الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقاطعات بين الأديان 9 خلق الإنسان

عبد المجيد حمدان

2017 / 8 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تقاطعات بين الأديان
9
خلق الإنسان

ولما كانت أساطير خلق الكون قد احتلت مساحات واسعة في معتقدات كل الأديان ، قديمها وحديثها ، ما اندثر منها ومن ما زال قائما ، وفي كل بقاع الدنيا ، فقد احتلت أساطير خلق الإنسان مساحات مماثلة في عقائدها كلها . وفي أساطير خلق الإنسان تركزت محاولات القائمين على الأديان في الحصول على أجوبة لأسئلة من نوع : كيف ؟ متى ؟ من أين ؟ من قام بعملية الخلق ؟ من أي مادة تم الخلق؟ وكيف تم دفع الحياة فيه ؟
ما عرفناه عن الأديان ، من الطوطمية ، مرورا بالبدائية الوثنية ، ووصولا إلى الديانات الحديثة ؛ الهندوسية ، الزرادشتية ، البوذية ..الخ فالديانات التوحيدية الثلاث المعروفة باسم الديانات الإبراهيمية أو الديانات السماوية ، أنها تتفق على أن الإله ،أو كبير الآلهة ، هو من قام بعملية الخلق ، وأنه هو من نفخ فيه نسمة الحياة . ومن ضمن ما عرفناه أن عملية الخلق تمت منذ وقت قريب ، بضعة آلاف من السنين ، أكثر أو أقل قليلا ، وأن البداية كانت مع زوج واحد ؛ ذكر وأنثى ، أو مع بضعة أزواج ، أو مع ذكر واحد ألحق بأنثى فيما بعد ،ومن تزاوجهما جاءت البشرية كلها . والآن تعالوا نقف عند السؤال : من أي المواد الموجودة على الأرض تم صنع الإنسان ؟ ولأننا ، في حلقة كهذه ، لا نستطيع استعراض ما قالته الأديان كلها ، نكتفي بعرض البعض منها ، ونبدأ مع ديانة المايا من أمريكا الجنوبية .
1
تقول الأسطورة أن الآلهة قررت خلق البشر بعد خلقها للحيوانات . ولأن الحيوانات تفتقر للوعي الذي يوصلها ويؤهلها لعبادة الآلهة ، عملت الآلهة على خلق الإنسان الذي يؤهله وعيه لعبادتها . احتاجت الآلهة لإجراء بضعة تجارب لصناعة الإنسان . في الأولى خلقت ذكرا وأنثى من الطين فجاء رخوا وسائلا ولم يصمد أمام حرارة الشمس ولذلك أتلفوه . في الثانية صنعوهما من الخشب . تزاوجوا وتناسلوا ولكنهم كانوا بلا عقل ، ولأنهم لم يستطيعوا عبادة الآلهة ، قضت الآلهة عليهم بأن أتلفتهم . في الثالثة خلقوا الإنسان من مزيج من حبوب الفاصولياء والقصب ، ولأن نسلهم لم يستطيعوا الكلام والتفكير أمطرت الآلهة عليهم صمغ الشجر فهاجمتهم الحيوانات وافترستهم . في الرابعة صنعت الآلهة أربعة رجال من حبوب الذرة ، فجاءوا مثل الآلهة ذكاءا وعلما بكل شيء . خفضت الآلهة قواهم الفعلية ، وأثناء نومهم خلقت لهم الآلهة أربع نساء ، ومن تزاوج الرجال والنساء جاءت القبائل . أما متى حدث ذلك ؟ فقد حدث قبل خلق الشمس والضوء .
وفي ديانة الأنكا ، من ديانات أمريكا الجنوبية ، نجح الإله الخالق فيراكوتشا في محاولته الثانية بخلق البشر من الطين .
2
وتقول أساطير القبائل الهندية الأمريكية أن الإله خالق الأرض قام بتشكيل تماثيل من الطين للكثير من الرجال والنساء ، جففها في الشمس ثم نفخ فيها الحياة .
فيما تقول الأسطورة في ديانة الشعوب الإسكندنافية القديمة أن الآلهة خلقت حديقة وخلقت فيها شجرة عملاقة . أرسلت الشجرة أغصانها وجذورها في جميع زوايا الأرض . ومن قطعتين من خشب هذه الشجرة خلقت الآلهة امرأة ورجلا كانا أول البشر ، ومن تزاوجهما نشأت البشرية .
3
كما تقول الأسطورة في ديانة شعب مالي – أفريقيا – القديمة أن الإله أمما صنع بيديه زوجا يشبهه من الطين . وبعد أن تزاوجا ولد لهم أطفال يحملون صفتي الذكورة والأنوثة . وبعد القيام بعملية ختان هؤلاء الأطفال ، أي قص اللحمة الزائدة للعضو الذكري ، وقص جزء من البظر في مهبل المرأة تحول الأول إلى ذكر والثاني إلى أنثى . ومن تزاوجها نشأت القبائل الأفريقية .
4
وبالانتقال إلى قارة آسيا . تقول الأسطورة الصينية أن الأب السماوي جبل تماثيل البشر من طين الأرض الصفراء ، ثم تركها لتجف في حرارة الشمس ، لكن مطرا هطل ، مما جعل الأب السماوي يسارع لجمع تماثيله الصغيرة ولوضعها في حزر . لكنه وجد بعضها وقد أصابه التلف ، فكان ذلك سبب وجود المرضى والمعوقين والعجزة . وبعد إتمام تجفيف تلك التماثيل في حرارة الشمس نفخ فيها الحياة ومنحها القدرة على الإنجاب .
وتقول أسطورة أخرى أنه كانت هناك إلهة أخرى اسمها نيوى وا تشبه الإنسان في تكوينه . وفي يوم ما ، وأثناء تجوالها بين السماء والأرض ، شعرت في هذا الكون الفسيح بوحدة وضجر شديدين . نزلت إلى نهر وأخذت تلهو بالطين والماء . في لهوها هذا شكلت دمى تشبهها ، بجسد إنسان وذيل تنين . ثم خطر لها أن تغير من شكلها قليلا . أن تمنحها أقداما بدل الذيل . بعد الانتهاء نفخت في الدمى فدبت فيها الروح . صارت الدمى تشعر ، تفهم وتتحدث . فرحت نيوى وا كثيرا . صنعت الكثير من هذه الدمى التي أطلقت عليها اسم إنسان . بعدها عملت جبلا من الأعشاب وغمرته بالطين . نفضت الجبل فتناثرت قطع الطين يمينا وشمالا . نفخت في القطع فدبت فيها الحياة . واصلت نيوى وا لهوها حتى حصلت على عدد كبير منها . أخيرا قسمتهم إلى ذكور وإناث وأوكلت لهم مهمة الاستمرار .
وتنفرد الأساطير الهندية بالقول أن خلق الإنسان تم بذات الطريقة التي جرى عليها خلق النباتات ، الحيوانات ، الطيور والأسماك .
وتقول الأسطورة الزرادشتية – ديانة فارس المعروفة لدينا بالمجوسية – أن إله الخير ؛ أهورا مازدا خلق الإنسان كي يساعده في حربه الأخيرة مع إله الشر ، أهريمان . وأن إله الخير ، وهو الله ، خلق الرجل والمرأة - ماشيا وماشيانه – معا . وجرى ذلك في اليوم السادس للخلق .
وأخيرا تقول أسطورة الخلق في لاوس القديمة أن الإله خلق البشر من الطين .
5
ونصل إلى ديانات المحيط الجغرافي السابقة للديانات التوحيدية – السماوية - . ونبدأ مع االديانة المصرية .
ولأن مصر قبل التوحيد كانت مقسمة إلى سبع وحدات محلية ، فقد كان لكل وحدة منها ديانتها بآلهتها وإلهها الخالق المحلي ، وإن تمحورت كل تلك الديانات حول عبادة الشمس . هكذا وجدنا أنفسنا أمام أكثر من أسطورة للخلق ؛ خلق الكون والآلهة والإنسان . في ديانة أون – عين شمس القاهرة الآن ، تقول الأسطورة أن البشر خلقوا من دموع الإله آتوم ، الدموع التي انهمرت فرحا بعد عودة ابنية ؛ الإله شو ، إله الهواء ، والإلهة نفتوت إلهة الرطوبة ، بعد ضياعهما في أحراش أون .
وفي ديانة منف – محافظة المنوفية اليوم – تقول الأسطورة أن الإله بتاح ، إله الخلق ، خلق العالم ، الآلهة والإنسان بالكلمة . كان الإله بتاح يسمي ما يريد في قلبه كفكرة ، ثم يطلق هذه الفكرة على لسانه ككلمة أو اسم فيخلق ما يريد . هكذا خلق الإله بتاح الإنسان عن طريق الكلمة ، أعطاه قلبا ولسانا كي يصنع بهما ما يريد .
وفي ديانة جنوب الصعيد ، منطقة الشلال ، كان الإله خنوم – رع هو كبير آلهتها. والاسم خنوم جاء من الفعل خنم وتعني يخلق . وعليه كان خنوم إلها خالقا . خلق الآلهة والبشر والنيل من نفس المادة . كان لخنوم دولاب ، أو عجلة خلق . وبواسطة هذا الدولاب كان يصنع ما يشاء . أما مادة الخلق فكانت الطين أو الصلصال . لذلك كان اسمه خنوم – رع إله عجلة – دولاب – الفخار . كان يصنع على دولابه تماثيل من الطين أو الصلصال ، ثم ينفخ فيها الحياة . صنع على عجلة الفخار هذه الآلهة ، البشر ، ثم الحيوانات ، سوى الأغنام والقطعان . صنع العصافير والأسماك ، شكل الذكور المنجبين وأتى بالإناث إلى العالم .
أخيرا ، وفي أول ديانة توحيدية والتي أتى بها أخناتون ، خلق الإله آتون ، الواحد الأحد ، الذي يرمز له بقرص الشمس ، خلق كل شيء ، الكون ، البشر ، النباتات والحيوانات ...الخ عن طريق أشعته وضوئه . فهو قرص الشمس الذي صورته رسومات أخناتون بأن له أشعة تمتد منه لتنتهي بكفوف صغيرة تمسك برمز الحياة ( خنع ) ، أي أن هذه الكفوف هي التي كانت تحمل الحياة ، تخلق ما تريد وتمنحه الحياة .
وننتقل لبلاد الرافدين - العراق – والديانة السومرية .
وكما في الديانات المصرية ، قبل توحيد مصر ، هناك أكثر من رواية للخلق في الديانة السومرية . فالأسطورة التي تعود للألف السادس قبل الميلاد ، أي قبل أن تكون هناك وحدة للأمة السومرية ، تقول بأن الإله إنليل ،إله الهواء ، خلق البشر بذات الطريقة التي خلق بها الحشائش والنباتات . وضع بذور البشر في شقوق الأرض ، وبعدها بدأوا في الظهور من هذه الشقوق مثل الحشائش . وفي هذه الأسطورة يتضح تأثر الناس بعوامل الطبيعة ، المطر والهواء في إنبات النبات ، وحيث قاسوا ولادة البشر بذات المقياس .
لكن أسطورة خلق البشر تبدأ من إعلان فشكوى الآلهة الصغار ، المنوط بهم العمل فخدمة وإطعام الآلهة الكبار ، عن إصابتهم بالتعب ، ومن ثم مطالبتهم كبير الآلهة بإيجاد حل يريحهم . في أسطورة أن الإله إنكي كبير الآلهة استجاب ، وفكر في خلق بشر يحال إليهم عبء العمل ، خدمة وإطعام الآلهة . الإله إنكي كلف أمه الإلهة نمو بالإشراف على عملية خلق الإنسان هذه ، تساعدها الإلهة ننماخ .
الإلهة ننماخ تقوم ، في مصنع - الأجساد ، بخلق ستة نماذج من طين الإبسو ، أي الطين الراكد تحت المياه العذبة . لكن عندما فحص الإله إنكي هذه النماذج وجدها مشوهة لذلك جعلها في خدمة الآلهة والملوك . ثم قام إنكي ، في مصنع الأجساد ، بصنع إنسان سماه أومول ، ومعناه يومي بعيد ، وجاء هذا الإنسان غير كامل ، ليكلف الإله إنكي الإلهة ننماخ بعمل التعديل والوصول به إلى الكمال ، فتفشل في تنفيذ المهمة . المسألة الأساس في هذه الأسطورة أن خلق الإنسان تم من مادة طين مياه الأعماق .
وتقول أسطورة ثالثة أن الإله إنليل في استجابته لمطلب الآلهة الصغار ، قام بذبح آلهة العمل لمكا ، ومن دمهم خلق الإنسان الذي هو على شاكلتهم ، ليكون بديلا في القيام بعملهم . أي أن الإنسان خلق لمجرد أن يكون خادم الآلهة والعامل من أجل توفير طعامها وشرابها .
أخيرا هناك أسطورة تقول بأن الإنسان خلق بمجرد نطق الإله – كن فيكون – حين قال ليخلق الإنسان ، دون إشارة للمواد الأولية التي دخلت في عملية الخلق هذه ، طين ، ماء ، دم أو بذور .
ومن الرواية السومرية ننتقل للرواية البابلية .
في قصيدة التكوين والخلق المعروفة باسم الإينوما إيليش ، وبعد أن استتب الأمر للإله ميردوك إلها أوحد ، قرر ميردوك خلق البشر ليقوموا بعمل السخرة للآلهة ، بديلا للآلهة المستقرين على الأرض . لكنه احتاج لدم إله يبعث الحياة في النموذج المعمول من الطين المقدس . اتفقوا على التضحية بالإله الذي كان قد شارك الإلهة تيامت في الثورة على آلهة السماء . تسلم ميردوك الإله الثائر ، أسال دمه ومن دمه خلق الإله إيا ، إله الحكمة ومهارة الصنع ، البشر ليقوموا بأعمال السخرة للآلهة .
وفي قصيدة الفائق الحكمة تتكرر ذات الرواية ،وإن اختلفت في أنها جاءت ، كما في الرواية السومرية ، استجابة لمطلب آلهة العمل بإراحتهم ، وإلقاء هذه السخرة على غيرهم . وأيضا في إيكال المهمة للإلهة الأم التي اشترطت مساعدة كبير الآلهة من خلال تزويدها بصلصال يقوم هو بتطهيره . وبعد جبل الصلصال الذي تفل عليه كل الآلهة لبعث الروح فيه ، وخلطه بدم الإله المضحى به ، قامت الإلهة الأم بعمل أربع عشرة قرصة ، وضعت سبعا منها على يمينها وسبعا على يسارها ، ثم أقامت بينهما حاجز من الآجر . وبعد قطع أحبال السرة صنعت الإلهة الأم منها سبعة أرحام ذكور وسبعة إناث . وبحضور مامي الإلهة الأم وصانعة الأقدار تمت مزاوجتهم وموافقتهم ثنائيا . هكذا وضعت مامي قواعد ولادة البشر.
6
ونصل لروايات الخلق في الديانات التوحيدية الثلاث ؛ اليهودية ، المسيحية والإسلامية ، غير غافلين أنها جاءت تالية لكل الديانات التي سبق ذكرها ، ونبدأ مع اليهودية والمسيحية ، وكتاب العهد القديم أو التوراة .
في الإصحاح الأول من سفر التكوين ، وبدءا من الآية 27 ، نصت رواية خلق الإنسان على :" وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا ، فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض 27 فخلق الله الإنسان على صورته ، على صورة الله خلقه ، ذكرا وأنثى خلقهم 28 وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها ..... 29". وحدث هذا في اليوم السادس للخلق .
وفي الإصحاح الثاني أن هذا الإنسان الذي خلقه الله على صورته هو آدم . " وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية 8 وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا ووضع هناك آدم الذي جبله 9 " .
ولأن آدم كان ذكرا بدون أنثى فكر الرب الإله في خلق أنثى تكون معينا له . " وقال الرب الإله ليس جيدا أن يكون آدم وحده فأصنع له معينا نظيره 19 وجبل الرب الإله من الأرض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها ، وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها 20 " ولأن آدم رأى في كل جنس منها نظيره ، أما هو فلم يكن له نظير ، كان الآتي :" فأوقع الرب الإله سباتا على آدم فنام ، فأخذ واحدا من أضلاعه وملأ مكانها لحما . 22 وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم 23 فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي . هذه تدعى امرأة لأنها من امرئ أخذت 24 " .
وأخيرا نصل لرواية خلق الإنسان في القرآن .
ولأن ذكر الخلق ورد في آيات عديدة فسنكتفي بالوقوف على بعضها . { خلق الإنسان من صلصال كالفخار } 14 / الرحمن . { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون } 26 / الحجر . { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } 12/ المؤمنون . { فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خَلَقَنا إنا خلقناهم من طين لازب } 11/ الصافات . { وهو الذي خلقكم من طين .....} 2/ الأنعام . { يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ......} 5 / الحج . { ومن آياته أن خلقكم من تراب فإذا أنتم بشر تنتشرون } 20 / الروم .
ثم تأتي آية لتقول أن الله خلق البشر من الماء وليس من التراب أو الطين أو الصلصال . { وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصِهرا وكان ربك قديرا } 54 / الفرقان .
ولأن الآيات السالفة ومثيلاتها لم تتطرق لعدد وجنس من تم خلقهم في المرة الأولى ، جاءت الآيات التالية لتوضح أن الخلق اقتصر بداية على ذكر وحيد هو آدم ، ومن دون أنثى . تقول الآيات :{ إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين 71 ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين 72 } ص . { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقته طينا } 61 الإسراء ، وفي آيات أخرى يبرر إبليس رفضه السجود لآدم لأنه – إبليس - خير منه ، فهو خُلِق من نار ، وآدم من طين مرة ، ومن حمإ مسنون مرة أخرى .
وعن خلق الله للأنثى تقول الآيات : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء ......} 1 / النساء . { هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها ....} 189 /الأعراف . { خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ......} 6 الزمر . والنفس الواحدة في هذه الآيات هي الذكر آدم ، وزوجها هي الأنثى حواء التي خلقها الله من قطعة من جسده ، القطعة التي هي ضلعه ، كما حدثتنا التوراة .
7

وبقراءة متمهلة لروايات الأديان المختلفة ، قديمها وحديثها ، الوثنية التي من صنع الإنسان ، والتوحيدية المنزلة من السماء ، يمكننا تسجيل الملاحظات التالية . 1- كلها تقريبا تقول بخلق البشر من الطين ، خليط التراب –الصلصال - والماء . 2- وأن البداية جاءت على شكل قيام الإله ، أو الإلهة ، بصنع تماثيل من هذا الطين . ولإكسابها الحياة قالت أديان – السومرية والبابلية – بمزج هذا الطين بدم إله جرت التضحية به ، أو بنفخ الإله نسمة الحياة فيها . 3 – أن بعض الأديان قالت بأن خلق الذكور والإناث تم في وقت واحد ، استنادا لما تم في خلق النبات والحيوان وحتى الحشرات والطفيليات ، فيما انفردت الديانات التوحيدية – اليهودية ، المسيحية والإسلام - بالقول بخلق ذكر واحد أولا ، ثم بخلق أنثى لاحقا من قطعة من جسده .4- ويحار القارئ في هذا الأمر فيتساءل : لماذا جعلت الأديان التوحيدية خلق أنثى الإنسان معضلة ، بالرغم من تطابق أجهزة الإنسان التناسلية مع أجهزة النبات والحيوان ، وتماثل فعل تزاوجها ، وسبق ملايين تجارب خلقها على خلق الإنسان ؟ 5- ومع أن أكثرية الأديان قالت بخلق الكون وباقي الطبيعة ، حيوانية ونباتية وبما في ذلك الإنسان ، من مادة واحدة ، وهي التراب والماء ، انفردت الديانات التوحيدية بتجاهل ذلك . 6- وفيما قالت أديان بأن إكمال عملية خلق إنسان سوي وسليم ، احتاج لإجراء تجارب عدة انفرد القرآن بالقول أن الله خلق الإنسان ومن البدء في أحسن تقويم ، متجاهلا العيوب الخلقية في البعض ، تلك العيوب التي تنبهت لها أديان سابقة . ثم أضاف القرآن القول بأنه بعد خلق الإنسان في أحسن تقويم تم رده لأسفل سافلين ، دون إشارة للحكمة من ،وأسباب فعل ذلك . 7 – وقالت أديان سابقة أن الإله أو الإلهة ، صنع تماثيل الطين كشبه له / لها ، ليكون الإنسان شبيه الآلهة ، وليقوم بدورها في خدمة وإطعام الآلهة الكبار ، وقالت الأديان التوحيدية بخلق الرب الإله الإنسان على صورته . 8 - وإذا كان في خلق الإنسان من التراب ، الطين أو الصلصال ، إعجازا علميا ، كما يذهب لذلك بعض رجال الدين الإسلامي ، يحق لنا أن نسأل : لمن يجب نسب فضل هذا الإعجاز ؟ للأوائل الذين قالوا به قبل مجيء الإسلام بألوف السنين ، أم للإسلام الذي لم يأت بجديد ، وإنما كرر ما قاله الأسبقون ؟ 9 – ولما بتنا نعرف أن الأديان القديمة ، البدائية منها وغير البدائية ، والموصوفة بالوثنية ، تقوم على عقائد وأساطير من صنع الإنسان ، وعليه يكون هذا الإنسان هو من سبق الديانات التوحيدية وقال بخلق الإنسان من الطين ، ليجيء الرب بعد ذلك ويصادق على قوله ، فهل يحق لأحد بعد ذلك وصف إنسان تلك الأديان بالجاهل وبالكافر ، وغيرها من الصفات التي تم إطلاقها عليه ؟ 10 – والآن وبعد كل ذلك ألا يحق للمرء أن يتساءل : ما هو فضل الديانات التوحيدية في معرفة أصل الإنسان وكيفية خلقه ؟ وما الجديد فيما قالت وقدمت ؟ وهل زاد ما قدمته عما سبق وقالت به الأديان الوثنية ، من باد منها ، ومن ما زال قائما ؟ وهل هو بالفضل تكرار قول السابقين ؟
8
وخاتمة :
كما نعرف كلنا نزلت الأديان التوحيدية في بيئة واحدة . في فلسطين للديانتين اليهودية والمسيحية ، والحجاز للإسلام . في هذه البيئة كانت الثقافة الكنعانية قد ترسخت ، وبضمنها الديانة الكنعانية . ومن أسماء الملائكة التي تتردد في الديانات الثلاث ؛ جبرائيل ، إسماعيل ، ميكائيل ، إسرافيل ، إسرائيل ، فنوئيل ..الخ ، نعرف تأثر الشعوب التي نزلت إليها هذه الديانات بالديانة الكنعانية ، وبكبير آلهتها الإله إيل أو الله .
وفي الحفريات الأثرية في أطلال مدينة أوغاريت – راس شمرا – الكنعانية ، عثر العلماء على لوحين طينيين مكتوب عليها باللغة الأوغاريتية وبالحروف المسمارية . وبعد فك طلاسم اللوحين وقراءتهما ، اتضح أنهما يرويان الحدث التالي : ووجه الإله إيل ، والذي كان عمل مملكة للآلهة ، بمعارضة إله شرير ، هو سلف الشيطان ،اسمه حورون . طرد الإله إيل حورون من مملكة الآلهة التي كانت على جبال أرارات . لكن الإله حورون واصل فعل شروره . سمم شجرة الحياة قبل طرده . أرسل له الإله إيل إلها يضع حدا لشروره . كان اسم هذا الإله آدم . لكن حورون سبق آدم بأن حول نفسه إلى ثعبان سام . لدغ آدم فخسر آدم طبيعته الخالدة كإله ، أي تحول إلى بشر . وكنوع من العزاء قدمت له إلهة الشمس امرأة طيبة القلب ، لضمان الخلود له عن طريق التكاثر .
وأظن أن لا حاجة لتعليق إضافي .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ندركها بالفيزياء
مفيد العبويني ( 2017 / 8 / 27 - 09:00 )
كاستاذ علوم طبيعية لا ادري مالك ومال هذه القصص البائسة
المفروض انك تدرك ان حركة الذرات والجزيئات المكونة للانسان وغيره تتكون ضمن نظام برمجة لا يقبل اي انحراف
اوامر يعني
اذا لم يدرك المتعلم تلك الظاهرة حتى اليوم تبقى مصيبة
بان هناك مخترع ومبرمج وباني لهذا الكون وما فيه
اذا لم تدركها لشو الفيزياء والكيمياء اللي تكلمت فيها سنين
ورايح تبحث عن افلام كهنة مايا واعمال سحرية للزولو
للاسلام كتاب اوضح لك كيف تم ذلك بدون خشب وفحم
من تراب بعناصره ال 16 الى نطفة فمضغة الى رجل كامل ويعود بمنحنى الخروج من الحياة
ما هي قدامك لشو فتل الدماغ وابحاث فاضية لا اشك ان الكاتب اشترك في تاليف قسط كبير منها


2 - الى استاذ الفيزياء
محسن المالكي ( 2017 / 8 / 27 - 11:08 )
السيد استاذ الفيزياء يقر بما يقوله القران بان الانسان خلق من طين فهل الفيزياء تقر بهذا الكلام ام ان الدين حينما يسيطر على عقول الناس يصبح البروفسور يتبرك ببول البقر والدكتور يدور حول حجر .... تحياتي للاستاذ كاتب المقال


3 - رد من الكاتب
عبد المجيد حمدان ( 2017 / 8 / 27 - 13:08 )
تحياتي يا أخ مفيد . أعتقد بداية أن القلم لا الهراوة هو أداة الحوار ، وثانيا أن الفكرة العظيمة يلزمها الإقناع لا الصراخ أو عمليات التجميل . وربما تعرف أن دارس الفيزياء أو الكيمياء يستيقظ عقله على السؤال ؛ كيف ولماذا ؟وأدوات الإجابة البحث ، التجربة ، القراءة ، الاستدلال والاستنتاج ، وإن لم يفعل ذلك مرق العلم من دماغه كما يمرق السهم من الرمية .والآن ، لماذا بدل إشهارك الهراوة في وجهي تجنبت مناقشة موضوعية ؟ تجنبت الإجابة على واحد من عديد الأسئلة المطروحة ؟ وإذا كانت حركة الذرات والجزيئات تقع ضمن نظام برمجه لا يقبل الانحراف ، كشف عنه العلم الحديث ، ووراءه مبرمج عظيم هو الله ، فكيف تفسر أن ذات النتيجة توصل لها أصحاب ديانات تصفها بالوثنية وتصف أهلها بالجاهلية والكفر ؟ أما مسألة العناصر ال16 ، وعناصر جسم الإنسان وأجسام الحشرات تحوي أكثر من ذلك بكثير ، وهي على أي حال لا تتوفر في أي تربة ، وحكاية المضغة والعلقة فأنصحك بأن تسأل أي طبيب لا ينافق ولا يقايض العلم بالدولار أو الريال فسيوضح لك بأن هذه الفكرة خاطئة ومناقضة للعلم تماما . و أنت حر في
بحثك وأظن أنني كذلك . اضغط زر رفض القراءةبدل الهراو


4 - رد من الكاتب
عبد المجيد حمدان ( 2017 / 8 / 27 - 15:51 )
تحياتي يا أخ محسن .في المقال حينما أوردت ما قاله القرآن في مسألة خلق الإنسان ، وأنه خلق من طين ، لم أقل أنني قابل أو مصادق على هذا القول . وأظنك تعرف أن هذه مسألة تخص البيولوجيا ولا تخص الفيزياء . وفي المقال اكتفيت بالمقارنة بين ما تقوله الأديان ، ولم أتطرق لما يقوله العلم من نشأة الحياة في البحار من خلية واحدة بداية ثم عبر عملية تطور مديدة وشديدة التعقيد أوصلت الحياة لما هي عليه اليوم من تنوع هائل . هذا يا عزيزي ما أقبله . ما قالته الأديان غير منطقي ولا ينسجم مع العقل خصوصا أنها تعطي فترة عمر لنشأة الإنسان جد قصيرة ، وحتى أقصر من بعض الحضارات على الأرض كالحضارة الفرعونية على سبيل المثال لا الحصر . وشكرا لمرورك

اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح