الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معالجات نقدية ثقافية لنصوص نثرية -الشاعر عبد الجبار الفياض/C

سعد محمد مهدي غلام

2017 / 9 / 7
الادب والفن


انت
عذراء معبد
تغسل قدميها بثرثرة واعظ سلطان
يرمي انه خلفه...
تلعنين من كانت رؤوسهم لا تأتيهم الا في السرير
انت
سجادة سومرية
لا تطوى بأيماة حاجب
يتلاشى ظله بقفا مولاه...
خصب انت
ترعاه من دموزي عيون...
اﻵن عرفناها بلا مواربة ولا تغليس ومراء انها التي كلنا لها فداء: اﻷرض.
ان اسكشاف تجربة الإدراك عند الشاعر يحملنا،بعد ذلك ،إلى المسألة ذاتها التي مارسها الرسام وكتب والاس ستيفنزفي دراسة له بعنوان *العلاقة بين الرسم والشعر *متأملاذلك التأكيد الشائع من اصول الشعر توجد في الاحساس.وطبيعة.التفاعل بين المخيلة والذاكرة والبناء التي تظهر لملاحظات.ستيفنزسبندرفي صناعة قصيدة.ما.كتب سبندر *ان الذاكرة في حالة ممارستها بطريقة خاصة ،هي الموهبة الطبيعية العبقرية الشعرية والشاعر،دون غيره،هو الشخص الذي لا ينسى أبدا الإنطباعات الحسيةالمعينة التي قد مارسها والتي بوسعه ان يعيشها ثانية وثانية كما لو انها ما زالت على طراوتها الأصيلة*
*الذاكرةهي القدرة على الشعر لان المخيلة ذاتها هي تمرين للذاكرة* كما يعود ويقول :سبندر*
وبعد سيل من كلمات تحفر في الحاضر والتاريخ يمرعلى مواقف لها دﻻﻻتها حيث يقول :في قصيدته *أنا وقصيدتي *أرضه
تقتسمين معي
ما معي...
كسرة خبز
من تنور
يحفظ قصة رجل من غفار..
وأم
اغلق غوركي قلبه !
شايا
تحت دخان سعف متعفف
عن رزايا
تتابعت
فأمطرت دما وضفادع!
لم يبق ﻷم قلب فارغ
لم تسكنه عتمة...
رطبا
من عمة
من حمارة قيظ

ويختم كما عودنا بخلاصة لما يرى وما أمامه يقوم حيث يقول:
ظلمات
ظلمات
لا برق يضئ...
العيون فرشت ظلمتها
ونامت...

لا تبيعي طوقك
العشق لايباع
الفضاء
يملكه اليمام ولاعذر لكسر جناح!
انت قدر
يسقطن قدرا
إياك أحب
وأياي تحبين
أليس كذلك؟
ﻻيرى الرجل ثمة من أمل، ديجور وهندس رغم انه الخير وفير والجياع يكفيهم الكسرة من الحلال كالغفاري ابا ذر الذي قال :لعمر لو وجدنا اعوجاجا فيك لقومناه بالسيف .واقام الدنيا على معاوية ابن ابي سفيان في الشام لما يبذخ ويهدر من اموال بيت مال المسلمين. وهو الذي يقول: اعجب لرجل دخل داره ووجد عياله جياعا ان ﻻيخرج على الناس شاهرا سيفه ليس الجشع ولكن احذروا غضب الحليم وقيام الجياع لقد استشرى الفساد ونهبتم كل شئ لاتنسوا احفاد الغفاري .والأم رواية من الأمهات للكاتب الروسي العلم مكسيم غوركي كان يعني بها الشعب لانه هو مرضع الثورات وموجدها وعتادها وذخيرتها وهو مرعب العتاة. انه يلمح إلى ان الشعب قد فاض به وان ملكتم الأرض ووعاظكم خدروا الناس باﻵفيون. فإن السماء ليست ملك احد انه مطلق الفضاء حرية بلا حدود الكل له ان يحلق فيها يتمنى على شعبه ان لا يبيع مهر عشقه وان يتمسك بأرضه وما عليها وما في باطنها .انه ملاذ الخصب والعطاء ستمنح الجميع فدموزي يحرس قطعانها وحقول سنابلها والشعب مكمن الخير يقبل بالقليل لكن حذار من قيامه .ان هو الأن في سنة من نوم ثمالة وظلام ويخاطب أرضه وأمه الشعب انه يحبهم وهم يحبونه حتى وسط الظلمات والعتمة .العشق ليس له ثمن ومتاح للجميع كما هي الحرية والسماء لا يملك الزمام واعظ أو دعي.وكان وردزورث *قد اشار إلى الجانب الشعري في تعقيبه الذي ثمنه توماس كوينسي* حين قال:*كانت إشارات وردزورث أثقل وزنا بكثير من أي شئ آخر سمعناه حول موضوع الاسلوب،وهوانه من غير الفلسفي. إلى حد بعيد ،ان نسمي اللغة أو الاسلوب رداء الأفكار... من المستحسن ان نسميها تجسيد الأفكار إذ لم يسبق قط لحقيقة بهذا العمق ان تم إيصالها بكلمة واحدة.
من أين جئتم ؟
أيّتُها الأشياءُ التي لا تحملُ أسمَ ولادتِها . . .
وظاهرتْ بقعةً
قطعتْ حبلَها السرّيّ . . .
ليتَها ما قطعتْ
وقطعتْ. . .
وليتَها ما سمعتْ صرخةَ طلْقٍ
فتقتْ سُرّةَ صمتٍ
تسرّبَ في بيوتِ النّمل . . .
ألم يزركمْ طيفٌ من ثمود؟
ألم يأتكمْ نبأُ الذي أوصى بثلثِ دمِهِ
لليلةٍ
لا يولدُ فيها الهلالُ مرّتين . . . ؟!!
يقرع من. يهاجم من . نفسه والناس جميعا مادام ذلك ديدنهم لا يرعوون يتمنى لو ان الوﻻدة الكونية ما اخرجت وليدها وان اطل ما قطع حبله السري مع التراب أصله ولا اطلق صرخة الولادة. ايها المتكاثرون مصيركم الخراب والويل والثبور ألم تعلموا ان هناك من يدفع ثلثه البشري ليبقى السكون ويظل القمر في منزله المكنون لا يولد من جديد .يقول ريشاردز*ان سير عمليات الاستعارة في اللغة ، والتبادل بين معاني الكلمات التي ندرسها في استعارات لفظية صريحة ،أو مركبةفوق مدرك حسيا هو بذاته نتاج استعارة سابقة أو انها جاءت بلا دراية ، واننا لن نتعامل معها على نحو عادل لونسينا كذلك* غادميروهدجر حاولاان يعاملا الاستعارة على انها ظاهرة ألسنية وحيدة ،وظاهرة بلاغية تستخدم فيها الكلمات التي ترد منفردة أوضمن بناء دلالي أوسع باسلوب لارباط يربطه .ونحن ﻻنرى للاستعارة هذه المكانة ان المجاز والصورة هما عماد البناء في المدماكية الشعرية وتلك قناعة تدعمها وقائع الإبداع الشعري لقصيدة النثر وهنا للفياض المثال الحي لتوثيق ما نرى عبر استخدامات الحرف في البناء لصياغة المجاز والتمثيل والتشبيه والصورة هي العماد .واﻻنزياحات الخﻻبة
التي انثالت شﻻﻻت من الحروف المائية القزحية

ما كان جوعاً
أقتاتُهُ
وحفنةَ ماءٍ قراح
وأسجدُ في محرابِ عشقٍ
تركَ فيه جدّي قلبَهُ ساجداً
لم ينفتلْ
ومات . . .
حكايتنا وجود ليس حاجة بشرية عابرة ليس رمقا من سغب ولا ظمأ ولاغريزة نمارسها كل حين ،ملازمة لوجودنا .فالقلب يعلم بما يجود ليأخذ الجسد كفايته ولكن النفس غير مطمئنة لأنها تعرف المصير منذ ان ظهر الإنسان على البسيطة. حتى قبل ان تسرق العشبة من جدنا كان يعرف المصير عبور وما نحن إلا في محطة من أين جئنا سنعود إلى العماء والعدم.سمتان اساسيتان مترابطتان من سمات منتجات الوعي الثقافي هما المعيارية والفردانية اللتان يلحق بهما سمتين أخريين هما التخطيط والصور النمطية وتبدو المعيارية والفردانية للوهلة الأولى كما لو انهما سمتان متناقضتان حيث يعني اضفاء الطابع المعياري جعل الأشياء متماثلة في حين يعني اضفاء الطابع الفردي جعلها مختلفة.ولكن ادورنو *يرى ان هاتين السيرورتين هما وجهان لعملة واحدة في كتابه عن صناعة الثقافة .وهنا يأتي دور الشعر وتطور النظرة له وفق ما نرى تخليصه من الأرستقراطية النخبوية كما يطلب لوتريامون* ان نمارسه على طريقة غرامشي* في المطالبة بالمثقف العضوي ونحن نترجمه الجماعي ونرى ان ذلك أكثر استقامة وطبيعة تفكير مطلقها. اننا في شعر الفياض نتلمس وعيا متقدما ورقيا في تناول الموضوعات والتعامل مع المفردة والإرتقاء بعملية البناء التصاعدي للنص وعموم إبداعه لانكوص في تجربة الفياض بل تطور وتقدر بإضطراد وتناول حتى للمشاغل اليومية بأفق كوني وتلك هي متطلبات قصيدة النثر ما بعد الحداثوية. وان نعد هذا المصطلح تقادم ولكن الإبداع ينمو ويتقدم مع كل جهود التخريب التجريبية التي انطلقت من الوﻻيات المتحدة وفكرها البرغماتية والذي خرج البعض حتى على قواعده تحت ذريعة التجريب وما كان ذلك إلا التخريب المقصود والمعروف النوايا .ولكن مع الأسف هناك من يروج تحت العقدة الآدلرية التي يعانيها جراء فقدانه حس الخلق والإبداع ولكن الوجود لأمثال الفياض هم في الطليعة يتقدمون الركب في صنع أدب راق وغير معاق
ما كان جُرحاً
فملحُ حروفٍ على شفاهٍ مثقلةٍ
بصبغةِ بوحٍ منخنق
أطبقها موتٌ أجير
قبلَ موسمِ الحصاد . . .
ليس مرحلة ما يتحدث عنها الرجل بل الرحلة بمجملها. فليس علامات نضال ندفع فيها جروح وتندمل ونعود انها وقوف في الصف بانتظار الحشر والموعد مع الهولوكوست الحقيقي وليس الكاذب ليخرج الزونبي بجمجمته الفارغة وكل اعضاءه تشهد عليه .والكلمات بلسم ملهاة لنقضي الأيام بالانتظار. أيام نقود الشام ولت الأدبار ومما رواه صاحب الأغاني قال:قال ،هشام بن عبد الملك لشبةبن عقال وعنده جرير والفرزدق والاخطل ،وهو يومئذ أمير:ألا تخبراني من هؤﻻء الذين قد مزقوا اعراضهم ،وهتكوا اشعارهم ،واغروا بين عشائرهم في غيرخيرولابرولانفع ،ايهم أشعر فقال شبة:أما جرير فيغرف من بحر ، وأما الفرزدق فينحت من صخر وأما الاخطل فيجيدالمدح والفخر .فقال هشام: ما فسرت لنا شيئا نحصله فقال: ما عندي غيرما قلت . نسوق ذلك لنقول :ليس للناقد المفاضلة بين الفحول ولكن له ان يطري النصوص ويطرب على كﻻم من شاء دون قدح سواه ، هنا نحن نعظم ما عند الفياض من قريحة ونمجد النصوص اللامعة والتي تحاكي مانعانيه بلغة العصر ونراه تفوق في اﻷقوال ونبغ بقصيدة النثر دون التثريب ولا الإنتقاص. الجمال حتى عندما نغضب ويصف القبح نحن نتحرى التصوير والصورة فكان الجبار هو اﻷريب

أنثرهُ
وأجنيه في جفونِ الفجرِ قصائد
تشنقُها آهاتٍ
خلفَ أضلعٍ
تسوّرتْ خافقاً
يستبطنُ عشقاً . . .
تغربتْ به طاقيةٌ شعرٍ
فأثقلها
فتوسدتْ ألمَهُ لحداً
يضجُّ بالحنين . . .
ولمثله
شُدّتْ رحال
ورُكبتْ عصور . . .
يصنعُ تموزُ مزاميرَ عُرسِهِ
تحتَ شمسِهِ . . .
وما كان كلكامش قاعداً يموت. . .
ستستمر الحياة ونعود لنعمل ونقاتل كيما نظل في موقفنا ندور وتدور الأشياء. نتوق لنخلص النوايا ولكن أنى ذاك؟ جدنا فقد أمل الخلود ولكنه لم يستسلم وما فقده عند ذهاب أنكيدو إلى حيث لا يعود ولكن الدنيا باقية مادام تموز يعود. تعود الأرض تخضر والسنابل تنضج وتمنحنا القوت وعشتار وشمخة معنا في الموقف .اننا في تقديراتنا السايكولوجية وان اخذنا بالفرويدية الحديثة ولكننا منطلقات إريك فروم* هي الرائدة والتي بعد اخضاعها للتطور الأبستمولوجي والأنطولوجي الحاصل بالثقافة والتثاقف والمعيارية للنقد الثقافي السليم النوايا .ولذلك نجد الجمع بين السايكولوجيا والسوسولوجيا العمل المطلوب اخذين تقدم المحورين وتداخلهما مع سواهما من العلوم في مثل هذه الحالة نفسر تقلبات الفياض المتلظية وتناحره مع الحرف حد التلازم انه يرجم الحروف وبها يرجم الكلمات وبالكلمات يرجم النصوص وبالنصوص يرجم الحال وما يعالجه .

إيهٍ
يا رديفَ رحلةِ الشّقاء
أيّها الموصولُ بخيوطِ قطعتي البيضاء . . .
بخيرٍ أنتَ
حين تُشرقُ الشّمسُ على قروح
وتنفري دمامل . . .
ويجمعُ النّورسُ في جناحِهِ الخليج . . .
وتمسحُ شبعادُ دمعَ صباياك . . .
ولا يكبو حصانٌ مرّتين . . . !
موصولون ببعضناهنافي هذه الأرض نجرح ونشقى وتستشرينا الدمامل لكنها تنفري ويعود لنا خير ما وهبنا الله وامنا القديمة ستربت على رؤوس المتناوحين وتنفض الجاينة حتما ولكن متى؟ هنا يستوقفنا موقف نراه استبق الأن فلم ينل التصويب. كان على الفياض ان يختم وﻻيكبو حصان مرتين بعلامة استفهام؟ نراه درس التاريخ وما تحويه اللفائف وما حتى يقوله القصخون بلى يكبو الحصان مرات مرات نعم يقوم ولكن بعد حين وإذ كانت كبوته الكبرى تطول أيام رقاده مضطجعا عليﻻ حتى يشفى وهنا كذلك علامة استفهام فلا أحد يعلم متى يقوم؟ يقول آلان هاو* عن هوركهايمر*ان الفلسفة المعاصرة بأشكالها المتنوعة قد عارضت الإتجاه الوضعي الذي ينزع إلى تجريد الإنسان من صفاته الإنسانية وإلى رؤية الحياة الإنسانية بمصطلحات علمية وحسب ،وحاولت ان تنقذ الفرد من اختيار الحياة على انها مجرد خليط اعتباطي .هذا ما يحاوله جاهدا الفياض اﻹعادة للروح الإنسانية إلى أنسنتها وطيبتها بالتواصل والاتصال بالعوامل التي يحيلها إلى حروف ناطقة بل الصارخة بوجه الجور والحرمان .ليتساوى الإنسان ومن استحضارات التاريخ والحوادث والوقائع فنراه لايفقد الأمل في نوبة غضب لكن ليس لنا ان نطلب منه السكون في عالم مجنون تستوطنه هوجاء الظنون والأشباح والريبة والتعدي على الوجود البشري في جميع تصيراته عبرالتاريخ

جذعي
ليس منسأةً صمّاء
حملتْ نبيـّاً
وماتْ . . .
ولا عموداً اخرسَ يعتزلُ عندهُ ابنُ عطاء . . .
محق انت فالجسد هبة الرب لنا له طاقة ويحتاج انه ليس معتكز سليمان فيخفي بواره وحتى ذاك حكمة الخالق. ان تكشفه دودة حقيرة وهوالنبي ﻻنه تطاول وأراد ماليس له ان يبقى وان كان مجرد جدثا. ولاجسده ركن في جامع البصرة القديم حيث هجر مجلس الحسن البصري واصل بن عطاء واختار عمود خاصته تحلق حوله الأتباع فإعتزل وأقام نهجا جديد .ﻻيكلف الله النفس فوق طاقتها للجسد الحدود والتحمل ترهنه الطاقة والمتاح والمسموح بل تجاوز الفياض إلى غير المعلن، ليقول، ويمنح .ولكن الكائن الذي فيه له الحدود الخارجة عن مقدرات الفرد وامنياته والأحﻻم الصراع بين الحياة والموت على طول السراط بين العدم والوجود ان تجود أو ﻻتجود هذا هو الموجود . كلنا في هذه المعبر نسير على حبل ممدود وتحتنا الهاوية ومن العدم والعماء والصمت قدمنا وإليه المصير قد يختم بالحشر .ولكن هنا نحن على الحبل معلقون كالورقات تداعبها الريح وتقلبها وتلهو بها وتسخر منها حتى عندما كان للريح الجناح وكسره الإنسان لم تقف عن التنقل حيث تشاء نحن وحدنا المعلق واحدنا تحت رحمتها وان كانت بلاجناح

عشقي
ما كان قديداً في الأسواقِ
يُباعُ بالنسئ . . .
طيبةٌ تخثّرتْ . . .
وأسقط النخلُ عرجونَهُ القديم
وليس أنْ تنسجَ أفعى ثوبَها بمغزلٍ جديد . . .
ومتى أغلقَ الصبحُ باباً لطارقِ النّهار . . .
البلى سنة تصيب الجميع وما في القلب لا يضيع إلاعند الوضيع لا يتجدد كل موسم وان اصاب الجسد الوهن لن يبدل جلده لابوتكس ولاما يفعل العطار وان فعل ففي النفس حب عتيق كلما مر الزمن علا الثمن لان المعتق كالنبيذ يطلبه الرواد ومن اعتاد معاقرة الأصيل.اتخلد الأرواح وتبقى تحلق في مكانها تبحث عن الجسد الوعاء؟ بوذا يقول: انه تتنقل من بين الاجيال من كائن لأخر وعندما يصيبها الكلل والممل والضمور تفنى ونحن في ديننا أرواحنا عند البارئ تنظر الحساب العسير .ولكن الوعاء مبتلى ان له عمر افتراضي هوالمقدروالمكتوب وقد يناله العارض فيصيبه الوهن ويبقى المعطوب المعلول انها سنة وان تطول بك السنون مصيرك هوالمعلوم .المكتوب ليس منه الهروب بمقدور الكائن الفان

أيّتُها الأشياءُ
سوف لنْ يدورُ عقربٌ لساعةِ الرّحيل . . .
إنـّك مغادرةٌ . . .
بلا شهادةٍ
أو شاهدةٍ . . .
ولات ساعةَ
تفتحُ كفَّ سائلِها إلى السماء . . .
ستدور عقارب الساعة يا فياض ولكن لن يغادر المسافر نكرة كلنا في المحطة .ولكن لكل إشارة وميعاد وشاهدة فلتفتح كفك للسماء سيعطيك ربك ليس أكثر مما تستحق ولكن ليس أقل فعنده ﻻيضيع أجر ولا تتساوى الناس إلا في الوجود .ولكنهم وفق الحسنات والافعال تباينوا وعلى ذلك كل منهم له مكان .المقامات وان تساوى الإنسان في تربته على قدر الاعمال إلا ان الإنسان ينقطع إلاعن ثﻻث الخلف الصالح والصدقة الجارية والعمل الصالح هذا ما نراه يستقيم وما يجريه الفياض .وهو يتحكم بحرفه ينطق بما هو حق الملخص لما يقول، هو ما اختمر لديه من درس التاريخ لأمته وبلده وللبشر هنا وفي اينما يكون

سومري
قال لي الشاعر نعمة السوداني شيئاً أبهجني . . . فكانت . .
تسربلَ بسمرتِهِ الى حدِّ الأرض
مَشقتْ منه
مَشقَ منها
حفرتْ فيه خطوطَ العشق
وكحّلتْ جفنيه بمرودِ حزن . . .
إحتواءٌ
بلونٍ واحد
لا يشقُّهُ وميضُ برق . . .
ما قاله نعمة السوداني مع اجلانا له ليس الشهادة. بل انت من تكون حرفك المزيون والموزون بشواقل اجدادك هي ما تعطيك واستمرارك على نهج اهلك .هي أجازة مابعدها ان تخوض غمار حربك ضد كل إمبابا وان تدافع وانت بهذا العمر عن أسوار أوروك بحرفك الماسي وان ترى ببصيرتك تلك الصورة المركبة العبقرية وهذا السموفي الجزالة والتمكن من المفردة وصياغتها وفق ما تشتهي ما حال عن ان تراه العيون تلكم هوية السومري ألست ابن الهور والشورج ؟ألست ابن اﻷبلة ودجلة العوراء ؟ألم تشرب من الماء المج وتقتات تمرات من الخلال ؟إلا ترنو للقصب والهور على محياك علامات اجدادك الشموخ والمجد وثاقب الرؤيا؟انت الكبير في وجودك وحرفك وما به تجود تعطينا لمسات الرضا بأصولنا التي تتمثل فيك .طباعك وطبعك وما انت عليه مطبوع يقول :بول فاليري*هناك لغة للشعر ،الكلمات فيها لم تعد كلمات ذات استخدام حر وعملي . وهي تجمعها إلى بعض قوانين الجاذبية ذاتها ،إذ انها مشحونة بقيمتين،تعملان على نحو آني ولهما اهمية متساوية :وهو تأثيرهما النفسي العميق والأني .انهما يذكرانا ،إذن بأرقام المهندسيين المركبة*

خرقَ الكوْنَ
بإصبعٍ
تلوّن بحناءِ الأنبياء. . .
على الطّينِ
تدحرج . . .
قيثارةً
قصيدةً
ترتيلةَ برديّ
مزمارَ قصبٍ
اشترى فمَ الدّهر
جوريّا
لم يبع لونه لاحد...
ً يستمد لونه من الطين ويبقى ينشج من جف مزمار وتلعب أنامله على أوتار قيثارة سومرية ويرتل لحن يصل السماء الثامنة .
هكذا العراقي أصيل هل بدل النهروالطمي اللون يزداد قتمة ويصفو انها نوائب اﻷنهار لكنها لا تبدل لونها ولا تنام قط كذلك السومري
بكلماته المجمرة يشرق بالنور ليبدد العتمة ويعطينا الدفء في الليالي الباردة لله درك .

جذاذاً
خلّفها إبراهيمُ
لفأسٍ من صُنعِ يديه . . .
ما بخلتْ نخلةٌ على اليسوعِ بظلّ
وعلى أمّهِ بما تساقط . . .
وما غارَ على المعمدانِ ماء . . .
ابو الأنبياء جدنا إبراهيم الخليل السومري امتد في وذرات تتواصل عبر القرون من جذعه الذي أقتطع منه .فلما حل موعد ان يتواصل ويمتد حنو النخل موهبة اكتسبها النخل من أرض العراق ان يكون ظلا ويساقط رطبا جنيا فمنحت العذراء ما يسد رمقها وما يسترها عن الشمس والعيون. ويحيى الذي عمد عيسى في ماء نهر الأردن ما عازه الماء وخلد حتى بعد ان قطع رأسه سيبقى يمتاح من ماءﻻيغيض فشجرة النبوة امتدت حتى إذن الواحد الأحد ان تنقطع عند محمد*ص*
يا للربط والترابط والصورة البهية انه الفياض فاض بالعطاء وقدم لنا على الطبق لمحة من القدسية ﻻسواه يفعلها بحرفه المجيد .
اختناق
نوافذُ
صمتَ عندها غبارٌ متسكع . . .
وليلٌ
يغفوعلى عيونٍ
قرّحَها أرقٌ منزوعُ الجّفن. . .
تشققتْ زهورٌ للشّيطان
ولأفاع سالَ لعاب . . .
وبدأ الصّولجانُ يضربُ الكرةَ بشهوةِ غالب !
هوجاء ورهج وقتار ولما تضرب الضوضاء اطنابها يدور الصوت وكأن سكون يسود كلنا نعرف المكان الذي يكتظ بالضجيج كلما يعلو كلما امتلئنا بشعور الصمت المطبق. وضع فسلجي بشري وتعتم حينها الرؤية وتسدر الأبصارخلف السراب فتنام مستغرقة بعد طول تنكر الوسن لها .فالكرى طردته جروح الأجفان وكأفاعي سيد دخيل تطل الأفاعي من جحورها وتتفتح أوراد حدائق الحقد والكراهية والسواد وتشتعل نار مجوس إبليس وتدحرج بين عصا هذا وذاك الكرة الكل يرومها بإشتهاء بشع مريب .ويقف بها إلى هناك وهنا وتبقى مصيدة لمن يصيب حكيم هذا الرجل يوظف النحت للمفردة ليخبرنا بثيمة استنبطها من حلمه عبر رحلة الحياة ومكناته من تطويع الحرف لينطق انه عراف .وما يقوله ،مع روعة المجاز والتشبيه عمق الفكر ونجابة الغاية والمعنى الرائع .

هذا الأحمرُ القاني
مساحةٌ حرام
سجدَ لهُ في عليائهِ قمر . . .
وعلى أقدامِهِ نحرتْ كبرياءَها شمس . . . !
لكنّهُ
أسكرَ جماجمَ سُخفاءٍ خلّدهم التاريخُ
في زوايا عتمتهِ . . .
فهلاّ ألقى الزّمنُ أقلامَهُ
لتستبق . . . !
الدم اسالته حرام وإحكام السماء والأرض لا لبس فيها كل الكائنات تخر مرات وخشوع ان اهريق بلا سبب إلا نزوات ودفع محتل .ولكن الرؤوس الخاوية المحشوة عهن لا تعي ما تقود الناس إليه فتراها لأمرفي نفسها مرض وحقد وإرتزاق يثملها الأرجواني هو خمرتها فتدمنها وتدفع السذج لمعاقرتها ليثملوا في مطاوي المواربة والغلس يختلسون سوانح لذبح أبناء الرب وغالبها ممن هدم الكعبة أهون من إراقة دمه المقدس .يأمل ان يتوقف الزمن عن تسطير الحكايا وتدوين السير لأنها مؤسفة وكريهة وملعونة وتصيب أهلها بالعار والشنارإﻻانه يخبرناعبر ممرات خﻻبة اخاذة بجودة الصياغة وإبداع التعبير ورونقها الذي وان يبتغي ان يعبر عن ماهية ذات غايات قد تمل الوجع ولكن حنكته يأخذنا معه في واحة اللغة العميقة المعبرة والمشوقة .

وبعد
لا يغسلُ المطرُ إلآ غيومَهُ
وتبقى دِمَنُ الأرض تعشقها عيون . . . !
مَنْ قال أنَّ الشّيطانَ ليس جميلاً
وأنَّ منازلَهُ لا يسكنُها الذّباب ؟
من يظن ان السماء بجودها وغيثها تغسل الموبقات فهو جاهل لا يفقه من أمر الدنيا. خضراء الدمن ﻻأجمل منها وردة زاهية ولكنها ابنة الدمن .ألم يحذركم سيد الناس ؟ألم يقل أياكم وخضراء الدمن ولكنها النشوة والسكر والطيش والغلواء تعمي الأبصار وتمنع الفهم .المال والقبح في كل شئ ما تراه انت عكسك يراه سواك .وإبليس له ملايين الوجوه كلها نضرة وذات رواء ورونق وسحناتها وملامحها جميلة ولكن ألا تعلمون ان قراد الخيل في قفاه وان الدواب الأرض تتبعه لأنها تشم رائحته وانتم سكارى لا تشمون .ثوبوا لرشدكم وتوبوا لبارئكم واحسنوا الظن بالله فالشيطان في كل مكان توعدكم وطلب ان ينظر حتى يوم الحساب ليخربكم ويسبيكم ولكن انتم أبناء قابيل لن تطيقوا حتى تشاهدوا الغراب وهو في سمائكم فارفعوا رؤوسكم الفارغة لتروه وهو يحط على بقعة يداري بها سوءته انتم ماذا ستفعلون؟ إلى أين يقودنا هذا الكبير بحرفه ومعانيه إلى عالم مسكون بالعبر وبكلمات استلت من مضان الإبداع والخلق حيث يقيم يراع الشاعر.عظيم انت انت ايها العراقي بما تملك وبما تبوح .

لستُ ممنْ يحملون جُرحاً واحداً
لكنّ جرحي شفاهُ عشق . . .
لا يُريدُ السّيافُ أنْ يراه
لأنّهُ قبرُهُ الذي يخشاه !
لا أطرحُ جروحي على كتفٍ مُعار
فوسادتي جرحٌ جديد . . .
من تعون الحرب والكباش علم جسده بالجراح قد لا ترونها لان ما يحمله من عشق رقاء وفيه مقتل السياف حامل اﻷنطاع .لن يخفي جراحاته ولا يوارب فيها ولا يعيرها سواه جرحه حمله السيزيفي على أكتافه وان اصابه الرهق توسده ونام ليعود في صحوه لحمله عيانا جهارا لا يهاب لومة لائم فالجروح قصاص وقصاصه لانه من أهل الذمة والمبادئ ومن أصحاب العشق .مجاور لرابعة وسفيان الثوري مربه وآل البيت مقتلون على أرضه ومئات الصحابة والأتباع بالقرب منه في مقبرة الزبير.كيف إذن ﻻيكون وما يملك من مخزون التعبير الكبير في القول والحليم بالحدس والسامق بما يكنه من علم وحرف. وما ينبوعنك من سامق الحرف الشهادة لكونك المبدع والذي لايخضع لمقايسات تقليدية فالأحكام العامة للإنجازاللغوي والعملي التفرد سمة الإبداع ومن له ذلك ليس المعتاد والمتعود والمتداول والتقليدي ولكن يصدمه الناس حتى الأقرب إليه وهو حال الشعراء وأهل الفطرة على الإبداع

جئتُ
وأصابعي تستعبدُ قلماً
وأزميلاً
وريشةً . . . ومسحاة . . .
وحملتُ معي سُمرةً
وطولاً
وشفاهً
تبتسمُ حتى للموت . . . !
تلخيص جميل وجمع راق لابن سومر والعراق هنا أول حرف كتب ان كان خشبة مثلثة الرأس أو قلما هو اداة خط الحرف .وهنا نحتت التماثيل وأقيمت النصب وهنا رسمت الجدران ونقشت ألوان وهنا الرية الأولى للزراعة والاستيطان. فهنا استخدمت المسحاة ولون أهل هنا لون أرضهم ومع كل ما يلحق بهم من الرب والقدر والأنواء يبتسمون يبكون وينوحون ولكنهم كذلك يغنون ويرقصون ويتعاطون النبيذ الذي أول ما صنع هنا كما يقول، العارفون.انه السجل المفتوح للزمان هذا الشاعر الجبار بين دفتيه كل ما دار بالتدوين هو في الحفظ والصون. انه اسطوانات الطين والصفائح وهو لفائف البردي في ناووس الجسد البشري

وخافقاً كسعفةِ
تُسكرُهُ نسمةٌ عابرةٌ من عشق . . .
يشقُّ ليلَهُ
صوراً لم تُخلقْ بعد . . .
يحرثُ نهارَهُ
بيادر . . .
هلا ضفر تموزُ سنابلَ قمحِهِ إكليلاً لشبعاد . . !
انه النشوة التي تطوحه تثمله عبير العشق للملكة شبعاد الرمز العراقي اﻷكدي الإنساني بربط بالميثيولوجيا والإله دموزي .وحي تلازم بين الأرض والسماء هنا كان قائما وسيظل هذا تعبير عند خلود اﻷرض والعطاء والضالة والرمز تيمة تدوين واقع هذا الأرض . يفتح في الظلمة ممرات لخلق جديد من ما صنعته التطوحات وينبش في نهاراته حقول بعد الحصاد فتموز أوانه وان حضر يزهوالخصب وتزدان الحقول ليصنع لسيدة العراق تاجا من البر لتقوم ملكة نابضة بالغرور والليل .كان للخلق وليس للنوم والموت .ان الفياض يقارب فهمه للجمال الأنثوي ما قدمه اوفسيانيكوف* كتاب علم الجمال* في معرض تفضيله أرسطو على أفلاطون *يبحث أرسطو كمابحث سابقوه عن القانون الموضوعي للجمال . ولكنه، بخلاف أفلاطون،ﻻيبحث عنه في العالم فوق الحسي وانما في العالم الواقعي. ان الجمال بالنسبة لأرسطو صفة موجودة موضوعيا، إنها صفة اﻷشياء*كذلك حال الفياض الرجل المجرب الحكيم المتمرس المكين من الحكمة بقدر تمكنه من الحرف عفس الدنيا وعقص جدائلها كما يلوي الحروف ويمريها ليخرج حليبها وخصب الحياة منها عبر تراكيب جميلة وسيولة وانسياب مسبوك بإنسكاب الفطرة والحنكة والمهارة ليصنع قصائد تقول حروفها قبل كلماتها وكلماتها قبل النص الذي نشمه ونسمعه فالقراطيس ﻻتخفي البوح عن المريد .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما