الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زردة في البكور...

عبد السلام الزغيبي

2017 / 8 / 28
سيرة ذاتية




أتذكر ونحن صبيان، لكي نهرب من روتين الحياة اليومية،البيت، المدرسة، الشارع، كنا نذهب في رحلات ترفيهية للجبل الاخضر( البكور)، واماكن اخرى مثل القوارشة والهواري، وشاطئ البحر في غرب بنغازي عادة، وكان هناك شخص أكبر منا سنا، ينظم مثل هذه الرحلات، بأن يتفق مع صاحب السيارة (الفردينا) التي تقلنا للمكان، وعندما يتم الاتفاق على المبلغ المحدد، يطلب منا دفع مبلغ 50 قرش من كل واحد من المشاركين في الرحلة، لصاحب السيارة، نظير توصلينا وعودتنا، وكذلك يطلب من كل واحد منا ،أحضار مستلزمات الرحلة( الزردة) التي نحتاجها هناك من أكل وأمتعة من بيوتنا، أو نشتريها من السوق، وكانت اوامره كالتالي:( أنت..أحضر طنجرة وصونية وكواشيك، وأنت.. أحضر الخضرة والخبزة والمكرونة، وأنت.. عليك احضار الخيمة والفحم والدربوكه، وأنت.. لا تنسى أحضار المشروب والعصائر والفاكهة، أما اللحم والمياه، فهذه من مسؤليتك أنت، تبقى الابسطة والافرشة، وعدالة القهوة والشاهي، فهي من اختصاصك انت)، وهكذا كان يوزع علينا المهام، وكانه قائد كتيبة في الجيش، أو قائد في الكشافة، وكنا في كل مرة نطيع ولا نناقش أوامره، وكأنها فرمان عثماني واجب النفاذ، وفي كل مرة يحدث هذا، لم ننتبه للموضوع في البداية ، لكن في احد المرات انتبه احد الصبيان الخبثاء للخديعة، عندما بدأنا في جمع حاجياتنا لوضعها في السيارة،استعدادا للعودة، جمع كل واحد منا حاجاته لارجاعها الى اهله الا هو، ركب على الفور في مقدمة السيارة بجانب السائق وكآنه مدير في شركة..

مثل هذه الرحلات( الزردة) يشارك فيها زمالة الدراسة أوالجيره أوالعمل،او تقوم بها الاسرة بكاملها. وتبدأ الرحلة عادة في الصباح الباكر ليستفاد من ساعات اليوم الكامل او المبيت ليوم واحد او أكثر، ويستلزم توفر خيمة كبيرة نسبيا لحفظ الحاجيات والمبيت داخلها،والمواد الغذائية من خضروات وفواكه ولحوم وعدة الشاهي والقهوة والخبز والماء والفحم،
وعادة ما تكون الوجبة الرئيسية والمميزة في مثل هذه الرحلات، المكرونة الجارية "المكرونة المبكبكة" على الطريقة التقليدية الليبية وهي تتكون من صلصلة حمراء حارة باللحم الضان ويضاف اليها المكرونة.والشوايات" شواء اللحم الضان على الفحم أو الحطب. ومن انشطتها لعب الكورة والسباحة والغناء ولعب الورق" الكارطة".

بعد رجوعنا الى بيوتنا، التقينا جميعا في بداية "شوكة الشارع"، وفتح صاحبنا الموضوع،و تناقشنا حوله طويلا،ثم قررنا الاستغناء عن خدمات صاحبنا( كبير السن) الطفيلي...واستلمنا زمام أمرنا، ولم نعد نحتاج الى خدماته...عرفنا طريق صاحب السيارة، وبدأنا نتصل به بشكل مباشر دون وساطة أحد،وخفضنا سعر التوصيلة، على أساس ان يمكث صاحب السيارة معنا حتى نهاية الرحلة، ونتكفل نحن بأكله وشربه...

التقينا بصاحبنا الطفيلي ذات مره وهو يمر من شارعنا، سالنا: ( كيف صار ماعاش فيه زرادي)، ورد عليه صاحبنا الذي كشف أمره بجواب مقتضب ويحمل رسالة: ( والله بعد هضك الزردة...بطلنا زرادي..)..


عقبة البكور هي أحد اجمل المناظر الطبيعية في ليبيا و هي بداية الجبل الاخضر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة