الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار المفتوح........ ج1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 9 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحوار المفتوح........ ج1


بعد هذه المقدمة التي أردنا من خلالها أن نرسم صورة لأهم إشكاليات الدين ومشكلاته، سنبدأ حوارنا المفتوح بكل أريحية وأن لا نعود في كل مرة لأجوبة مكررة أو نعتمد الإشارة إلى سياق بدا واضحا الآن أمام القارئ، مضيفي ومحاوري سيطرح أسئلة تفصيلية وأخرى كلية لبيان موقف الإسلام منها على ضوء ما ورد أصلا في كتاب محفوظ، الأجوبة ستكون أيضا تفصيلية ولكنها بعيدة عما عرف بالنفسير أو التأؤيل، بل هي ملخص حقيقي نظنه أنه الأقرب من كل القراءات السابقة لقصدية ودلالات ومعاني الحكم أو الموقف الديني، بالغالب ستكون الأجوبة تدبرية أكثر مماهي تبريرات أو شرح للفكرة، سيكون السؤال والجواب هنا محدد بقضيته وموضوعه وقد نحتاج أحيانا إلى الربط بين لأجوبة وأحيانا التنبيه أن القراءات قد تكون صادمة أحيانا ومن غير النمط المتعارف عليه أو ما هو في الواقع من تسليمات أو عموم الأعتقاد بها أو فيها.
السؤال الأول_ الإسلام دين متكامل ومستقل له خاصية أنه وضع نهاية لفكرة الديانة والتدين بوجه محدد قد يتناقض مع الأديان التي سبقته أو التي أختلف معها في العموميات والخصوصيات؟ أم أنه الحلقة الأخيرة والنهائية من دين إبراهيم الخليل أقفل من بعده إمكانية التجديد أو الأستحداث في القواعد والأسس والأحكام؟.
الجواب_ في ضوء ما جاء بالنصوص أن دين الإسلام هو الحلقة الأخيرة والكاملة والمحدثة من دين إبراهيم الخليل بمراحله التطورية من موسى وهارون وصولا إلى عيسى النبي {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }البقرة136، فهو يشكل النسخة الناضجة والمصححة والنهائية لدين الإسلام الذي وصفته النصوص القرآنية بأنه الدين الحق، هذا يقودنا إلى حقيقتين هما:
1. كل الأديان الإبراهمية مصدرها عين واحدة وتشترك بأسس عامة تميزها عن بقية الديانات الأخرى، منها مثلا الإشارة إلى توحيد الألوهية ودور النبوة وغائية الهدف من الدين وكيفية التعبد الفردي فيه، فهو الحق بعنوان أن غيره من السلسلة الطويلة من الأديان قد أصابها التدخل البشري فلم تعد كما كانت أصلا حقا ممهورا ومصانا، لذا خاطب النص نبي الإسلام بهذه الحقيقة {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}التوبة33، وقد عرفت النصوص ما هو الدين بالآية التالية {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}البقرة132، فأولاد إبراهيم كلهم مسلمون وموصى لهم بأن يبقوا ويحافظوا على الدين بما أراد أبوهم منهم، فكل الدين بعد إبراهيم هو إسلام وكل المتدينين به من بعده هم مسلمون {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل عمران19.
2. لا يدع نبي أخر دين بأنه حلقة منفصلة ولا بدعة خارج السياق الذي ورد في النصوص أعلاه، بل يعلنها جهارا نهارا إنما هو جزء من هذه السلسلة وإن كان يحمل ختامها، ويمسك بنهائية الصورة الدينية التي يجب أن يكون عليها دين الإسلام بالمعنى الشمولي {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الأحقاف9، هنا نؤكد كما أكدت النصوص القرآنية على حقيقة أن التواصل في الفكرة الأساس بين إبراهيم ومحمد نعنمد على قاعدة واحدة هي قاعدة طاعة الله ورسله لمباشرة حياة مستقيمة إذا ما تم التسليم بالدين كوحدة واحدة تتميز بنسقية موحدة في الأسس والمنهج والنتائج {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ }البقرة130، فملة إبراهيم كما سماها هو الإسلام لا يمكن لأي نبي أو رسول من بعده أن يرغب عنها وإلا عد من السفهاء، لذا لا غرابة أن يكون النبي محمد أولى بإبراهيم والعكس صحيح {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ }آل عمران68، هذه الحقيقة هي التي تدعم وحدة الدين الإسلامي بفروعه الرئيسية الثلاث لو حملنا النصوص على محل القصد العيني في المعنى، دون أن أن نضع المسميات التأريخية والأعتباطية محل أهتمام وتقديم.
السؤال الثاني_ ألا يقود هذا الفهم إلى أننا نصطدم أحيانا بتناقض في المفردات سواء أكانت مفردات تقود لكليات الدين، أو مفردات تقود للخصيصة الخاصة بكل دين؟ السؤال هل وحدة الدين الإسلامي كما فهمنا يجب أن تقودنا إلى أفتراض وحدة نسبية بالنصوص والأفكار، وأيضا وحدة نسبية مفترضة بشكليات العبادة أو الأفكار العامة؟.
الجواب_نعم وهذا حاصل بالتأكيد ولولا ذلك لما تميزت كل ديانة عن أختها ببصمات متفردة تجعلها وكأنها عالم أخر لا علاقة له بما قبله ولا من بعده، هذا تقرير واقع حال، ولكن الإشكالية لا تعود برمتها إلى أصل الدين بل إلى ما تم رسمه لاحقا بيد الناس، أعني التحريف والتزييف والتدخل الأعتباطي وغياب التدوين المضبوط من لدن الرسل أصحاب الديانات وفي وقتهم وتحت أشرافهم، هو العلة في هذا الأختلاف، تشير النصوص القرآنية وبتحدي لهذه الظاهرة {فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} الصافات157، هذا التحدي يشير من جهة أخرى إلى وقائع حادثة ومحدثة غيرت وبدلت المفاهيم العامة وكلها بفعل المؤمنين الذين ولجوا باب التحريف تحت أسباب ومبررات عديدة، {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ}النساء46، هذه الحقيقة هي التي تفسر لنا النسخ المتعددة من الأنجيل مثلا أو ظهور أكتب أخرى مع التوراة، وقد شرحنا معضلة وإشكالية التدوين وأثارها في أكثر من مناسبة .
كان من نتائج التدخل البشري والتدوين اللاحق ودور العوامل الأجتماعية وتأثير الأفكار الثقافية والحضارية التي تراكمت وتعاضدت في أعادة بسط وتدوين النصوص الدينية بكل ما حملته من لواقح وزوائد ونقصان، أن تشكلت لنا خلطة هجينة وغير متجانسة من الدين، لا يمكن حسمها أو التدقيق فيها وفق مرجعية معيارية محددة لتكون الحكم فيما أزيد أو نقص من الدين لغياب الأصل الثابت لها كمدونة شديد الوثوق بأحتمالية أن تكون هي الكاملة والمزكاة من الرسل والأنبياء.
إذا ما وصلنا ليس بالضرورة هو كل الدين الإبراهيمي وما تبعه، والكثير من خلال المقارنة والمقاربة بين النصوص والأحكام المختلف عليها داخل الدين الواحد تؤكد أن الأختلافات هذه أختلافات موضوعة ومحشورة وغير أصلية، لذا فأختلافها مع النسخة المحمدية الأخيرة من دين الإسلام الإبراهيمي سبب واقعي وواقع مسبب بعلاته، ولا ضير أن نقول أن هذه الأختلافات واحدة من علل تكرار التشريع الديني فلولا عبث الإنسان لم يجد باعث الدين أو عين الديان أن يجدد دعوته بين فترة وأخرى، وبقى دين إبراهيم كما هو إلى النهاية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح