الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر محتملة لما بعد الاستفتاء

عبدالخالق حسين

2017 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن رئيس إقليم كردستان السيد مسعود بارزاني، المنتهية ولايته، مصر على إجراء استفتاء شعب الإقليم للإنفصال والاستقلال، رافضاً الإصغاء لمطالبات من جهات كردية وعراقية ودولية بإلغائه أو تأجيله. وقد ذكرنا في مقالنا السابق الموسوم (إستفتاء كردستان العراق، حق تقرير المصير أم ابتزاز؟)(1)، أنه من حق الشعب الكردستاني ممارسة حقه في تقرير مصيره، فيما إذا يريد البقاء مع العراق الديمقراطي الفيدرالي، أو يريد تحقيق حلمه الأزلي بتأسيس دولته المستقلة. ولكن هناك جهات مهمة حريصة على مصلحة الشعب الكردستاني معارضة لهذا الاستفتاء والانفصال لأسباب يرونها مشروعة، تهدد بعواقب وخيمة.

فالشعب الكردستاني تحمَّل البقاء مع العراق في ضل الأنظمة الدكتاتورية التي كانت شراكته في هذا الوطن شراكة غير عادلة، تعرض خلالها لحروب إبادة الجنس، فلماذا يريد الآن الانفصال وهو مشارك فعال في عراق يتمتع بنظام ديمقراطي حقيقي، بدلاً من الانفصال ومخاطره؟ وهذا ليس موقف العرب في الشعب العراقي فحسب، بل وموقف الكثير من الكرد أنفسهم، سياسيين ومثقفين. وعلى سبيل المثال، فقد أدلى مسؤول كردي رفيع، وهو السيد لطيف رشيد، مساعد رئيس الجمهورية لشؤون الأكراد في حوار مع وكالة تسنيم الإيرانية قائلاً: " أمل من أكراد العراق أن يخطوا خطوة في اتّجاه حل مشاكلهم مع الحكومة المركزية، و فيما خص الاستفتاء فيجب طرح هذه القضية أولا مع الحكومة المركزية، والدول المجاورة، كما ينبغي أن يقدّم الطلب لإجراء الاستفتاء الى البرلمان لا أن يكون شعارا حزبيًّا أو شخصياً". وأضاف "لا أعتقد أن الأرضية متوفرة حتى الآن من أجل إجراء هذا الاستفتاء الّذي يجب أن يمر عبر نواب الشعب، ويجب على البرلمان أن يخصص الوقت الكافي لبحث وتحليل أبعاد هذا الموضوع؛ برأيي فإنه ليس فقط أرضية الاستفتاء لم تتوفر حتى الآن، بل حتى الهدف من إجراءه ليس واضحاً".(2).

فهناك انقسام في الشعب الكردستاني نفسه حول هذا الاستفتاء، حيث الحزبان الكبيران (حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة السيد جلال طالباني)، و(حزب التغيير)، معارضان للاستفتاء.
وفي هذا الخصوص قال السيد عادل مراد، السكرتير العام لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني: " ان كل شيء يؤخذ بالقوة لن يصمد أمام التهديدات، وان استغلال ضعف الدولة العراقية لإعلان الاستقلال امر غير لائق، لان الاستفتاء وحق تقرير المصير حق لشعب كردستان، وليس منة من أحد، لذا على الكرد، المطالبة به عبر اجراء حوار بنّاء مع بغداد وفقا للسياقات الدستورية، مشيرا الى أن اصرار الحزب الديمقراطي على اجراء الاستفتاء يضع القضية الكردية في موقف منزلق خطير قد ينتج عنه اتخاذ مواقف مضادة من الدول الصديقة."(3)
وأخطر ما حذّر منه السيد مراد هو وجود مخطط تركي للهيمنة على الاقليم، وتأسيس دولة كردية ضعيفة، وتحويلها الى قبرص جديدة، فتركيا لديها مخطط يهدف الى استنزاف موارد الاقليم من نفط وغاز تكون ظهيرا لتركيا، وحاجزا بينها وبين قوات حزب العمال الكردستاني المعارضة المتواجدة في جبال قنديل، وقطع طريق التواصل بين اكراد تركيا والكرد في سوريا.

ومن معرفتنا للسياسة التركية، وخاصة بزعامة رجب طيب أردوغان، ليس مستعبداً أن يتخذ الأخير من حماية التركمان، وهيمنة بارزاني على محافظة كركوك، ذريعة لاحتلال (جمهورية كردستان) الوليدة، أو قسماً كبيراً منها، تماماً كما فعلت تركيا باحتلال شمال قبرص عام 1974 بحجة حماية أتراك الجزيرة آنذاك، وبقيت المنطقة الشمالية من قبرص تحت الاحتلال التركي لحد الآن. هذا المصير يمكن أن يحدث بعد الاستفتاء فيما إذا صوتت غالبية الشعب الكردستاني لصالح الانفصال، وقرر مسعود بارزاني إعلان الانفصال والاستقلال، فسيكون مصير كردستان كمصير شمال قبرص.

كذلك هناك نقطة مهمة تجعل بارزاني يتعجل الاستفتاء والانفصال و الحرب مع العراق، فبالإضافة الى موضوع انتهاء ولايته، هناك وثائق إدانة له عن تواطئه مع تركيا وداعش لاجتياح الموصل، كما ان مشكلة موارد النفط وعلاقاته المالية المشبوهة مع تركيا، والديون المتراكمة على كردستان، والتي تجاوزت 60 مليار دولار أو أكثر، (والبعض يعتقد أن هذه الديون بلغت نحو 93 مليار دولار حسب تصريحات أمريكية)، كل هذه الأمور ستجعل الحرب هي الخلاص لمسعود بارزاني من مأزقه ولكن هيهات.
والجدير بالذكر أن مسعود بارزاني لن يتردد في اللجوء إلى أسوأ الجهات، وحتى لو كانت من ألد أعداء الكرد، من أجل تحقيق أغراضه الشخصية والفئوية عندما يجد نفسه مهدداً بالسقوط. ففي عام 1996 عندما تسبب في حرب أهلية بين الأخوة-الأعداء مع حزب طالباني، وكانت أربيل على وشك السقوط، طلب بارزاني النجدة من جزار الشعب الكردستاني صدام حسين الذي سارع بإرسال جيشه إلى أربيل، وارتكب المجازر ضد قوات غريمه، وقوات المعارضة العراقية هناك. وكانت صفحة سوداء في تاريخ بارزاني.
وعلى قدر ما يهم الشعب العراقي، وحسب اعتقادي، فإن غالبية هذا الشعب سنة وشيعة، مع استقلال كردستان إن صوتت غالبية الكرد لصالح الاستقلال، وعلى المسؤولين العراقيين عدم معارضته، لأن بقاء كردستان ضمن الدولة العراقية كان أحد أهم اسباب الكوارث والحروب بين الحكومة المركزية و الحركة الكردستانية ما يقارب القرن من الزمان، وعدم استقرار العراق، على شرط أن يتم الاستفتاء والاستقلال بالطرق الدستورية والقانونية، وبدون قضم وضم أراض الغير، وفي ظروف محلية وإقليمية ودولية ملائمة. وبخلاف ذلك، فإن استقلال كردستان سيكون ليس فاتحة لحروب إقليمية مدمرة فحسب، بل ولحروب بين القوى السياسية الكردستانية نفسها أيضاً، لا تبقي ولا تذر.

لذلك نهيب بعقلاء الشعب الكردستاني من قادته السياسيين، وكذلك المسؤولين العراقيين العمل المشترك بروح المسؤولية العالية، والتآخي والمودة والالتزام بالدستور وشروط العدالة والأخوة الإنسانية لحل هذه المشكلة المعقدة بالعقل والحكمة، متمنين للشعب الكردي كل النجاح والاستقرار والازدهار بدولته الوليدة المستقلة.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ــــــ
مصادر
1- د.عبدالخالق حسين: إستفتاء كردستان العراق، حق تقرير المصير أم ابتزاز؟
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=920

2- تصريحات صادمة لمسؤول كردي رفيع عن إستفتاء الإقليم
http://www.akhbaar.org/home/2017/8/232757.html

3- عادل مراد يدعو الى تأجيل الاستفتاء وفتح حوارٍ جاد بين أربيل وبغداد
توقّع أن يكون مخططاً لتركيا لإنشاء قبرص جديدة في المنطقة
http://www.akhbaar.org/home/2017/8/232495.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح