الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون وإسرائيل

جعفر المظفر

2017 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


العراقيون وإسرائيل
جعفر المظفر
من شأن كل متغيرٍ هام أن يعيد ترتيب الثوابت التي تتحرك حوله. الموقف من القضية الفلسطينية والفلسطينين بشكل عام يتبع هذه القاعدة, فبعد أن كانت هذه القضية الفلسطينية تحتل الموقع المركزي في الفكر السياسي الذي هيمن على العراق في فترة الحكم البعثي, وحتى في العهود التي سبقته, فإن جملة التداعيات التي تلت إحتلال العراق وسقوط النظام البعثي مع تلك التي كانت تتفاعل في رحم المجتمع العراقي والمحتدمة إبان فترة الحروب القاهرة والحصار المدمر, مضافا إلى مشاركة العديد من الفلسطينيين في أعمال الإرهاب التي مورست ضد العراقيين بعد سقوط النظام البعثي كمشهد بارز من عامة الخطاب الشعبي الفلسطيني المعادي, سرعان ما نقلت الوعي الشعبي العراقي إلى حالة تتناوبها مظاهر فقدان الود مع الفلسطينيين, خاصة على الجانب الشيعي, أما على الجانب السني فقد كان للظروف القاهرة التي مر بها أثرا في حالة فقدان الإهتمام والتواصل, في حين نمت هذه العلاقة على الجانب الكردي بإتجاه علني نقيض تجلى بتصاعد وتيرة العلاقات مع الجانب الإسرائيلي وإلى الحد الذي ادى إلى صعود خطاب كردي يفيد بوجود تشابهات سياسية ووطنية بين القضيتين, اليهودية والكردية.
العلاقات العراقية الفلسطينية, أو فلنقل مشاعر الطرفين إزاء بعضهما كانت تأثرت بشكل مركزي بمشاعر كل طرف تجاه نظام صدام حسين نفسه, وقد صار مقدرا أن يتم ضبط مناسيب العلاقات مع الفلسطيين, بالتماهي مع طبيعة العلاقة مع النظام السابق, أي أن الجانب السياسي طغى على الجانب المبدئي , ووجد الأخير أن عليه الإنتظار للتشكل من جديد بعد أن تخمد حمى التنابز السياسي وتعود للوقائع الإستراتيجية والتاريخية دور السبق في تحديد العلاقة من جديد.
لم يكن الطرفان بمنأى عن تشكيل خارطة الكراهيات الجديدة. على جانب كان صدام قد أفلح في رسم علاقات ودية ساخنة مع الحس الفلسطيني, ولم يكن مقدرا لطموح تصدر الزعامة القومية أن يمر دون أن تستقطع ضريبته الفلسطينية من حساب الشعب العراقي, ولآن صدام كان قد فعَّل إقترابه الفلسطيني ووظفه في خدمة معاركه, المتعددة الجبهات والعالية الكلفة, لذلك كان مقدرا أن يتخذ كثير من العراقيين موقفهم من القضية الفلسطينية وصدام كحزمة واحدة وأن تتلازم وتتصاعد سلبية المشاعر بالتوافق مع حجم الخسائر والويلات.
إن الطرفين الفلسطيني والعراقي قد وقعا في خانق المرور الحتمي نحو بعضهما من خلال الموقف من صدام حسين نفسه على حساب موقفهما المبدئي من قضايا بعضهما البعض, وهكذا قدر للموقف السياسي المرحلي ان يتقدم كثيرا على الموقف الإستراتيجي التاريخي..
لقد قدر لردود الفعل أن تتحكم بموقف الطرفين من بعضهما بإنتظار إنكشاف الضبابية عن المشتركات الإستراتيجية التي تعيد ترتيب العلاقات المبدئية من خارج الضاغط السياسي المرحلي, حيث كانت النتيجة حينها قد بدأت تتمحور حول الموقف من صدام أكثر مما تتمحور حول الموقف من الأطماع الإسرائيلية التاريخية التي تنال من الطرفين سوية. بالنسبة لعدد من لعراقيين لم يعد مفهوم القضية المركزية مغريا نحو رسم العلاقات الثنائية الفلسطينية العراقية, بل أن هذا المفهوم نفسه أصبح على النقيض من ذلك مبعثا لجرد مقدار الأضرار التي أنتجها هذا المشهد على الصعيد العراقي بحيث كان الموقف من صدام قد تداخل وموقف الطرفين من بعضهما.
في الساحة العراقية بدأ الموقف من فلسطين يتغير ليعيد تمظهره بشكل جديد ومستويات جديدة. لقد بدى واضحا أن خارطة تحقيق الأهداف والمصالح الإستراتيجية الإسرائيلية لا يمكن لها أن تمر دون أن تتسبب بأضرار كبرى للعراق ذاته. في المرحلة الجديدة التي تحقق فيها السقوط الأخلاقي للنظام الطائفي والعنصري الذي جاء به الإحتلال بدأ الموقف يتحول تدريجيا إلى النقيض, إذ لم يكن مقدرا أن يتم تشكيل المشهد الجديد للكراهية العراقية دون أن يتقدم الموقف من إسرائيل إلى المركز منه.
وكان من الطبيعي أن يعيد الوعي العراقي حساباته من خارج ضبابية الضاغط السياسي, اي الموقف من صدام, لكي يهتم بحقيقة هذا الإستدراج الغادر فتتشكل مساحة كراهياته الجديدة بشكل أعاد إسرائيل إلى المركز منها.
واليوم فإن الموقف الإسرائيلي الواضح والمعلن من قضية تقسيم العراق والمتوجه لدعم موقف السياسيين الأكراد الناشطين لإقامة الدولة الكردية قد دفع بمنسوب الكراهية العراقية لإسرائيل بمستويات أعلى.
وهنا في هذه المساحة, وبمعزل عن شكل الوله العراقي السابق بفلسطين, يتم من جديد تجمع مقومات وعوامل الكراهية العراقية لإسرائيل, وإن بهيئة جديدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تبادل ادوار بين امريكا واسرائيل!
طلال الربيعي ( 2017 / 9 / 8 - 21:32 )
الاستاذ العزيز جعفر المظفر
شكرا على مقالتك!
لا ادري هل توافقني الرأي على ان -الموقف الإسرائيلي الواضح والمعلن من قضية تقسيم العراق والمتوجه لدعم موقف السياسيين الأكراد الناشطين لإقامة الدولة الكردية- ما هو الا امتداد لمشروع بايدن في تقسيم العراق وتطبيقا لمبدأ الفوضى الخلاقة للادارة الامريكية؟
Iraq to split in three: So why not?
http://edition.cnn.com/2014/07/07/world/meast/iraq-division-lister/index.html
اي ان هناك تبادل ادوار بين الولايات المتحدة واسرائيل لتقسيم وتشظية العراق. ففي حين تظهر الولايات المتحدة معارضة (شكلية!) للاستفتاء او استقلال كردستان لاسباب تتعلق لربما بالتزاماتها كدولة عظمى, نرى اسرائيل, على النقيض تظهر تحمسا نادر المثال.
وقد دشن احتلال العراق في عام 2003 بداية هذا المشروع وان كل الاطراف التي اشتركت او تشترك في ما يسمى العملية السياسية ساهمت وتساهم, بهذا الشكل او ذاك, في تنفيذ مشروع تقسيم العراق الذي تعبر عنه المحاصصة الطائفية والاثنية كمقدمة لخلق ارضية منطقية/قانونية وجو نفسي لتقبل التقسيم جغرافيا,
يتبع


2 - تبادل ادوار بين امريكا واسرائيل!
طلال الربيعي ( 2017 / 9 / 8 - 21:33 )
وليس التقسيم فقط وانما ايضا, كما يتجلى الآن, السعى لجعل كردستان العراق محمية اسرائيلية في شمال العراق كخطوة هامة في مشروع اخراج العراق باكمله من حلبة الصراع ولتطبيع العلاقة مع اسرائيل. وان هذا المشروع هو خطوة جهنمية تشارك للاسف فيها ايضا قوى تدعي اليسارية او الشيوعية, بمشاركتها سابقا في مجلس حكم الاحتلال او تأييدها للانشطار الآن, وهي بذلك تضع نفسها تماما بالضد من مصالح الشعب العراقي العليا وفي خدمة اعداءه اللدودين. وحساب الشعب واقتصاصه من هؤلاء آت لا محالة طال الزمن ام قصر.
مع وافر الاحترام


3 - الأستاذ المحترم طلال الربيعي
جعفر المظفر ( 2017 / 9 / 9 - 17:52 )
الأخ الأستاذ طلال .. تحياتي أولا وشكري الجزيل لتوقفكم الكريم ومداخلتكم الغنية وهذا ليس بالغريب عليكم لما هو معروف عن تناولكم للمواضيع الهامة بروح وطنية متجردة هدفها الوصول إلى الحقائق دون مجاملات.
يحضرني درس عام 1975 يوم تخلت أمريكا في آخر لحظة عن مشروع الدولة الكردية. صحيح أن لكل مرحلة أهدافها المتغيرة توافقا مع المتغيرات الإستراتيجية, لكن ذلك يعطينا إشارة أكيدة على أن الأمريكان يتبعون مصالحهم كالعادة, وربما يكون الوضع الحالي الذي وصل إليه العراق أشد إقناعا بأن العراق قد خرج كليا من دائرة الأخطار, فهو مقسم رغم جغرافيته الشكلية ومتعب ضمن حالته الحالية ومشلول الإرادة ولذا فإن بقاءه كما هو عليه هو أفضل بكثير من خلق أوضاع جديدة ربما لن تعطي نتائج أفضل, إضافة إلى أن الوضع العالمي قد تغير بعد سقوط الإتحاد السوفيتي بما يقلل من قيمة ضغوط إقليمية ودولية كانت الورقة الكردية فاعلة في مساحتها.


4 - الأستاذ المحترم طلال الربيعي 2
جعفر المظفر ( 2017 / 9 / 9 - 17:53 )
بالنسبة لي كنت قد أعطيت أهمية قصوى لما يحدث لبقية العراق بعد التقسيم إذ ليس هناك ضمانات لكي لا يتوزع ما يتبقى من العراق على الدول الإقليمية كأن يذهب جزءه الشيعي بإتجاه مزيد من الإلتحاق بإيران وتقع الدولة الكردية نفسها وما يتبقى من العراق تحت تأثير الأتراك , إضافة إلى أن الدولة الكردية ستجابه أزمات داخلية من شأنها أن تجعل مشروع الإستقلال نفسه مشروعا كرديا إشكاليا, هناك الكثير من الذي يمكن التفكير به في هذا الإتجاه وحسابه ضمن معادلات الربح والخسارة, علما أن مشروع بايدن كان جاء في وقت إختلفت موازينه في الوقت الحالي وربما يكون ذلك قد أفقده قيمته الإستراتيجية السابقة. تقبل تحياتي وإحترامي

اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في