الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها المفتش أخرج لصك

سامي الاخرس

2017 / 8 / 31
المجتمع المدني


أيها المفتش أخرج لي لصك؟
أتذكر في صغرنا وصبانا كنا نلعب لعبة يطلق عليها الحاكم والجلاد، فطفولتنا لم تكن تشهد لعب التكنولوجيا والتطور، والإنترنت بل جلها لعب شعبية بسيطة من وحي البساطة التي كانت سمة لحياتنا الخشنة، وطفولتنا الخشنة، ولكنها خشونة تعبر عن واقع مؤلم ولكنه منسجم مع ذاته ومع الأخرين، بسيط لكنه غني بالثقة والمحبة، والعفة. وهذه اللعبة هي أحد التعابير عن واقع لم نعلم أنه ماضي، وحاضر، ومستقبل، حيث كان في أحد أحداث هذه اللعبة يقول الحاكم، أيها المفتش أخرج لصك، وعليه يخمن المفتش من هو اللص إن نجح يتم جلد اللص بما يحكم الحاكم، وإن لم يفلح يحكم على المفتش بالجلد بما يحكم الحاكم أيضًا، وهي المهمة الصعبة للمفتش لأنها تعتمد على قوة ثبات الطفل الذي أوقعه حظه بورقة لص وإتزانه النفسي والجسدي، وهي تحتاج خبرة واحترافية من الطفل لدرء الجلد عن نفسه، وربما هذه الخبرة لم يتعلمها أو لم نتعلمها، ولكن أدركناها بعفويتنا، وبراءة طفولتنا أن اللص الوحيد كان“إسرائيل“ وأن حامي اللص هو اللص الأكبر“ أمريكا“ الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أنه كان يتنامى لآذاننا أن فلان لص لماذا؟ لأنه سرق أموال الثورة، وأموال المنظمة، سرقها لأنه ليس جائع أو محتاج، بل لأنه لص يرتدي ثوب ثورة وسيكبر في المستقبل الزمن ويصبح لص قائد، وثائر، وما أكثر لصوصك أيتها الثورة، حقيقة أدركناها عندما كبرنا واصبحنا ندرك أن عدد اللصوص بالثورة أكثر من عدد شهداء الثورة.
لم نعد نميز بين من سرق قوت فقراؤنا، ومن سرق ثمن بندقية شهيد أو مقاتل أو رصاصة مناضل ليتركه يقتل بلا بندقية، لأننا لم نميز بين أنواع اللصوص، منهم من يصدحون بالشعارات، ومنهم من يتلون علينا الآيات، ومنهم من يخطبون فينا بالمهرجانات والمناسبات، ومنهم من يؤمون فينا بالصلوات... ومنهم من يزورونا بالجنازات...إلخ، فكيف لنا أن نميز بين اللصوص؟.
نعم“ إسرائيل“ اللص الأكبر، وقديسة اللصوص هكذا تعلمنا لأنها سرقت حقنا في الحياة، وفي الأرض، وفي الكرامة، وسرقت مستقبلنا، كما سرقت مستقبل أطفالنا، وأجيالنا، ولكننا نحاكمها ونعاقبها بكرهنا، بقتالنا، بتربية أجيالنا أن هذا اللص لا يغفر له، فهو عدونا وهو قاهرنا فاقتلوه وقاتلوه أينما ثقفتموه، ولكن من يعاقب اللصوص الآخرين؟ من يعاقب من يتولون أمورنا، ويتصنمون على منصات قيادتنا، ومن يحمل صولجان الحق، ومطرقة العدالة ليطرق بها رؤوس اللصوص الذين لم يكتفوا بسرقة أموال الثورة، وأموال الجوعى، وصدقات الفقراء، ومساعدات المقهورين، من يحاكم من يسرقوا الوطن منا ومقدراته، ويسرقوا الوطنية من صدور شبابنا، ويتعملقوا في قتل أجيالنا، من يحاكم من سرقوا - ولا زالوا- يسرقوا حلمنا، وحلم أطفالنا، ومستقبل أجيالنا ويخرجوا علينا مهللون شاهرين بشائر زيفهم، وشعاراتهم لسرقة ما تبقى لنا من كرامة؟ ولم يتبق لنا إلا القول أيها المفتش أخرج لي لصك؟
د. سامي محمد الأخرس
[email protected]
31 أغسطس 2017









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب


.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا




.. الأمم المتحدة تدعو لتحقيق بشأن المقابر الجماعية في غزة وإسرا


.. سكان غزة على حافة المجاعة خصوصاً في منطقتي الشمال والوسط




.. هيئة عائلات الأسرى المحتجزين: نتنياهو يمنع التوصل إلى اتفاق