الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدون مؤاخذة- الهرولة إلى مزابل التاريخ

جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)

2017 / 8 / 22
القضية الفلسطينية


جميل السلحوت
بدون مؤاخذة- الهرولة إلى مزابل التاريخ
يبدو أنّ السّقوط الأخلاقي والسّياسي لا حدود له، وهذا ما حصل ولا يزال من مواقف النّظام العربيّ الرّسميّ من الصّراع الشّرق أوسطي، الذي تحجّم من صراع عربيّ اسرائيليّ إلى صراع فلسطيني اسرائيليّ، منذ أن قبلت الأنظمة العربيّة الذّهاب إلى مؤتمر مدريد في اكتوبر 1991 بوفود منفردة، بدلا من وفد عربيّ موحّد. معتمدين على "النّوايا الحسنة للصّديقة أمريكا"، التي وعدتهم بحلّ الصّراع مع اسرائيل عندما تحالفوا معها في الحرب ضدّ العراق.
ويبدو أنّ أمريكا كامبراطوريّة عظمى، لا تكفّ عن طلباتها من "كنوزها الاستراتيجيّة " في المنطقة، مقابل المحافظة على عروش وكراسي استنفذت مهمّاتها، وقادت شعوبها وأوطانها إلى التّهلكة.
وإذا كانت الأنظمة العربيّة قد أسقطت خياراتها العسكريّة مع اسرائيل بعد حرب أكتوبر 1973، فإنّها لم تسقط خياراتها العسكريّة في احترابها ضدّ بعضها البعض، حتّى باتت دولة صغيرة مثل قطر تقود حروبا داخلية وتموّل الارهاب في أكثر من دولة عربيّة تنفيذا لأجندات أمريكيّة، منذ انقلاب حمد بن خليفة على والده في يونيو 1995، وبناء قاعدة عيديد الأمريكيّة على أراضي بلاده، فساهم في اسقاط نظام الرّئيس معمر القذافي في ليبيا، وموّل جماعات ارهابيّة لا تزال حتّى يومنا هذا تعيث في ليبيا قتلا وتدميرا، وكذلك الحال في سوريّا والعراق وصحراء سيناء المصريّة وغيرها.
ومع أنّ أمريكا لم تنفّذ لحلفائها العرب أيّ وعد بحلّ الصّراع مع اسرائيل، إلا أنّها لا زالت تطلب منهم المزيد من التّنازلات لاسرائيل، التي تتغوّل في مصادرة الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة في حرب حزيران 1967، وتستوطنها لفرض وقائع ديموغرافيّة عليها تحول دون إقامة الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة بعاصمتها القدس، ويظهر ذلك جليّا في التّطبيع مع اسرائيل على أكثر من صعيد، في ظلّ استمرار وترسيخ الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربيّة، ممّا يوحي بأنّ هناك تعايشا عربيّا رسميّا مع هذا الاحتلال، ربّما سيتطوّر لاحقا إلى اعتراف. حتّى بات المرء حائرا من مواقف بعض الرّسميّين العرب، الذي يظهر وفيّا للأطماع الصهيونيّة أكثر من
الصّهاينة أنفسهم، فالصهاينة يبنون أطماعهم التّوسّعيّة بناء على أساطير دينيّة توراتيّة، تزعم أنّ فلسطين التّاريخيّة" أرض الميعاد" التي وعد بها الرّب اليهود، في حين ظهر مسؤولون عرب بوقاحة عجيبة غريبة، تزعم أنّ الفلسطينيّين قد باعوا وطنهم للمستوطنين اليهود، فقد أعرب وزير الاستثمار السوداني، مبارك الفاضل المهدي، في مقابلة على قناة "سودانيّة 24" مساء 20 اغسطس الحالي عن دعمه لإقامة علاقات بين بلاده واسرائيل، وتطبيع العلاقات الثنائية بين الخرطوم وتل أبيب، لافتا إلى أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم، وأنهم (بحفروا) للسودانيين بالخليج، مشيرا إلى أن أي مؤسّسة يكون مديرها فلسطينيا (يحفر) للسوادنيين الذين يعملون معه، وقال إن القضية الفلسطينية أخرّت العالم العربي "جدّا"، واستغلتها بعض الأنظمة العربية ذريعة وتاجرت بها.
وبالتّأكيد فإنّ تصريحات السّيد الوزير ليست رأيا شخصيّا، بل هي موقف رسميّ لحكومته، ويبدو واضحا أنّها تأتي تلبية لضغوطات أمريكيّة، لتبرئة الرّئيس البشير من تهمة الارهاب وجرائم الحرب التي وجهّت له قبل سنوات، بخصوص أحداث اقليم دارفور السّوداني، وإذا كان الرّئيس البشير ونظامه، الذي حظي بدعم جماعة الاسلام السّياسيّ قد وافق على تقسيم السّودان، فلا يجوز له ولا لغيره، أن يتنازل عن الحقوق المشروعة والرّاسخة للشعب الفلسطينيّ في وطنه التّاريخيّ. والفلسطينيّون الذين رووا بدمائهم تراب وطنهم دفاعا عن حقوقهم، يميزّون بين نظام متهالك، وبين الشّعب السّوداني الشّقيق، ولا يكنّون إلا كلّ خير لهذا الشّعب العريق، ولبقيّة الشّعوب العربيّة. فإذا كان بعض القادة والسّياسيّين يهرولون إلى مزابل التّاريخ، فإنّ الشّعوب تتوق إلى الحرّيّة والعيش الكريم في أوطانها، والتّاريخ لن يرحم أحدا.
22-8-2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح