الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (5-5)

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2017 / 8 / 30
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الأمية بألفباء علم الاقتصاد و العزة بالجهل و فرضه على الآخرين
مما سبق من الحلقات ، يلاحظ القارئ الكريم أن داعية الامبريالية الجهلوسعودي هذا لا يفهم ما هي البضاعة ، و لا يفرق بين قيمتها الاستعمالية و التبادلية ، و لا بين العمل المنتج و غير المنتج ، و يحاول استبدال فيلسوف الشيوعية الثورية كارل ماركس ( و هو أعظم عالم اقتصاد عرفته البشرية) بمؤدلج الرأسمالية الرث آدم سمث و ذلك خدمة منه لأسياده السعوديين-الأمريكان . و هو يرفض رفضاً قاطعاً تعلم أي شيء علمي تقدمي ثوري ، و يستمريء الجهالة و التنطع و التنطز . و لكن مشكلة هذا العراب الجهلوسعودي – الذي جمع حوله جوقة من المصفقين – ليست فقط بكونه أمياً كلياً بما يجب معرفته من ألفباء الاقتصاد – ناهيك عن جهله بألفباء الماركسية ، بل أنه يسعى سعي المهووسين لتجيير الفكر الماركسي بالتزوير لخدمة المصالح الدنيئة للمحور الإمبريالي الأمريكي-السعودي-الصهيوني في المنطقة . و طامته الكبرى هي أنه شديد الوثوق بكونه عالم اقتصاد نحرير لا يشق له غبار ، و بأنه الماركسي الأعظم (إقرأ : المزور الأمي الأعظم للماركسية) . و فوق كل هذا ، فإنه مصمم كل التصميم على فرض زيفه هذه فرضاً إكراهاً على بعض كتاب الحوار المتمدن – ممن يتلقَّطهم تلقُّطاً استحواذياً مريضاً مع سبق الإصرار و الترصد بغية تجنيدهم لخدمة المصالح الدنيئة لهذا المحور – و ذلك تحت طائلة الإفجار بهم بالثرب و الثلب إن لم يجاروه في نزواته المريضة و يلبوا دعوات تجنيده لهم ؛ و لهذا ، فقد تفاديت مراراً و تكراراً استفزازاته الصبيانية طوال ست سنوات ؛ حتى عيل صبري مؤخراً ، فمشيت بهذه الخطوة في قراع درب لم يبق لي هذا مجالاً لتفادي خطب الخطو فيه .
آخر ما سأناقشه من تزويرات خادم الامبريالية الجهلوسعودي هذا هي جمله الثلاث التالية التي تسلط المزيد من الأضواء الكاشفة على جهلوتزويره :
1. ثمانون بالمئة من قوى العمل في أميركا تعمل في الخدمات ولا تنتج سنتيماً واحداً ولذلك أقول أن أميركا لم تعد دولة رأسمالية وليس أدل على ذلك من أنها مدينة اليوم بعشرين ترليون دولار
2. كيف تكون أميركا رأسمالية وقد استوردت العام المنصرم بضائع بقيمة 600 مليار دولار من الصين بقي منها 347 مليار ديناً على أميركا
3. كيف تكون أميركا رأسمالية وموازنتها الاتحادية لهذا العام 3 ترليون دولار منها 1.5 ترليون سندات صينية
الرأسمالية و الاقتصاد الأمريكي
ثبت لنا من عديد النصوص لماركس التي أوردتها سابقاً – و مثلها كثير جداً – أن الخدمات التي تنتج فائض القيمة للرأسمالي إنما هي نشاط رأسمالي ، مثله مثل الانتاج الصناعي ، سواء بسواء . و لما كانت الرأسمالية تتطلب قبل و بعد كل شيء خلق الرأسمال من فائض القيمة ، فإن أي دولة رأسمالية حتى لو أصبح أنتاج الخدمات فيها يشكل 100% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي ، فستبقى دولة رأسمالية بفضل استمرار خلقها لرأس المال ؛ و كلما ازداد انتاجها لرأس المال هذا من مختلف الخدمات ، كلما ترسخ فيها النظام الرأسمالي أكثر . و توجد الآن العديد من الدول الرأسمالية التي تصل فيها نسبة مساهمة قطاع الخدمات 80% فأكثر من إجمالي ناتجها المحلي السنوي . و من أمثلة هذه الدول : لكسمبورغ (ثاني أعلى دولة في العالم بعد قطر في نسبة حصة الفرد من الدخل ، و نسبة الخدمات في ناتجها المحلي الإجمالي تمثل 86%) ؛ بنما (نسبة الخدمات من ناتجها المحلي الإجمالي تبلغ 80%) ، قبرص (80%) ، موناكو (نسبة الخدمات تساوي 100 من إجمالي الناتج المحلي) و غيرها .
أعود الآن إلى الرأسمالية . من ألفباء التوصيف الماركسي للرأسمالية هي أنها : "نمط إنتاج" محدد – أي بناءٌ تحتي ؛ و ليست مطلقاً نظاماً سيادياً : "دولة" – أي بناءً فوقياً . و من المعلوم اليوم ، أن النظام الرأسمالي أصبح هو النظام الاقتصاجتماعي المهيمن على العالم أجمع ، و يشتمل على مئات الدول ، و لكنه نظام واحد بعينه . كل ذلك بسبب التوجه التاريخي المحموم للرأسمال لتخطي الحدود السياسية للدول و التعشعش في كل مكان مثلما أوضحه ماركس ، رغم التفاوت المزمن في درجة تطوره هنا و هناك . من هذه الحقائق الواضحة نستطيع أن ندرك حالاً أن النظام الرأسمالي الأن هو نظام عولمي شامل شديد الترابط ، و هو ليس مقتصراً ابداً على الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها ، بل تشاركه فيه غالبية دول العالم . لذا ، عندما نسمع من مؤدلج الإمبريالية الجهلوسعودي هذا يجهر بكون الرأسمالية قد ماتت لأن "ثمانين بالمئة من قوى العمل في أميركا تعمل في الخدمات ولا تنتج سنتيماً واحداً ولذلك أقول أن أميركا لم تعد دولة رأسمالية وليس أدل على ذلك من أنها مدينة اليوم بعشرين ترليون دولار" ، ندرك تماماً ما الذي يرمي إليه . أنه يقصد أن يقول لنا : أيها الماركسيون ، لقد ماتت الرأسمالية في أمريكا ، فاتركوا النضال الثوري لبناء الاشتراكية لانتهاء موجباته بموت الرأسمالية ، و التحقوا بي لنشتغل قوّادين عند الأمريكان و آل سعود و الصهاينة . و لهذا نجده يدعوا الأستاذ الدكتور الفاضل طلال الربيعي و أنا لحضور "مؤتمر للتباحث في النظام العالمي الجديد" ، ثم ينبري بهجونا أقذع الهجاء عند رفضنا ذلك .
و لكن : ألا تب نداؤه و هجاؤه ، و تب !
و لكن ما هي قوة الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي الآن ؟ سأكتفي بإيراد أقل المؤشرات المعبرة عنه هنا ، و ذلك اختصاراً للجهد و الوقت في قضية باتت معروفة عند الجميع منذ قرن و نيف ، إلا عند من في قلوبهم عمى .
إستناداً للإحصائيات الرسمية المنشورة من صندوق النقد الدولي و التي لا تقبل النقاش ، فإن اقتصاد الولايات المتحدة الامريكية هو الآن أكبر اقتصاد وطني في العالم حسب الارقام الاسمية ـ و هو ثاني أكبر اقتصاد في العالم بمعادل القوة الشرائية (PPP) ، إذ يساهم بما نسبته (22) من الناتج المحلي الإسمي للعالمي - الذي بلغ18.46 ترليون دولار عام 2016 - و (17%) من اجمالي الانتاج العالمي .
المصدر :
http://www.imf.org/external/pubs/ft/weo/2017/01/weodata/weorept.aspx?
و الدولار الأمريكي هو أقوى عملة في العالم بلا منازع ، سواء في المعاملات التجارية الخارجية أو كغطاء للعملات المحلية في كل دول العالم ؛ و هو أيضاً العملة المحلية الرسمية لست دول أخرى غير أمريكا ؛ و هو العملة الوحيدة في العالم التي تشتغل في كل الأسواق الداخلية أيضاً لدول العالم أجمع علاوة على اشتغاله في الأسواق الخارجية . و القول بأن الدولار أصبح عملة لا قيمة لها لعدم امكانية تحويله للذهب هو قول حمار أعمى صغير لا يرى حقيقة أن حامل الدولار في أي مكان من العالم يستطيع بكل يسر شراء أي شيء من أي سوق حول العالم . و فوق كل هذا ، فإن الدولار مقوَّم كذلك بما هو الآن أهم من الذهب بكثير : بنفط العالم كله الذي يباع بالدولار و المطلوب عالمياً في انتاج كل شيء (حوالي : 6000 مُنتَج !) .
و استناداً للإحصائيات الموثقة أيضاً ، فإن الانتاج الصناعي في الولايات المتحدة ، خلال السنة من آب 2016 – آب 2017، كان هو أهم قطاع إنتاجي في الاقتصاد الأمريكي بلا منازع ، أسهم بما نسبته 78% من إجمالي الإنتاج الأمريكي . و أكبر الصناعات المساهمة فيه هي الكيماويات ( 12%) ، الأطعمة و المشروبات و التبغ (11%) ، المكائن (6%) ، المنتجات المعدنية المصنعة (6%) ، المنتجات الإلكترونية و الحاسوبية (6%) ، السيارات و قطع غيارها (6%) ، التعدين (11%) ، خدمات الإنتاج (11%) .
المصدر :
https://tradingeconomics.com/united-states/industrial-production

و من المعلوم أن الولايات المتحدة الأمريكية هي واحدة من أغنى دول العالم بالثروات الطبيعية ، و لديها بنية تحتية متطورة ، كما و تتمتع بإنتاجية عالية . و هي ثالث أكبر منتج للنفط و الغاز الطبيعي في العالم ، و أكبر دولة في التجارة العالمية التي بلغ حجمها الإجمالي 4.92 ترليون دولار عام 2016 . و من بين الشركات الخمسمائة الأكبر في العالم ، فإن (134) منها هو أمريكي الجنسية . المصادر :
1. "Trade recovery expected in 2017 and 2018, amid policy uncertainty". Geneva, Switzerland: World Trade Organization. 12 April 2017.
2. "Global 500 2016". Fortune. Number of companies data taken from the "Country" filter.

و في الإنتاج الزراعي ، تهيمن الولايات المتحدة الأمريكية على حوالي (50%) من كل صادرات العالم من الحبوب .
المصدر :
"The Food Bubble Economy". The Institute of Science in Society.

في ضوء كل هذه الأرقام – و غيرها كثير جداً – فإن الادعاءات المغرضة للعراب الجهلوسعودي التي تدعي بكون الرأسمالية في الولايات المتحدة الأمريكية قد إنهارت لا تجد إلا من يضحك عليها بملء شدقيه ممن يعقلون .

أما العجز في الميزان التجاري الأمريكي و دين الدولة ، فهو لم يكن و لا كان في يوم من الأيام ليرتب أي مشكلة لا للرأسمالية و لا للدولة لأنه لا يتطلب سوى إصدار سندات الخزانة الأمريكية الطويلة الأمد لحساب الدول الدائنة (التي ترحب بها كغطاء لعملاتها المحلية و لشراء النفط بعدئذ بها) ، و من ثم تقسيط تسديدها من الضرائب المفروضة على العمال الأمريكان بالدرجة الأولى و غيرهم بإملاقهم سنة بعد سنة و تكبيدهم شرور الأزمات الرأسمالية السابقة و اللاحقة و التي ستأتي . الذي يكد و يدفع أبهظ الاثمان لعبور الأزمة هم الشغيلة ، و ليس الرأسماليين المسببين لها . أقل ما باستطاعة الأخيرين فعله هو إشهار إفلاسهم ، و من ثم دفع لا شيء ، و من بعدها الاقتراض من المصارف لبدء جولة نهب جديدة لهم ، مثلما فعل الخِبِل ترَمْب الذي سبق له و أن أشهر إفلاسه سبع مرات ، و هو الآن أحد أغنى المليارديرية بالعالم . الإمبريالية تكون أسعد ما يكون عندما تسن أغرب القوانين المجنونة لخدمة صناعها في كل مكان .

انتهت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح


.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز