الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشتراكية المحامين ( مقتطف )

فريدريك انجلز

2017 / 9 / 7
الارشيف الماركسي


نرجمة
سعيد العليمى

اشتراكية المحامين ف . انجلز ( مقتطف )
كانت النظرة الى العالم فى العصور الوسطى نظرة لاهوتية بصفة جوهرية . وقد تأسست وحدة العالم الاوروبى التى لم تتحقق داخليا - من قبل المسيحية - ضد العدو المشترك خارجيا اى المسلمين ( السراسين ) .
ان وحدة العالم الاوروبى الغربى ، التى شملت مجموعة من الامم تتطورمن خلال معاملات مستمرة فى مسار القارة الاوروبية ، قد صهرتها الكاثوليكية فى بوتقتها معا . ولم يقتصر هذا الانصهار اللاهوتى على الافكار فقط ، وانما وجد فى الواقع ، ولم يتجلى فقط فى شخص البابا ، ومركزه الملكى وانما قبل كل شئ فى الكنيسة المنظمة الاقطاعية المراتبية التى كانت تملك ثلث اراضى البلاد فى كل قطر ، واحتلت مركزا ذو سلطة عظيمة فى التنظيم الاقطاعى . كانت الكنيسة بعلاقتها الاقطاعية الرابطة الفعلية بين البلدان المختلفة ومنح تنظيم الكنيسة الاقطاعى مصادقة دينية لتنظيم الدولة الاقطاعى الدنيوى . اضف الى ذلك فقد كان رجال الكهنوت هم الطبقة الوحيدة المتعلمة . لذا كان من الطبيعى ان تكون عقيدة الكنيسة هى نقطة انطلاق واساس كل فكر . فى القانون ، العلم الطبيعى ، الفلسفة ، كل شئ جرى التعامل معه وفق مااذا كان مضمونه يتفق او يختلف مع عقائد الكنيسة .
غير ان قوة البورجوازية كانت تتطور فى رحم الاقطاع . وظهرت طبقة تتعارض مع كبار ملاك الارض . كان قاطنوا المدن اولا وقبل كل شئ وحصريا منتجون وتجار سلع ، بينما كان نمط الانتاج الاقطاعى مؤسسا بشكل جوهرى على الاستهلاك الذاتى للمنتج فى دائرة محدودة ، جزئيا بواسطة المنتجين وجزئيا بواسطة الاقطاعى . ولم تعد النظرة الكاثوليكية الى العالم التى صيغت وفق النمط الاقطاعى ملائمة لهذه الطبقة الجديدة وشروط انتاجها وتبادلها . مع ذلك ، بقيت هذه الطبقة الجديدة ولزمن طويل اسيرة روابط اللاهوت الطاغى . ومن القرن الثالث عشر حتى السابع عشر خيضت كل الاصلاحات والصراعات تحت شعارات دينية ارتبطت بها التى لم تكن شيئا ، من الجانب النظرى ، سوى محاولات متكررة من قبل التجار والعامة فى المدن والفلاحين الذين باتوا متمردين بحكم احتكاكهم بالاخيرين معا لتكييف النظرة اللاهوتية القديمة للعالم للشروط الاقتصادية المتغيرة وشروط حياة الطبقة الجديدة . ولم يكن من الممكن تحقيق ذلك . لقد رفرفت راية الدين لآخر مرة فى انجلترا فى القرن السابع عشر، ومضت خمسون عاما بالكاد حتى ظهرت النظرة الجديدة الى العالم مكشوفة فى فرنسا وقد كان عليها ان تصبح النظرة الكلاسيكية للبورجوازية ، اى النظرة الحقوقية الى العالم .
كان ذلك علمنة للمفهوم اللاهوتى للعالم . حلت حقوق الانسان محل عقيدة الحق الالهى ، وحلت الدولة محل الكنيسة . والشروط الاقتصادية والاجتماعية ، التى جرى تخيلها قبلا بوصفها من خلق الكنيسة والعقيدة لأن الكنيسة قد صادقت عليها ، اعتبرت الآن مؤسسة على الحق ومن خلق الدولة . لأن التبادل السلعى على النطاق الاجتماعى عند تطوره الكامل ، خاصة من خلال التسليف والإئتمان ، يولد علاقات تعاقدية متبادلة معقدة ، ومن ثم يتطلب وجود قواعد عامة قابلة للتطبيق صادرة عن المجتمع فحسب – معايير للحق تحددها الدولة – وقد اعتقدوا ان معايير الحق هذه لم تنشأ من الوقائع الاقتصادية وانما من تأسيسها الشكلى من قبل الدولة . ولأن المنافسة ، الشكل الاساسي لتجارة منتجى السلع الاحرار ، هى اعظم خالق للمساواة ، فقد باتت المساواة امام القانون هى صيحة الحرب الاساسية البورجوازية . حقيقة انه قد تعين على مطامح الصراعات الطبقية الجديدة ضد امراء الاقطاع والملكية المطلقة التى كانت تحميها وقتها ، مثلها فى ذلك مثل كل صراع طبقى ، ان تكون صراعا سياسيا ، صراعا من اجل السيطرة على الدولة ، استلزم ان يخاض هذا الصراع حول مطالب حقوقية مما اسهم فى تعزيز النظرة الحقوقية .
غير ان البورجوازية انتجت قرينها السلبى ، البروليتاريا ، ومعه صراعا طبقيا جديدا انفجر قبل ان تكمل البورجوازية استيلاءها على السلطة السياسية . وكما وظفت البورجوازية فى زمنها بحكم قوة التقليد المفهوم اللاهوتى لبعض الوقت فى حربها ضد طبقة النبلاء ، كذلك ايضا استولت البروليتاريا على النظرة الحقوقية من خصمها وبحثت فيها عن اسلحة لها ضد البورجوازية . ان العناصر الاولى للحزب البروليتارى ، وكذلك ممثليه النظريين بقوا تماما على " ارض الحق " القانونى ، وكان التمييز الوحيد هو انهم بنوا لانفسهم ارضا مختلفة ل " الحق" تختلف عن ارض البورجوازية . فمن ناحية جرى توسيع مطلب المساواة حتى ان المساواة فى الحق قد اكملت بالمساواة الاجتماعية ، من ناحية اخرى ، فقد خلصوا من اطروحة آدم سميث القائلة بأن العمل هو مصدر كل ثروة ، وأن ناتج العمل ينبغى ان يقتسم مع مالك الارض والرأسمالى الى نتيجة ان هذا الاقتسام ليس عادلا ولابد ان يلغى او ان يعدل فى صالح العامل . ولكن الاحساس بأن ترك هذه المسألة على " ارض الحق" القانونية فحسب لم يجعل من الممكن بأى طريقة ازالة الأوضاع الشريرة التى خلقها نمط الانتاج الرأسمالى ، اى نمط الانتاج المؤسس على الصناعة الكبيرة ، الامر الذى قاد العقول المفكرة حينئذ ضمن الاشتراكيين الاوائل بالفعل – سان سيمون ، فورييه ، وأوين – لأن يهجروا كليا الحقل القانونى السياسي ويعلنوا عقم كل النضال السياسي .
لم تكن وجهتى النظر هاتين مرضيتين بما يكفى للتعبير بدقة عن ، وان تحتضنا كلية رغبة الطبقة العاملة فى التحرر التى خلقتها الاوضاع الاقتصادية . ان مطلب حيازة الناتج الكامل للعمل وكذلك بنفس القدر مطلب المساواة قد ضاعا فى تناقضات غير محلولة بمجرد ان صيغا قانونيا بالتفصيل بينما ترك جوهر المسألة – وهو تغيير نمط الانتاج – لم يمس . ان رفض الصراع السياسي من قبل الطوباويين الكبار كان فى ذات الوقت رفضا للصراع الطبقى ، اى ، للشكل الوحيد لفعالية الطبقة التى مثلوا مصالحها . كلا النظرتين استبعدتا الخلفية التاريخية التى دانا لها بوجودهما ، كلاهما لاذا باالحس : البعض حس العدالة ، والبعض الآخر الحس الانسانى . كلاهما استلهما مطالبهما من الرغبات الورعة التى لايمكن تفسير لم تطلبت ان تتحقق فى هذا الوقت بالذات وليس منذ الف عام مضت او بعد الف قادمة .
لايمكن ان تجد الطبقة العاملة التى حرمت من كل ملكية لوسائل الانتاج بتغير نمط الانتاج الاقطاعى الى النمط الرأسمالى وبآلية نمط الانتاج الرأسمالى التى تولدمجددا بصورة مستمرة حالة وراثية من انعدام الملكية ، تعبيرا كاملا لوضعها الحياتى فى الوهم الحقوقى للبورجوازية .وهى يمكن ان تعرف هذا الوضع الحياتى تماما بنفسها اذا نظرت للاشياء فى واقعها بدون نظارات حقوقية ملونة . ولكن ماركس ساعدها على ان تفعل ذلك بمفهومه المادى للتاريخ ، ببرهنته على ان كل افكار الانسان الحقوقية ، والسياسية ، والفلسفية ، والدينية وغيرها مشتقة فى نهاية المطاف من اوضاع حياته الاقتصادية ، من نمط انتاجه ومن تبادل الانتاج . وهكذا زودنا بنظرة للعالم تتوافق مع اوضاع حياة وصراع البروليتاريا ، ان فقدان العمال للاوهام فى ادمغتهم هو مايقابل فقدانهم لملكيتهم فحسب . وهذه النظرة البروليتارية للعالم تنتشر فى ارجاء المعمورة .
المصدر : ماركس وانجلز ، حول الدين ، دار التقدم ، موسكو ، 1957 . ارشيف ماركس – انجلز على الانترنت ( نشر اصلا فى جريدة نويه تسايت العدد الثانى ، 1877 .)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024