الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة (مفيد فوزي) الحرجة! العيل بيجي برزقنا!

فاطمة ناعوت

2017 / 9 / 7
حقوق الانسان


هذا المقالُ ليس بريئًا تمامًا. لنقُل إنه "مُغرِضٌ"، إلى حدٍّ ما. بعضُه موضوعيٌّ، لله والوطن، كما، يليقُ بالمقالات الخالدة. وبعضُه ذاتيٌّ، لمنفعةٍ شخصية. والحقُّ أن شيئًا من الذاتية، لن يُفسِد العالم، وسأشرح في نهاية المقال كيف أن بعضَ الذاتيةٌ نبيلٌ.
بدايةً، أُحيّي الأستاذ "مفيد فوزي" على زاويته الجميلة بالصفحة الأخيرة من جريدة "أخبار اليوم"؛ التي تحملُ عنوان: “الدنيا سؤال". تلك الزاوية التي يطرحُ فيها الأستاذ عددًا من “الأسئلة” بدون إجابات. ذاك أن المدارس الفكرية الجديدة علّمتنا أن "الأسئلةَ" أهمُّ من "الإجابات". ليس فقط لأن لا أحدَ في العالم يملك إجاباتٍ نهائيةً على الأسئلة الوجودية الكبرى، ومَن يزعم غير ذلك هو كاذبٌ قلبُه. بل لأن السؤال في ذاته، أيَّ سؤال، يحمل إجاباته اللانهائية التي بعدد أبناء البشرية. السؤال يثيرُ العقل، ويُحفّزه ليستيقظ من سُباته ويطير صوب فضاء التفكير. بينما الإجابة عادةً تمنحُ العقل قرصًا منوّمًا، ليُكمل إغفاءته وينعم بالنوم والكسل. السؤالُ مُقلِقٌ. والإجابةُ مريحةٌ. السؤال هو صكّ الدخول إلى جحيم التفكير. بينما الإجابةُ هي بوليصة النوم في جنة البلادة الذهنية اللذيذة. السؤال هو "العقل". والإجابة هي "النقل". والفارقُ، في تقديري، بين الإنسان الذكي الناجح، وبين أخيه البسيط، هو أن الأول يدورُ رأسه في فَلَك الأسئلة المترامي، بينما الثاني عقلة راقدٌ في كبسولة الإجابات. الأول تتقاذفه أمواجُ بحر متلاطم من الأفكار الحائرة. والثاني ينعم بالنوم الهانئ تحت شجرة اللاشيء الوارفة. الأول متشكّكٌ. والثاني متيقنٌ. الأول يشقى. والثاني متنعّمٌ. لكن الأول مشروع عالِمٍ أو فيلسوفٌ محتَمل. والثاني غير ذلك. وفي هذا يقول المتنبي: “ذو العقلِ يشقى في النعيم بعقله/ وأخو الجهالة في الشقاوةِ ينعمُ.” فذو السؤال لا ينعمُ، حتى في النعيم، بل يشقى. وذو الإجابات الجاهزة ينعم، حتى في الشقاء.
لأجل كلّ ما سبق أُحيّي الأستاذ مفيد على زاويته التي يُطلق فيها أسئلته في سلّة القارئ، دون أن يمنحه إجابات نهائية. كأنما هو امتحانٌ للقراء حتى يتمرّنوا على الإجابات. وليس من ناجح وراسب في هذا الامتحان. فكل الإجابات مقبولةٌ، وكلها صحيحةٌ، وإن أخطأت. فالهدف ليس الإجابة "النموذجية”. إنما الهدف المرجوّ هو "التفكير" وإعمال العقل، وليس طرح الإجابة.
والآن، سأطرح الأسئلة الستة التي كتبها الأستاذ في عموده الأخير، ثم أجيب عن واحد فقط منها:
1- كيف ننقذ البلد من القنبلة السكانية وممارسة رياضة زرب الأطفال؟ فهل الله عز وجل يتحمل المسؤولية "!!” لأن موروثًا يرقد في العقول: كل عيل معاه رزقه"؟
2- في زمن عبد الناصر كانت زراعة القطن بالأمر، واستجاب الفلاح فكان المحصول والثروة والتصدير والسمعة. لماذا افتقد "الثورية" في بعض القرارات؟!
3- هل كل "إهمال" تضيع فيه أرواح المصريين ،ألزقه في "الإخوان" وأُبرّي إهمالنا؟!
4- من َحضر مثلي صالون الراقية فاطمة ناعوت الشهري، وهي تذكرنا بمحمد الموجي أحد جواهرنا الخالدة من خلال أولاده وبناته وفي الذكرى حياةٌ أخرى؟
5- هل "كفر" محمد صبحي عندما زار سوريا الوطن والغوطة وأهلنا في الشام؟
6- هل نطبق على النمور الآسيوية المكتسحة اقتصاد العالم نظرية ازدراء الأديان لأنهم بوذيون؟ أكاد أسمع استنكارًا… فهل أبالغ لو قلت: يا خيبتنا؟
أما السؤال الذي اخترتُ أجابته، فهو الأول:
سأجيبُ الأستاذ من خلال حلقة، لا أنساها، من برنامجه الخالد: "حديث المدينة" عمرها أكثر من عشرين عامًا. كان الأستاذ يجول بكاميراه وميكروفونه في أشد القرى والنجوع فقرًا ليكون شاهدًا على مشاكلها، ويُشهِد معه جمهوره. دخل بيت أحد الفلاحين الفقراء، ثم سأل الزوجة عن عدد أطفالها. فأجابت أن لها من الأبناء تسعة. سألها سؤالا بديهيًّا: “ليه بتخلفوا كتير وأنتم فقراء؟" سؤال استنكاري، كان يجب أن تكون الإجابة عنه بالصمت خجلا، أو التذرّع بأي تبرير مهما كان ساذجًا، من قبيل: “مخدناش بالنا"، "النصيب"، "مالقناش الحاجة الي ببلاش كده!”، إلى آخر تلك البلاهات التي يقولها الناس ليبرروا هدم مصر اقتصاديًّا. لكن الإجابة جاءت صادمة وغير متوقعة: “احنا بنخلف كتير عشان احنا فقرا يا بيه!”. ولما سألها الأستاذ: “ازاي يعني مش فاهم؟!” قالت المرأةُ: “أنا باولد العيل وأرضعه من صددري "ببلاش" سنتين. وبعدين ياكل من حشاش الأرض "ببلاش" 3 سنين"، وبعدين يشتغل يصرف علينا. إن كان ولد بعتناه الغيط يشتغل فلاح، وإن كانت بنت نبعتها البندر تشتغل خدامة.” هكذا منطق من يملأون الأرض بالجوعى والمرضى والمعوزين. "العيل مش بيجي برزقه"، كما يقول المثل الدارج. إنما يأتي "برزق أبويه”! المنطق معكوس. فبدلا من أن ننجب لننفق على أطفالنا، ننجب أطفالنا لكي ينفقوا هم علينا! وهو مثال صريح لما يسمى في الغرب بـ Child Abuse. تعذيب الأطفال واستغلالهم دون مساءلة قانونية في دول لا تحترم الإنسان ولا ترحم الطفل. فالحديث الشريف: “تناسلوا فأنني مباه بكم الأمم يوم القيامة"، لا يجوز إطلاقه إلا على نسل من الأصحاء الأقوياء الأذكياء المتعلمين يُتباهَى به، وليس على نسل يمثّل عبئًا وإعاقة للمجتمع الذي يعولهم صحيا وتعليميا واقتصاديا.
ذاك هو الشق "الموضوعي" في مقالي. كارثة الانفجار السكاني الذي يدمّر مصر. أما الشق "ألذاتي"، فأرجو ألا يكون القارئ قد ظن أنه السؤال رقم (4)، الذي ذكر فيه الأستاذ اسمي وصالوني الشهري. فلستُ بتلك البدائية في الطمع والذاتية. إنما طمعي أكبر وذاتيتي أشد. إنما أكتب هذا المقال لكي "أدبّس" الأستاذ مفيد فوزي لكي يفي بوعده ويبرّ بعهده، ويرضخ لمطلب جمهور صالوني الشهري، الذي طالبه بأن يكون ضيف الشرف لصالون هذا الشهر يوم 30 سبتمبر.
أتذكر الآن النكتة التالية: “يهودي بخيل مات ابنه فحب ينشر له نعي في الجورنال وبالمرة يعمل إعلان ببلاش، فكتب التالي: “شمعون ينعي ولده ويصلّح ساعات". وفي محاولة مني لمحاكاة شطارة ذلك اليهودي، سأستغلُ المقال في إعلان صغير! صالوني الشهري يُقام في السبت الأخير من كل شهر بمكتبة مصر الجديدة العامة في تمام السادسة مساء، ويُقام تحت رعاية جريدة "اليوم السابع" الجميلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البند الرابع ليس سؤالا
عبد الله اغونان ( 2017 / 9 / 7 - 16:46 )
فما وجه التساؤل فيه ؟
انه اشهار
لايختلف عن اشهار اليهودي الذي نعى ابنه وقدم نفسه مصلح ساعات
أنت تتحدثين عن مشاكل مصر سطحيا

اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب


.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا




.. الأمم المتحدة تدعو لتحقيق بشأن المقابر الجماعية في غزة وإسرا


.. سكان غزة على حافة المجاعة خصوصاً في منطقتي الشمال والوسط




.. هيئة عائلات الأسرى المحتجزين: نتنياهو يمنع التوصل إلى اتفاق