الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن العشائر والبيئة الحاضنة لتنظيم الدولة الإسلامية

خلف علي الخلف

2017 / 9 / 10
الارهاب, الحرب والسلام


شكَّل صعود "الدولة الإسلامية" في شمال وشرق سوريا، إضافة إلى غرب العراق، وسيطرتها على مساحات شاسعة من أراضي الدولتين، مفاجأة مقرونة بالصدمة، لدولٍ وحكومات وباحثين وكتَّاب. بعضهم متخصّص في شؤون الجماعات الجهادية، وذهبت بعض التحليلات السريعة في نسب هذا الصعود المتسارع إلى البنية العشائريَّة القائمة في المناطق التي سيطرت عليها، وحاولت إيجاد علاقة مسببة بين فكر تنظيم "الدولة" الجهادي وبين "العشائرية" باعتبارها بيئة حاضنة ومناسبة لنمو السلفية والتطرف الجهادي.

من يطرح مثل هكذا تحليلات "معمَّقة"، لايبدو أنَّه قد تناول فنجان "قهوة مرة" في مضافة طوال حياته، ومعرفته بالبنية العشائرية كمعرفتي بالطعام المفضَّل للسكان الأصليِّين في جنوب استراليا.

وتبدو محاولة اللصق المتعسف بين بنيتين مختلفتين، وحتى متعارضتين، كمحاولة خياطة الحديد بالطين. فالعشائريَّة بنية قائمة قبل الإسلام، ورغم كل التحولات التي مرت بها بقيت تحظى بثبات نسبي، بأعرافها وتقاليدها وقوانينها غير المكتوبة، وحتى بشكل "الحكم" فيها. وقاومت كل عوامل التغيير. بينما كان الإسلام بنية متحولة ليّنة أعيد تشكيلها مئات المرات عبر التاريخ، لتوائم شكل الحكم أو معارضته أو السعي له من خلال صياغة الإسلام المناسب لكل حالة و"تاريخ".

عدا عن ذلك، ورغم إفادة الإسلام من البنية العشائرية لنشر سلطانه وراياته. فقد خاض حرباً "فكرية" ضدها، إلا أنه وفي عز جبروته وترسخ سلطته لم يستطع القضاء عليها، وبقيت في ظله تحظى بالأولوية عليه في الولاء، ولم يستطع الإسلام اجتثاث تقاليدها وقوانينها وأعرافها الراسخة، حتى تلك المتعارضة معه، واجتاز العرف والقضاء العشائري وتجاوز دولاً بقوانين مختلفة عبر التاريخ، بما فيها الدول التي حكمت من خلال الإسلام، ليبقى مطبقاً حتى الوقت الحالي.

إضافة لكل هذا، ومنذ تشكل العشائر القائمة في منطقة الجزيرة السورية المتداخلة مع العشائر في العراق بشكلٍ يصعب فصله، بقي الإسلام هامشاً لا يكاد يرى بالعين المجردة، ولم يكن له أي فاعلية أو تأثير في المجتمع، ولم يشكل أي محدد للعلاقات الإجتماعية القائمة. وحتى ثمانينيات القرن الماضي، كان من يؤدون فرائض الإسلام كاملة، يكادون يعدون على أصابع اليد في المنطقة، وحتى هذا الإسلام النادر والطفيف، كان إسلاماً صوفياً، وهو ما أصبحت تكفره الجماعات الجهادية التي ظهرت لاحقاً.

وبشكلٍ أساسي "انتشر" الإسلام في منطقة الجزيرة السورية، بدءاً من ثمانينات القرن الماضي، عبر "البعثات التبشيرية" التي شكلتها الوهابية من خلال العاملين في السعودية العائدين إلى مناطقهم متأثرين بكتب "المطاوعة" (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية) التي كانت توزع مجاناً على نطاق واسع في السعودية في تلك الفترة.

قبل ذلك ربما لن تجد صائماً في قرية كاملة! وهو الفريضة الأكثر انتشاراً. ورغم هذا لم تستطع السلفية بناء موطئ قدم لها في المنطقة، وظلت محط سخرية عامة الناس، ويسمون معتنقيها "الوهابيين" ومفردها "وهابي" وكان نعت أحد الأشخاص بها أقرب للشتيمة.

ولم تجد السلفية المتشددة في الرقة على سبيل التحديد، من يعتنقها سوى بعض "الهامشيين" الذين لم يكن لهم مكانة في الرابطة العشائرية، أو لديهم نزوع نفسي، فردي، للتطرُّف أيّا كان محتواه. وهم قلة لايشكلون أي نسبة من السكان. بل إنهم غير معروفين بالإسم.

أما السلفية الجهادية فلم يكن لها موطئ قدم أبداً، وعلى حد علمي لا يوجد شخص واحد في الرقة التحق بالجهاد العالمي قبل وصوله إلى الرقة، وجعلها عاصمةً لدولته الإسلامية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على