الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاريخ الميكروسكوبي في العالم العربي: كتاب- جوانب من ذاكرة كاريان سنطرال، الحي المحمدي في القرن العشرين، محاولة في التوثيق- لنجيب تقي نموذجا-

عبد الرزاق العساوي

2017 / 9 / 9
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يندرج عمل الباحث نجيب تقي المعنون ب " جوانب من ذاكرة كاريان سنطرال، الحي المحمدي في القرن العشرين، محاولة في التوثيق" ضمن مشاريع حفظ ذاكرة مدينة الدار البيضاء التي تسهر على تنفيذها جمعية "كازا ميموار". وهو عمل ضخم، مقارنة بالمجال الجغرافي المدروس، يضم حوالي 388 صفحة، شملت عرضا تاريخيا محكما لمجموعة من الوثائق التاريخية التي استغرق جمعها أزيد من عقد من الزمن، فضلا عن استنتاجات المؤلف القيمة التي أثارت مجموعة من الجوانب المظلمة ضمن تاريخ حي سنطرال، فقد عمل المؤلف على ربط الأحداث الواردة ضمن وثائقه بالأحداث التاريخية العامة للمغرب، كما ركز على خصوصية الحي خلال الحقبة المدروسة عندما برز ضمنه مجموعة من المقاومين الذي وقفوا في وجه الاستعمار الفرنسي، كما اشتهر الحي بكوميسارية درب مولاي الشريف التي منحت الحي شهرة خاصة تجاوزت مدينة الدار البيضاء لتشمل مدن مغربية مختلفة.
ضم المؤلف ثلاثة أجزاء، خُصص الجزء الأول من الكتاب لتاريخ مجال كريان سنطرال خلال فترة الحماية، خصص المؤلف الفصل الأول لتسليط الضوء على التطورات التي طرأت على مجال "حي سنطرال" إلى حدود سنة 1937، وحاول التعرف على بعض أوجه التطور الصناعي الطارئ على شرق مدينة الدار البيضاء منذ بداية القرن العشرين، ولاسيما بعد فرض معاهدة الحماية وتصميم "بروست"، مع الوقوف على ما ترتب عليه من ظاهرتي الهجرة القروية والكريانات، وخاصة "كريان سنطرال" الناشئ بجوار محطة توليد الكهرباء في "روش نوار". ثم تطرق إلى تطور هذا الكريان خلال عقد الثلاثينات من حيث موضعه، وفشل المحاولات الرامية إلى القضاء عليه، والأسباب التي ساهمت في توسعه. كما بين الظروف التي دفعت المقاولات الصناعية في "روش نوار" إلى إحداث مجموعة من القرى لإسكان عمالها خلال فترة ما بين الحربين.
وفي الفصل الثاني، عرض نجيب تقي التطورات التي شهدها الحي الصناعي الشرقي ما بين سنتي 1938 و1949. تحدث المؤلف عن سياق إبعاد "كريان سنطرال" من الحي الصناعي في "روش نوار" إلى خارج المجال البلدي سنة 1939. ثم وقف على تمدد هذا الحي في عقد الأربعينات فوق أراضي البلدية، ومحاولات السلطات الفرنسية الهادفة إلى التحكم في الحي ومراقبته أمنيا، دون أن توفر له ما يلزم من تجهيزات اجتماعية أساسية، مثل المؤسسات التعليمية والاستشفائية . بعد ذلك، تحدث عن بعض العواقب المترتبة عن إقراره في مكانه النهائي من قبيل مشكل النقل، بحيث شكل سكانه يد عاملة في الحي الصناعي بروش نوار، كما شهد الحي تزايد حدة المضاربة العقارية بفعل تهافت بعض الوافدين الجددمن فاس والرباط ومراكش على الأراضي القريبة منه. كما تحدث المؤلف عن مشروع "سوسيسكا" الذي وضعته "شركة روش نوار الصناعية"، باشتراك مع الدولة والبلدية من أجل إنجاز قرية طموحة لإيواء اليد العاملة في كريان سنطرال في بداية الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى بعض الصعوبات التي أثرت على ضعف حصيلته في نهاية المطاف. سلط الضوء كذلك على درب مولاي الشريف الذي تأخرت تجزئته إلى نهاية عقد الثلاتينات أو بداية عقد الأربعينات.
في الفصل الثالث تطرق المؤلف إلى التطورات الكبرى الطارئة على مجال كريان سنطرال في إطار تصميم "إيكوشار"، إذ تحدث في البداية عن التصورات والمرجعيات الفكرية التي تشبع بها المهندس المعماري، ثم عرض الوثيقيتين المرجعيتين التي وضعها قسم التعمير من أجل تطبيقها في "كريان سنطرال". كما وضح مساعي السلطات العمومية لتوفير الشروط الضرورية لتطبيق ما جاء في هذا التصميم من مشاريع ومن عمليات كبيرة لنزع الأراضي وتجهيزها، ثم انتقل إلى الحديث عن الوحدات السكنية المبنية خاصة البلوكات التي هيمن عليها البناء الأفقي. ثم تناول مختلف المؤسسات العمومية التي المحدثة خلال هذه المرحلة سواء كانت تعليمية أو استشفائية أو رياضية أو إدارية، مع التركيز على الهاجس الاجتماعي الذي صار يحكم سلوك الإدارة الاستعمارية في نهاية الحماية المتسمة باندلاع حركة المقاومة المسلحة.
خصص الجزء الثاني من الكتاب للعمل الوطني في كريان سنطرال خلال فترة الحماية، إذ تناول في الفصل الأول منه نشاط حزب الاستقلال في "كريان سنطرال" إلى حدود نهاية سنة 1952، فقد وقف عند بداية هذا الحزب وأعضائه البارزين الذين ساهموا في نشر مبادئه وتوسيع قاعدته في كريان سنطرال. كما بين بعض الأدوات الأساسية التي استعملها الحزب في توسيع قاعدته ونشر خطابه السياسي، مثل الدور التي قامت به المدارس الحرة في تعليم الصغار، ومحاربة الأمية الكبار في مواجهة التعليم الخاضع لسلطات الحماية.
تطرق الفصل الثاني إلى المظاهرات التي شهدها الحي عقب اغتيال فرحات حشاد في دجنبر 1952، فقد أشار إلى سياقها باقتضاب، وحاول التعريف بأهم أحداثها انطلاقا من مظاهرة ليلة الأحد صباح الاثنين التي شهدت استشهاد العديد من المشاركين فضلا عن عدة إصابات واعتقالات. كما تناولنا الأحكام التي أصدرتها مختلف محاكم البشاوات والقواد، إضافة إلى المحكمة الدائمة للقوات المسلحة بالدار البيضاء. في الفصل الثالث تطرق إلى المرحلة الأخيرة من مراحل العمل الوطني في كريان سنطرال والتي انفجرت بعد نفي السلطان محمد بن يوسف سنة 1953.
في الجزء الثالث والأخير من هذا الكتاب قدم المؤلف نبذة عن تاريخ معتقل درب مولاي الشريف خلال فترة الاستقلال، حاول تقديم بعض المعطيات التاريخية عن إحداث كوميسارية درب مولاي الشريف في الحي المحمدي في بداية الاستقلال، و كيفية تحويلها إلى محتجز سري في عقد الستينات، ثم اجتهد في الفصل الثاني، عندما وضع لائحة أولية للمعتقلين السياسيين منذ أواخر عقد الخمسينيات إلى حدود إغلاقه في أوائل عقد التسعينيات. ثم عرض في الفصل الثالث عددا من النصوص والوثائق التي تبرز جوانب مختلفة للاعتقال السياسي بكوميسارية درب مولاي الشريف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار غزيرة تضرب منطقة الخليج وتغرق الإمارات والبحرين وعمان


.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر




.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا


.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة




.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس