائر تؤيد الاستفتاء الذي جرى في القرم ، وتؤيد مطالب سكان كتالونية ، واسكتلندة ، وكرسيكا ، والمستعمرات الفرنسية في ما وراء البحار .. في الاستفتاء وتقرير المصير . فلماذا بالضبط فقط الصحراء المغربية دون غيرها من المستعمرات السالفة الذكر ؟
وهنا أدعو الشباب الصحراوي الى مراجعة دراستنا المنشورة بالموقع العربي " الحوار المتمدن " ، والموجود في حائطنا الفيسبوكي بعنوان : هل لا زال بعد الآن من يشكك في مغربية الصحراء " ،كما ان يراجع أكثر من خمسين دراسة علمية حول الصحراء ، نشرناها في المواقع المذكورة .
أما معارضة مغربية الصحراء من اجل المعارضة ، فهو اعتداء سافر على دولة ذات سيادة ، وعضو بالأمم المتحدة ، وهو ما يعطيها كل الحقوق الكونية ، في الدفاع عن وحدتها الترابية بكل الطرق والسبل .
المعارضة الثانية ، وهذه تتكون من المغاربة الذين اتخذوا مواقف متباينة ، ومتناقضة عند معالجتهم لنزاع الصحراء . وهؤلاء يتكونون من مجموعتين :
1 ) المجموعة الأولى ، وتتكون من اليساريين الذين انشقوا عن الحزبين المغربيين " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " و " حزب التحرر والاشتراكية " . ففي 30 غشت 1970 ، و في 23 مارس من نفس السنة ، ستظهر منظمتان ماركسيتان ، لينينيتان ، هما منظمة إلى الأمام ، ومنظمة 23 مارس .
هنا سأكون مقتضبا ومختصرا ، لان دراسة موقف المنظمتين من الصحراء ، تتطلب دراسة مستفيضة لا تقل عن 60 صفحة .
في البداية وقفت المنظمتان مع مغربية الصحراء ، وطالبا باسترجاعها الى حظيرة الوطن . كان هذا الموقف قبل ان يتدخل النظام في قضية الصحراء ، وينظم المسيرة الخضراء . و يجذر بنا هنا الإشارة ، الى البيان المشترك بين المنظمتين في سنة 1974 الذي تراجعت عنه منظمة 23 مارس .
اعتبرت منظمة إلى الإمام في البداية ، سكان الصحراء بالشعب المغربي ، وفي مرحلة ثانية ستستعمل عبارة الجماهير المغربية في الصحراء ، وفي المرحلة الثالثة ستستعمل عبارة الشعب العربي في الصحراء ، لكن بعد 1977 ، ستكتشف المنظمة على حين غرة عبارة الشعب الصحراوي . وهنا لا بد من الرجوع إلى المؤتمر الوطني الخامس عشرة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب في غشت 1972 بالرباط .
منظمة 23 مارس ومنذ انطلاقتها ، تمسكت بمغربية الصحراء ، وتمسكت بنفس الموقف عندما كانت تسمى ب " الأنواليين " و ب " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " .
من خلال مراجعة كل هذه المواقف المتذبذبة ، والمتناقضة ، يتبين ان الموقف المتخذ من الصحراء ، هو موقف سياسي ، وليس بموقف إيديولوجي . أي اختزلوا النظام في الصحراء ، واختزلوا الصحراء في النظام ، في حين همّشا موقف الشعب المرتبط بمغربية الصحراء ، لأنه لا يروقهم ، ولا يخدم مصالحهم الضيقة ، والتي وصلت إلى الاعتراف بالشعب الصحراوي ، وبالجمهورية الصحراوية ، ووصلت الخيانة قمتها حين أبرقت المنظمة الى عسكر الجزائر ، تهنئه بانتخاب الشادلي بن جديد رئيسا للجزار .
واني جد متيقن ، أنه لو كان النظام هو ما طالب باستقلال الصحراء ، ورفع شعار لا مغربيتها ، فضدا فقط على النظام ، لكان هؤلاء قد رفعوا شعار مغربيتها ، ولما ترددوا قيد النملة ، في وصف النظام بالخيانة العظمى .
أمّا وان النظام قد رفع شعار مغربية الصحراء ، فقد أصبح هؤلاء يرددون لا مغربيتها ، وفي انتهازية مقيتة ولإسقاط النظام ، اعتبروا الصحراء بؤرة ثورية ، ستحرر المغرب ، وليس المغرب من سيحرر الصحراء .
ورغم ان منظمة إلى الأمام أصبحت منظمات ، مثل منظمة القاعدة التي أصبحت قواعد ، ورغم الحلقيات ، والتشرذم ، والهامشية ، فلا تزال مختلف الفلول المنحدرة عن تجربة السبعينات ، تردد اسطوانة تقرير المصير ، والاستفتاء ، والشعب الصحراوي ، نكاية في النظام ، وأملا بتوظيف نزاع الصحراء في قلب النظام .
2 ) المجموعة الثانية ، وتتكون من المعارضين لمغربية الصحراء ، ليس بدافع سياسي او إيديولوجي ، بل ينفون مغربية الصحراء بدافع شخصي ، انتقاما من نظام ، ومن ملك اعتدى عليهم بطرق مختلفة .
ان هؤلاء في مواقفهم الجديد ، بعد ان كانوا في السابق يتمسكون بمغربية الصحراء ، هم بدورهم يطمحون ، ويحالون استغلال أي فرصة ، لتصفية الحسابات مع النظام .
فإذا كان انفصال الصحراء عن المغرب ، سيتسبب في اسقطا النظام ، فهم يؤيدونه . فهل تصفية الحسابات مع النظام ، تتم بتقسيم المغرب وتجزئته الى دويلات مارقة ؟
وهل حسم الصراع مع النظام يوجز الإشادة ، والتحالف مع النظام العسكري الجزائري الدكتاتوري ؟
أشياء لا يمكن لعقل سليم قبولها ، او حتى تخيلها . فحين نصل الى التضحية بالوطن ، في سبيل خدمة مصالح شخصية وضيقة ، وسواء كان الدافع سياسي او إيديولوجي ، كما هو حال المجموعة الأولى ، او كان السبب شخصي كما هو حال المجموعة الثانية ، فان الخلاصة التي سنتوصل إليها ، هي إصابة الجميع بالإحباط ، وبفقدان البوصلة التي تؤدي الى الاتجاه السليم بخسارات قليلة .
ان إسقاط النظام ، لا يكون بالتنكر للوطن ، ولوحدة الشعب ، ووحدة الأرض ، والتنكر للمغرب الكبير . ان طرق إسقاط النظام معروفة ، وشروطها واضحة ،وهي تتكون من خمسة مراحل ، لا يزال الجميع لم يصل حتى الى المرحلة الأولى منها .
فمن أراد إسقاط النظام ، او إسقاط الملك فهو حر . لكن فليتوجه مباشر إليهما ، وليترك وحدة الأرض والشعب جانبا . ففي الخلط إمّا تهرب من المواجهة ، وإمّا اعتراف بفقدان البوصلة .
ومرة أخرى هل الدعوة الى الخروج والنزول الى الشارع في عيد جلوس الملك على كرسي الحكم ، وفي عيد الشباب ، هي مرحلة أولى من المراحل الخمسة المؤدية للثورة ؟
فهل هكذا ستحصل الثورة ، كما حصلت في روسيا ، والصين ، وإيران ؟
اعتقد ان عدم نزول اي احد ، كان جوابا من الشعب ، للحفاظ على ما تبقى من القدرة الذاتية ، التي لا تزال تناضل للحفاظ على تواجدها المهدد حتى هو بالانقراض .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رفح تتعرض لقصف وغارات، ما يثير مخاوف من اقتراب الهجوم البري
.. مهاب ا?يوب.. من الصفر ا?لى راي?د في عالم الا?عمال ????
.. سوق سافور في مونفارميه الفرنسية يقدم أسعارا تتحدى التضخم في
.. ما هي مخاطر الإدمان على الشاشات؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. محمد الضيف يستغيث بالشعوب العربية للتحركضد إسرائيل ،،،،فهل ه