الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل والدين عند كانت

يوسف الصفار

2017 / 9 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العقل والدين عند كانت
بداية لتفسير نقد العقل الخالص نقول .. ان العقل هو ليس العضوا المادي كالمخ وانما ربط الاشياء ببعضها وعقلنتها اما الخالص هو انتفاء العقل من اي تجربة حسية او الاستناد الى التجارب الحياتية . فاحكامنا ستكون بقوة العقل النظري ..اما النقد فهو التقيم لان العقل دائما تتملكه اسئلة لايمكن الفكاك منها كان نبجث عن سبب الشيء ومسبباته ..لذا اختلف الفلاسفة بتحديد وسائل المعرفة , فالعقلانيين قالوا اكتساب المعرفة عن طريق التأمل النظري فقط واقوى حججهم كانت الرياضيات و التجريبيون قالوا ان المعرفة تتم عن طريق التجارب العملية .. اما (كانت ) فاتخذ مسارا مختلفا مبينا ان المعرفة تتم عن طريق الاثنين معا ..
قسّم (كانت) المعرفة كلها الى معرفة تجريبية ( تعتمد على التجربة ) واخرى تحليلية ( مستقلة عن التجربة ومتجاوزه لها ) لكنه اكد ان المعرفة كلها تبدأ بالتجربة بمعنى ان احساسا ما لابد منه ان ينبه عمليات الفكرويسبقه .. لكن تركيب العقل يشكل هذه التجربة في اللحظة التي تبدأ فيها وذلك لما تأصل فيه من من الادراكات العقلية والحدسية .. وان اشكال الحدس الاصلية هي الصورة المشتركة بين الجميع والتي تتخذها التجربة في احساسنا الظاهر كمكان.. وحساسياتنا الباطنية كزمان ..
ان البرهنة على صدق الدين او كذبه بالعقل الخالص هي في نظره دغمائية .. وحكم ايضا على دغمائية المتافزيقيا .. انه كل مذهب في العلم او الفلسفة او اللاهوت لم يخضع اولا لامتحان نقدي للعقل ذاته . لكنه بين ان بامكان العقل ان يعطينا المعرفة مستقلا عن اي تجربة كما هي الحال في ستة مضروبة بستة تساوي ستة وثلاثين وبهذا يعتبر المباديء الاولية التي نستمد منها المعرفة الخالصة بدون تدخل التجربة يؤلف ما نسميه العقل الخالص ..
اما بالنسبة للاخلاق فيعتبر ان الانسان ملتزم اخلاقيا في الحصول على اساس عقلي للنواميس الاخلاقية .. يقول كانت ( ان المفاهيم الاخلاقية كلها مستقرة ومتأصلة قلبيا في العقل ) ويزعم ان لكل فرد ضميرا , واحساسا بالواجب وهو يعي قانونه الاخلاقي .فنجن نفعل الحق من اجل الحق كغاية في حد ذاته .. فأمره مطلق وليس كوسيلة للعقاب والثواب والسعادة ..وهذا الامر المطلق يتخذ عنده شكلين (( اعمل بحيث تستطيع قاعدة ارادتك أن تظل على الدوام صادقة كمبدأ للتشريع العام ويتطلب في هذه الحالة ان تسلك بحيث اذا سلك الغير مثلك سار كل شيء على ما يرام اي ان تعامل الناس كما تحب ان يعاملونك وتعامل الانسانية كغاية لا مجرد واسطة ))
لذا فانه بدل ان يستنبط الحس الاخلاقي من الله كما يفعل اللاهوتيون استنبط الله من الحس الاخلاقي وبهذا يجب ان نتصور واجباتنا لا على اساس اوامر تعسفية لارادة غريبة عنا بل قوانين اساسية لكل ارادة حرة في ذاتها وقد توصل الى هذا الاستنتاج لاننا لانستطيع تحقيقا لكمال على الارض .. لذا فمن العدل ان نمنح حياة ما بعد الموت وهذا بطبيعة الحال يفترض وجود اله عادل .. فالتوازن الاخلاقي يتطلب ان نحققه في مكان ما مادمنا غير قادرين على تحقيقه على الارض .. لذا لابد ان نرسي ايماننا في الحياة على حس اخلاقي لا يبرره غير الاعتقاد بوجود الله .
(( بقدر ما تبنى الاخلاق على مفهوم الانسان كفاعل حر فهو يتعامى بعقله عن رؤية القوانين غير المشروطة لان الاخلاق ليس بحاجة الى فكرة كائن آخر فوقي يجعله يدرك واجبه ولا يحتاج الى اي حافز غير القانون ذاته يجعله يؤديه ..ومن هنا فان الاخلاق من اجل ذاتها هي لاتحتاج الى دين على الاطلاق )) ثم شدد كانت على الرقابة لكن في نفس الوقت اكد انه يتحتم على هذه الرقابة ان لاتسبب اي اضطراب في مجال العلوم فغزوا اللاهوت للعلم قد يعطل جميع جهود العقل البشري ويسترشد حينها بما حدث لغاليلوا ..
الانسان لايولد خيرا بنظر كانت فاذا اردنا ان نعرف طبيعة البشر الحقيقية فيكفي ان نلاحظ سلوك الدول ..لكن كيف تأصل الشر في طبيعة البشر يقول كانت انها تأصلت فيه لانها كانت ضرورية للبقاء في الاحوال البدائية فهو بهذ ا يرفض فكرة الخطيئة الاولى وان الشر ميراثا انحدر الينا من ابوينا الاولين ..فالميول الطبيعية ذاتها خيرة ويتطلب ان لاتلام ومحاولة القضاء عليها عديمة الجدوى وضارة ايضا ولا تستحق اللوم وفي هذه الحالة علينا ان نروضها بدل الاصطدام ببعضها وننسق بينها لتنسجم مع متطلبات ما نسميه السعادة . فالخير الاخلاقي اذن هو الحس الاخلاقي في جميع الناس لكنه في اول الامر ما هو غير حاجة يتطلب تنميتها بالتعليم الاخلاقي والتهذيب الشاق ..ويعتبر ان افظل الاديان هو ليس ذاك الدين الذي يفوق بقية الاديان بالطقوس والتمسك الدقيق في عبادتها وانما هو الاكثر تاثيرا في الناس ليحيوا حياة اخلاقية ..والدين العقلي لايبني نفسه على وحي الهي بل على الاحساس بالواجب ..
بعد وفاته نشرت له كتابات ئؤكد ان اي شيء لا وجود له الا في فكرنا وقد طبق هذه الارتيابية على فكرة الله (( ليس الله جوهراً موجوداً خارجي , بل مجرد علاقة اخلاقية في باطني ..والأمر المطلق لا يفترض جوهراً يصدر اوامره من عل , ويتصور اذن على انه خارجي , بل هو امر او نهي من عقلي أنا .... والامر المطلق يمثل الواجبات الانسانية كأوامر الهية لا بالمعنى التاريخي , كأن ( كا ئنا الهيا ) قد اصدر اوامره الى الناس , بل بمعنى أن العقل .. له القدرة على الامر بسلطة شخص إلهي وعلى هيئته , تنبعث من الامر المطلق وليس العكس ..إن الكائن الأعلى .. هو من خلقه العقل .. لا من جوهر خارجي عني .. ))
بهذا انتهى التفائل اللاهوتي التي تشبثت به المسيحية بالفلسفة الكانتية كونه افضل امل للالوهية .. انتهى الى تصور كئيب لله يراه خيالاً نافعاً نماه العقل البشري ليفسر به المطلقية الواضحة للاوامر الاخلاقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 12345


.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #


.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع




.. #shorts yyyuiiooo