الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستفتاء وإعلان الدولة الكوردية المستقلة هل سيكونا كويت البارزاني

جعفر المظفر

2017 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الإستفتاء وإعلان الدولة الكوردية المستقلة هل سيكونا كويت البارزاني
جعفر المظفر
إن التفكير والعمل من أجل إقامة الدولة القومية الكوردية في يومنا الحالي هي مسألة أخذت مداها وتعمقت لدى الكورد لأسباب تتعلق بذات الفكرة نفسها, أما السياسيون الكورد فليس بمقدورهم إقناعنا أن ضرورات تأسيس الدولة والإستقلال عن العراق قد تعمقت نتيجة لفشل الحكومة الإتحادية بالوفاء بإلتزاماتها تجاههم.
إن فشل الحكومة الإتحادية التي تأسست بعد الإحتلال هو فشل عام. وإذا كان المقصود بالحكومة الإتحادية هو السلطة ذاتها التي شارك الكوراد في تصنيعها والمساهمة فيها من خلال مواقع سيادية, فإن السياسيين الكورد يتحملون نصيبهم في هذا الفشل, فالأحزاب الكردية بعد الإحتلال كانت طرفا بارزا في نظام المحاصصة الطائفية والقومية وكتابة الدستور التي تتفق أغلبية العراقيين على أنهما كانا الحاضنة والمفرخة للمشاكل التي واجهها العراق فيما بعد..
إن الإتكاء على أخطاء الحكومة الإتحادية تجاه المنطقة الكردية ليس بالسبب المقنع لتفسير الإصرار على إنفصال كردستان, لأن فشل هذه الحكومة هو فشل عام أصاب البصرة والموصل وما بينهما ولم يصب أربيل إلا بضرر بسيط حيث ظلت هذه الأخيرة تنعم بإستقرارها ورفاهها النسبي في حين ظلت المناطق العربية تخضع لتدهورات سياسية وإجتماعية أبقت قسمها (الشيعي) في دائرة التخلف والفساد والإرهاب في حين وضعت قسمها (السني) تحت الإحتلال الداعشي.
ولو أن سبب تحريك وتفعيل الدعوة إلى الإستقلال هو سبب فني وليس عقيدي لصار حقا للبصرة المنهوبة أن تطالب بتأسيس دولتها المستقلة او أن تلتحق بإيران, وللأنبار المنكوبة أن تلتحق بالأردن, وللموصل المغدورة أن تلتحق بتركيا, أما الناصرية المخروبة فسوف يصير من حقها أن تكون لها دولة بعلم سومري أو حتى ملحقة بدولة المخلوقات الفضائية التي كانت قد غزتها وبنت على أرضها مطارا عالميا بمواصفات فضائية بنص خطاب للسيد وزير النقل العراقي.
إن تفعيل المطالبة بالإستقلال وضرورات الإستفتاء بحكم أقوال معارضي البارزاني من الكورد أنفسهم كان حصل لأسباب كردية ذاتية تتمحور حول الهيمنة على السلطة من قبل القبيلة البارزانية بعد إنتهاء الفترة المقررة لبقاء السيد البارزاني بمنصب يقر الدستور الكوردي بديمقراطية التنافس عليه.
لقد جابهت العراق ظروفا متشابهة يوم صارت سلطة صدام في مواجهة ظروف داخلية جعلته يهرب إلى أمام فجاء إحتلال الكويت محاولة لتصريف أزمة الداخل من خلال إلقائها خارج الحدود. ولقد حدث قبلها ما يؤكد على أن صدام قد يتسامح في اي مجال إلا مجال النيل من هيمنته الفردية المدعومة بسلطة العشيرة.
أما حديث صدام عن عودة الفرع إلى الأصل فلم يكن قد صدق به أحد, وكانت يافطاته قد استعملت لأغراض مكيجة عملية الهروب إلى امام.
هل هناك شبه حقيقي بين صدام ومسعود؟ ربما هناك فرق في سياق تكون الشخصين والظرف المحيط لكنهما في النهاية متشابهان من حيث اساسيات الهيمنة على السلطة التي تقوم على سيطرة قبلية عائلية وفردية بحتة مُمَكْيجة بوجود الحزب مع تشكيلة من العناوين الأخرى التي تراعي موضة العصر كالمجلس الوطني في حالة الأول والبرلمان الكردستاني في حالة الثاني .
أما مسعود فيزيد على صدام في أمرين على الأقل, اولهما أنه الوريث لزعامة قبلية كانت قد إنحدرت إليه من أبيه في أوساط كردية قد بايعت أصلا اباه على هذا الشكل من الزعامة, فهو قد إستلم الزعامة الموروثة التي كان عليه أن يحرسها من تداعيات المُتغير الديمقراطي الذي عم المنطقة والذي إدعى الإيمان به فصارت علاقته مع القضية الديمقراطية علاقة العدو الشقيق, فلا هو بالقادر على قتله ولا هو بالسامح له بالإنتصار.
أما الأمر الثاني فهو وجود الزعامة الأخرى المنافسة بقوة له والمتمثلة بالزعيم الكردي جلال الطالباني وحزبه الذي يسيطر على النصف الثاني من كردستان, إضافة إلى حركة التغيير والحركة الإسلامية. وفي هذا كان صدام مختلفا من حيث غياب الزعيم والحزب المنافس.
إن ذلك جعل الزعامة القبلية البارزانية في مواجهة ضرورة الإجابة على كثير من التساؤلات المهمة التي تأجلت بفعل المعركة ضد داعش والتي اصبحت هناك ضرورة لحسمها بعد ان تقرر بشكل واضح إنحسار العصر الداعشي. ولم يكن البارزاني بحاجة إلى من يهمس في اذنيه إلى أن الإجابة على الأسئلة المؤجلة سيحين أوانها فورا, وهي أجوبة ستفتح المعركة التي تنال من زعامته المنتهية الصلاحية ومن شرعية الهيمنة القبلية التي يمثلها والتي بانت خطوط توريثها لإبنه مسرور البارزاني الذي يحتاج إلى عامين جديدين لكي يبلغ عمر الأربعين حتى يحصل على شرط العمر اللازم توفره في الرئيس.
ربما لم يكن صدام ولا مسعود قد إطلعا على (مقدمة إبن خلدون) التي تؤكد على توفر عنصر العصبية القبلية كشرط اساسي من شروط بناء الدولة, لكن ما يمكن إستنتاجه أن إبن خلدون, لو أنه كان قد عاش في عصرنا الحالي لما توفرت له براهين لتأكيد نظريته أقوى من تلك التي توفرها له تجربتا صدام ومسعود. بهذا الإتجاه فإنه لا يمكن فهم الكثير من المشاهد السابقة أو القادمة بدون المرور من خلال مفهوم دولة الرجل أولا ومفهوم الدولة القبيلة ثانيا. وإذ لم تكن تعز صدام تلك العناوين التي يمكيج بها عمليات الدفاع عن هيمنته الفردية القبلية مثل شعار (عودة الفرع إلى الأصل) التي ألقى تحت يافطته بالعراق في محرقة الكويت فإن مسعود قد يكون في مواجهة نفس المأزق حين يصل إلى قضية الإستفتاء وقضية الدولة الكردية المستقلة تحت عنوان بناء الدولة الحلم بالإتجاه الذي قد يجعل من حلم إقامة الدولة في هذه المرحلة بمثابة كويت البارزانيين.
هل هناك شك بعائدية الكويت التاريخية للعراق .. الإجابة هي كلا لأن جميع الوثائق والمعطيات التاريخية تشير إليها, غير أن العائدية السياسية هي التي تقرر الأمر في النهاية. الكويت كما هو معروف كان تقرر عالميا أن تكون دولة مستقلة, ولم يعد هناك سبيل لإنتصار العائدية التاريخية على العائدية السياسية إلا إذا كان صاحب العائدية التاريخية قادرا على فرض إرادته بالقوة, وفي هذا وضع صدام العراق في مواجهة العالم كله.
هل هناك شك في حق الأكراد العراقيين بتقرير المصير .. سيصيح كل العالم من موقع المرتاح كلا. ولكن حينما يصير السؤال هل من صالح الأكراد تأسيس دولتهم المستقلة في ظل الوضع الإقليمي الرافض لها وتشعبات تأثير قيام هذه الدولة على باقي المناطق البركانية في العالم, سيكون الجواب ومن موقع الراحة أيضا كلا ..
إن علينا أن نعي الفرق بين عبارة (الحق) وعبارة (الصالح), فربما قد يقودك حقك التاريخي إلى ما ليس من صالحك السياسي.
وفي الإعتقاد أن على الأكراد عموما أن يعرفوا من أين يبدأ حقهم التاريخي المشروع في تقرير المصير وحقهم السياسي في تنفيذ ذلك, وهو أمر يتحرك في مساحة الفرق بين الحق والصالح.
مثلما عليهم أيضا أن يحققوا فك الإشتباك بين مصلحة العشيرة البارزانية ومصلحة الأكراد كشعب من خارج مصلحة القبيلة, ومن خارج مصلحة شخص بعينه.
أما البارزاني فعليه أن يتغيربما يكفي لإدراك حقيقة أن الصراع الإجتماعي الفوار بين نقيضين لابد لأحدهما أن ينتصر في النهاية, فأما الديمقراطية وأما حكم القبيلة والفرد, ولهذا فإن الإبتعاد عن حل الصراع في ميدانه الإجتماعي من خلال تأجيجه في الميدان القومي قد يزج الكورد بمعارك ومواجهات خطيرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هيك مظبطة بدها هيك ختم
Muwaffak Haddadin ( 2017 / 8 / 24 - 00:33 )
الاستاذ الدكتور المظفر:
مقالتك هذه جميلة جدا ذات تحليل علمي موزون لكنها تنطبق على شعوب تربت على الديموقراطية.
هل تظن ان الاكراد الذين يحكمهم شيخ العشيرة والعرب الذين تنهشهم الطائفية والعشائرية ايضا يفهمون- باستثناء قلة - مقالتك؟
وبذلك ينطبق عليهم المثل الشعبي هيك مظبطة بدها هيك ختم اي ان الشعوب تناسب حكامها.
مع التحية والاعجاب.
موفق حدادين
استاذ في الصيدلة
2017/8/24

اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن