الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الحقيقة .. دورها .. اختفاؤها -- 1 / 2

بدر الدين شنن

2017 / 9 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


حين يستدعي التاريخ الأقلام ، لتكتب عن الوقائع الجارية ، المؤثرة بحياة ووجود الإنسان ، ينبغي أن تقوم الأقلام بأداء دورها بشفافية . وتتجنب مؤثرات .. الانتماءات .. والولاءات .. والتهديدات .
وأعتقد أنني وفق هذه المعايير والقيم ، قد كتبت من قبل ، عن بعض الوقائع . وأحاول وفقها أيضاً في الوقت الراهن ، أن أكتب عن حقائق جرت قبل سنوات قليلة ، حول دور أهمية الإعلام الملتزم ، في زمن الصراعات المذهبية و الاضطرابات والحروب السياسية وسوف أستعين بجريدة " الحقيقة ، التي أصدرتها اللجنة المنطقية ، للحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي ، إبان الحرب الضارية في أوائل الثمانينات ، بين الاخوان المسلمين ، وطليعتهم المقاتلة " وبين السلطات السورية . التي ما زالت ارتداداتها .. تنفث فيروساتها المؤذية إلى الآن .

ابتداءا من قيام ، النقيب المناوب ،إراهيم اليوسف ، الحامل للعضوية الثنائية الحزبية ، في حزب البعث الحاكم ، وفي الطليعة المقاتلة التابعة للأخوان المسلمين .. قيامه .. بمجزرته الوحشية الطائفية ، التي قتل فيها ، في مدرسة المدفعية بحلب( 30حزيران 1979 ) نحو مئة طالب ضابط عزل ، من أصول مذهبية علوية . أخذت مدينة حلب مساء ذلك اليوم الأسود ، الذي وقعت فيه الجريمة الجماعية .. بملايينها الأربعة .. وتنوعاتها السكانية الحساسة .. أخذت تعيش حالة من التوتر ،
وتترقب المزيد من الجرائم .. سيما وهي ترى أن الطليعة المقاتلة ، ذات النفوذ الواسع بحلب ، تواصل تهديداتها ، وأعمالها العدوانية إزاء عناصر الحزب الحاكم ، الذين هم من أصول غير سنية .

بالمقابل ، كان رد القوى الأمنية .. ثم الجيش. على الطليعة المقاتلة .. عنيفاً وواسعاً ، من خلال الاشتباكات المسلحة .. هنا وهناك .. ومن خلال الاعتقالات . وفيما تبقى من العام ، جرت تحركات متقطعة في الشارع ، أسست لتحركات 1980، التي هي الأسوأ والأخطر .
في عام 1980 ، بدأت الحوادث تتصاعد . وكانت الطليعة المقاتلة ، هي الأقوى والأبرز في تحريك الشرع ، وفي التصدي لقوى الأمن ، والهجوم على قوى الحكم السياسية . ما أدى إلى تحجيم الأحزاب المعروفة ، وتجميد السياسات المألوفة . وكانت الطليعة المقاتلة تتهم الشيوعيين بالأعمال التخريبية والإرهابية ، التي تقوم هي بها ، وبالذات تلك التي تلقى استنكاراً من المواطنين . وقد كانت جريدتهم " النذير " هي التي بتوجيه الاتهامات والفبركات .

لقد بذلت الطليعة المقاتلة ، كل ما لديها من طاقات ، في الداخل والخارج ، لتجعل الصراع بينها وبين النظام طائفياً ، لإجراء فرز مذهبي .. شعبي .. وحكومي .. وعسكري . لكنها لم تحقق ما رمت إليه ، لجذب الأكثرية من السنة إليها ، والاستحواذ على السلطة . وربطت كل الخسائر والخطايا ، التي تحدث ، بمسؤولية رجالات المذهب الآخر .
في حين أن المطلعين على حقائق مجريات الأمور عن قرب ، ينفون أن يكون في سوريا نزاع طائفي .. وإنما هو صراع ذو مضمون وطني ، تمتد خيوطه ، وجذوره ، إلى جهات أجنبية صديقة لإسرائيل ، لجر سوريا إلى اتفاق سلام مع إسرائيل ، مماثل لاتفاقية " كامب ديفيد " التي عقدتها مع مصر . وإزاء رفض السلطات السورية مثل هذه الاتفاقية مع إسرائيل ، كان لابد من إضعاف الدولة السورية وزعزعة استقرارها ، من خلال إثارة الانقسامات المذهبية والعرقية المتعددة فيها .

ولذلك لم تلق الاثارة المذهبية فيها استجابة جماهيرية واسعة ، لمصلحة الطليعة المقاتلة . وكاد اصطناع الاستقطاب الثنائي للصراع في الشارع ( أخوان مسلمون / سلطة مذهبية + شيوعيون ) أن يستقر . وهكذا كان الخطاب السياسي والإعلامي عند الطرفين ، مشوشاً ومؤذياً للوعي السياسي ، حين ,يظهر أن القوى الحاضرة في الشارع ، مقتصرة على الطليعة المقاتلة السنية ، والسلطة الممثلة لمذهب آخر ، مصحوباً بعدد من الفبركات ضد الشيوعيين عامة ، لتخفيف الاستياء الشعبي من التصرفات التخريبية والدموية

لقد كانت أحداث 1980 ، لافتة وموجعة على المدن السورية ، وعلى مدينة حلب بالذات . وكان الطرفان المتصارعان ا، لطليعة المقاتلة والسلطة ، يملكان من القوى ، والخطط ، ما يحفظ لهما المبادرة والمتابعة . أما القوى الأخرى المترددة ، فقد همشت عددياً ، وبالتالي فقدت إمكانية الإعلام والنشر .
فقط بيان " التجمع الوطني الديمقراطي ، تميز ،بتوقيته ( 30 آذار 1980 ) ، وبمضمونه الذي اشتمل على المطالب الهامة . لكنه لم يتحول إلى حركة في الشارع . .

وإذا استثنينا دور الكم التنظيمي ، الذي له مقوماته ، فإن النشر في كل حال ، يعوض في مجالات الضعف . بل يكاد يكون في تلك الظروف الصعبة ،هو الفاعل الوحيد لدى القوى التي باتت محدودة تنظيمياً . وقد توصلنا في منظمة حلب ، بعد نقاش لدورنا ، وإمكانيتنا في تلك الظروف المضطربة الجارية ، في زمن خال من الكومبيوتر .. في التعامل الشعبي .. وخال بطبيعة الحال .. من شبكات التواصل الاجتماعي .. توصلنا إلى اكتشاف تقصيرنا في مجال النشر . فجريدة " نضال الشعب المركزية " تصدر بأوقات متباعدة متفاوتة . والمناطق خالية من أي وسيلة للنشر ، وخاصة منطقة حلب ، وهي المسرح الرئيس لعمليات الصراع الجارية في البلاد .

وتوصلنا لى أن وجود نشرة معبر ة عما يجري في حلب ، سوف يقوي المنظمة من جهات عدة .. من خلال إبراز ، وطرح ، وتوزيع ، رأيها النابع من الخطاب السياسي للحزب . وقد صدر قرار بالموافقة على إصدار جريدة للحزب تشمل ساحة اهتمامها ، حلب ، والمنطقة الشمالية في سوريا .ونحن أسميناها " الحقيقة " .
ونزلت " الحقيقة إلى الشارع .. إلى الجمهور .. بعناوين واقعية لافتة . وحرصنا على مواعيد إصدارها .

كانت الظروف المؤلمة .. وصرخات الضحايا .. التي هي تهتم بعناوين " الحقيقة " وتبويبها .. أكثر من الخبرة السابقة لدينا . وأطلقنا للكلمات العنان .. لتكون صدى صادقاً لأنين الشعب .. الذي تكثر جروحه .. ويكثر استنزاف دمه .. فيما هو يحلم بالحرية .. والأمان .. والاستقرار .
وقد حدث انسجام سريع بين " الحقيقة " وقرائها .. وذلك لأننا لم نستسلم للولاءات .. ولم نخضع للتهديدات .. كان حبنا لشعبنا ووطننا هو مصدر صلابتنا .. وزاد مسارنا .. وبوصلة مبادراتنا .
كنا نخاف على " الحقيقة " من المفاجآت والعثرات ، أكثر مما كنا نخاف على أنفسنا . فالحرب المشتعلة ليس لنهايتها أجل محدد ، أومتوقع . وفي حال توقف الاشتباكات المسلحة .. سوف تكون هناك حرب قمعية .. وثارات .. وأحقاد .. هي امتداد لحرب السلاح الجارية .. ووفق هذه الرؤيا .. سوف تزداد أهمية " الحقيقة " و في هكذا مناخ تزداد المخاوف عليها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نداءات لتدخل دولي لحماية الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية | #


.. غارات إسرائيلية استهدفت بلدة إيعات في البقاع شرقي لبنان




.. عقوبات أوروبية منتظرة على إيران بعد الهجوم على إسرائيل.. وال


.. شاهد| لحظة الإفراج عن أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرا




.. مسؤول أمريكي: الإسرائيليون يبحثون جميع الخيارات بما فيها الر