الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة أخرى في 11 سبتمبر

ناجح شاهين

2017 / 9 / 12
العولمة وتطورات العالم المعاصر


قراءة أخرى في قصة 11 سبتمبر
ناجح شاهين
بعد ستة عشر عاماً من حادث البرجين الرهيب، كيف يمكن لنا أن نقرأ ما حصل؟ اللاحق يفسر السابق، ماركس قدم لنا مفتاحاً رائعاً لفهم الماضي في ضوء ما يتلوه من وقائع وأحداث.
كانت الولايات المتحدة قد خرجت منتصرة انتصاراً مدوياً من الحرب الباردة. وذلك يستدعي بالطبع إعادة رسم خريطة الدنيا في ضوء الانتصار. لا يمكن أن تظل اتفاقية "يالطا" هي المرجعية للدنيا الجديدة "الشجاعة" المنبثقة من غياب الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي كله.
لذلك، قامت الولايات المتحدة بافتعال الأزمة تلو الأزمة طوال عقد التسعينيات من القرن العشرين. بدأت بتشجيع الراحل صدام أو استفزازه من أجل دخول الكويت. ثم قامت بضرب العراق من أجل "تحرير الكويت". قبضت أثماناً باهظة من دول الخليج، ووضعت العراق والدول العربية كلها تحت الإشراف الأمريكي المباشر أو غير المباشر.
افتعلت أمريكا حروب "يوغسلافيا" ونجحت في إدارتها أيما نجاح. وفي سياق عقد التسعينيات العظيم تم السطو على اقتصاديات النمور الآسيوية وسرقتها في وضح النهار. وأعلنت روسيا إفلاسها وعدم قدرتها على سداد الديون . وأنجزت اتفاقية اوسلو لتهدئة الصراع في "الشرق الأوسط". كان عصراً ذهبياً بامتياز.
جاء جورج بوش إلى الحكم بعد ثماني سنوات من حكم ال "بلي بوي playboy " بيل كلينتون وكان اتجاهه المسياني الصليبي واضحاً منذ البداية. كما أنه لم يكن ينقصه استعراض رعاة البقر ولا حمق تجار النفط وجشعهم. في هذا السياق ومع بداية الألفية الثالثة وقعت أحداث البرجين الشهيرين في منهاتن.
يقول لنا من أنتج وأخرج "فهرنهايت ناين الفن" الفلم الذي اثار ضجة هائلة، إن قصة البرجين على الأرجح مدبرة من قبل القيادة الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية. بالطبع ليس بالإمكان مثلما هو مفهوم ان نعرف أبداً في أي يوم من الأيام ما الذي جرى في هذا الحدث التاريخي الكبير نسبياً. سنظل نتجادل فيما حصل مهما توافر لدينا من أدلة. لذلك فالأهم من الجدل في حيثيات التفجير ومن يقف وراءه هو أن نحدد ما جرى بعده.
أعلن الرئيس جورج بوش حرباً صليبية كبرى ضد المسلمين والعالم الثالث وكل، نعم، كل من تسول له نفسه أن لا يكون في معسكر الولايات المتحدة. كان الرئيس حاسماً وهائجاً كما الثور، واستعمل لغة رعاة البقر: حياً أو ميتاً، إما أنك معنا أو ضدنا...الخ كانت النتيجة رائعة. خلال وقت قصير وقفت أوروبا وروسيا والهند والعرب والعجم ...الخ مع حرب أمريكا ضد الإرهاب. واستعملت قوة لا مثيل لها في التاريخ من أجل "فعص" القاعدة وطالبان، وتدمير أفغانستان شجراً وبشراً وحجراً.
مرة أخرى كانت حرباً رائعة ربحت فيها أمريكا كل شيء. حصلت على الأموال، والدعم والولاء، والهالة النفسية، ووصلت إلى حدود الصين، والتفت حول روسيا. وسيطرت على نفط قزوين ونفط الشرق الأوسط على السواء.
بعد ذلك أصبح الباب مفتوحاً أمام أي شيء تريده أمريكا: وهكذا تم تسعير أسطوانة الأسلحة العراقية المدمرة، وعلاقات صدام المزعومة مع القاعدة وكوريا الشمالية. وتم احتلال العراق وضربه بوحشية كاملة بحيث أصبح الموت والدم الذي تجلبه شركات بلاك ووتر وغيرها لا يجذب اهتمام أحد. أما المعتقلات الأمريكية فاصبحت شيئاً شبيهاً بمعتقل "وول نت" في فيلادلفيا القرن التاسع عشر وربما أسوأ.
في هذا السياق أصبح شارون رئيس وزراء إسرائيل المتوفى شخصاً يسارياً. وعلى الرغم من اجتياحه الضفة ومحاصرة عرفات في مقره، فإن أحداً لم يجرؤ على الاعتراض. كانت إسرائيل حجة في محاربة الارهاب الذي تقوده أمريكا. وبالطبع التزمت أوروبا الصمت، والعرب لاذوا بخيامهم. أمريكا واسرائيل تعيثان فساداً في الأرض، ولا أحد يجرؤ على الهمس بكلمة ضدهما.
بدا واضحاً أن عملية قطف ثمار هزيمة الاتحاد السوفييتي بشكل كامل قد أزف وقتها. وأعلنت كوندا ليزا رايس عن شرق أوسطي جديد. ولكن حزب الله كان يقف حجر عثرة في طريق المولود الموعود. أعطت إدارة واشنطون تعليماتها لإسرائيل بضرب حزب الله وتصفيته. ربما كانت هذه هي الحرب الوحيدة التي تقوم بها إسرائيل بناء على طلب خارجي، ولم تكن بمبادرة مباشرة منها.
حصل ما لم يكن متوقعاً: تمكن حزب الله من الصمود، وإلحاق خسائر مهينة بالجيش الاسرائيلي. وقد أقر اولمرت رئيس الوزراء بأن أحداً لا يستطيع أن يجرد حزب الله من سلاحه.
لكن الولايات المتحدة المصرة على استثمار أجواء 11 سبتمبر ظلت ترغب في بناء الشرق الأوسط الجديد والهيمنة على العالم. وقد أتيحت لها الفرصة بالفعل لتجديد الفكرة، عندما ظهر الربيع العربي في تونس ثم مصر ثم ليبيا وسوريا. وسواء أكان الربيع تلقائياً أو مصنعاً، فإنه بدوره كان فرصة ذهبية للمشروع الأمريكي.
كانت فصول مصر وتونس ناجحة بالفعل. أما فصل لبييا فقد كان رائعاً تماماً إلى درجة أن هيلاري كلينتون كانت ترقص فرحاً وهي تتحدث عن القبض على القذافي وعن سقوط نظامه ...الخ
ثم جاء فصل سوريا وتعثر المشروع على الرغم من مشاركة كونية فيه على رأسها عرب النفط والأتراك، مدعومين من إسرائيل وأوروبا وأمريكا الشمالية كلها. بالطبع كانت روسيا –الابن غير الشرعي لأوروبا- معارضة بتحفظ. وقد شهدنا موقفها الضعيف في تمرير القرار بتدمير ليبيا.
وقفت ايران وحزب الله في خندق الدولة السورية. وتدريجياً سمح صمود هؤلاء بتشكيل جبهة أوسع دخلتها روسيا على نحو أكثر جذرية. ومرة أخرى نجح المعسكر الروسي/الايراني/السوري الذي يتمتع حزب الله فيه بدور خبير حرب العصابات الذي لا نظير له، نجح الحلف في إجهاض المشروع الأمريكي.
ربما أن هدم البرجين كان إيذاناً بإطلاق مشروع هيمنة أمريكا على العالم بدءاً بالمنطقة العربية ومحيط بحر قزوين، وقد حقق المشروع إنجازات واضحة حتى العام 2006 عندما اصيب بنكسة المواجهة مع حزب الله. ولكنه انتعش بعد العام 2011 في سياق الربيع العربي ليعود إلى الانتكاس في سياق تشكل تكتل كوني لمواجهة الولاية المتحدة واندحار المشروع في سوريا على نحو واضح. ربما أن الحلم الأمركي بالسيطرة الكاملة على العالم بسبب الفراغ الذي تركته الشيوعية قد لفظ أنفاسه بالفعل.
لعل عالماً متعدد القطبية في طريقه إلى الظهور بفضل الصحوة الروسية وصمود الجيش السوري وإبداع حزب الله مع الثبات الإيراني في دعم المقاومة وسوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على