الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أستباحة دم رجل الشرطة السوداني هو وجه آخر لمأساة الطالب عاصم عمر حسن 2_2

عبير سويكت

2017 / 9 / 10
الغاء عقوبة الاعدام



أصعب إمتحان عاصم عمر بين الإعدام و العفو بالغفران

إلى متى يكون رجل الشرطة ضحية لأكل العيش الصعب و هتافات يا بوليس ماهيتك كم ؟

كان قد سبق لي و كتبت مقالاً عن مأساة الطالب عاصم عمر حسن المحكوم عليه بالإعدام بتهمة قتل الشاب حسام أحد رجال الشرطة بالمولتوف اثر أحداث العنف التى حدثت فى جامعة الخرطوم، و كان المقال بعنوان :(مأساة الطالب عاصم عمر حسن الذي يواجه حكم الإعدام) بتاريخ 3/10/2016، و في هذا المقال كنت قد تطرقت للموضوع كظاهرة إجتماعية في المقام الأول مع العلم بأن القضية لها جوانبها السياسية و القانونية ، و لكن أنا أفضل أن لا افتي من ناحية قانونية لأسباب عديدة و نواصل طرح الموضوع من الزاوية الإجتماعية، و لكي تكتمل الصورة لا بد من عكس الجانب الآخر لهذه المأساة التي تشمل أطراف عديدة و ليس طرف واحد فقد لاحظنا هذه الأيام في مواقع التواصل الإجتماعي بمختلف أنواعها المنشورات و الفديوهات التي تنشر رسالة ذات محتوى غير أخلاقي و إنساني تحرض على أستباحة دم أي رجل شرطة يعمل تحت إمرة نظام الإنقاذ من غير رحمة، و تعددت أشكال المنشورات و الفديوهات التي تعمل على نشر ثقافة إرهابية عنصرية إجرامية دخيلة على الروح السودانية التي عرف عنها التسامح، و العفو و الغفران و الروح الإنسانية التي تنادي بالتعايش السلمي بين مختلف أبناء الشعب السوداني بمختلف أعراقهم و دياناتهم و ثقافاتهم و لغاتهم.

و كنت قد كتبت مقالات متعددة في هذا الشأن من أجل العمل سوياً على دحر و نبذ العنصرية و العنصرية المضادة، و اضطهاد الأقليات المسيحية و إحترام هوية و ثقافة الآخر من أجل العيش في سودان يسع الجميع، و لكن للأسف بينما نعمل على نشر ثقافة التوعية و التنوير السلمية لمكافحات هذه الظواهر اللاإنسانية التي تعيق تعزيز ثقافة التسامح و التعايش السلمي و السلام فإذا بنا نواجه ظاهرة أعظم و أقبح تتمثل في : (من أتفق معنا فهو قديس و من أختلف معنا فهو إبليس) هذه الثقافة التي تدعو لمحاربة الآخر المختلف فكرياً و صاحب مسار سياسي معاكس و رأي مخالف.

فهذه الثقافه الدخلية القبيحه القذرة اللاإنسانية لا تعمل فقط على محاربة الإتجاه المعاكس و قمع حرية التعبير و الرأي و سياسية الإغتيال بمختلف أنواعها، و إضطهاد من يخالف حتى و لو كان خلافا فكريا سلمياً، و لكن الأبشع من ذلك هو تعدي مرحلة محاولة كبت الرأي و الفكر المعاكس و الإغتيال الأدبي و النفسي و المعنوي و العمل على زرع الكراهية و الحقد و البغض لمجرد أن الطرف الآخر مختلف فكريا و سياسياً، و الآن صرنا نرى بأعيننا أن هذه الثقافة البشعه اللاإنسانية تتعد حدودها ، و تصعد لنشر ثقافة إرهابية داعشية تحرض و تستبيح دم كل رجل شرطة و أي عامل تحت إمرة حكومة الإنقاذ.

و من المعلوم أن من المبادئ الإنسانية قبل الديمقراطية إحترام إختيار الآخر فمن أختار أن يكون معارضا فهذا من حقه، و أيضا من أراد أن يعمل في طاقم الشرطة السوداني، و يرتدي زيه بكامل إرداته و رغبته، أو من غير اقتناع بسبب ضغوطات الحياة و صعوبة المعايش و من أجل كسب الرزق فهذا حق مشروع أيضا، و إنطلاقا من هذا المبدأ كانت هنالك مداخلة في إحدى المنشورات لأحد المتداخلين السودانيين الرافضين لعملية التحريض على أستباحة دم أي سوداني يعمل في الشرطه أو ما سموه بعض المحرضين على عملية التصفية الجسدية بأمن الإنقاذ و وصفوا ارتداء البدله العسكرية بالعار ، و لكن في نفس الوقت كانت مداخلة هذا المواطن السوداني عقلانية حيث استنكر هذا النوع من التحريض، و أكد على أن هذا الغضب إن كان ناتجا عن روح نضالية ضد النظام الحاكم فعليهم أولا أن يفرقوا بين النظام الحاكم ، و العامل الذي يقوم بأداء وأجبه في حفظ الأمن و النظام، و يتلقي على ذلك أجرا يوفر له أقل مقومات الحياة ثم وأصل قائلاً : أن الدكتور و المعلم و أبو النضال د. جون قرنق رحمه الله و تغمده بواسع رحمته عمل في الجيش السوداني برتبة نقيب إلى أن صعد لرتبة عقيد لمدة 11 سنة، و أرتدي بدلة الزي العسكري السوداني فلماذا التحريض إذن على أستباحة دم أي رجل شرطة.

و الكل يعلم أن ليس هناك أسرة سودانية تخلو من عامل في الشرطة في أن لم يتواجد رجل شرطة في الأسرة الصغيرة لا بد أن يتواجد في العائلة الكبيرة، و أن لم يكن كذلك فقد يكون جارك أو زميل دراسة... إلخ لأن هذه المهنة أصبحت هي الأكثر توفرا للشباب السوداني، و مصدر أكل العيش و في أول الأمر و آخره هي مسألة إختيار شخصي مشروع لا يوجب التحريض على القتل، و أستباحة الدم هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أكثر ما أثار تعجبى من خلال متابعتي لمناقشات و المداخلات هي مواقف المعارضين بالخارج القابضين على بطاقات اللجوء و الجنسيات، و ماكثين في بيوتهم يتلقون في المساعدات الشهرية من غير أن يعملوا أو يتعبوا و يصب عرقهم و هم تحت الحماية الأوربية التي منحتها لهم هذه الدول الأوربية الديمقراطية، و لكن لا بأس في ذلك لعل هذا رزق ساقه الله لهم اللهم لا إعتراض في حكمك، ولكن الاعتراض في إن يحرضوا على أستباحة دم الآخرين الذين اجبرتهم الظروف، و لقمة العيش على العمل في أجهزة الشرطة و غيرها من الأعمال حتى يجد هؤلاء الشباب المساكين ما يشبع جوعهم و يروي عطشهم، و مسكن يواري أجسادهم و بعض الجنيهات لمداواة أمراضهم ، بينما أصحاب الحلاقيم الطويلة يلعلعون و هم مختبئين وراء الشاشات الإلكترونية يشجعون على القتل، و يحرضون أمثال عاصم عمر من الشباب صغار السن على هذه الأفعال بينما لا يقومون هم بها لأن أنفسهم عزيزة عليهم لذلك يكتفون باللعلعه.

و أستغرب لذاك المتداخل الذي قال إن جميع رجال الشرطة و سندة النظام هم أبناء الهامش حتى الشرطي القتيل حسام من أبناء الهامش، و لعل هذه حقيقة لا يمكن نكرانها أن معظم الجيش السوداني، و أمنه من أبناء الهامش لكن الحقيقة الأخرى أن أمثال ذاك المتداخل من السودانيين هو وجه آخر لعملة أحقر و أقذر، وهم بعض الفئات الشمالية التي تتكلم عن عمالة أبناء الهامش، و هي في نفس الوقت تروج و تستغل قضية عاصم عمر لمصالحها الشخصية ليس حبا في عاصم عمر الذي في نظرهم مجرد عب، و وأحد من أبناء الهامش يستغل في الوقت المناسب لأغراض، و مصالح شخصية ثم يرمي به بعد قضاء المهمة، فإن كان هذا الصياح من وراء الشاشات صادق من أجل التعاطف مع قضية طالب محكوم عليه بالإعدام من أبناء الهامش فلماذا إذن لم تجد منكم قضية دارفور هذا التعاطف؟ و لماذا لم تخرجوا في مظاهرات تنديداً بما يحصل لهم؟ أم كالعادة هي وهمات و حركات انتهازية لاستغلال قضايا الآخرين و الظهور بها، و هذه الأفعال ليست بجديده على بعض الأفراد الانتهازيين المتملقين.

و ختاما ندين هذه المحاولات القذرة اللاإنسانية في أستباحة دم الاخر المختلف في مساره الفكري و السياسي و طبيعة عمله ، و ننادي بتعزيز ثقافة التسامح والتعايش السلمي و السلام و إحترام و تقبل الآخر.

و نتمنى لو تكون هناك مبادرة إنسانية بين أسرة الطالب عاصم عمر حسن ، و الشرطي القتيل حسام، فإن كانت أسرة الثاني قادرة على لعب دور إنساني يكون أنموذج تسامح يحتذى به فهذا ما نتمناه، و هنا نعول على أهمية دور أم الفقيد حسام إيمانا منا بدور الأم المرأة في أحداث تغيير ، و قلب الموازين فلماذا لا تكون هذه الحادثة سبباً لخروج نموذجاً مماثل للمراة المغاربية الشجاعة بفرنسا Latifa Ibn Ziaten التي كان ابنها الشرطي Imad أحد ضحايا Mohamed Merah ، و لكن موقف أم الفقيد الفاضلة المتسامحة لطيفة التي أصبحت حدث العالم لأنها تعاملت بالأحساس الإنساني الأممي، و أعتبرت أن المتهم هو أيضا بمثابة إبنها الذي فقدته، و بدل من أن تنتهز هذه الحادثة لمطالبة بالقصاص و السجن الأبدي جعلت منها درساً لترسيخ مبادئ التسامح السامية، و ذهبت إلى أبعد من ذلك و كونت منظمات تعني بشؤون الشباب المعرضين لمثل هذه الجرائم، و صارت تعقد الندوات والمحاضرات من أجل تعميم رسالة التسامح السامية حتى تم تكريمها من قبل جون كيري في واشنطن ضمن قائمة اشجع النساء، فالشجاعة ليست في الإنتقام أو الأخذ بالثأر و القصاص، و لكن الشجاعه تكمن في التسامح و العفو و الغفران، و قلب الأم و روحها التي تحمل روح حيه تنبض في أحشائها لمدة تسعة أشهر ثم ترضعه و تنشئه إلى أن يكبر و يصبح رجلا، هذه الروح الإنسانية روح الأم من الصعب أن ترضي أن يحكم بالقصاص أو السجن طويل المدا على شاب صغير في سن إبنها و تسلب روحه ، و يضيع شبابه الحالم بالديمقراطية و العدالة و المساواة ، هذا الشاب المطالب بأقل مقومات الحياة الكريمة، و أنا متأكدة أن أم الفقيد أن قام أهل الخير أصحاب النفوس المتسامحه المسالمة بمبادرة للنقاش و الحوار معها حتى تنظر إلى القضية من ناحية إنسانية فمن المؤكدة أن تتغلب مشاعر الأمومة و الرحمة و العطف و المغفرة و التسامح التي بداخلها على مشاعر الغضب و الحزن و الأسى و ستأبي أن يقضي إبنها الثاني الشاب الصغير عاصم عمر حسن شبابه بين قضبان السجن.

عبير سويكت
ناشطة سياسية و كاتبة صحفية
مقيمة بباريس
10/09/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د


.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي




.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا


.. بينهم نتنياهو.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل بسبب حر




.. اعتقال مصور قناة -فوكس 7- الأميركية أثناء تغطيته مظاهرات مؤي