الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعريف حول الكسندر اوبارين، والانتقال من المادة اللاحية الى المادة الحية

مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)

2017 / 8 / 26
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الكسندر اوبارين 1894-1980، بيوكيميائي ماركسي سوفييتي، يعرف بمساهمته الأساسية في نظرية اصل الحياة على الأرض، وخصوصاً ما يعرف علمياً بـنظرية (الحساء البدائي) لتطور الحياة من جزيئات الكربون.
سنة 1924 اعلن اوبارين رسمياً ان الحياة على الأرض نشأت خلال تطور كيميائي تدريجي من جزيئات الكربون الأساسية في (الحساء البدائي)، في نفس الوقت الذي اعلن فيه البيولوجي البريطاني التقدمي هالدين-مستقلاً عن الأول-نفس النظرية. قدم اوبارين مفهومه عن العضوية البدائية التي تنهض في المكونات العضوية المتخمرة المتشكلة مسبقاً، وقد اكد المميزات التالية:
- لا يوجد هناك فرق مطلق واساسي بين العضوية الحية والمادة اللاحية، وأنه لا بد من ان التركيبات المعقدة والخصائص التي تميز الحياة، قد نهضت في عملية تطور المادة.
- امتلكت الأرض الحديثة النشأة جواً يحتوي على الميثان والأمونيا والهيدروجين وبخار الماء، وهي المواد الخام الداعمة لتطور الحياة.
- تظهر خصائص جديدة للمادة حيز الوجود التي تتعقد في تركيبها الجزيئي، ويفرض نظام كيميائي جديد على العلاقات الكيميائية العضوية البسيطة، والتي يحددها التركيب المكاني والعلاقات النوعية المتبادلة بين الجزيئات.
- لقد حدد التنافس، سرعة النمو، الصراع من اجل الوجود والانتقاء الطبيعي-حتى في تلك العمليات البدائية- شكل تنظيم المادة والتي اصبحت مميزة للأشياء الحية.
-العضويات الحية هي انظمة مفتوحة، وبالتالي يجب ان تستقبل الطاقة والمواد من الخارج بنفسها، وعلى ذلك فهي ليست محدودة بالقانون الثاني للثيرموديناميكا (والذي ينطبق فقط على الأنظمة المغلقة، حيث لا يتم تعويض الطاقة المفقودة ذاتياً).
أظهر اوبارين كيف أن الكيميائات العضوية في محلول ما، يمكن ان تشكل قطيرات تلقائياً، تقود الطريق الى ان الكيميائات العضوية قادرة ان تخلق (الأسلاف الممكنة للخلايا)، هذه التي بدورها يمكن ان تتطور منها الكائنات الحية البدائية. واقترح ان انواع مختلفة من الكواسيرفاتس قد تشكلت في المحيط البدائي للأرض، وبعد ذلك كانت تخضع لعملية الاختيار، مما يؤدي الى الحياة في نهاية المطاف.
لقد قام اوبارين بتطوير نظرية التطور الخاصة بتشارلز داروين، والتي تخص ما قبل الحيوانات الكبيرة، الى ذلك الوقت حيث كانت المواد العضوية وغير العضوية البسيطة تتجمع في مركبات عضوية اكثر تعقيداً، والتي من الممكن ان تكون قد شكلت كائنات أولية. لقد تعرض اقتراحه، بأن الحياة تطورت بشكل فعال عن طريق الصدفة، ومن خلال التقدم التدريجي من البسيط الى المعقد، الى الأشد تعقيداً، الى معارضة شديدة جداً، في الأوساط العلمية المحافظة. ولكن تأكدت صحة مبادئ نظريته، عندما تلقت الدعم التجريبي (مثل التجربة الشهيرة ستانلي ميلر وهارولد اوري في جامعة شيكاغو).
نظم الكسندر اوبارين اول لقاء دولي حول اصل الحياة في موسكو سنة 1957، والذي تبعه لقاءات اخرى في عام 1963 وفي عام 1970. وقد رشح كبطل العمل الاشتراكي سنة 1969، وانتخب في العام التالي رئيساً للجمعية الدولية لدراسة اصول الحياة. حصل على جائزة لينين في عام 1974، وميدالية لومونوسوف الذهبية سنة 1979 لانجازاته الهائلة في الكيمياء الحيوية، كما حصل على 5 ميداليات لينين، وهي اعلى جائزة تقدم في الاتحاد السوفييتي.

الفرق غير الجوهري بين الحي واللاحي:
ما هي صفات الحي؟
سنكتب، ما يقوله الكسندر اوبارين في مقالته (اصل الحياة) باختصار شديد وايجاز: "في المقام الأول يبرز التنظيم، او البنية، ومن ثم هناك قدرة العضويات على ان تقوم بعمليات الأيض، وقدرتها ان تنتج انفسها وتتوالد، وكذلك ان تستجيب للحث (Response to stimulation).
فلنعرض هذه الصفات ونرى اذا كانت فعلاً تميز العضويات الحية فقط، او انها تميز ايضاً، بشكل او باخر، العالم اللاحي.
البنية: ان ما يميز اجسام الأشياء الحية كلها، ابتداءاً من اصغر العضويات البكتيرية والطحالب وانتهاءاً بالانسان، ليس التنظيم المرئي، ولكن البنية الدقيقة لبروتوبلازم الخلايا اغلذي يصنع العضوية. هذه البنية عموماً هي نفسها لكل اعضاء التصنيفات الحيوانية والنباتية... ان عالم المعادن، الأشياء اللاحية، لاي فتقر الى التنظيم، البنية ايضاً... نحن نعلم الان ان اكثر الجزيئات التي تنظم الكريستال دقةً ليست متكلةً كيفما كان، ولكن منظمة تبعاً لخطة محددة حسب التركيب الكيميائي والظروف التي تشكل الكريستال من قبلها.
الأيض*: تأخذ العضوية الحية عدداً من المواد من بيئتها المحيطة، محولةً التركيبات التي كانت غريبة عليها الى جزء منها. تنمو العضوية وتكبر على حساب تلك المواد... فاذا كان على العضوية ان تقوم بأنشطتها غير المنقطعة عليها ان تستهلك، او كما يقال، ان تدمر، جزءاً من المادة التي امتصتها او استوعبتها، تستفيد من تنظيمها، ومن ثم تعيد (الفضلات)، ما هو ليس مفيداً لها الى محيطها الخارجي.. لذلك تحتوي الحياة على (امتصاص، بناء، وتدمير)... على اية حال اذا اردنا ان نعيد التفكير في عملية الأيض ، سوف لن نجد، حتى هنا، اي شيء يخص العالم الحي بالذات... ان بلورات الملح، الملح المعروف، اذا تم غمره في محلول مشبع بنفس المادة، سوف يكبر حجمه وينمو بامتصاص الجزيئات الفردية من المادة من بيئته (المحلول) ويجعلها جزءاً من جسمه. حتى هنا، في هذه الظاهرة البسيطة، لدينا نفس خصائص ظاهرة التغذية.
القدرة على اعادة انتاج الذات: العضويات الأولية، الخلية، تقسم نفسها الى نصفين ينمو كل منهما ليصبح كالخلية الأم، محتويتين على صفاتها الدقيقة نفسها.. هذه الخاصية، لا تنتمي فقط الى العضويات الحية فقط، بل الى كل تلك الأجسام التي تمتلك تنظيماً محدداً بدون استثناء. اذا اخذنا بلورة من اي مادة كـ(الشب) أو كيميائياً، كبريتات البوتاسيوم والألومنيوم المميهة، نكسرها الى نصفين ونضعها في محلول مشبع من نفس المادة، ما سيحدث هو ان كلاً من النصفين الموضوعين في المحلول سوف يعيد نصفه المفقود، الزوايا والحواف على حساب الأجزاء التي تطفو في المحلول. انها تأخذ نفس شكل التفاصيل الدقيقة للبلورة الأم..
الاستجابة للحث: نجد في كل العضويات الحية بلا استثناء الخاصية التي يمكن شرحها كالتالي: في العضوية، سيسبب اي منبه، او حث داخلي او خارجي شيئاً ما من طبيعة التفريغ ليحث العضوية ان تتحرك من مكان الى اخر لتقوم بعمل ما يتطلب قوةً معينة. ترسم العضوية من داخلها نفسها القوى (الطاقة) المطلوبة لهذا العمل. يؤمن بعض العلماء ان الاستجابية هي خاصية مميزة للعضويات الحية فقط. على اية حال، اذا اخذنا هذه النظرة علينا ان نعتبر أن مقبض البخار في القطار هو شيء حي. علينا فقط ان ندفع مقبض البخار لتتحرك القاطرة، مؤديةً عملاً على حساب الوقودالذي يحرقه البويلر. هذا العمل اكبر بكثير من المصروف على تحريك المقبض.
لا توجد الاستجابية في العضويات الحية فقط ولكن في اي جسم فيزيائي لديه كمية معتبرة من (الطاقة الكامنة).
ان الخاصية المحددة للعضويات الحية انه فقط، في هذه العضويات تتجمع تركيبات معقدة جداً من عدد كبير من الخواص التي تظهر منفردةً ومعزولة في الأجسام الميتة. الحياة لا تتحدد بأي ميزة خاصة، ولكن بتجمع وتركيب محدد معين من تلك المميزات."
وهكذا، يظهر لنا الكسندر اوبارين، عبر دراسته الدقيقة، كعالم بيوكيمياء، ومادي جدلي، مبدأ وحدة عالم اللاحي والحي، النابعة من وحدة العالم المادية.
وبغض النظر عن عدد من التغيرات في عدد من تفاصيل الانتقال من اللاحي الى الحي التي اوردها الكسندر اوبارين، التي حدثت جراء تطور العلم الحديث، فان لدى الكسندر اوبارين منهجية علمية صارمة، في دراسته الانتقال من البسيط الى المعقد، ووحدة العالم اللاحي والحي، ووحدة العالم المادي، والنضال ضد الحيوية والمفاهيم الميكانيكية والغيبية في البيولوجيا، هذه المنهجية التي لا تزال حية، ولم، ولن تسنفذ امكانياتها المنهجية.

مالك ابوعليا

* الأيض Metabolism: إحدى ضرورات وجود الكائنات الحیة. ويشمل مفھوم الايض كل ارتباطات الطاقة لدى الكائن العضوي مع البیئة، والسلسلة المعقدة من التحولات المتعاقبة بین المواد والطاقة في داخله. والنباتات تبني أجسامھا من الماء وثاني أكسید الكربون والمواد المعدنیة، وبمساعدة طاقة الضوء تقوم بعملیة التركیب الضوئي. أما الحیوانات فإنھا تبني أجسامھا من مواد غنیة فعلا بالطاقة، وعلى النقیض من الكائنات العضوية فإن الأجسام ذات الطبیعة الحیوانیة لا تحول الطاقة وإنما تنتجھا وفقا للقانون الثاني للدينامیات الحرارية. ولقد كان الإخفاق في فھم ھذا الاختلاف الأساسي بین الطبیعة العضوية وغیر
العضوية واحدا من أسباب الاعتقاد بوجود عنصر غیر مادي يفترض أنه يعطي للكائنات العضوية الحیوية والنشاط. وجوھر عملیة الايض ھو الوحدة الجدلیة لعملیات بناء وھدم المواد العضوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري