الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل باع الفلسطينيون أرضهم..؟!

بشير صقر

2017 / 8 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


بشير صقر وعبد الرحمن برقاوى

ملاحظة لابد منها :

عادت مؤخرا إلى الأجواء العربية نغمة قديمة – اعتادت أن تظهر لبعض الوقت ثم تختفى - كلما تأبط المعادون للقضية الفلسطينية شرا .. أوإذا ما حقق الفلسطينيون تقدما أو نصرا . ورغم تناقض مناسبتى ظهورها إلا أن هدف الشائعة يكون دائما واحدا .. فهوإما تعميق الأزمة القائمة أو النيل من معنويات المنتشى.
ولأن الكثيرين من مناصرى العدو الصهيونى وحلفائه وداعميه والمغرمين به يرون اللحظة الراهنة ناضجة لفرض نهاية يأملونها للقضية الفلسطينية لذا عادت الشائعة / النغمة إلى الظهور فى الأسابيع الأخيرة ورغم أنها مملة باعتبارها مكرورة ؛ ومع كونها مُروَّجَة عن عمد باعتبارها شائعة فقد وجدنا ضرورة لإعادة تفنيدها وتبيان غرضها لكثير من أبنائنا الذين لم يعاصروا تطورات القضية الفلسطينية فى لحظاتها المختلفة.

مقدمة:

على غير ما يتصور الكثيرون لم يبدأ الإعداد لإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين من نداء حاييم وايزمان الزعيم الصهيونى فى 1897 ، ولا من وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا فى 2 نوفمبر1917 بل كانت بدايات ذلك فى عام 1855عندما اشترى الثرى الصهيونى ( منتيفيورى) قطعة أرض على تخوم مدينة القدس وأنشأ عليها عام 1857 حيا يهوديا اسمه ( مشكانوت شعنا نيم )، وتبعه فى عام 1860 اثنان آخران اشتريا قطعتي أرض الأولى قرب قالونا والثانية حول بحيرة طبرية وهكذا بدأت الخطوات العملية الأولى للاستيطان اليهودي في فلسطين.. وهو ما يعنى أن فكرة "الوطن اليهودى" ظهرت قبل محرقة هتلر لليهود بل وقبل ميلاد هتلر نفسه ( 1889 – 1945 ).


أولاً: الاستيطان الصهيوني في فلسطين في العهد العثماني:

كانت الإرهاصات الأولى لذلك فى ظل الولاية العثمانية على فلسطين بواسطة الثرى الصهيونى ( منتيفيورى) كما سبق القول ، بعدها تمكن الألمانى كريستوف هوفمان من بناء مستوطنتين قرب يافا وحيفا ، وفى عام 1878 تمكن يهود آخرون من بناء مستوطنة بتاح تكفا قرب يافا .
وقبل الحرب العالمية الأولى وبين سنتى 1882- 1903 جرت موجتان من الهجرة اليهودية لفلسطين، تراوح عددها ما بين (25-30) ألف مهاجر وتم ذلك باستخدام وسائل الرشوة للموظفين الأتراك وأساليب التحايل، وهو مايمكن اعتباره بداية الهجرة المنظمة لليهود إلى فلسطين.
وتوالت عمليات التهجير وإنشاء المستوطنات ، ولما فشل بعضها تدخل المليونير اليهودي دي روتشيلد لدعمها وإقالتها من عثرتها.

ومن جانب آخر ساهمت المنظمة الصهيونية فى إنشاء المستوطنات اليهودية خلال العهد العثماني حتى وصل عددها إلى”39″ مستوطنة يسكنها “12″ ألف مستوطن، ثم بلغ عددها حتى عام 1914م “47″
وقدعمل الصهاينة على إقامة هذه المستوطنات بالتدريج، حتى لا يلفتوا إليهم أنظار العرب، حيث كانوا يقيمون مستوطنة إلى ثلاث مستوطنات سنوياً.


ثانياً: الاستيطان في ظل الانتداب البريطاني :

•تعتبر مرحلة الانتداب البريطاني في فلسطين هي المرحلة الذهبية للاستيطان الصهيوني في فلسطين، حيث احتلت بريطانيا فلسطين وهي ملتزمة بوعد بلفور الذى يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وبذلك أصبح الاستيطان اليهودي يتم تحت رقابة دولة عظمى عملت على مساندته وتدعيمه.

-وإذا كان الاستيطان في مراحله الأولى قد اتصف بالعشوائية، والاتجاه نحو مواجهة المشاكل التي تتعلق باليهود خارج فلسطين، فإنه في هذه المرحلة خضع للاعتبارات السياسية والإستراتيجية منذ بدايتها، حيث أقيم عدد من المستوطنات في المناطق الإستراتيجية، وكانت على شكل مجتمعات مغلقة تشبه “الغيتو”، معتمدة على سياسة العمل العبري لتأسيس نفسها ومشكّلة نواة للوجود الصهيوني في فلسطين.

-وقد سهلت سلطات الانتداب البريطاني، وبمختلف الوسائل عملية نقل ملكية الأراضي الفلسطينية إلى المنظمات الصهيونية، من أجل استيطانها، ومنحت الوكالة اليهودية أراضي حكومية واسعة مساحتها (195) ألف دونما، في مناطق مختلفة من البلاد بما فيها أراضي بالسهل الساحلي الفلسطيني، أعطيت لبلديات تل أبيب، وبتاح تكفا، من أجل توسيع رقعة المستوطنات فيهما.

-كذلك وضعت حكومات الانتداب البريطاني في عام 1921م، (175) ألف دونماً من أملاك الحكومة تحت تصرف المنظمات الصهيونية من أجل إقامة المستوطنات عليها لتوطين المهاجرين، وهو ما أدى بدوره إلى قيام ثورة 1921م، التي قمعتها القوات البريطانية بشدة، حيث انضم المستوطنون الصهاينة إلى جانب الإنجليز في قمع هذه الثورة. وقد تجددت خلال هذه الفترة عملية شراء الأراضي من بعض الإقطاعيين والتجار اللبنانيين الذين كانوا يملكون مساحات واسعة منها شمال فلسطين.

-ومع صدور الكتاب الأبيض في عام 1939 (الخاص بتنظيم هجرة اليهود لفلسطين وإقامة دولتين لهما وأثار خلافات شديدة مع اليهود لتناقضه مع وعد بلفور )، قررت المنظمة الصهيونية الإسراع في عمليات الاستيطان في المناطق التي لم يسكنها اليهود من قبل، لتشمل أوسع مساحة جغرافية ممكنة في حالة “تقسيم لفلسطين”، فأقيمت في الفترة من عام 1936 -1939م “53″ مستوطنة، كان يطلق عليها “خوما ومجدال” أي سياج وبرج، وصفاً للطابع العسكري لتلك المستوطنات التي تزامن إنشاؤها مع نشوب “ثورة عام 1936م الفلسطينية”، حيث روعي في اختيار مواقع تلك المستوطنات أن تكون بمثابة سياج يشرف على ما يحيطها من المستوطنات الأخرى، وتعمل في الوقت نفسه كمناطق مراقبة للقرى العربية، وقد أقيمت أكثر هذه المستوطنات المشرفة على مرج بن عامر والأطراف الشمالية للجليل الأعلى، كما ظهر اتجاه لبناء المستوطنات في مناطق معزولة وذلك لخلق شعور لدى اليهود بقابلية السيطرة على كل أجزاء فلسطين.

-وفي أعقاب مشروع بيل لتقسيم فلسطين 1937م، بدأ الاهتمام الصهيوني بإقامة مستوطنات في صحراء النقب – جنوب فلسطين- وتوسع الصهاينة في إقامة المستوطنات في تلك المنطقة، في الفترة ما بين الحرب العالمية الثانية وسنة 1948م، تحسباً لإمكانية حصول صدام عسكري مع مصر في المستقبل، وبلغ عدد المستوطنات المقامة في النقب بحلول عام 1948م، “27″ مستوطنة.

-وكان ما يميز السياسة الاستيطانية خلال فترة الانتداب اتجاه الحركة الصهيونية، نحو توزيع المستوطنات الزراعية توزيعاً إستراتيجياً على حدود الدول العربية المتاخمة لها، فأقامت “12″ مستوطنة على حدود الأردن و”12″ على حدود لبنان و”8″ على حدود مصر و”7″ على حدود سوريا، وقد أدخل على الاستيطان الزراعي خلال هذه الفترة نوع جديد أطلق عليه اسم “موشاف عفوديم” أي قرية العمال، وهي قرية زراعية ذات طابع تعاوني، تقوم العائلات فيها باستغلال الأرض بالتساوي. وقد انتشر هذا النوع من الاستيطان الزراعي حتى بلغ مجموع المستوطنات التي أقيمت حتى عام 1946م، “68″ مستوطنة يسكنها (18411) مستوطن.

•تمكنت الحركة الصهيونية خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين من امتلاك ما يزيد عن 30% من مجموع الأراضي الزراعية في فلسطين، وقد بلغت مساحة الأراضي التي يمتلكها الصهاينة مع نهاية فترة الانتداب عام 1947م، 1.82 مليون دونماً، وهو ما يعادل 6% من مساحة فلسطين، والبالغة 27 مليون دونماً، في حين كانت حصيلتها من الأراضي عند بداية الانتداب لا يزيد عن 2% فقط”، فقد اشترت المنظمة الصهيونية في السنوات الأخيرة التي سبقت قيام إسرائيل أراضى جديدة لاسيما تلك التي تتفق ونظرتهم الإستراتجية، وواصلت تكثيف الاستيطان اليهودي في السهل الساحلي بين حيفا ويافا، كما اشترت قطعاً كبيرة من الأراضي في القسم الشمالي من فلسـطين وبنوع خاص في سهل الحولة، وإلى الجنوب من بحيرة طبريا على طول نهر الأردن، وكانت هناك كـذلك صفقات شراء أراضى عند مصب نهر الأردن في البـحر الميت، وعـلى ضفته الغربية، وتوسعت أملاك اليهود في منطقة القـدس، وفى ضواحي بئر سـبع، كما تم شراء المزيد من الأراضي في النقب الشمالي وفى منطقة غزة، وقد بلغ عدد المستوطنات التي أقيمت في الفترة الواقع بين عامي 1939- 1948م، “79″ مستوطنة مساحتها الإجمالية 2.052.000 دونما.

• تثبيت أركان الدولة الصهيونية بشريا ، واقتصاديا وعسكريا:

وإذا كان الاستيطان في المراحل السابقة المشار إليها يهدف للإعداد لإنشاء الدولة، فإنه بعد إنشائها في عام 1948م، اتجه إلى تحقيق أهداف أخرى تتمثل في ترسيخ القاعدة البشرية والاقتصادية والعسكرية للدولة الجديدة، وبما يخدم أغراضها التوسعية المستقبلية، لذلك فقد كان أول عمل قامت به الحكومة الإسرائيلية (البرلمان ) بتاريخ 5/7/1950م، قانون العودة، والذي بموجبه يمنح كل يهودي داخل فلسطين حق الاستيطان فيها، فقد تكللت جهود الصهيونية والقوى الاستعمارية بالنجاح عندما تم الإعلان عن قيام إسرائيل عام 1948م على77% من مساحة فلسطين التاريخية، وتمكنت إسرائيل من طرد معظم السكان الفلسطينيين بعد أن ارتكبت العديد من المذابح والمجازر وتدمير القرى والمدن الفلسطينية، وأصبح الفلسطينيون يعيشون مشردين لاجئين في البلاد العربية المجاورة في مخيمات بائسة، وما زالوا إلى الآن رغم صدور العديد من القرارات الدولية تقضي بضرورة عودتهم إلى أراضيهم، وفي المقابل فتحت أبواب الهجرة اليهودية على مصراعيها ليتدفق الكثير من اليهود من مختلف أنحاء العالم، واستمر هذا الوضع حتى حرب الخامس من حزيران عام1967.

•هزيمة 1967 واستكمال السيطرة على الأراضى الفلسطينية :

وذلك باحتلالها للضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، وبذلك تكون فرصة جديدة سنحت لإسرائيل لمتابعة مخططات الصهيونية لتهويد فلسطين، والتي بدأت في القرن التاسع عشر، ونعتقد أنها بداية مرحلة خامسة من مراحل الاستيطان اليهودي في فلسطين ومازالت قائمة إلى يومنا هذا، فقد تبنت الحكومات الإسرائيلية سياسات استيطانية بهدف تغيير الوضع الديمغرافي وخلق وقائع جديدة والعمل على تثبيتها، وكانت الممارسات الاستيطانية بعد توقيع اتفاق التسوية من الشراسة بحيث حققت وقائع على الأرض، تفوق ما قامت به الحكومات السابقة، متجاهلة ما نص عليه اتفاق أوسلو ( 1992) الداعي إلى عدم تغيير الوضع القائم، حيث ظل النشاط الاستيطاني بوتيرة عالية، تجسدت بمزيد من البناء والتوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي بغية تقوية التواجد الاستيطاني في محيط القدس ؛ ومناطق ما يسمى بالكتل الاستيطانية التي أعلن صراحة بوجوب ضمها إلى إسرائيل.
بلغ مجموع ما امتلكه الصهيونيون من أرض فلسطين عشية الحرب العالمية الأولى 418 ألف دونم. وبلغ مجموع الأراضي التي امتلكها اليهود في سنة 1948 نحو 1734 ألف دونما (ولدى أبو يصير 207000 دونم). وفي جميع الحالات لم تزد ملكية اليهود على 5,7% من أراضي فلسطين حين صدر قرار التقسيم في 29/11/1947.



• من أين حصل اليهود على هذه المساحات الأكثر خصوبة في فلسطين؟

إضافة إلى عدد من الفلسطينيين باع بعض أفراد العائلات التالية أرضهم للصهاينة:

1- آل سرسق (من لبنان ) [ ميشال ويوسف ونجيب وجورج ] :
باعوا أراضي الفولة ونورس وجنجار ومعلول في سنة 1910، ثم باعوا مرج ابن عامر بين سنة 1921 وسنة 1925، وبلغ مجموعه 400 ألف دونم.

2- آل سلام (من لبنان ) :
حصلوا في سنة 1914 على امتياز تجفيف مستنقعات الحولة من الدولة العثمانية، واستثمار الأراضي المستصلحة، لكنهم تنازلوا عنها للوكالة اليهودية. وبلغت المساحة المبيعة 165 ألف دونم.

3- آل تيان (من لبنان ) [أنطون وميشال]:
باعوا وادي الحوارث في سنة 1929 ومساحته 308 آلاف دونم.

4- آل تويني (من لبنان ) [ ألفريد توينى ] :
باعوا أملاكاً في مرج ابن عامر وقرى بين عكا وحيفا مثل نهاريا وحيدر وانشراح والدار البيضاء.

5- آل خوري (من لبنان ) [يوسف خورى ] :
باعوا أراضي قرية الخريبة على جبل الكرمل والبالغة مساحتها 3850 دونماً .

6- آل القباني :
باعوا وادي القباني القريب من طولكرم في سنة 1929 و مساحته 4 آلاف دونم.

7- مدام عمران من لبنان التي باعت أرضاً في غور بيسان في سنة 1931 مساحتها 3500 دونم.

8- آل الصباغ [ من لبنان] .. باعوا أراضيَ في السهل الساحلي.

9- محمد بيهم (من بيروت) .. باع أرضاً في الحولة.

10-أما الأسوأ فكان خير الدين الأحدب (رئيس وزراء لبناني سابق) وصفي الدين قدورة وجوزف خديج وميشال سارجي ومراد دانا (يهودي) وإلياس الحاج الذين أسسوا في بيروت، وبالتحديد في 19/8/1935 شركة لشراء الأراضي في جنوب لبنان وفلسطين وبيعها؛ وقد فضحت جريدة "ألفباء" الدمشقية هذه الشركة في عددها الصادر في 7/8/1937.

11- آل اليوسف (سوريا ) :
باعوا أراضيهم في البطيحة والزويّة والجولان لليهودى يهوشواع حانكين ممثل شركة تطوير أراضي فلسطين.

12- آل مارديني (سوريا ) .. باعوا أملاكهم في صفد.

13- آل القوتلي والجزائرلي والشمعة والعمري ( سوريا ) وكانت لهم ملكيات متفرقة باعوها كلها.

هؤلاء ممَن وضعوا مساحات كبيرة من الأراضي بين أيدي الصهاينة، علاوة على الأراضي التي كانت تحت أيديهم أو التي منحتها لهم سلطات الانتداب الإنكليزي مثل امتياز شركة بوتاس البحر الميت (75 ألف دونم)، وامتياز شركة كهرباء فلسطين أو مشروع روتنبرغ (18 ألف دونم)، وقبل ذلك ما نالوه من الدولة العثمانية (650 ألف دونم)... وهكذا.

-أما الفلاحون الفلسطينيون، ولا أقول المالكين الفلسطينيين الأثرياء الذين باعوا كغيرهم من المالكين العرب الغائبين، فقد جرى التحايل عليهم بطرق شتى سلبتهم القليل مما كان بين أيديهم من الأرض، وهو يتراوح بين 68 ألف دونم و150 ألف دونم.

•في معمان ثورة 1936 تم عقاب بعض بائعي الأرض ومن السماسرة العرب، فاغتيل عدد منهم، وامتنع الباقون عن الاستمرار في هذا العار. لكن القصاص من المُلاّك الغائبين كان من المحال، فقد باعوا أراضيَ ليست لهم في الأصل، بل آلت إليهم ( حازوها ) من خلال حق الانتفاع لا من ملكية الرقبة في العهد العثماني. ولعل فضح انحطاط أصحاب تلك الأسماء، وكشف اللثام عما فعلوه في فلسطين، هما نوع من القصاص الرمزي المعنوى، وهو الأمر الوحيد الممكن في هذا الميدان.


موجز العوامل التى أسهمت فى ضياع الأرض الفلسطينية :

على الرغم من إن الدولة العثمانية لم تقبل الاستيطان اليهودي في فلسطين، إلا أن نظام حيازة الأراضي في فلسطين في العهد العثماني، قد تغاضى عن إقامة تلك المستوطنات، حيث ظهرت طبقة من ملاكي الأراضي من العرب، وغير الفلسطينيين الذين كانت تجذبهم الأسعار المرتفعة إلى بيعها، وعلى الرغم من أن الدولة العثمانية قد أصدرت في عام 1882م، قانوناً اعتبرت بموجبه دخول اليهود إلى فلسطين أمراً غير قانوني، ثم أصدرت في عام 1888م، قانوناً آخر يمنع دخول اليهود (من غير سكان الإمبراطورية العثمانية) إلى فلسطين، إلا لمدة ثلاثة أشهر، غير أن الصهاينة لجأوا إلى رشوة موظفي الدولة العثمانية وتحايلوا بطرق غير مشروعة لتهجير اليهود إلى فلسطين وتوطينهم فيها.. ناهيك عن تواطؤ الموظفين الأتراك وغض بصرهم عن بيع الملاك الغائبين لأراض فلسطينية لا يملكونها ولم يكن لهم سوى حق الانتفاع بها .. ومن ثم هروبهم بثمنها.
ونشطت المؤسسات الصهيونية بعد الحرب العالمية الأولى خصوصاً بعد تمكن المنظمة الصهيونية العالمية من استصدار وعد بلفور الشهير عام 1917م، الذي يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، حيث لعبت حكومة الانتداب دوراً كبيراً في تمكين اليهود من السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية وذلك باتخاذها العديد من الإجراءات:

•منها فتح الأراضي الأميرية ( أى غير المملوكة لأفراد) وجعلها أراضي ملكية.

•وسن قانون أملاك الغائبين.

وهو ما مكن الصهاينة بفضل هذه الإجراءات من تملُّك 2070000 دونماً بعد “قيـام إسرائيل”، وقد حرصت هذه المؤسسات على أن تكون هذه الأراضي في مناطق متباعدة من أجل توسيع رقعة “الدولة اليهودية.

أما ما باعه صغار الفلاحين الفلسطينيين بالغصب والحيلة والإكراه فتراوح بين 68 – 150 ألف دونم وهو ما لايمكن مقارنته بما منحته الدولة العثمانية أو الانتداب البريطانى من أراض وما باعه الإقطاعيون العرب غير الفلسطينيين المقيمين فى فلسطين أو الغائبين عنها ، فضلا عما تم اغتصابه إما بالتهديد الشخصى المباشر أو بالمذابح الجماعية ( مثل اللد والرملة و دير ياسين) أو قبيل صدور قرار الأمم المتحدة عام 1947 بتقسيم فلسطين أو إبان الحرب التى اندلعت عام 1948 وأُعلن بعدها تأسيس دولة إسرائيل. وحتى ما باعه الفلسطينيون وغير الفلسطينيين من الأتراك والسوريين واللبنانيين الذى لايزيد عن 4% من الأراضى الفلسطينية لا يمكن مقارنته بم تم منحه للصهاينة من الأتراك والبريطانيين وبما تم اغتصابه مباشرة أو بالمذابح الجماعية أو بالحرب.

خاتمة :

مما سبق يمكن القول باطمئنان ويقين أن التحضير لإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين بدأ منذ منتصف القرن التاسع عشر وليس منذ المؤتمر اليهودى الدولى الأول عام 1897 أو وعد بلفور عام 1917 ، وأن العوامل الثلاثة الرئيسية التى أسهمت عمليا فى ذلك كان دور الدولة العثمانية ودور الانتداب البريطانى وعمليات الاغتصاب الجماعى والفردى سواء بالمذابح الجماعية وحرب 1948 بين العرب وإسرائيل أو بغيرها ..

ففي جميع الحالات لم تزد ملكية اليهود إبان صدور قرار التقسيم في 29/11/1947 عن 5,7% من أراضي فلسطين؛ كذلك فما امتلكه اليهود من أرض فلسطين عشية الحرب العالمية الأولى عام 1914 لم يزد عن 418 ألف دونم وهو رقم هزيل مقارنا بما تحصلوا عليه فيما بعد واستمر فى التصاعد حتى بلغ مداه بنكسة يونيو 1967 .

ورغم ما اقترفه الإقطاعيون وكبار الملاك أو أصحاب شركات الأراضى من الأتراك و الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين الذين كانوا يحوزون مساحات كبيرة من الأراضى الفلسطينية سواء كانوا مقيمين فيها أو غائبين عنها .. فلم يزد ما تصرفوا فيه عن 4% من أرض فلسطين.. وهو ما يجب ألا يغيب عن الأذهان.

ولا يبقى فى نهاية المطاف سوى الفلاحين الصغار الذين تكال لهم التهم بأنهم مَنْ باعوا أرضهم للصهاينة بينما هم فى حقيقة الأمر من قاوموا ذلك حتى الرمق الأخير ولم يستسلم منهم مضطرا تحت سكين التهديد بالقتل والترويع والتشريد والتهجير سوى أعداد هزيلة لم تكن تملك من الأرض أكثر من 68 ألف دونم أو فى أفضل الأحوال 150 ألف من عشرات ملايين الدوانم ( 27 مليون ) التى هى مساحة الأرض الفلسطينية.

كتبه
بشير صقر وعبد الرحمن برقاوى
،،،،،،،،،،،،،،،
المزيد على دنيا الوطن ..
http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2012/05/19/279897.html#ixzz4qIWRS8k6








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في المقال مغالطة فجة
معلق قديم ( 2017 / 8 / 22 - 12:53 )
يتحجج المقال بأن بائعي الأرض كانوا من السوريين ومن اللبنانيين لينتهي إلى أن ما باعه أبناء فلسطين كان لا يذكر

الثغرة في هذا المنطق هي أن وجود سوريا أو لبنان أو فلسطين كدول وكجنسيات لم يكن بعد بل كانت كل المنطقة موحّدة سكانها مواطنون متشابهون متماثلون جنسا وقومية ولغة

الخطأ واضح: كأنك تقول باع بعض أهل جدة أراض لهم بمنطقة تميم أو قرب الرياض متناسيا أنهم كلهم سعوديون


2 - بعد الاطلاع على تعليق الفسبوك
معلق قديم ( 2017 / 8 / 22 - 13:04 )

وجه تعليق فسبوكي انتباهي إلى شيء خطير آخر في المقال فبحسبه نجد أن فلسطين لم تكن أبدا ملكا لأهلها بل أن معظم الأراضي ملكتها أسر غريبة من سوريا ومن لبنان والدولة المحتلّة وهي تركيا التي تبعتها بريطانيا...وبذلك تبطل كل دعاوى فلسطينيي اليوم وتسقط كل حقوق لهم!


للأسف يشتغل الكثير منا بمآسي الماضي ناسين النظر للأمام


3 - وبعدين!!
كنعان ( 2017 / 8 / 24 - 10:24 )
الى المعلق رقم 2

المقال يحدد و يفصل لك كيف استولى الصهاينة على 5.7% من مساحة فلسطين حتى عام 1948... و كان نصيب تسريب النسبة الاكبر من هذه المساحة(5.7%) الى عائلات اقطاعية من لبنان و سوريا (وفلسطين أيضا)..

هذه المساحة المتفرقة هنا و هناك ليست الا جزء صغير من ارض فلسطين ولا تؤهل لاقامة دولة صهيونية عليها...
الاراضي التي اقيمت عليها دولة -اسرائيل- عام 1948 هي المدن و القرى الفلسطينية التي دمرت و طهرت عرقيا لتهيئة الغزاة باقامة كيانهم على انقاضها و اصبحوا اهلها اما في المقابر الجماعية او في مخيمات اللاجئين بالدول المحيطة.





اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة