الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيديولوجيا حزب الكادحين برجوازية و ليست بروليتارية (8)

ناظم الماوي

2017 / 8 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


إيديولوجيا حزب الكادحين برجوازية و ليست بروليتارية (8)
خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي والسياسي يشوّه علم الشيوعية
حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية
لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
( عدد 23 - 24 / فيفري 2015)
ملاحظة : الكتاب برمته متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن

" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقّفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلّصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس . و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمّة مضاعفة أبدا..."
( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل ؟ ")
---------------------------------------------
" أمّا الإشتراكي ، البروليتاري الثوري ، الأممي ، فإنّه يحاكم على نحو آخر : ... فليس من وجهة نظر بلاد"ي" يتعين علي أن أحاكم ( إذ أنّ هذه المحاكمة تغدو أشبه بمحاكمة رجل بليد و حقير ، محاكمة قومي تافه ضيق الأفق، لا يدرك أنّه لعبة فى أيدى البرجوازية الإمبريالية ) ، بل من وجهة نظر إشتراكي أنا فى تحضير الثورة البروليتارية العالمية، فى الدعاية لها ، فى تقريبها . هذه هي الروح الأممية ، هذا هو الواجب الأممي ، واجب العامل الثوري ، واجب الإشتراكي [ إقرأوا الشيوعي ] الحقيقي ."
( لينين " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي" ، دار التقدّم موسكو، الصفحة 68-69 ).
-----------------------------------------
" يستعاض عن الديالكتيك بالمذهب الإختياري [ الإنتقائية ]، و هذا التصرّف حيال الماركسية هو الظاهرة المألوفة للغاية و الأوسع إنتشارا فى الأدب الإشتراكي – الديمقراطي [ الشيوعي ] الرسمي فى أيّامنا . و هذه الإستعاضة طبعا ليست ببدعة مستحدثة ... إنّ إظهار الإختيارية بمظهر الديالكتيك فى حالة تحوير الماركسية تبعا للإنتهازية ، يخدع الجماهير بأسهل شكل ، يرضيها فى الظاهر ، إذ يبدو و كأنّه يأخذ بعين الإعتبار جميع نواحى العملية ، جميع إتجاهات التطوّر ، جميع المؤثّرات المتضادة إلخ ، و لكنّه فى الواقع لا يعطى أي فكرة منسجمة و ثوريّة عن عمليّة تطوّر المجتمع " .
( لينين ، " الدولة و الثورة " ص 22-23 ، دار التقدّم ، موسكو )
----------------------------------------------------------
" إذا أردنا أن ندرس قضية ما فعلينا أن ننفذ إلى جوهرها ، و لا نعتبر مظاهرها إلاّ دليلا يقودنا إلى عتبة الجوهر، و إذا ما إجتزنا العتبة فعلينا أن نمسك الجوهر ، و هذه هي وحدها الطريقة العلمية المعتمد عليها فى تحليل الأشياء ."
( ماو تسى تونغ ، " ربّ شرارة أحرقت سهلا " ( 5 يناير – كانون الثاني- 1930) ، المؤلفات المختارة ، المجلّد الأول ).
-----------------------------------------------------------
فى ما يتصل بالعلم و المنهج العلمي و خاصة النظرة و المنهج العلميين للشيوعية ، من الحيوي أن نجتهد للحفاظ على روح منهج التفكير النقدي و الإنفتاح تجاه الجديد و تجاه التحدّيات المقبولة أو الحكمة الموروثة . و يشمل هذا بصورة متكرّرة إعادة تفحّص ما يعتقد فيه المرء نفسه و / أو الآراء السائدة فى المجتمع إلخ على أنّها حقيقة : بشكل متكرّر معرّضين هذا لمزيد الإختبار و المساءلة من قبل تحدّيات الذين يعارضونه و من قبل الواقع ذاته ، بما فى ذلك طرق التطوّر الجاري التى يمكن أن يضعها الواقع المادي تحت أضواء جديدة – يعنى المكتشفة حديثا أو مظاهر الواقع المفهومة حديثا التى تضع تحدّيات أمام الحكمة المقبولة .
بوب أفاكيان ، " تأمّلات و جدالات : حول أهمّية المادية الماركسية و الشيوعية كعلم و العمل الثوري ذو الدلالة وحياة لها مغزى " ؛ جريدة " الثورة " عدد 174 ، 30 أوت 2009.
======================================================
مقدّمة الكتاب :
من الدروس التى إستخلصها الشيوعيون الماويّون الثوريون عبر العالم من العبر الجمّة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين الماوية بين 1966 و 1976 فى ما يتّصل بالنضال ضد التحريفية كماركسية زائفة و فكر برجوازي فى صفوف الحركة و الأحزاب الشيوعية درس التشديد على عدم الوقوف عند الظاهر و السطحي من الأشياء و ضرورة المضيّ بالتحليل الملموس للواقع الملموس ، للأشياء و الظواهر و السيرورات ، إلى الجوهر ففيه تتجلّى الحقيقة الموضوعية أفضل تجلّى . ذلك أنّه خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى تلك التى تمثّل أبعد نقطة بلغتها البشرية فى سيرها نحو الشيوعية، و فى خضمّ صراع الخطين المحتدم صلب الحزب الشيوعي الصيني بين الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي ، نبّه ماو تسى تونغ إلى الحذر من " رفع راية الماوية لإسقاطها " و إلى واجب التعمّق فى تفحّص الخطّ المطروح و عدم الإكتفاء بما يرفع أو يقال ظاهريّا . فأتباع الطريق الرأسمالي ، التحريفيين صلب الحزب الشيوعي الصيني و الدولة الإشتراكية فى الصين ، كانوا هم أيضا يرفعون راية الماوية إلاّ أنّ فحوى ما كانوا يدعون إليه يمضى تماما ضد الخطّ الشيوعي الثوري الذى كان يدافع عنه الماويّون و يكرّسونه من أجل إبقاء الصين على الطريق الإشتراكي و التقدّم صوب الشيوعية و إحباط محاولات الإنقلاب على الثورة فإعادة تركيز الرأسمالية . و قد ساهمت تلك الحقيقة العميقة التى لخّصها ماو تسى تونغ فى ملاحظته تلك – إلى جانب عديد المقالات و الكتب و النضالات إلخ - فى تسليح الشيوعيين الثوريين و الجماهير الشعبية بفهم أرقى لجانب من جوانب صراع الخطّين الحيوي الدائر حينها .
و اليوم لا ظلّ للشكّ أنّ الصراع الذى خاضه ماو تسى تونغ فى الصين و عالميّا على رأس الحزب الشيوعي الصيني و الحركة الماركسية – اللينينية العالمية خاصة فى ستينات القرن العشرين و سبعيناته ضد التحريفية المعاصرة ، السوفياتية منها واليوغسلافية و الفرنسية و الإيطالية و الأمريكية إلخ ، بيّن لمن له عيون ليرى أنّ ماو تسى تونغ قد عمّق الحقيقة التى ألمح إليها لينين حين قال :

" لقد منيت اشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة . وهي تواصل النضال ، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام ، بوصفها نزعة تحريفية ...
- ان ما يجعل التحريفية أمرا محتما ، انما هي جذورها الطبقية فى المجتمع المعاصر . فإن النزعة التحريفية ظاهرة عالمية ...
- ان نضال الماركسية الثورية الفكرى ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التى ستخوضها البروليتاريا السائرة الى الأمام ، نحو انتصار قضيتها التام..." ( لينين ، " الماركسية و النزعة التحريفية " ).

و تنسحب هذه الحقائق على واقع الحركة الشيوعية العربية حيث جلّ ، إن لم نقل كلّ ، الأحزاب و المنظّمات و المجموعات التى تزعم أنّها ماركسية ترفع راية الماركسية لتسقطها فهي ظاهريّا ماركسية و جوهريّا برجوازية – تحريفية إصلاحية لا غير . لذلك يصحّ ما أطلقناه على العديد منها ، فى تونس و التى تعرّضنا لها بالنقد ، من كونها أحزاب و منظّمات و مجموعات ماركسية زائفة ، متمركسة و ليست ماركسية . وقد أسقطنا ورقة التوت التى كانت تستر بها عورتها البرجوازية و ساهمنا من ثمّة فى كشف المستور و إسقاط الأقنعة ، القناع عن القناع .

وقد بلغت بنا أمواج القيام بالواجب النظري الشيوعي أن تطرّقنا للخطّ الإيديولوجي و السياسي لعدد من المجموعات الماوية ذاتها بما خوّل لنا أن نكشف للباحثين عن الحقيقة التى هي وحدها الثورية حسب مقولة شهيرة للينين ، أنّ هذه المجموعات " ترفع راية الماوية لإسقاطها " . و ها أنّ جولتنا الطويلة تنتهى بنا ، فى الوقت الحالي ، إلى تسليط الضوء على الخطّ الإيديولوجي و السياسي لفرقة متمركسة أخرى تتجلبب فى مناسبات بجلباب الماوية . فنحطّ الرحال عندها و نتوقّف لنعمل سلاح النقد فى ذلك الخطّ فنحلّل و نلخصّ من منظور بروليتاري ثوري و ماديّا جدليّا و نناقش و نحاجج علميّا بالدليل القاطع و البرهان الساطع جملة من رؤى ذلك الحزب و نصوصه و مقولاته و شعاراته و سياساته و سلوكاته و ما شابه ما سمح لنا بأن نجزم بلا أدنى تردّد ، كما يدلّ على ذلك عنوان الكتاب ، بأنّ " حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية" .
و مثلما قال لينين الحقيقة وحدها هي الثورية بإعتبار أنّها تعكس واقعا موضوعيّا فتمكّننا من فهم الواقع و تفسيره و نسعى طاقتنا على أساس ذلك إلى تغييره من منظور الشيوعيّة و تحرير الإنسانية من كافة أنواع الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي و بلوغ عالم آخر ، عالم شيوعي . و دون الحقائق ، و إن كانت مرّة أو مزعجة ، نظلّ ننوس فى الترّهات الميثالية الميتافيزيقية و الأفكار المشوّهة عن الواقع فلن نقدر على تغييره تغييرا شيوعيّا ثوريّا و نظلّ ندور فى دائرة مفرغة تخدم فى نهاية المطاف الطبقات السائدة و تأبّد الوضع القائم و الإستغلال و الإضطهاد بأصنافه جميعها .
فى عصرنا ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ، النظريّة الثوريّة حقّا هي الماركسية ، هي علم الشيوعية و دون هذه النظريّة الثورية لن توجد حركة ثوريّة و قد أكّد لينين الموقف الثوري الصحيح تجاه علم الشيوعية فصرّح : " نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخّروا عن موكب الحياة ." ( لينين ، " برنامجنا " ).

و فعلا ما إنفكّ علم الشيوعية يتطوّر فشهد مراحلا ثلاث ليبلغ الماركسية – اللينينية – الماوية و الماوية اليوم إنقسمت إلى إثنين ؛ إلى بقايا الماضى و طليعة المستقبل أي من جهة ماوية مشوّهة بفعل عدم تشخيص الأخطاء علميّا و رفع هذه الأخيرة إلى مستوى مبادئ عوض تخطّيها و أحسن تجسيد لهذه الماويّة المشوّهة عالميّا اليوم هو آجيث و أشياعه و من لفّ لفّهم ( أنظروا كتابنا " آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية – ردّ على مقال " ضد الأفاكيانية " ) و من الجهة الثانية ، ماوية ثوريّة وقع من ناحية تشخيص أخطائها الثانوية و نقدها نقدا مبدئيّا و تخطّيها و من ناحية أخرى ، الدفاع عن ما هو ثوري و رئيسي فيها و تطويره و إعادة صياغة الشيوعية و إرسائها على أسس علميّة أرسخ . فصارت هذه الماوية الثورية هي شيوعية اليوم المعروفة على النطاق العالمي بالخلاصة الجديدة للشيوعية .
و أعرب ماو تسى تونغ متحدّثا عن الماركسية أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، عن كونها سلاحا بتّارا لفهم الواقع و تغييره ثوريّا و عن لزوم تطويره و شحذه أبدا و نعتها بالمجهر و المنظار . و هذا المجهر و هذا المنظار قد تطوّرا الآن أكثر بفضل هذه الخلاصة الجديدة للشيوعية ، شيوعية اليوم . لذلك من يستوعب جيّدا هذه الخلاصة و يطبّقها أحسن تطبيق يمسى بوسعه أن يقرأ الواقع قراءة علمية و يفهمه على أفضل وجه ممكن و من ثمّة يشخّص مثل الطبيب المشاكل و يحدّد تاليا الحلول المناسبة أكثر فينير طريق الممارسة الثورية ( فى علاقة جدلية و تطوّر لولبي بين النظرية و الممارسة مفهومين بالمعنى الواسع و ليس بالمعنى الضيّق ) .

و من الأكيد أنّ تسلّحنا بالخلاصة الجديدة للشيوعية التى ننطلق منها فى مؤلّفاتنا هو الذى كان له الفضل ، فى جانب لا يستهان به ، فى تمكّننا من كشف النقاب عن تحريفية و إصلاحية الخطّ الإيديولوجي و السياسي لحزب الكادحين الوطني الديمقراطي ( و أحزاب ماركسية زائفة أخرى ) . و لئن درستم مليّا محتويات الكتاب الآتى ذكرها ، ستتوصّلون على الأرجح – و ليس لامحالة لإعتبارات نظرة الدارس أو الدارسة للعالم و مدى توخّى الموضوعية - إلى إدراك حقائق عميقة ما كنتم ربّما تصدّقونها عن هذا الحزب قبل هذه الدراسة و إلى إدراك مدى أهمّية إستيعاب الخلاصة الجديدة للشيوعية و رفع رايتها و تطبيقها و تطويرها خدمة للمساهمة فى الثورة البروليتارية العالمية و تحرير الإنسانية :
(1)
نقد بيانات غرة ماي 2013 فى تونس : أفق الشيوعية أم التنازل عن المبادئ الثورية ؟
مقدّمة :
1- الشيوعية هدفنا الأسمى و علم تحرير البروليتاريا و الإنسانية جمعاء :
2- الإصلاحية و خفض الآفاق و التنازل عن المبادئ الشيوعية :
3- دقّ ناقوس الخطر لدي الماويين :
خاتمة :

(2)
تشويه الماركسية : كتاب " تونس : الإنتفاضة و الثورة " لصاحبه فريد العليبي نموذجا
1- مقدّمتنا و صدمة مقدمته .
2- إضطرابات فى المنهج و الأفكار :
+ منهج يتنافى مع المادية الجدلية :
أ- مصطلحات و مفاهيم برجوازية فى نهاية المطاف .
ب- المثالية فى تناول المسائل .
+ عدم دقّة و تضارب فى الأقوال من صفحة إلى أخرى .
3- إنتفاضة و ليست ثورة :
أ- تداخل فظيع فى المفاهيم .
ب- أسباب الإنتفاضة .
ت- أعداء الإنتفاضة .
ث- مكاسب الإنتفاضة .
ج- آفاق الإنتفاضة .
ح- وهم تواصل الإنتفاضة و المسار الثوري .
4- عفوية الجماهير و الوعي البروليتاري :
أ- الوعي الطبقي / السياسي : موجود أم غائب ؟
ب- الوعي الطبقي / السياسي و غرق الكاتب فى الإقتصادوية .
ت- الوعي الطبقي مقابل العفوية .
ث- النضال ضد إنتهازية " اليسار" و " اليمين الديني" .
ج- فهم العصر و الوضع العالمي .
5- التعاطي الإنتهازي مع الإستشهادات:
أ- بصدد إستشهاد بماركس .
ب- بصدد إستشهادات بماو تسى تونغ .
ت- آلان باديو؟
6- المسكوت عنه كلّيا أو جزئيّا :
أ- تغييب لينين كلّيا.
ب- تغييب حرب الشعب كلّيا.
ت- تغييب النضال ضد إضطهاد نصف السماء/ النساء مرحليّا .
7- الخاتمة :
(3)
خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي والسياسي يشوّه علم الشيوعية
مقدّمة
1- المخاتلة : المفهوم المخاتل و تطبيق المخاتلة العملي لدي حزب الكادحين :
أ- المفهوم المخاتل :
ب- حزب الكادحين يطبّق عمليّا المخاتلة و الإنتقائية :
1- ما هذا " الربيع العربي " ؟
2- الإنتفاضات إنتهت أم هي مستمرّة ؟
3- " المظاهر خدّاعة " :
2- إيديولوجيا حزب الكادحين برجوازية و ليست بروليتارية :
أ- غيبة الشيوعية :
ب- نظرة برجوازية للحرّية و الديمقراطية :
ت- العفويّة و التذيّل إلى الجماهير :
1- تضارب فى الأفكار :
2- التذيّل للجماهير :
ث- الثورة و العنف وفق النظرة البرجوازية لحزب الكادحين :
1- تلاعب بمعنى الثورة :
2- الثورة و العنف الثوري :
ج- الإنتهازيّة و النظريّة :
أ- الإنتهازيّة و التعامل الإنتهازي مع الإنتهازيين :
ب- النظريّة و الممارسة الإنتهازية :
3- إنحرافات عن الماديّة الجدلية و التاريخية :
أ- الإنقلاب فى مصر و الأمين العام لحزب الكادحين خارج الموضوع :
ب- الحتميّة مناهضة للمادية الجدلية و التاريخيّة :
ت- هل الفلسفة لاطبقيّة ؟
4 - الدين والمرأة و مغالطات حزب الكادحين :
أ - الدين و مغالطات حزب الكادحين :
ب – تحرير المرأة : كسر كافة القيود أم تجاهل الإضطهاد و الإستغلال الجندري :
الخاتمة :
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
إيديولوجيا حزب الكادحين برجوازية و ليست بروليتارية :

دون مداورة و لا مراوغة و لا مخاتلة ، أعلن لينين بوضوح ما بعده وضوح فى مؤلّفه المنارة العظيمة " ما العمل ؟ " أنّ الصراع الإيديولوجي بين البرجوازية و البروليتاريا ، بين الطبقة السائدة عالميّا و نقيضها ، صراع حياة أو موت وهو صراع ينبغى على الشيوعيين خوضه بلا هوادة و إلى أقصى الحدود الممكنة لتحرير العقول و تغيير تفكير الجماهير من أجل الثورة البروليتارية العالمية ذلك أنّه لا مجال للوقوف فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية على الربوة أو بين أهم طبقتين عالميّا و بإختصار شديد " إمّا إيديولوجيا برجوازية أو إيديولوجيا بروليتارية " .
هذا ما صدح به لينين منذ أكثر من قرن من الزمن الآن و مرارا و تكرارا دلّلت الوقائع التاريخيّة للصراع الطبقي و التجارب الإشتراكية للبروليتاريا العالمية و الحركة الشيوعية العالمية ماضيا و حاضرا أنّ مقولة لينين هذه تلخّص حقيقة موضوعيّة عميقة و باهرة ليس ينكرها إلاّ مثالي أو سالك سياسة النعامة .
أ- غيبة الشيوعية :
قمنا بجولة مطوّلة فى كتاب " الربيع العربي ..." و قلّبنا فيه النظر فلم نعثر فيه على كلمة الشيوعية عدا مرّة تمّ إستعمالها كنعت لوصف فكتور جارا الشيلي الذى قدّمه الأمين العام لذلك الحزب على أنّه مغنّى وهو فى الواقع أكثر من ذلك أي مؤلّف كلمات أغاني و مغنّى و عازف غيتارا و ملحّن أيضا و من أشهر الأغاني المتداولة من تلحينه أغنية " تشى غيفارا ، آستا لا فكتوريا سيمبرى " .
و فى " طريق الثورة " – جوان 2013 ، ضمن " رسالة إلى الرفاق فى النهج الديمقراطي القاعدي بالمغرب " بعثت بتاريخ 25 ماي 2013 من طرف شبيبة حزب الكادحين ، قرأنا : " لا سبيل للإنتصار ... بغير التسلّح بالماركسية – اللينينية – الماوية ".
و مع ذلك فى كتاب الأمين العام هذا يغيّب الحديث تماما عن الماركسية - اللينينية - الماوية و عن الشيوعية كإيديولوجيا بروليتارية و كهدف مجتمعي إنساني أسمى . بارز جدّا هذا الغياب الذى لا يمكن أن يكون إلاّ مقصودا و تعبيرا من تعبيرات خطّ إيديولجي و سياسي يدير ظهره فعليّا للشيوعية و يعوّضها بحضور ملموس لإيديولوجيا برجوازية سنقف عنده .
و الماركسية – اللينينية – الماوية التى وردت فى الرسالة التى مرّت بنا الإشارة إليها لا تعدو أن تكون قناعا شأنها شأن مصطلح " الديمقراطية الجديدة " الذى ذكر أيضا فى تلك المناسبة الوحيدة ، و ذرّ رماد فى عيون رفاق و رفيقات " النهج الديمقراطي القاعدي بالمغرب " لمغالطتهم و جعلهم يعتقدون أنّ باعثى الرسالة ماويين حقّا . هذه الممارسة الإنتهازيّة لا تضاهيها سوى ممارسة إنتهازيّة أخرى هي رفع صور الرؤوس الخمس لماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو من قبل هذا الحزب فى بعض المسيرات دون أن يكتب على اللافتة إسم حزب الكادحين !
و فى الوقت الذى تزعم فيه شبيبة حزب الكادحين أنّها ماركسية – لينينية – ماوية ، فى نشرية " طريق الثورة " – أوت 2013 ، و على وجه الضبط ، " نصّ الحوار الذى أجرته جريدة " ثلاثون دقيقة " مع الرفيق فردي العليبي الأمين العام لحزب الكادحين " ، لا ينبس الأمين العام هذا ببنت شفة عن الماركسية - اللينينية – الماوية و يكتفي بقول إنّ حزب الكادحين حزب يستند إلى " الإشتراكية العلمية " ما يؤكّد إزدواجيّة الخطاب و غياب المبدئيّة فى علاقة هذا الحزب بالماركسية – اللينينية – الماوية شأنه فى ذلك شأن حزب العمّال التونسي و " إتحاد الشباب الشيوعي " فالحزب أسقط نعت الشيوعي من إسمه فى حين لا تزال شبيبته تحتفظ به !!!
و أضف إلى ذلك أنّ علم الشيوعية تطوّر كثيرا منذ تأليف إنجلز سنة 1875 لما أضحى منشورا ككتيّب " الإشتراكية الطوباوية و الإشتراكية العلمية " سنة 1892 فقد إقترنت الشيوعية لاحقا بماركس فصارت الماركسية و مكوناتها الثلاثة كما شرح لينين هي الإقتصاد السياسي و الفلسفة و الإشتراكية ، فهل يتبنّى حزب الكادحين مكوّنا واحدا من الماركسية ؟ و يجحد المكوّنين الآخرين ؟ و هل يتبنّى " الإشتراكيّة العلمية " كما عرضها إنجلز فى القرن التاسع عشر و ينكر تطويرات إنجلز ذاته و ماركس و لينين و ماو تسى تونغ لها لاحقا ؟
ماركسية – لينينية – ماوية حزب الكادحين عرجاء و مشوّهة تمام التشويه . إنّها ماركسيّة محرّفة !
ثمّ بفضل إثراءات لينين لعلم الثورة البروليتارية العالمية أضحت الماركسية ماركسية – لينينية و بعد تجربة الثورة الصينية و معارك الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية المعاصر و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، بفضل المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ فى علم الشيوعية نشأت الماوية كمرحلة ثالثة و أرقى و الماوية تطوّرت منذ عقود و منذ سنوات الآن إنقسمت إلى إثنين ، نزعة تحريفية ديمقراطية برجوازية و أخرى دغمائية من جهة و تيّار مضى أشواطا فى تطوير الجوهر الثوري للماوية و يملك اليوم الفهم الأرسخ علميّا و الأكثر تقدّما ألا وهو الخلاصة الجديدة للشيوعية .
و أصحاب حزب الكادحين لازالوا غارقين فى القرن التاسع عشر و يريدون منّا أن نعود القهقرى بعلم الشيوعية فنكون رجعيين نكوصيين و فى أحسن الأحوال من بقايا الماضي . و عوض الشيوعية كإيديولوجيا بروليتارية و هدف مجتمعي إنساني أسمى و ربط النضالات الشيوعية و الجماهيرية بقيادة الشيوعيين بالثورة البروليتارية العالمية و تيّاريها – الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسماليّة – الإمبريالية – و عوض ربط الجزء بالكلّ بنظرة أمميّة بروليتاريّة ، يرفع حزب الكادحين شعارا ثلاثيّا مثل عديد الأحزاب القانونية " اليسارية " هو " الحرّية للوطن ، السلطة للشعب ، الثروة للكادحين " وهو لعلّكم عاينتم شعارا عاما فضفاضا برجوازيّا لا غير ، لا يخرج بمكوّناته الثلاثة عن الإيديولوجيا البرجوازية فالبرجوازية الوطنية و البرجوازية الصغيرة يرفعان هذا الشعار أيضا ( و حتّى البرجوازية الكمبرادورية غالبا ما ترفعه هي الأخرى للمغالطة ) و " السلطة للشعب " و حكم الشعب نفسه بنفسه و ما شابه من المفاهيم البرجوازية المتداولة و الرائجة عالميّا و التى تستخدمها البرجوازية الإمبريالية و البرجوازيّات الصغيرة و الكمبرادورية و الوطنية و التحريفيون و أحيانا حتى الرجعيون من أنصار الأنظمة الملكية هنا وهناك. و ركون حزب الكادحين إلى هكذا مفاهيم برجوازية يضرب فى العمق المفاهيم الشيوعية للدولة و طبيعتها الطبقيّة و قيادة البروليتاريا و ضرورة تحطيم الدولة القديمة و إنشاء دولة جديدة تعمل على أن تكون فى خدمة الهدف الشيوعي الأسمى و إضمحلال الدول نفسها مع بلوغ الشيوعية عالميّا . " الثروة للكادحين " و ماذا عن غير الكادحين ؟ هل يحرمون من " الثروة " ؟ ماذا عن المرضى و الشيوخ والمشتغلين بأعمال قد لا يشملها معنى كلمة الكادحين الذى لم نعثر له على تحديد فى أدبيّات هذا الحزب ؟ يبدو جزء " الثروة للكادحين " ظاهريّا جذّابا و لكنّه ليس شيوعيّا إذ أنّ الشيوعية شعار طورها الأسفل الذى صار معروفا بالإشتراكية هو " لكلّ حسب عمله " و شعار طورها الأعلى ، المجتمع الشيوعي " من كلّ حسب عمله إلى كلّ حسب حاجياته " فأين هذه الشعارات البرجوازية من الشيوعية الحقيقيّة ؟
فى موضوع الحال ، يسبح حزب الكادحين فى نفس مستنقع " الإشتراكية العلمية " الذى إنجرفت إليه عديد الفرق " اليساريّة " كقناع للتملّص من الشيوعية بأشكال ملتوية إنتهازيّة برجوازية تضرب فى العمق علم الشيوعية و الغاية الأسمى للثورة البروليتارية العالمية كما يستمرّ فى إرتكاب خطإ إيديولوجي فادح عانت منه الحركة الماويّة فى تونس كثيرا و طويلا ألا وهوالتنكّر للهويّة الشيوعيّة كإنحراف إنتهازي يميني إتّخذ شكل نزعة قومية أو قومية / إسلامية و يتّخذ الآن مع حزب الكادحين شكل العودة إلى الخلف ، إلى " الإشتراكية العلمية " للقرن التاسع عشر.
فى كتاباتنا السابقة خضنا فى هذا الإنحراف الشائع لدى الماركسيين المزيّفين فقلنا فى العدد الثاني من نشرية " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماوية ! " – أفريل 2011 و على وجه الضبط فى مقال " طليعة المستقبل يجب أن نكون ! " :
"... الشيوعية ، لا الإشتراكية العلمية :

وعادة ما تعرّف الجماعات - و نخصّص هنا الحديث أساسا عن" الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين اللينينيين" ، الوطد- التي تدعى الإنضواء تحت لواء الشيوعية نفسها إيديولوجيا بأنّها تتبنّى الإشتراكية العلمية وهذا منها فى يوم الناس هذا خطأ نظري نشرحه فى الحال .

و مثلما سجّلنا بالعدد الأوّل من نشرية " لا حركة شيوعية دون ماوية !" ، ضمن مقال " الديمقراطية البرجوازية القديمة ام الديمقراطية الجديدة الماوية " الإشتراكية إشتراكيات ( و الشيوعية اليوم شيوعيات ) : " و يكفى بهذا المضمار التذكير بعنوان كتاب إنجلز " الإشتراكية العلمية و الإشتراكية الطوباوية " من ناحية أولى ؛ و فقرات ماركس و إنجلز فى" بيان الحزب الشيوعي :" الإشتراكية الرجعية : أ- الإشتراكية الإقطاعية ب- الإشتراكية البرجوازية الصغيرة ج- الإشتراكية الألمانية و الإشتراكية " الحقّة " ، الإشتراكية المحافظة أو البرجوازية ، من ناحية ثانية ؛ و مقالات لينين عن الإشتراكية الديمقراطية و عن الإشتراكية الإمبريالية من ناحية ثالثة ؛ و كتابات الشيوعيين الماويين ، زمن ماو و بعده ، عن الإمبريالية الإشتراكية و عن مفهوم الإشتراكية دون صراع طبقي الخوجية و عن الإشتراكية ( دكتاتورية البروليتاريا و نمط إنتاج ) كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية مديدة تعجّ بالصراعات الطبقية و تتضمنّ كلا من إمكانية التقدّم نحو المجتمع الشيوعي العالمي و إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية ..."

قال إنجلز فى مستهلّ المقال الأوّل من كرّاسه المنشور سنة 1892 " الإشتراكية الطوباوية و الإشتراكية العلمية " :

" إنّ الإشتراكية العصرية ، من حيث مضمونها هي فى المقام الأوّل ، نتيجة لملاحظة التناقضات الطبقية السائدة فى المجتمع العصري بين المالكين و غير المالكين ، بين الرأسماليين و العمّال الأجراء ، من جهة ، و لملاحظة الفوضى السائدة فى الإنتاج من جهة أخرى . و لكن هذه الإشتراكية تبدو فى البدء ، من حيث شكلها النظري ، كأنّها مجرّد إستمرار ، أكثر تطوّرا و إنسجاما ، للمبادئ التي صاغها المنورون الفرنسيون الكبار فى القرن الثامن عشر ".

و عند نهاية هذا المقال الأوّل ، خلص إنجلز إلى أنّ " و لهذا لم تعد تبدو الإشتراكية الآن إكتشافا حققه من قبيل الصدفة هذا العقل العبقري أو ذاك ، بل صارت تبدو نتيجة ضرورية للنضال بين الطبقتين الناشئتين تاريخيّا ، البروليتاريا والبرجوازية. و لم تبق مهمتها إبتداع نظام إجتماعي على أكثر ما يمكن من الكمال ، بل غدت دراسة التطوّر الإقتصادي التاريخي الذى أدّى بالضرورة إلى نشوء هاتين الطبقتين و إلى نشوء الصراع بينهما ، و إيجاد الوسائل فى الوضع الإقتصادي الناجم عن هذا التطوّر ، من أجل تسوية النزاع . و لكن الإشتراكية السابقة لم تكن متلائمة مع هذا الفهم المادي للتاريخ مثلما كان فهم الماديين الفرنسيين للطبيعة غير متلائم مع الديالكتيك و مع علم الطبيعة الحديث."

( الطبعة العربية ، دار التقدّم موسكو ، ص 38 و 65 ) .

إذن نشأت الإشتراكية العصرية مع المجتمع العصري نتيجة صراع الطبقتين الناشئتين البروليتاريا و البرجوازية و بدأت أقرب إلى أفكار فلاسفة الأنوار - القرن 18- " و إكتشافا من قبيل الصدفة هذا العقل العبقري أو ذاك" لتغدو إشتراكية علمية بما هي تعتمد دراسة التطوّر الإقتصادي التاريخي ، و الفهم المادي التاريخي لذلك صارت تسمّى إشتراكية علمية بعدما كانت طوباوية . و عليه الإشتراكية كوحدة أضداد ، تناقض إنقسمت ( بمعنى " إزدواج الواحد " اللينيني و الماوي ) إلى طوباوية و علمية كمظهري هذا التناقض . و تمكّنت الإشتراكية العلمية من إلحاق الهزيمة بالإشتراكية الطوباوية و سادت عالميّا إلاّ أنّ هذه الإشتراكية العلمية ستشهد هي ذاتها صراعات داخلية ستفرز عديد التياّرات أهمّها التياّر الماركسي الذى لن يفتأ يتطوّر هو ذاته و " ينقسم " ( بمعنى إزدواج الواحد ) فى مسيرة نموّه و حركة تطوّره إلى اليوم .

" حتى بين المذاهب المتعلّقة بنضال الطبقة العاملة و المنتشرة بخاصة فى صفوف البروليتاريا ، لم ترسّخ الماركسية مواقعها دفعة واحدة ... و حين حلّت الماركسية محلّ النظريات المعادية لها ، و المتجانسة بعض التجانس ، سعت الميول التي كانت تعبّر عنها هذه النظريات وراء سبل جديدة . فقد تغيّرت أشكال النضال و دوافعه ، و لكن النضال مستمرّ ... بنضال التيار المعادي للماركسية فى قلب الماركسية... لقد منيت إشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة ، وهي تواصل النضال، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام ، بوصفها نزعة تحريفية . "

( لينين: المختارات فى ثلاثة مجلدات ، المجلد الأوّل ، الجزء الأوّل ، ص 86-87 ضمن نص " الماركسية و النزعة التحريفية " ).

و" أدّى النضال ضد المحرّفين إلى نهوض مثمر فى تفكير الإشتراكية العالمية النظري بقدر ما أدّى جدال إنجلس مع دوهرينغ قبل عشرين سنة." ( مصدر سابق ، ص 89) و يخلص لينين إلى أنّ " نضال الماركسية الثورية الفكري ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر، ليس سوى مقدّمة للمعارك الثورية الكبيرة التي ستخوضها البروليتاريا السائرة إلى الأمام ، نحو إنتصار قضيّتها التام ، رغم كلّ تردّد العناصر البرجوازية الصغيرة و تخاذلها ."
( المصدر السابق ، ص 95).

و" التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون إليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي "

(ماو تسي تونغ : خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية ، مارس 1957 )

و يبرز جليّا أن الإشتراكية التي إنكبّ إنجلز على الخوض فيها فى ذلك الكرّاس تحيل على الصراع الطبقي و المادية التاريخية و هذا لا يعدو أن يكون مكوّنا من مكوّنات الماركسية الثلاثة وهو ما أكّده لينين فى " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " حيث إعتبر مذهب ماركس " بوصفه التتمّة المباشرة الفورية لمذاهب أعظم ممثلى الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية " ( لاحظوا جيّدا أنّه لم يستعمل مصطلح " الإشتراكية العلمية " بل فقط " الإشتراكية " مثلما فعل فى كرّاس " كارل ماركس " ). ف" مذهب ماركس " ، الماركسية ، : " هو الوريث الشرعي لخير ما أبدعته الإنسانية فى القرن التاسع عشر: الفلسفة الألمانية ، و الإقتصاد السياسي الأنجليزي ، و الإشتراكية الفرنسية . و إنّنا ستناول مصادر الماركسية الثلاثة هذه ، التي هي فى الوقت نفسه أقسامها المكوّنة الثلاثة ."

( لينين ، المختارات فى ثلاثة مجلدات ، المجلد 1، الجزء 1، ص 78/79).

و من هنا لا يفعل من يريد أن يماثل بين الماركسية أو الشيوعية و " الإشتراكية العلمية " سوى العودة إلى ما قبل لينين و اللينينية و ليّ عنق الشيوعيين إلى الخلف ، نحو القرن 19. و هذا بوضوح إنحراف نظري و كذلك تنازل نظري – سياسي يهدونه على طبق لأعداء الشيوعية مقدّمين أنفسهم بتعلّة عدم تنفيرالجماهير ، على أنّ هدفهم الأسمى بالتالى هو الإشتراكية و ليس الشيوعية بطورها الأدنى الإشتراكية و طورها الأعلى الشيوعية ، وفق كتاب لينين " الدولة و الثورة "، يتوصلون إليه عبر الصراع الطبقى الذى تعترف به و تقرّه حتى البرجوازية و الذى لا يحدّد بحدّ ذاته من هو الماركسي .

ففى رسالة وجهها ماركس إلى فيدميير ، بتاريخ 5 مارس /أذار 1852 ، أعرب عن أنّه :

" فيما يخصنى ليس لى لا فضل أكتشاف وجود الطبقات فى المجتمع المعاصر و لا فضل إكتشاف صراعها . فقد سبقنى بوقت طويل مؤرخون برجوازيون بسطوا التطوّر التاريخي لصراع الطبقات هذا ، و إقتصاديون برجوازيون بسطوا تركيب الطبقات الإقتصادي .و ما أعطيته من جديد يتلخّص فى إقامة البرهان على ما يأتى :

1"- إن وجود الطبقات لا يقترن إلاّ بمراحل تاريخية معينة من تطوّر الإنتاج 2- إنّ النضال الطبقي يفضى بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا ، 3- إنّ هذه الديكتاتورية نفسها ليست غير الإنتقال إلى القضاء على كلّ الطبقات و إلى المجتمع الخالى من الطبقات...".

و معلّقا على ذلك ، كتب لينين :

" ...الأمر الرئيسي فى تعاليم ماركس هو النضال الطبقي هذا ما يقال و ما يكتب بكثرة كثيرة . بيد أنّ هذا غير صحيح . و عن عدم الصحة هذا تنتج ، الواحد بعد الآخر ، التشويهات الإنتهازية للماركسية و ينتج تزويرها بحيث تصبح مقبولة للبرجوازية . ذلك لأنّ التعاليم بشأن النضال الطبقي لم توضع من قبل ماركس ، بل من قبل البرجوازية قبل ماركس ، وهي بوجه عام مقبولة للبرجوازية . و من لا يعترف بغير نضال الطبقات ليس بماركسي بعد ، و قد يظهر أنّه لم يخرج بعد عن نطاق التفكير البرجوازي و السياسة البرجوازية . إنّ حصر الماركسية فى التعاليم بشأن النضال الطبقي يعنى بتر الماركسية و تشويهها و قصرها على ما تقبله البرجوازية . ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا . و هذا ما يميّز بصورة جوهرية الماركسي عن البرجوازي الصغير ( وحتى الكبير) العادي ."

( لينين ، " الدولة و الثورة " ، ص 35-36 ، الطبعة العربية ، دار التقدّم ، موسكو).

و نستشفّ ممّا تقدّم أنّ دعاة " الإشتراكية العلمية " بكلمات لينين يشوّهون الماركسية بإنتهازية و يزوّرونها و يبترونها لتصبح مقبولة للبرجوازية . و يتغافلون عن ما يميّز " بصورة جوهرية " الماركسي عن غيره . و لئن عرّف لينين حينها الماركسي بمن " يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا " فإنّ الشيوعيين الثوريين الماويين وبعد مراكمة تجارب إشتراكية بقيادة أحزاب شيوعية فى الإتحاد السوفياتي و الصين خاصة ، يضيفون أنّ الماركسي صار من يعترف بتواصل وجود الطبقات و التناقضات الطبقية و التناحرالطبقي فى ظلّ الإشتراكية و بضرورة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ( نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا كما صاغها ماو و طبّقها فى خضمّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ).

وننهى هذه النقطة بالتأكيد على أنّ إيديولوجيتنا هي الشيوعية و ليست الإشتراكية العلمية و الشيوعية ، قال ماوتسى تونغ فى " حول الديمقراطية الجديدة " ( 1940 ، م 2 ) " هي نظام كامل للإيديولوجيا البروليتاري وهي فى نفس الوقت نظام إجتماعي جديد. و هذا النظام الإيديولوجي و الإجتماعي يختلف عن أي نظام إيديولوجي و إجتماعي آخر ، وهو أكثر النظم كمالا و تقدّمية و ثورية و منطقية فى التاريخ الإنساني ."
( إنتهي المقتطف )

ب- نظرة برجوازية للحرّية و الديمقراطية :
ورد فى الجزء الأوّل " نوعان من التناقضات مختلفان من حيث طابعهما " من " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " لماو تسى تونغ :
" الواقع أنه ليس في العالم إلا حرية ملموسة وديمقراطية ملموسة ، وليس هناك حرية مجردة وديمقراطية مجردة . فإذا تمتعت الطبقات المستثمِرة بحرية استثمار الشغيلة ، في مجتمع يدور فيه النضال بين الطبقات ، حرم الشغيلة من حرية مناهضة الاستثمار . وإذا تمتعت فيه البرجوازية بالديمقراطية حرمت منها البروليتاريا والشغيلة. إن بعض البلدان الرأسمالية تسمح بوجود الأحزاب الشيوعية بصورة شرعية ، ولكن بالقدر الذي لا يؤدي إلى الإضرار بمصالح البرجوازية الأساسية ، أما إذا تجاوز الأمر هذا الحد فلن تسمح بوجودها .
إن من يطالبون بالحرية المجردة وبالديمقراطية المجردة يعتبرون الديمقراطية غاية بحد ذاتها ولا يسلمون بأنها وسيلة . قد تبدو الديمقراطية في بعض الأحيان كأنها غاية ، ولكنها ليست هي في الحقيقة إلا وسيلة. فالماركسية تشير إلى أن الديمقراطية جزء من البناء الفوقي ، وأنها تدخل في باب السياسة . وهذا معناه أن الديمقراطية ، في آخر الأمر ، تخدم القاعدة الاقتصادية . ونفس التفسير ينطبق على الحرية . فالديمقراطية والحرية نسبيتان وليستا مطلقتين ، ولقد ظهرتا وتطوّرتا عبر عصور التاريخ." ( دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين 1966 ).
و على النقيض من هذا الفهم الماركسي – اللينيني – الماوي ، ما فتأ مؤلِّف " الربيع العربي ..." يتلاعب بكلمة الحرّية بشكل مجرّد فينثرها نثرا فى ثنايا ورقات الكتاب فلا يكاد يخلو نصّ من نصوص الفصول الثلاثة من " الحرّية " . مبثوثة هي هذه الكلمة هنا و هناك و بطبيعة الحال لم يحدّد الكاتب ما يقصده بها و لا مختلف الرؤى لها و إنّما إستعملها بالمعنى و الدلالات السائدة لأفكار الطبقات السائدة ( ماركس و إنجلز- بيان الحزب الشيوعي ، فقرة " البروليتاريون والشيوعيون": " الأفكار و الآراء السائدة فى عهد من العهود لم تكن سوى أفكار الطبقة السائدة و آرائها " ) ، و فى تضارب بيّن مع الفهم الشيوعي لها . إنّه يدوس دوسا تحذير ماركس بعدم التنازل عن المبادئ الذى أثبتناه فى تصدير هذا المقال ، هو يتنازل لا على مبدأ واحد بل على جلّ إن لم نقل كلّ مبادئ الشيوعية كما رأينا و سنرى .
و على سبيل المثال لا الحصر ، فى الصفحة 16 نقرأ : " تنفّس الشعب عبير الحرّية " و فى الصفحة 20 نقرأ : " إستغلال إنتفاضات الشعوب و توقها إلى الحرّية " ؛ و فى الصفحة 59 : " هل للفلسفة من دور تضطلع به لفضح هذا الكم المتزايد من الإضطهاد وتعديل البوصلة عمليّا لكي تنير دروب الحرّية ؟ "، و فى الصفحة 61 : " إنّ الهدف الذى كافح من أجله المنتفضون هو الحرّية ..." ، و بعد ذلك بصفحة نعثر على " ليس هناك من سبيل أمام المرأة العربية إذا أرادت كسر قيودها غير مواصلة الكفاح من أجل الحرّية " ؛ و فى الصفحة 95 قرأنا : " الإعلامي عاشق للحرّية " و أخيرا و ليس آخرا فى الصفحة 107 يمكنكم أن تطالعوا : " يواصل الكادحون فى تونس خوض معركة الحرّية " .
ولئن تمعنّا جيّدا فى هذا الفهم المجرّد و الهلامي للحرّية يتجلّى لنا أنّه ليس سوى تكرار للفهم البرجوازي المتناقض مع الفهم الماركسي – اللينيني – الماوي للحرّية على أنّها مثلما أكّد ماو تسى تونغ ، وعي الضرورة و تغيير الواقع ؛ و أنّ الأمين العام هذا يروّج للإيديولوجيا البرجوازية شأنه فى ذلك شأن عديد الفرق " اليسارية ". ففى جدالنا المعنون " حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد حزب ماركسي مزيّف"، كتبنا بهذا الصدد فى جانفي 2013 :
" و يرفع الحزب الجديد ( زغروطة !!! من وحي أغنية للشيخ إمام عيسى ) شعار " حرية مساواة وحدة تقدّم " والكلمات المكوّنة لهذا الشعار الرباعي كلمات ما إنفكّت البرجوازية تستخدمها منذ قرون الآن معبّرة عن مضامين برجوازية و ليست بروليتارية فى شيء . الشعار الرباعي لهذا الحزب الذى يدعي الإستناد إلى الماركسية - اللينينية شعار برجوازي حامل و مروّج لأوهام برجوازية لا أكثر و لا أقلّ . و غالبا ما يردّد مؤسّسوه كلمة الحرّية على نحو ليبرالي ممجوج حقّا.

" الحرية كلمة عظيمة ، و لكن تحت لواء حرية الصناعة شنّت أفظع حروب السلب و النهب ، و تحت لواء حرية العمل جرى نهب الشغيلة . "
( لينين :" ما العمل ؟ " فصل " الجمود العقائدي و " حرّية الإنتقاد " ") .

هذا ما قاله لينين عن الحريّة التى يتشدّق بها الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد و يلوكها على غرار البرجوازيين الليبراليين و التى إن أردنا تحديدها بدقّة متناهية مادية جدلية قلنا إنّ الحرّية وعي الضرورة و تغيير الواقع . فلا حريّة دون ضرورة و من منظور الماركسية ، لا تفسير للواقع دون تغييره لكن هيهات أن يدرك هؤلاء المثاليون الميتافيزيقيون العمق الفلسفي المادي الجدلي للفهم الماركسي الحقيقي و يطبقونه. هم بالعكس يدفنونه و يستبدلونه باللغو و الأوهام البرجوازية.

و فى إرتباط بمسألة الحرية كذلك مفيدة هي ملاحظة إنجلز الذى ذكّر بها لينين مؤكّدا أنّه :

" الآن فقط ، يمكننا أن نقدر كلّ صحة ملاحظات إنجلس عندما سخر دونما رحمة من سخافة الجمع بين كلمتي " الحرّية " و " الدولة " . فما بقيت الدولة ، لا وجود للحرية ، و عندما تحلّ الحرّية تنعدم الدولة ."
( " الدولة و الثورة " ، الصفحة 101).
( إنتهى المقتطف )
و فى ما يتّصل بالديمقراطية ، لا يتورّع الأمين العام لحزب الكادحين كذلك عن أن يركن إلى خطاب ديمقراطي برجوازي غاية فى الوضوح . و من ذلك قوله بالصفحة 25 من " الربيع العربي ..." : " إنّنا نرى أنّ الديمقراطية المعنيّة هنا تبدو مجرّد وسيلة متلبسة مضامين مغشوشة ، و عوضا عن إنتشار قيم المواطنة وحقوق الإنسان و المساواة و العدل و الحرّية ..." وهي عبارات متداولة لدى الديمقراطيين البرجوازيين محلّيا و عالميّا . و الجملة برمّتها إن قدّمتها إلى أي متمكّن من الفهم الشيوعي للعالم سيوصّفها على أنّها جملة تعبّرعن فكر برجوازي يرقد على براميل بارود أوهام الديمقراطية البرجوازية لا غير فى كافة قارات الكرة الأرضيّة.

على عكس ما دعا إليه إنجلز ( و ذكره لينين فى " ما العمل ؟ " فى فقرة " إنجلز و أهمّية النضال النظري " ) من وجوب التخلّص من تأثير العبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم ، نلفى صاحب كتاب " الربيع العربي ..." يمضى فى حال سبيله الديمقراطي البرجوازي و ينهل بلا حدود من معين الإيديولوجيا البرجوازية و مفهومها القديم للعالم و لا ينشر فى صفوف الجماهير الشعبيّة الوعي الشيوعي و بعد هذا يعتبر نفسه ماركسيّا وفى الحقيقة ما هو بماركسي و ما هو من القادة الماركسيين الذين يضطلعون بالواجب الذى أوصى به إنجلز :
" سيكون من واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقّفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظريّة و أن يتخلّصوا من تأثير العبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الإعتبار أنّ الإشتراكيّة ، مذ غدت علما ، تتطلّب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلّب أن تدرس . و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمّال بهمّة مضاعفة أبدا ."
هكذا يروّج حزب الكادحين دون ادنى خجل ، جهارا نهارا و مرارا و تكرارا " للعبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم " . و يلتقى مع فرق " اليسار" الإصلاحي فى نشر الديمقراطيّة البرجوازية و أوهامها . و قد نقدنا هذه الديمقراطية البرجوازية فى عديد المقالات فى نشريّة " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة !" و سجّلنا مثلا المقتطف التالى فى العدد السادس – جانفي 2012 :
" لا للأوهام الديمقراطية الرجوازية ! :

أ – الديمقراطية / الدكتاتورية :

ما إنفكّ حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين و قبلهم و إلى جانبهم على الساحة السياسية ، الحزب الإشتراكي اليساري – فى الحقيقة " الرأسمالي اليميني "- و حركة التجديد و قوى عديد أخرى يبثّون الأوهام البرجوازية الصغيرة حول مسألة الديمقراطية. دون مراوغة و مباشرة نقولها : إنّ حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين الذين يدعيان تبنّى اللينينية ينظّران و يمارسان فى تضارب تام مع اللينينية التى هي منهما براء. إنّهما مرتدّان . متحدثا عن مرتدّ آخر ، كاوتسكي فى"الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ( ص18) ، أوضح لينين :

" أنّه طالما هناك طبقات متمايزة ، - و طالما لم نسخر من الحسّ السليم و التاريخ ، - لا يمكن التحدث عن " الديمقراطية الخالصة " ، بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ" الديمقراطية الخالصة " ليست فقط صيغة جاهلة تنم عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء و لا أجوف، لأنّ الديمقراطية، ستضمحلّ ، إذ تتطور فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة ، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة ". )

فلينين أكّد أنّه لا وجود لديمقراطية خالصة ، فوق الطبقات و أنّ ما هناك إلاّ ديمقراطية طبقية و أنّ كلّ ديمقراطية هي فى آن واحد دكتاتورية ؛ ديمقراطية لطبقة أو طبقات و دكتاتورية ضد طبقة أو طبقات ( و قد تعمّقنا فى هذه المسألة فى مقال " أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس " ، الحوار المتمدّن ) فى حين أنّ هؤلاء روّجوا خيالات عن ديمقراطية لا طبقية - سياسية و إجتماعية – و ما من مرّة نعتوها أو حدّدوها طبقيّا و بذلك ساهموا و يا لها من مساهمة فى تضليل المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبية .

إنّهم لم يقوموا باللازم لينينيّا لشرح علاقة الديمقراطية بالدكتاتورية طبقيّا و بأنّ كل ديمقراطية هي بالضرورة دكتاتورية : ديمقراطية لأقلية أو أغلبية و دكتاتورية ضد أغلبية أو أقلية و مثال ذلك فى كتاب لينين " الدولة و الثورة " أنّ الديمقراطية البرجوازية ديمقراطية للأقلية و دكتاتورية ضد الأغلبية بينما دكتاتورية البروليتاريا / ديمقراطية البروليتاريا هي فى آن أيضا ديمقراطية الأغلبية دكتاتورية ضد الأقليّة.

و كذلك لم يبذل مدّعو تبنّى اللينينية قصارى الجهد – فى الواقع لم يبذلوا أي جهد – لتفسير أنّ لكلّ طبقة ديمقراطيتها و أنّ الديمقراطية ذاتها كشكل للدولة مآلها تاريخيا الإضمحلال مع إضمحلال الدولة مثلما بيّن ذلك لينين فى " الدولة و الثورة " أنّ " الديمقراطية البروليتارية لأكثر ديمقراطية بمليون مرّة من أية ديمقراطية برجوازية " ( لينين " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ، دار التقدّم ،موسكو ، الطبعة العربية ، الصفحة 25).

و ليعلم مؤسّسو الحزب الجديد أن الديمقراطية البرجوازية وحتى البروليتارية المناقضة لها ، لينينيّا مآلهما الإضمحلال مستقبلا. و من أوكد واجبات الشيوعيين و الشيوعيات النضال بلا هوادة فى سبيل أن تعوّض ديمقراطية / دكتاتورية البروليتاريا ديمقراطية / دكتاتورية البرجوازية ثم مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية/ ديمقراطية البروليتاريا من أجل إضحلال الديمقراطية جميعها مع إضمحلال الدولة بما يعلن عالميّا بلوغنا هدفنا الأسمى ، الشيوعية كمجتمع خال من الطبقات لا حاجة فيه للدولة و لا للديمقراطية كشكل من أشكالها. و قد نبّهنا لينين في " الدولة و الثورة " لحقيقة أنّ :

" الديمقراطية هي أيضا دولة و أنّ الديمقراطية تزول هي أيضا ، تبعا لذلك ، عندما تزول الدولة ". ( المصدر السابق ، الصفحة 20).
( إنتهى المقتطف ).
ت- العفويّة و التذيّل إلى الجماهير :
1- تضارب فى الأفكار :
خطّ صاحب " الربيع العربي ..." فى مقدّمة كتابه وعلى وجه الضبط بالصفحة 9 ، وهو يعزف لحن ضرورة " فهم الهزيمة " و " فهم الثورة " : " ...و يصبح ممكنا إدراكما إذا كان سبب الهزيمة ماثلا بالنسبة إلى الإنتفاضات و الثورات فى جماهير لم تدرك شروط تحرّرها ، فإنتفضت بعفويّة ضد طغاتها و مستعبديها ، و لكن نضالها سرعان ما تكسّر على صخرة عدوّها الذى يمتلك وسائل القوّة المختلفة و منها المخاتلة فى الدين و السياسة ، أو إنّ ذلك السبب كامن فى أن " قادتها " قد تعوّدوا على المهادنة و التقاعس و التراجع و البيع و المبادلة ؟ دون أن يلغي هذا إحتمال تضافر هذين الشرطين مجتمعين فى تفسير ما حدث " .
و فى الصفحة 61 ( نصّ " المرأة و الثورة " ) ورد أنّ " الإنتفاضات العربيّة جرى قطع الطريق أمامها مبكّرا للحيلولة دون تحوّلها إلى ثورات فعليّة " .
موقف تحوّل الإنتفاضات إلى ثورات دون الحديث عن مستلزمات ذلك و من وجهة نظر الماركسية - اللينينية- الماوية فى المستعمرات والمستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات" الأسلحة السحريّة الثلاثة " أي الحزب الشيوعي الثوري الماوي و الجيش الشعبي و الجبهة المتحدة للطبقات الثوريّة بقيادة الحزب الشيوعي و الوضع الثوري كما حدّده لينين ، هذا الموقف فى حدّ ذاته ينمّ عن غرق الحزب الذى ننقد فى مستنقع العفويّة متصوّرا أنّ الإنتفاضات العفوية فى مظهرها الرئيسي لو ترك لها المجال كانت ستتحوّل عفويّا إلى ثورات و الحال أنّها لا تملك لا القيادة و لا البرنامج و لا الأدوات الثوريّة و الوضع ليس وضعا ثوريّا بالتحديد اللينيني من أزمة خانقة و عدم قدرة الطبقات الحاكمة على التحكّم فى الأمور و تفكّكها و صراعها فيما بينها و عدم قبول الطبقات الشعبيّة ببقاء الوضع على حاله و السعي حثيثا لتغييره تغييرا ثوريّا- و لنسطّر على هذا – وجود حركة ثوريّة تقودها نظريّة ثوريّة . مطالب الإنتفاضات كانت إصلاحيّة و لم تكن ثوريّة و حتى شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " الذى ظهر على نطاق ضيّق فى آخر الإنتفاضة الشعبيّة بتونس ليس ثوريّا مثلما حلّلنا فى مواقع أخرى .
و لئن إعترف مؤلّف " الربيع العربي ..." هنا بعفويّة الإنتفاضات ، فإنّه سينقلب على ذلك فى مكان آخر و بكلماته هو التى يقصد بها غيره و تنطبق عليه " لا ضير من قول الشيء و ضدّه فذلك ما تتطلّبه تقنيات المغالطة " ، ففى الصفحة 21 يتحفنا ب " قد تمّ التركيز بشكل خاص على الطابع العفوي للربيع العربي ، و هو ما يصحّ أيضا على ربيع أوروبا الشرقيّة ، ربّما لإخفاء الدور الأمريكي و الأوروبي الغربي فالأوضاع كانت تدار فى جانب منها من وراء الستار ، و كلّما قوي ذلك التدخّل الخارجي كلّما قوي الحديث عن عفويّة ذلك الحدث . لقد كان هناك تنظيم هنا و تنظيم هناك ، و تنظيم الجماهير هُزم مبكّرا بالنظر إلى ضعفه الشديد ، بينما قوي تنظيم أعدائها لأسباب تتعلّق رئيسيّا بطبيعة الوضع ، فعندما تتدخّل دول كبرى فى مجرى الصراع و توظّف أجهزة قويّة داخليّا تعمل لصالحها فإنّ مهمّة الشعب تصبح صعبة و ينتصر تنظيم الرجعيّة " .
فى كلام من هذا القبيل تسفيه لأحلام راودت هذا الحزب و أحزاب و مجموعات أخرى بتحوّل الإنتفاضة عفويّا إلى ثورة كانت على الأبواب فهم عاشوا و يعيشون فى عالم الأوهام و لا يرون لا العوامل الموضوعية و لا العوامل الذاتية ، لا يرون القوى الماديّة المعادية للثورة و ضرورة الكفاح الثوري الطويل المدى بقيادة شيوعية ماوية ثوريّة أقدامها راسخة فى علم الشيوعية المتطوّر أبدا و فى فهم الواقع المتحرّك فهما علميّا لتغييره جذريّا و ثوريّا من منظور الثورة البروليتارية العالمية و الهدف الأسمى للشيوعية على الصعيد العالمي. بمثاليّة ميتافيزيقية و أوهام ديمقراطية برجوازية يتخيّلون أن الإمبريالية و الطبقات الحاكمة الرجعية ستسلّم السلطة إلى المنتفضين و تحطّم دولتها دون مقاومة . لم يستوعبوا لا دروس الثورات البروليتارية و الماوية عبر العالم و لا دروس ما حدث فى العراق و أفغانستان و غيرها من الأماكن على كوكبنا .
و فضلا عن ذلك ، ليست المسألة مسألة نفي التدخّل الأجنبي الإمبريالي الرجعي للعفوية و لا بالعكس نفي العفويّة لهذا التدخّل . كعلميين ماديين جدليين ، علينا أن نبحث عن الحقيقة الموضوعيّة و فى موضوع إهتمامنا الحقيقة الموضوعية هي أنّ الإنتفاضات إنطلقت عفويّة فى مظهرها الرئيسي ثمّ عندما إشتدّ عودها و قوي ساعدها و إتّسع نطاقها و نعيدها عفويّا فى مظهرها الرئيسي حاولت دول الإستعمار الجديد الرجعية التعاطي معها بسبل مختلفة و متنوّعة و منها حتى بالرصاص و لكن ذلك لم يفلح فى إيقاف المدّ الجماهيري و حرق ورقة رئيس الدولة – فى مصر وتونس – ، تدخّلت القوى الإمبريالية مباشرة أو عبر الرجعية العربية بصفاقة أكبر و بقوّة ( و هذا لا يعنى عدم تدخّلها سابقا بالنصيحة و المستشارين و العتاد و المال – و تذكّروا جيّدا موقف فرنسا خاصة فى بدايت جانفي 2011...) لترسم و تطبّق خططا تلاعبت بفضلها بعفويّة التحرّكات لترضيها بالفتات و الوعود و الكلام المعسول عن إصلاحات قد تتحقّق و قد لا تتحقّق أو تتحقّق اليوم و تسحب فى الغد و تحوّل وجهتها كي لا تخرج عن السيطرة فتضطرّ إلى مواجهتها بأشرس الطرق . هنا نجحت سياسة الجزرة و لم يبلغ الأمر حدّ إستعمال الإمبريالية نفسها و مباشرة سياسة العصا و التدخّل العسكري كما فعلت فى ليبيا مثلا لإختلاف الأوضاع.
إذن إنطلقت الإنتفاضات عفويّة و ظلّت فى مظهرها الرئيسي عفويّة و تدخّلت الإمبريالية و الرجعية العربية بطرق شتّى و نجحت فى مساعيها فى الحفاظ على الدول الرجعية و إعادة ترميمها و هيكلتها .
و ماركسيّا ، العفويّة لا يناقضها التنظيم ( " تنظيم الجماهير" حسب كلام الأمين العام لحزب الكادحين و بلا شكّ تفطنتم إلى أنّه ليس تنظيما حزبيّا و لا تنظيما جبهويّا بل مجرّد تنظيم جماهيري هشّ عفوي و يبرز الطابع العفوي ) و إنّما الوعي الطبقي ، الوعي السياسي و ليس الإقتصادوي كما شرح لينين فى " ما العمل ؟ " . و قد تناولنا هذه الفكرة بالنقد فى " تشويه الماركسية : كتاب " الإنتفاضة و الثورة " لصاحبه فريد العليبي نموذجا " :

" الوعي الطبقي مقابل العفوية :
و يدافع الإقتصادوي بإنتقائيّة عن أنّ الإنتفاضة لم تكن إنتفاضة عفوية تماما دون أن يحدّد الجانب الرئيسي فيها و الجانب الثانوي – و نحن نأكّد ما ينطق به الواقع من كون جانبها الرئيسي عفوي- و لأجل التعمية يذكر أنّها أفرزت أشكالا تنظيمية و قيادات جهوية معتبرا ذلك علامة على أنّها كانت غير عفوية فى جوانب منها و يقصد من هنا أنّها كانت واعية طبقيا و سياسيا إلاّ أنّه لا يصرّح بذلك مباشرة و يخلط خلطا فظيعا بين الوعي الطبقي السياسي و مسألة التنظيم و أشكال النضال . فحتى تحرّكات عفوية قادرة على إيجاد أشكال تنظيمية و قادرة على إفراز قيادات لا جهوية فحسب بل مركزية أيضا . و القضيّة تتعلّق ، من وجهة نظر البروليتاريا ، بالذات بطبيعة الأشكال التنظيمية أي بمضمونها الطبقي و مدى مناسبتها للتكتيك الثوري و فتحها الأبواب على الإستراتيجيا و تمكين الجماهير من الوعي الطبقي الثوري بقيادة طليعتها - الحزب الشيوعي الماوي - المسترشدة بالنظرية الثورية ، علم الثورة البروليتارية العالمية من التقدّم بالنضال وفق الأهداف البروليتارية المرسومة و بالأسلحة المطلوبة و الفعّالة بغاية تحطيم الدولة القديمة و إرساء دولة جديدة بقيادة البروليتاريا وكجزء من الثورة البروليتارية العالمية .
و صاحبنا الإقتصادوي بعيد عن هذا الفهم البروليتاري بمسافة أميال كي لا نقول بعد السماء عن الأرض، يسبح فى عالم الأوهام متناسيا او غير مدرك الواقع فى القطر المتميّز بالصراعات الجهوية و العشائرية كتعبير آخر عن غياب الوعي الطبقي السياسي و فقدان النظرة البروليتارية للعالم و الموقف البروليتاري الثوري حقّا .
و يتحفنا الإقتصادوي بمزيد من الدفاع عن العفوية معتبرا التنظيم يضاهي أو يساوي الوعي الطبقي بالصفحة 81 :
" كما جرى تضخيم الطابع العفوي للإنتفاضة و تغييب وجود قوى منظّمة من مشارب شتّى سيّرت التحرّكات و أطّرتها ".
صحيح أنّ هناك قوى شتّى نظّمت التحرّكات غير أنّ هذا لا ينفى أنّ حتى معظم المنظّمين لم يكونوا يملكون الوعي الطبقي السياسي البروليتاري و إن وجد أفراد قليلون بروليتاريون ثوريون فإنّهم لم يلوّنوا الإنتفاضة بلونهم و شعارات الإنتفاضة ذاتها تفصح عن عفوية لا عن وعي طبقي .
و حتى إن كانت الإنتفاضة أفرزت " على مستوى الجهات قادتها " (ص 82) فإنّ ذلك لم يشمل الجهات كلّها بل حصل فى جهة أو جهتين ربّما – حسب قوله هو إذ لا نملك معلومات دقيقة بهذا المضمار وهو لم يشر إلى الجهات المعنية – و بالتالي تظلّ ثانوية و ثانوية جدّا ، و فضلا عن ذلك تبقى المسألة الحاسمة من وجهة النظر البروليتارية و الوعي الطبقي السياسي البروليتاري ، طبيعة القادة الطبقية و برنامجهم المكرّس عمليّا . فى خدمة أيّة طبقة هم؟ و ما هي خططهم ؟ و أساليب النضال المقترحة ؟ و الأهداف الطبقية ؟ إلخ و بالتأكيد أنّ هؤلاء القادة لم يرفعوا شعارات بروليتارية ثورية ، شيوعية .
و حتىّ شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " ليس شعارا ثوريّا من وجهة النظر البروليتارية الثورية ذلك أنّ هذه الأخيرة لا تتطلّع إلى تغيير نظام بن علي مثلا ، بنظام الترويكا الحالي ، أو بشكل آخر من أشكال نظام حكم الطبقات السائدة المتحالفة مع الإمبريالية العالمية ، و إنّما تهدف إلى تحطيم الدولة القديمة برمتها ، مؤسسات و جيش ... فالشعار إيّاه دليل إستفاقة الجماهير على حقيقة أن بن علي لن يحقّق لها المطالب المرفوعة بل هو زاد فى قمعها و أخذ يقتل المنتفضين وعلامة تقدّمها نحو إستهداف المجرم على رأس السلطة أساسا و ليس الدولة برمّتها . و مجبرون مرّة أخرى على التذكير بأنّ المنتفضين لم يواجهوا جيش دولة الإستعمار الجديد إلاّ لفترات متقطّعة و وجيزة لا سيما فى القصرين و سيدي بوزيد فخرج الجيش سليما من الإنتفاضة لا بل جعله جزء لا بأس به من المنتفضين وغالبية السكّان مأتمنا على مكاسب إنتفاضة الشعب و بطلا .
و لا يسعنا هنا إلاّ أن نلفت النظر إلى أنّ أطروحات الإقتصادوي هذه بخصوص " إفراز القادة " و الأشكال التنظيمية أقرب ما تكون إلى الفكر المجالسي و أبعد ما تكون عن الماركسية – اللينينية – الماوية ."
( إنتهى المقتطف )
2- التذيّل للجماهير :
لمسنا فى الفقرات السابقة كيف أنّ الأمين العام لحزب الكادحين لم يفقه شيئا من العلاقة بين العفويّة و التنظيم و يخبط خبط عشواء بهذا الصدد فيناقض العفوية ب " تنظيم الجماهير " و بالتالي يتنكّر للينين و اللينينيّة و يتذيّل للجماهير فى نزعة مجالسية تعرّضنا لها فى مقال " تشويه الماركسية ..." .
و يتجلّى هذا التذيّل كذلك فى مواقع أخرى من الكتاب و على سبيل المثال فى الصفحة 13 أين نقرأ : " هي محاولة نبتغى منها أيضا على الصعيد العملي إعادة الأمور إلى نصابها بإرجاع الإنتفاضات العربية إلى أسبابها الأصليّة و أصحابها الفعليين و تنقيتها ممّا علق بها جرّاء الضوضاء الإعلاميّة التى أدّت إلى مسخها والإستثمار الذيني الذى حوّل وجهتها و التدخّل الخارجي الذى أثّر سلبا فى سيرورتها ".
و هذا الكلام الذى يريد أن يظهر الأمين العام من حديد و غيره من خشب يثير عديد الأسئلة منها على وجه الخصوص :
- كيف السبيل إلى إرجاعها إلى " أصحابها الفعليين " ؟ و من هم هؤلاء ؟
- ألم يحقّق بعض من " أصحابها الفعليين " و الذين كانوا فى المقدّمة أحيانا من القوى الإصلاحية " اليسارية " و اليمينية مآربهم ؟
- ألم تنقسم الآن منذ مدّة صفوف " أصحابها الفعليين " التى كانت مصالحهم و حتى مطالبهم متباينة أصلا منذ البداية و توحّدوا ضد العدوّ المشترك لفترة محدودة ؟
و الأهمّ من ذلك : هل هذا هو دور القيادة الشيوعية : " إرجاع الإنتفاضات العربية إلى أسبابها الأصليّة و أصحابها الفعليين " ؟
مرّة أخرى ، تتمّ عمليّة طعن الفهم اللينيني لدور الشيوعيين و القيادة الشيوعية فى نشر الوعي الطبقي الشيوعي فى صفوف الطبقات الشعبية لا سيما البروليتاريا و على أساس ذلك المشروع الشيوعي و البرنامج الشيوعي المتفاعل مع الواقع الملموس يجرى تنظيم القوى من أجل الثورة البروليتارية العالمية بتياريها و إيجاد الأدوات السحريّة الثلاثة التى مرّ بنا ذكرها أعلاه ( الحزب والجيش والجبهة ) فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات .
أين حزب الكادحين من علم الشيوعية ؟ لكم التعليق ...
و يقينا أنّ صنّاع خطّ هذا الحزب تجاهلوا عمدا عامدين تعاليم لينين فى " ما العمل ؟ " و أطبقوا عليها دون شفقة من كلّ حدب و صوب ومزّقوها إربا بغاية فرض رؤاهم الخاصة البرجوازية . لقد تجاهلوا الكثير من الحقائق الواردة فى " ما العمل ؟ " و المتعلّقة بموضوع الحال و منها خاصة فى فقرة " عفويّة الجماهير و وعي الإشتراكية – الديمقراطية [ لنقرأ الشيوعية ] " :
1- " لا يمكن للعمّال أن يحصلوا على هذا الوعي [ الشيوعي ] إلاّ من خارجهم . و لنا فى تاريخ جميع البلدان شاهد على أنّ الطبقة العاملة لا تستطيع أن تكسب بقواها الخاصة غير الوعي التريدينيوني ، أي الإقتناع بضرورة الإنتظام فى نقابات و النضال ضد أصحاب الأعمال و مطالبة الحكومة بإصدار هذا أو تلك القوانين الضروريّة ".
2- " إنّ كلّ تقديس لعفويّة حركة العمّال ، كلّ إنتقاص من دور " عنصر الوعي " ، أي دور الإشتراكية – الديمقراطية [ الشيوعية ] ، يعنى – سواء أراد المنتقص أم لم يرد ، فليس لذلك أقلّ أهمّية – تقوية نفوذ الإيديولوجية البرجوازية على العمّال " .
3- " و يتحدّثون عن العفويّة . و لكن التطوّر العفوي لحركة العمّال يسير على وجه الدقّة فى إتجاه إخضاعها للإيديولوجية البرجوازيّة ، يسير على وجه الدقّة وفق برنامج ( " الكريدو " ) ، لأنّ الحركة العمّالية العفوية هي التريديونيونية ... و ما التريديونيونية غير إخضاع العمّال فكريّا للبرجوازية . و لذا فإنّ واجبنا ، واجب الإشتراكية – الديمقراطية [ الشيوعية ] ، هو النضال ضد العفوية ، هو النضال من أجل صرف حركة العمّال عن نزوع التريديونيونيّة العفوي إلى كنف البرجوازية و جذبها إلى كنف الإشتراكية – الديمقراطية [ الشيوعية ] الثورية . "
و أصاب ستالين كبد الحقيقة حين قال فى " أسس اللينينية " :
" نظرية " العفوية " هي نظرية الانتهازية ، هي نظرية السجود أمام عفوية حركة العمال ، هي النظرية القائمة على إنكار إن الدور القيادي لطليعة الطبقة العاملة ، إنكار الدور القيادي لحزب الطبقة العاملة ، إنكاراً فعلياً... إن نظرية السجود أمام العفوية تعارض معارضة تامة في أعطاء الحركة العفوية صفة واعية ومنظمة ، أنها تعارض في أن يسير الحزب على رأس الطبقة العاملة ، وفي أن يرفع الحزب الجماهير إلى مستوى الوعي ، وفي أن يقود الحزب الحركة وراءه . انها تريد من العناصر الواعية في الحركة، أن لا تمنع هذه الحركة من متابعة السير في مجراها، أنها تدعو إلى أن يقتصر الحزب على ملاحظة الحركة العفوية وعلى الزحف في مؤخرتها. إن نظرية العفوية هي نظرية الانتقاص من دور العنصر الواعي في الحركة ، هي عقلية " السير في المؤخرة " هي الأساس المنطقي لكل انتهازية ."
ث- الثورة و العنف وفق النظرة البرجوازية لحزب الكادحين :
و نحن نتفحّص مضامين الكتاب الذى ننقد سجّلنا خلطا فظيعا و تشويها كبيرا للثورة و العنف لذلك لا مناص من أن نفرد لهما بعض الفقرات .

1- تلاعب بمعنى الثورة :
فضحنا فى مقال " تشويه الماركسية : كتاب " الإنتفاضة و الثورة " لصاحبه فريد العليبي نموذجا " تلاعب الأمين العام لحزب الكادحين بمقولة ماو عن الثورة و تشويهه لها و نتابع طلب الحقيقة و كشف المستور المخفي وراء الحجب من التشويهات و نستهلّ هذه النقطة بفضح تشويه آخر لمقولة أخرى لماو تسى تونغ و مفادها " طالما هناك إضطهاد هناك مقاومة " . فى سياق الولع بل الهوس بكلمة ثورة و إستعمالها فى محلّها و غير محلّها على غرار ما تفعل غالبية الإنتهازيّين " اليساريّين " ، يحوّل مؤلّف " الربيع العربي ..." المقولة إلى " طالما هناك الإضطهاد هناك الثورة " ( ص 6) فتصبح المقولة التى كانت تعكس حقيقة عميقة و شاملة للواقع المادي المتناقض مقولة خاطئة أصلا ذلك أنّ المقاومة شيء و الثورة شيء آخر تماما . الإضطهاد و المقاومة كما يفهمهما ماو تسى تونغ المادي الجدلي وحدة ضدّين / تناقض ، أمّا الإضطهاد / الثورة فليس تناقضا ( وحدة ضدّين ) ؛ الثورة و الثورة المضادة يمثّلان تناقضا . هذا من ناحية و من ناحية ثانية ، المقاومة قد تكون عفويّة أو واعية ، مطلبيّة إصلاحية أو ثوريّة ، فى حين أنّ الثورة بالمفهوم العلمي ، الثورة كما حدّدها ماو تسى تونغ ( " ليست الثورة مأدبة و لا كتابة مقال و لا رسم صورة و لا تطريز ثوب فلا يمكن أن تكون بمثل تلك اللباقة والوداعة و الرقة، أو ذلك الهدوء و اللطف و الأدب و التسامح و ضبط النفس . إن الثورة إنتفاضة و عمل عنف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى . " ماو تسى تونغ : " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خونان " مارس – آذار 1927، المجلد الأول من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الصفحة 12-13 ، باللغة العربية ) ليست عفويّة و إنّما هي عمليّة إنتفاضة عنيفة واعية طبقيّا تطيح خلالها طبقة بطبقة أخرى و البوم إذن شاسع بين دلالات مصطلح المقاومة و دلالات مصطلح الثورة .
و عمليّا يتبدّى خطأ مقولة الأمين العام فى أنّه فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية الإضطهاد موجود عبر العالم قاطبة و فى الأقطار العربية مثلا لم تقع ثورات تندرج ضمن الثورة البروليتارية العالميّة بتيّاريها ( الثورتان الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ) و قد لا تحصل فى المستقبل المنظور . و الثورات التى إخترقت النظام الإمبريالي العالمي و أبرزها ثورة أكتوبر و الثورة الصينية أطاحت بهما الثورات المضادة و أعيد تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية السابقة . و هكذا شاهدنا تحوّل مظهري التناقض/ وحدة الضدّين كلّ إلى نقيضه : إنتصرت الثورة على الثورة المضادة فى البداية و لعقود ثمّ إنتصرت الثورة المضادة على الثورة و خسرت البروليتاريا العالمية كامل المعسكر الإشتراكي الذى كانت تملكه فى وقت معيّن .
و فضلا عن ذلك ، لا يسعنا إلاّ أن نشدّد على خطى لينين و ماو على أنّ الثورة البروليتارية العالمية ، الثورة الشيوعية بتيّاريها لا يمكن أن تكون إلاّ ثورة واعية قائمة على إستيعاب للمنهج العلمي المادي الجدلي و التاريخي و الواقع المادي المتحرّك أبدا . و عليه دون علم الشيوعية المتطوّر أبدا لا ثورة بروليتارية عالميّة كما لا حركة ثورية دون نظريّة ثوريّة على حدّ كلام لينين .
و خرقاء هي صياغات مثاليّة ميتافيزيقيّة أخرى جاءت فى كتاب الأمين العام ذاك . ف" الثورة تمثّل العقبة الوحيدة لولوج عالم الحرّية " ( ص 6 ) تتنافى مع ما دلّلت عليه التجارب الإشتراكيّة للقرن العشرين و خاصّة الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى فى الصين 1966-1976 و أهمّ مساهمات ماو تسى تونغ الخالدة فى علم الشيوعية ، نظريّة وممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا كمرحلة إنتقاليّة من الرأسمالية إلى الشيوعية تحتمل إمكانيّة التقدّم صوب الشيوعية كما تحتمل إمكانيّة إعادة تركيز الرأسماليّة لذلك تشهد صراعا لا هوادة فيه بين الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي و بوجه خاص صراع خطّين صلب الحزب الشيوعي كقائد للمجتمع و مركز تنعكس فيه تناقضاته .

و اللافت على هذا الصعيد أنّ ما يعدّه الأمين العام لحزب الكادحين المثالي " موجة ثوريّة جديدة " ( ص 123) و " أحداث ثوريّة " (ص 128 ) ليس سوى نهوض مقاومة جماهيريّة عفويّة فى مظهرها الرئيسي ، أو ما يعدّهما " حدثين ثوريين لا غبار عليهما " ( ص 127 ) و يقصد الإطاحة ب " حكم المرشد " فى مصر و تونس ، ليسا سوى تغيير فى الوجوه فى إطار دول الإستعمار الجديد كما تشهد عليه أحداث مصر و عودة الجيش إلى الحكم مباشرة بعدما أشرك " الإخوان " لفترة فى السلطة و بقي يتحكّم فى الأمور من وراء الستار .
إلى هكذا خزعبلات تؤدّى المثاليّة الميتافيزيقية و يؤدّى التلاعب بمفاهيم المادية الجدلية و التاريخية و تعويض الإيديولوجيا البروليتاريّة بالإيديولوجيا البرجوازية !
2- الثورة و العنف الثوري :
" للمضطهَدين الحقّ الدائم فى الثورة بما فى ذلك المقاومة العنيفة إذا إنعدمت سبل التغيير بالوسائل السلميّة ، فالمضطهَدون ليسوا هواة عنف و إنّما يكرهون عليه كرها ، و على أعدائهم الحذر من جوعهم و غضبهم فهم عندما يثورون يأكلون لحم مغتصبهم ".
هذا ما ورد فى مسطور كلام الأمين العام ذاك بالصفحة السادسة من مؤلَّفه و نتوقّع أنّه إعتبر تلك الصيغة إنتصارا مدوّيا و فتحا ربّانيا مبينا و قد تبدو للوهلة الأولى معبّرة عن موقف ثوريّ ، شيوعيّ بيد أنّها ليست كذلك البتّة .
لقد أطلق ماو تسى تونغ جملة نبراسا خلال الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى ألا وهي " من حقّنا أن نثور ضد الرجعيّة " دون أن يضع أي شرط للثورة على الرجعيّة على عكس ما يفعله الأمين العام المخاتل لأمر فى نفس يعقوب ، شرط " إذا إنعدمت سبل التغيير بالوسائل السلمية " . و قد خاض ماو تسى تونغ على رأس الحزب الشيوعي الصيني صراعا مريرا و مديدا ضد الخروتشوفيّة و التحريفيّة المعاصرة السوفياتيّة منها والإيطاليّة و الفرنسية و اليوغسلافية و " طريق التحوّل السلمي " أو التغيير السلمي .
و بصيغه هذه يكشف الأمين العام لحزب الكادحين أنّه خروتشوفي النزعة فى مسألة العنف و الثورة العنيفة شأنه فى ذلك شأن غالبيّة فرق " اليسار " الإصلاحيّة التحريفية الغارقة إلى العنق فى أوهام الديمقراطية البرجوازية و المتعلّقة بأهدابها .
و تلفت صيغة " المقاومة العنيفة " نظر المتمعّن فى كلام الخروتشوفي الجديد حيث يربط العنف بالمقاومة و التصدّى أي الدفاع عن النفس و ليس بالهجوم و الثورة و دكّ جيش الدولة الرجعية و تحطيمها و شقّ طريق بناء دولة جديدة بقيادة البروليتاريا هدفها الأسمى بلوغ الشيوعية على النطاق العالمي .
و لو نظرنا إلى المسألة من زاوية أخرى ، لألفينا أنّ جعل إستخدام العنف مشروطا و مرهونا بإنعدام " سبل التغيير بالوسائل السلميّة " يدين فى الواقع الثوريين و الثوريّات و نشرح فنقول ، فى إطار دول مستعمرة جديدة أو شبه مستعمرة أو رأسماليّة – إمبريالية تتوفّر فيها ديمقراطيّة برجوازية بدرجة أو أخرى و بشكل أو آخر يغدو الكفاح المسلّح و الإعداد له و ممارسته ليس من حقّ الثوريين و الثوريّات و الجماهير بإعتبار وجود " سبل التغيير بالوسائل السلمية " كالإنتخابات و البرلمانات و الجمعيّات إلخ ، بإختصار العمل القانوني وفق شروط و بحدود تضعها الدولة الرجعيّة و توسّعها أو تضيّق نطاقها متى و كيفما تشاء خدمة لمصالح الطبقات المهيمنة ضد مصالح الجماهير الشعبيّة .
و عليه حسب منطق الأمين العام لحزب الكادحين مدانة هي الأحزاب و الجماهير التى تلجأ إلى العنف فى بلدان من هذا القبيل و من ثمّة مدانة هي الجماهير الإسبانيّة التى مارست العنف ضد أجهزة الدولة فى عدّة شوارع و عدّة مدن فى الأشهر الأخيرة و مدانة هي الجماهير التى إستخدمت العنف فى اليونان ... و بالمثل مدانة هي حرب الشعب فى الفليبين و الهند إلخ أين تتوفّر " سبل التغيير بالوسائل السلميّة " أي إنتخابات و برلمانات و ما شابه و أين تعدّ الهند " أكبر ديمقراطية فى العالم " !!!
ثمّ ما المقصود ب " التغيير بالوسائل السلمية " و بخاصّة بمصطلح التغيير ؛ هل هو التغيير الجذري ، التغيير الثوري كجزء من الثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها كنقيض حقيقي للإمبريالية و عملائها أم هو مجرّد تغيير إصلاحي فى إطار ذات الدولة الرجعية ؟
التغيير الإصلاحي قد يحتاج و قد لا يحتاج إلى العنف ( و بدرجات ) تبعا للأوضاع الملموسة للواقع الملموس( شاهدنا فى أمريكا اللاتينيّة و فى فلسطين قوى شتّى تعمد إلى العنف لفرض إصلاحات معيّنة ) أمّا التغيير الثوري أي الثورة بالمفهوم الذى صاغه ماو تسى تونغ بمعنى إطاحة طبقة بطبقة أخرى فتحتاج بلا ريب إلى العنف الثوري الجماهيري المنظّم الذى يقوده علم الشيوعية . هذه حقائق موضوعيّة أدركها إنجلز فلخّصها فى جملة معروفة قوامها أنّ العنف يقوم بدور القابلة لتوليد مجتمعات جديدة من رحم مجتمعات قديمة ، و أدركها ماركس و إنجلز و أعلنا فى 1848 فى " بيان الحزب الشيوعي " :
" و يترفّع الشيوعيّون عن إخفاء آرائهم و مقاصدهم ، و يعلنون صراحة أنّ أهدافهم لا يمكن بلوغها و تحقيقها إلاّ بدكّ كلّ النظام الإجتماعي القائم بالعنف . فلترتعش الطبقات الحاكمة أمام الثورة الشيوعية . فليس للبروليتاريا ما تفقده فيها سوى قسودها و أغلالها ، و تربح من ورائها عالما بأسره " .
و شدّد لينين العظيم على أنّ :
" طبقة مضطهَدة مظلومة لا تسعى إلى تعلّم إستعمال السلاح ، إلى الحصول على السلاح ، إنّ هذه الطبقة المضطهَدة لا تستحقّ أن تعامل إلاّ معاملة العبيد " .
( " برنامج الثورة البروليتارية العسكري " ، الصفحة 443 من الجزء 1 من المجلّد 2 من " المختارات فى ثلاثة مجلّدات " ، الطبعة العربية لدار التقدّم ، موسكو ).
و أكّد ماو تسى تونغ :
" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي-اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء ".

(" قضايا الحرب و الإستراتيجية " نوفمبر- تشرين الثاني 1938؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني ).

و من هنا يتجلى دوس حزب الكادحين للمبادئ الجوهريّة للماركسية – اللينينيّة – الماوية ، هذا الحزب الذى يشترك فى الكثير و الكثير من الأفكار و الممارسات مع فرق الماركسيين المزيّفين الإصلاحيين و فى ما يتّصل بمسألة العنف موضوع الحال يكرّس مثل تلك الفرق السياسة الإنتهازية ل " حقيقة هنا و ضلال هناك" معتبرين العنف الثوري ضروري لتحرير فلسطين وغير ضروري لتحرير المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات و تونس منها وبالتالى ينطبق عليه ما صغناه فى كتابنا " حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد حزب ماركسي مزيّف " فى نقطة " تحطيم الدولة القديمة أم ترميمها و تحسينها ؟ ":

" يتحدّث الحزب الجديد عن الإنتفاضة و التمرّد و الثورة و المسار الثوري و كأنّها الشيء عينه و يعتبر نفسه حزبا ثوريّا و يتجاهل تمام التجاهل دكتاتورية البروليتاريا بما هي دولة جديدة تقوم على أنقاض الدولة القديمة التى هي بدورها تتعرّض لعملية تجاهل كلي من حيث مصيرها . و يعتبر هذا الحزب أنّ ما حدث فى تونس هو " بداية تفكيك الدكتاتورية " و لا ينبس ببنت شفة عن جهاز الدولة بمكوّناته الأساسية من جيش و شرطة و مؤسسات دواوينية ... وعمادها الجيش .

" يعتبر الجيش ، حسب النظرية الماركسية حول الدولة ، العنصر الرئيسي فى سلطة الدولة . فكلّ من يريد الإستيلاء على السلطة و المحافظة عليها ، لا بدّ أن يكون لديه جيش قويّ "

( ماو تسى تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجيا "6 نوفمبر - تشرين الثاني 1938 ؛ المؤلفات المختارة المجلّد الثاني ، الصفحة 66 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ) .

و يطلقون فى الوثائق التى ندرس لسانهم بكلام عن الإستعمار الجديد و نظام الإستعمار الجديد و يلوذون بالصمت المطبق و المطلق لمّا يتعلّق الأمر بكشف الحقائق و قول الحقيقة للجماهير ، قول إنّ الجيش هو العنصر الرئيسي فى سلطة دولة الإستعمار الجديد ، عماد الدولة القائمة و الساهر الرئيسي على ديمومتها و ديمومة مسك الطبقات الحاكمة بالسلطة بل و يمضون بعيدا ( مثل تصريحات شهيرة لمن أمسى أمينا عاما لهذا الحزب ) فى الثناء على الجيش التونسي و كيل المديح لجيش دولة الإستعمار الجديد هذا ! من ناحية يصبّون جام غضبهم و نار نقدهم على دولة الإستعمار الجديد و من ناحية أخرى يمدحون جيشها ، عماد هذه الدولة و عنصرها الرئيسي. بأي نبوغ لا يضارع وبأية مهارة تحريفية تحبك هذه المغالطة من المغالطات الكثيرة التى يعتمدها عن وعي قادة هذا الحزب على وجه الخصوص.

فى 2012 ، و عقب ما يسمّوه زورا " ثورة " وهو فى الحقيقة إنتفاضة شعبية ليس إلاّ ، نلفى جماعة هذا الحزب يهيلون جبالا من التراب على مبدأ آخر من المبادئ الأساسية للماركسية ألا وهو ضرورة تحطيم جهاز الدولة القديمة ، الذى طالما شدّد عليه لينين و ماركس من قبله عند تلخيصه لتجربة كمونة باريس التى ركّزت شكلا من أشكال دكتاتورية البروليتاريا و التى لا يرى فيها التحريفيون إلاّ جانب ثانويى انتخابات المسؤولين – دون التشديد الصريح حقّا على ناحية إمكانية إقالتهم- الذى ينفخون فيه نفخا ليجعلوا منه أسمى أشكال الديمقراطية فى المطلق أي يطمسون الديمقراطية البروليتارية / دكتاتورية البروليتاريا و يسوّقون لنقيضها الديمقراطية البرجوازية .

و من الدروس المستخلصة من كمونة باريس درس عظيم الأهمية و الدلالة سلّط عليه لينين الكثير من الضوء فى " الدولة و الثورة " ( الصفحات 39 و40) :

" و بوجه خاص برهنت الكومونة أنّ " الطبقة العاملة لا تستطيع أن تكتفي بالإستيلاء على آلة الدولة جاهزة و أن تحركها لأهدافها الخاصّة "..."( من مقدّمة لطبعة ألمانية من " البيان الشيوعي " بتاريخ 24 حزيران ( يونيو) سنة 1872) ؛ ثم فى أفريل سنة 1871 ، فى أيام الكمونة بالذات ، " كتب ماركس إلى كوغلمان : "... أعلنت أن المحاولة التالية للثورة الفرنسية يجب أن تكون لا نقل الآلة البيروقراطية العسكرية من يد إلى أخرى كما كان يحدث حتى الآن ، بل تحطيمها . و هذا الشرط الأوّلي لكلّ ثورة شعبية حقّا فى القارة ".

كان لماركس و لينين من المبدئية و الجرأة النظرية و العملية بحيث صرّحا بهكذا آراء على الملأ و ناضلا بما أوتيا من جهد نظري و عملي من أجل تكريسها فى الواقع و يأتي هذا الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد بعد أكثر من 140 سنة من كتابة تلك الأسطر العاكسة لحقيقة فاقعة و بعد ما يناهز القرن من تذكير لينين بها و إبرازها ثم تطبيقها على أرض الواقع فى ثورة أكتوبر 1917 ، ليتنكّروا لذلك ويتستّروا على أهمّ مكوّن من مكوّنات دولة الإستعمار الجديد و ينقذوا هذه الدولة بإستبعاد طرح أيّة فكرة عن تحطيمها . إنّهم يعملون على ترميمها و تحسينها و ليس على تحطيمها و إنشاء دولة جديدة على أنقاضها . آراءهم التحريفية هذه بعيدة جدّا ، بعيدة منتهى البعد عن الماركسية و روحها الثورية .

و مرّة أخرى ، يصحّ عليهم قول ماركس" يبرهنون على أنهم ليسوا أكثر من خدم للبرجوازية "! ".

( إنتهى المقتطف )

ج- الإنتهازيّة و النظريّة :
نفصّل هذه المسألة فى نقطتين .
أ- الإنتهازيّة و التعامل الإنتهازي مع الإنتهازيين :
عرضنا فى ما أنف من الفقرات العديد من مظاهر الخطّ الإيديولوجي و السياسي الماركسي المزيّف لحزب الكادحين و إليكم المزيد منها .
قبل تشكيل هذا الحزب ، كانت المجموعة تتقلّب كالحرباء و أكيد أنّ من تابع نشاطها على الأنترنت لاحظ تقلّبا غريبا فى التسميات فقد نشطت بعدد كبير من التسميات مستولية على أية تسمية تحيل على الماويّة لتقدّم نفسها على أنّها هي ممثّلة الماويين فى تونس . و حتى تسمية نشريّة للرفاق و الرفيقات الماويين بالمغرب ، " طريق الثورة " قد " إستعارها " هذا الحزب ليجعلها عنوانا لنشريّته فى محاولة منه لكسب جمهور تلك النشريّة المغربيّة و ليوحي بأن نشريّته تسلك نفس الخطّ هي و النشريّة المغربيّة و الحقيقة غير ذلك .
أمّا عن الإنتهازيّة فى التحالفات فحدّث و لا حرج حيث ما إنفكّ هذا الحزب يعقد تحالفات لا تدوم غير بضعة أسابيع أو أشهر أو أحيانا مدّة كتابة بيان مشترك لا أكثر.
صدرت بضعة نصوص فى نشريّة هذا الحزب تنقد الجبهة الشعبيّة الإصلاحيّة وقد ألفيناه بعدئذ يمضى ( مع آخرين ) بيانا مشتركا مع الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد و الحال وقتها أنّه رغم خلافاته مع فصائل أخرى من الجبهة الشعبيّة حول قضايا محدودة لا يزال وقتئذ يوقّع بياناته بالحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – الجبهة الشعبيّة . وفى الأشهر الأخيرة ، شاهدناه يمضى بيانات فى مارس و ماي مع حزب آخر كان منظّما إلى الجبهة الشعبيّة الإصلاحيّة تلك هو حزب النضال التقدّمي .
فهل لأنّ " المتنفّذين " فى الجبهة الشعبيّة الإصلاحية لفظوا هؤلاء أو أنّ هؤلاء غادروا تلك الجبهة كفّوا عن أن يكونوا إصلاحيين مثلما نعتتهم نشريّة حزب الكادحين ؟ لا ، الإنتهازية فى أبهى حلّتها هي التى تقود سياسات هذا الحزب المشوّه للماركسيّة – اللينينية – الماويّة .
و إلى ذلك نضيف أنّ حزب الكادحين حتى وهو ينقد الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد فى نشريّته لم يذكره بالإسم . و هذا ليس غريبا من الذين و لسنوات الآن حاولوا بإنتهازيّة تجنّب الصراع ضد الإنتهازيّة و الإنتهازيين ، أن يعلنوا فى العدد 19 من نشريّة " طريق الثورة " هجوما على " مستنقع الإنتهازيّة " . بعد صمت القبور تجاه الإنتهازيّة و الإنتهازيين و التهرّب من مقارعتهم وأيضا و هذا قد لمسه بعض الماويين الناشطين على الفايسبوك ، بعد الهجوم بشراسة بتعلّة التكتيك و أنّ هذا ليس وقته ، على من كان يمارس بمبدئيّة و وضوح نقد الإنتهازيّة و الإنتهازيين من منطلق ماركسي – لينيني – ماوي ، نجد كاتب مقال " مستنقع الإنتهازيّة " وهو يتوقّع الردّ الذى إستعملته مجموعة ذلك الحزب أي رفض نقد الإنتهازية صلب " اليسار " و " التركيز على نقد اليمين " ، يدافع عن المنعطف الجديد و توجيه النقد إلى " اليسار" فيقول فى آخر ذلك المقال :
" ربّما قال قائل إنّ اللحظة التاريخية الراهنة تفرض عدم توجيه النقد لهذا اليسار القابع فى المستنقع و التركيز على نقد اليمين بوجهيه الديني و الليبرالي و لكنّنا نجيب : متى كان هؤلاء منفصلين عن ذلك اليمين ألم يكونوا دائما حصان طروادته ؟ أوليس من أوكد المهام للإنتصار على اليمين تصفية الحساب مع الإنتهازيّة و الإنتهازيين ؟ " .
و نحن نتفاعل مع هذه الأسئلة بطرح سؤالين لكشف إنتهازية هذا الحزب كاملة دون نقصان : ألم يكن من الواجب " تصفية الحساب مع الإنتهازيّة و الإنتهازيين " منذ مدّة بعيدة و ليس اليوم فقط ؟ و أين هو النقد الذاتي لسياسة مهادنة الإنتهازيّة و الإنتهازيين لسنوات طوال ؟
لم يفقه حزب الكادحين شيئا من جملة شهيرة للينين نادر من لا يعرفها ، خاصّة من المناضلين والمناضلات القدامي و نعنى " إنّ النضال ضد الإمبريالية يمرّ حتما عبر النضال ضد الإنتهازيّة " . تلازم النضال ضد الإمبريالية و عملائها مع النضال ضد الإنتهازية تلازم " حتمي" لينينيّا و هذا ما داسه حزب الكادحين و بعد ذلك يدّعى أنّه ناقد للإنتهازية و ماركسي – لينيني – ماوي !!!
لطالما طبّق هذا الحزب سياسات إنتهازية باحثا عن الوحدة ثمّ الوحدة ( أية وحدة تقريبا مع من يصبغ عليه صبغة الثوريّة متى شاء ) محوّلا إياها إلى شيء مطلق و بمثاليّة ميتافيزيقية مغيّبا الصراع من أجل الوحدة الثوريّة – طبعا هي لا تعنيه بما أنّه غير ثوري - ، لا الوحدة الإنتهازيّة ليضرب فى الصميم الماديّة الجدليّة و إعتبار الصراع فى تناقض وحدة / صراع هو الرئيسي و المطلق بينما الوحدة عابرة و مؤقّتة و نسبيّة مثلما علّمنا ماو تسى تونغ فى " فى التناقض ". و يبدو أنّ هذا النقد العام و الذى يفتقد إلى العمق اللازم و إلى الإستناد إلى علم الثورة البروليتارية العالمية يترتّب أساسا عن فشل ذريع يرجّ و يزلزل فى إنشاء وحدة مع فرق و مجموعات كان حزب الكادحين يتوقّع إمكانيّة التحالف معها ، إنّه ردّ فعل تجريحا لمن خيّبوا آماله لا أكثر و لا أقلّ .
أمّا نحن فقد قمنا باللازم و سعينا جهدنا منذ فيفري 2011 ، على نطاق واسع ، إلى فضح الإنتهازيّة و الإنتهازيين بشتّى ألوانهم وصولا إلى الإنتهازيين المتجلببين بجلباب الماوية وهي منهم براء . و منذ العدد الأوّل لنشريّة " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " إنكببنا على خوض صراع مبدئي ، بلا مداورة و لا مراوغة و مباشرة ضد التحريفية و الإصلاحية و إخترنا عنوانا معبّرا لنصوص العدد الأوّل " القلب على اليسار و " اليسار " على اليمين " فاضحين يمينيّة الفرق المحسوبة على الماركسية و إنتهازيّتها.
و مذّاك لم ندّخر جهدا لمواجهة الإنتهازيّة اليمينيّة منها و اليسارية – التحريفية و الدغمائيّة – حتى فى صفوف الماويين و تشهد على ذلك مضامين أعداد نشريّتنا ، معتمدين التحليل الملموس للواقع الملموس و منطلقين من موقف و منهج شيوعيين ، عارضين البديل البروليتاري الثوري إستنادا إلى أهمّ المبادئ الشيوعية وتعاليم معلّمي البروليتاريا العالمية والتطويرات الحديثة لعلم الشيوعية المتجسّدة فى الخلاصة الجديدة للشيوعية بما هي راهنا فهم الشيوعية الأكثر رسوخا علميّا و الأكثر تقدّما .
ب- النظريّة و الممارسة الإنتهازية :
عقب سنوات من خطاب يركّز كلّه على " الواقع " و " العملي " ، إكتشف أخيرا حزب الكادحين و أمينه العام " لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة " و نفضا عنها الغبار و بات إستعمالها لديهما فى المدّة الأخيرة متواترا . و يعزى هذا فى تقديرنا إلى أمرين إثنين هما أوّلا ، تراجع فى نسق المعارك الإجتماعيّة و السياسيّة و إتساعها و ثانيا ، تسجيل تأثير متزايد لكتابات شيوعية ماويّة ثورية منها كتاباتنا على الجبهة النظريّة و الرافعة لمقولة لينين تلك و المطبّقة لها ، فى صفوف أغلب فرق " اليسار " و حتى لدى عناصر من حزب الكادحين والقريبين منه رغما عن الحصار و التجاهل و حملات التشويه.
لقد كان حزب الكادحين غارقا فى التجريبيّة و " الحركة كلّ شيء و الهدف لا شيء " . رغم تشدّقه بمقولة لينين تلك ، كانت الحركة و لا تزال كلّ شيء بالنسبة له أمّا الهدف الشيوعي فلا شيء فهو غائب و مغيّب تماما كما ألمحنا إلى ذلك فى مواضيع مختلفة من هذا البحث .
و فى مسعى إنتهازي آخر ، عمد حزب الكادحين إلى إضافة جزء من عنديّاته إلى مقولة لينين فصارت مشوّهة تمام التشويه :" لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة و لا ثورة دون حزب ثوري ". وهو يستهدف من هذه الإضافة الفجّة جعل نفسه حزبا ثوريّا و ربط النظريّة الثوريّة بالحزب الثوري و الحال أنّه ليس حزبا ثوريّا بل هو حزب برجوازيّ مخاتل كما رأينا و أنّ الحركة الثوريّة فى مقولة لينين تشمل الحزب الشيوعي الثوري و منظّمات ثوريّة أخرى . وهو يحاول توظيف مقولة لينين توظيفا براغماتيّا نفعيّا ، يقوم حزب الكادحين بتشويهها مثلما شوّه مقولات ماو تسى تونغ و ماركس قبل ذلك .
و إلى هذا الجانب من المسألة ، نضيف جوانبا أخرى .
لم يعرض حزب الكادحين قط على الملأ أي تقييم للتجربة التاريخيّة للمجموعة التى قال أمينه العام أنّها سليلة تجربة إنطلقت منذ ثمانينات القرن العشرين و لم يحدّد نقاط ضعفها و نقاط قوّتها كما لم يحدّد خطوط تمايزه و إلتقائه مع فرق ماويّة أخرى ، و هذا يذهب بجلاء ضد اللينينية و الوضوح النظري المطلوب الذين تتمّ التضحية بهما على مذبح وحدة أي وحدة مع غير الماركسيين و التحالفات الإنتهازية.
و بارز هو غياب الشيوعية و مبادئها و رموزها و نقاشات الحركة الشيوعية العالمية فى نشريّة حزب الكادحين و فى كتابي أمينه العام . لا نجد فى هذه الأدبيّات سوى ذكر إنتقائي مشوّه لأجزاء من هذه أو تلك من المقولات المعروفة . و كذلك لم نعثر فيها على نقد للتحريفية و الدغمائيّة و لا على ترويج لعلم الشيوعية مواقفا و مقاربة و منهجا و طبعا لا كلمة عن الأممية البروليتارية و الواجبات الأممية للشيوعيين ... و بالمقابل كان حضور الإيديولوجيا البرجوازية متميّزا كما فصّلنا أعلاه .
أين هي إذن النظريّة الثوريّة ؟ هي مجرّد كلمات يستهلكها حزب الكادحين للمغالطة و المخاتلة لا غير . و هذه إنتهازيّة فى التعاطي مع النظريّة و الشيء من مأتاه لا يستغرب .
لا نستغرب هذه التخريجات من حزب ماركسي مزيّف ، من حزب تحريفي و" التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي ." ( ماو تسى تونغ ) .

عندما تصل السياسة الإنتهازية لهذا الحزب إلى هذا الدرك الأسفل فإنّها تتجلّى كإنحطاط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟