الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة شارع ومدينة

سعد محمد موسى

2017 / 9 / 3
الادب والفن


ذاكرة شارع ومدينة
كانت هنالك عدة مقاهي بغدادية كنت أقصد ارتيادها أثناء دراستي في أكاديمية الفنون الجميلة في منتصف الثمانينات تسترخي فوق أرصفة شارع الرشيد.
لكن لمقهى الشاعرالزهاوي كانت ذاكرة أخرى وأنا الشاب الصغير الذي كان يجالس رواده مستفيداً من حواراتهم وأنا أستمع للحكايات عن الشخصيات الشهيرة التي كانت ترتاد هذا المكان لاسيما من نخب الأدباء والسياسيين والشعراء والمفكرين فكان المقهى يبدو وكأنه متحف يوثق حقب مختلفة من تاريخ العراق .
وأنا أتذوق بارتشاف أطيب استكانات الشاي المهيل والمهدر بطريقة عراقية ومحضر بأباريق فخارية مع الاستمتاع الى موشحات المقامات والاغاني التراثية القديمة بواسطة الاسطوانات من جهاز الغرامافون. .. وأثناء ارتيادي للمقاهي ومن ضمنها مقهى الزهاوي كنت أرسم وجوه مريدي المقهى بملامحهم المختلفة ومعالم الشارع ومن ضمنه جامع الحيدر خانه وأزقة الميدان والمشربيات الخشبية القديمة باقلام الرصاص والفحم فوق الورق.
وحين كنت أقطع أرصفة شارع الرشيد والذي يمتد من باب المعظم حتى باب الشرقي .. كنت أتوقف قرب ساحة القاضي أمام واجهة استوديو "ارشاك الأرمني" المصور الضوئي المحترف آنذاك فكنت اتأمل أرشيف فوتغرافي لشخصيات سياسية وأدبية عراقية شهيرة ومن ضمنها كانت هنالك صورة نادرة للشاعر الكبير جميل صدقي الزهاوي وهو غافياً على كرسيه بجسده النحيل معتمراً السدارة في محطة قطار مدينة خانقين وقد تناثرت أعقاب سجائره فوق بلاط صالة المسافرين بانتظار قدوم شاعر الهند العظيم طاغور بزيارته التاريخية للعراق عام 1932 .. بعد أن أختاره الملك لمهمة استقبال الشاعر والفيلسوف طاغور . وفي نفس العام حلت أيضاً ايقونة الغناء العربي بعد عدة أشهر الآنسة أم كلثوم كوكب الشرق الى بغداد لاحياء الحفلة الغنائية في أوتيل الهلال بالميدان في شارع الرشيد أيضاً.
ولدى زيارة شاعر الهند بصحبة زوجته صرح بعبارته المؤثرة للوفد العراقي الذي استقبله بحفاوة كبيرة,
وكان فـي مقدمتهم ملك العراق فيصل الاول و السيد محمد الصدر وجعفر باشا العسكري ومحمد بهجة الاثري ومعروف الرصافـي وجميل صدقي الزهاوي ونوري ثابت صاحب جريدة (حبزبوز) وغيرهم من الوجوه المعروفة انذاك
قائلا : انني ارجو أن يكون العراق حاضرة الامن والسلام والمحبة والوحدة!!
فاجابه الوفد : ان العراق لفخور بوحدته معتز بهذه الوحدة المقدسة بين أبنائه على اختلاف طبقاتهم واديانهم.
ولكن بعد تلك العقود من الزمن تخيلت وسط كل هذا الخراب لو كان طاغور
معاصراً أو الزهاوي كان شاهداً على ما يحدث في هذا الوطن المبتلى بالعذاب والتفرقة والقهر والضياع .. ماذا سيقولان حينها اليوم عن عراق كان ماضيه أجمل من حاضره وحنين أناسه وحسرتهم على تأريخه أكثر من تفاؤلهم بالمستقبل !!؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع


.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي




.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل


.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج




.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما