الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً- الجزء الخامس والعشرون

محمود عباس

2017 / 9 / 14
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


قراءة في كتابه: التكوّن التاريخي الحديث للجزيرة السورية.
حول كردستانية الجزيرة
7 - ما ذكره الأمير كاميران عالي بدرخان في محاضرته "المشكلة الكردية" في تموز 1949م وأمام الجمعية الأسيوية بلندن، حول جغرافية شمال وجنوب غربي كردستان، واضح ولا يحتاج إلى تأويل، مع ذلك يوردها الكاتب محمد جمال باروت في الصفحة (799) بشكل ملتوي، ويحللها حسب غايته، فيقول بأن الأمير يحدد جغرافية جنوب غربي كردستان حسب الخط السياسي المار بين سوريا الحديثة وتركيا الكمالية، متلاعباً وبخبث بالمصطلحات وبالدراسة، فالأمير يتحدث عن جغرافية شمال وجنوب غربي كردستان، ويضع البادية السورية الحد الفاصل بين كردستان والمنطقة العربية، ومحمد جمال باروت يتحدث عن جنوب وشمال كردستان، ويرسم الحدود الفاصلة بين العراق وتركيا ماراً بقلب كردستان، وهنا الحديث يجري بين منطقتين جغرافيتين وحدودين سياسيين، وجزأين مختلفين من كردستان، الجزء الجنوبي الذي يتحدث عنه الكاتب، والجزء الجنوبي الغربي أي الجزيرة والذي يدرسه الأمير. وحسب تحليل الكاتب، سيقطع الخط الجغرافي ذاته أي حدود سوريا وتركيا بين جنوب كردستان وتركيا، وبالتالي ستلغى كردستانية جنوب كردستان أيضا، لأنه خط مستقيم وهو نفس الخط الذي سماه الأمير بقلب كردستان، وقصد منه الخط السياسي الذي شكل حديثاً بين شمال وجنوب وجنوب غربي كردستان، أي الخط الفاصل بين العراق وتركيا، وسوريا وتركيا، خاصة وأن الحدود أو الخط المعني قسمت جزيرة بوتان، مسقط رأس الأمير، وولاية بوتان التاريخية هي مركز أجداده، ويعتبرها الأمير كاميران قلب كردستان، ومحمد جمال باروت يتخابث هنا على القراء على لسان الأمير، بأن الحد الفاصل بين كردستان والجزيرة أو سوريا العربية هو الخط الذي تم به تحديد سوريا وتركيا ويتيه عند التقرب من الحدود المصطنعة بين العراق وتركيا! وأفضل رد على هذا التلاعب الخبيث تأتي فيما يورده الكاتب نفسه في الصفحة (799) الهامش (171) في المناقشات التي جرت بين الأمير كاميران والرائد سايلي بيل من بين ما يذكر، يقول الرائد كصيغة سؤال: "هل هذه الحركة تهدف إلى تشكيل دولة في حدود معينة، حيث تضطر تركيا والعراق وإيران وسوريا إلى التخلي عن جزء من أراضيها" وهنا يتوضح أن جزء من كردستان اقتطعت وضمت إلى سوريا المتشكلة حديثاً، وهو ما كان يعنيه الأمير، وكانت من ضمن مطالب جمعية خويبون قبل التلاعب والفبركة السياسية الذي حدث لجغرافية جنوب غربي كردستان.
8- ومن إحدى الأساليب التي بدأت تستخدمها السلطات المحتلة لكردستان، ويركز عليها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات القطرية، المؤسسة المحتضنة لمحمد جمال باروت وغيره من العروبيين، محاولات الطعن في القضية الكردية السياسية من خلال أدبيات الأحزاب الكردية في سوريا بعد تحريفها وتقطيعها، وعرض مقاطع دون أخرى، كالتي أوردها في الصفحة(800) متناسيا الواقع السياسي المعاش تحت ظل سلطات قمعية شمولية، ومتغاضياً عن الواقع المرير الذي كانت الأحزاب الكردية تعيشه، والمنافذ التي كانت تستخدمها لنضالها القومي، لئلا يتعرضوا إلى تهمة الخيانة بالوطن، إلى جانب ما كان يعانيه الشعب من المظالم والمعاناة. كما وفي تتمة الهامش(171) من نفس الصفحة يورد وثائق جمعية العائلة البدرخانية في محضرها(6489 المنعقد في 27 أيار عام 1920م) متناسيا أيضا الفترة الزمنية التي لم تكن فيها سوريا موجودة، والإمبراطورية العثمانية كانت قائمة، بشكل ما، وأن الإمارة البوتانية كانت تمتد حتى البادية السورية، وجنوب غربي كردستان كانت أحدى مقاطعاتها الأساسية، وعليه يقول الأمير كاميران في مذكراته " المتضمنة تعني ضم جزيرة ابن عمر إلى إمارة كردستان، أو بعد سنة إلى دولة كردية مستقلة، كما تم الاتفاق على تاريخ وملاحق حكومة الجزيرة الإدارية" والملاحق الإدارية هذه تعني المناطق التي استقطعت ولحقت بسوريا فيما بعد.
9- والأبشع ما يورده في الصفحة(807) وما قبلها عندما يحاول وفي عدة مواقع عزل الوجود الديمغرافي الكردي ما بين الجزيرة ومنطقة عفرين، مستنداً على دراسته الغارقة في التأويلات والتحليلات الخاطئة والمفبركات التاريخية، بدءً من فترة الغزوات الإسلامية العربية إلى مرحلة ظهور الأنظمة العروبية، ونتائجه حول الوجود الكردي على جغرافيته الجنوبية الغربية، والتي يرفضها كوحدة جيوسياسية بتكامل ديمغرافي، فيقول" وذلك أثناء تحليله لهيمنة حزب العمال الكردستاني على الواقع السياسي في كردستان الجنوبية والصراع مع الأحزاب الأخرى ما بين عفرين والجزيرة. ذاكرا " يفترض في الحساب الافتراضي أن تكون هيمنته كاملة على الجزيرة التي يتحدر معظم أكرادها من كردستان تركيا، بينما أكراد عفرين أصليون" ووجه الغرابة هنا: هل أكراد عفرين أصليون ضمن جغرافية مستقطعة من كردستان الكبرى؟ أم هي جزء من سوريا العروبية؟ وهل هم أكراد لاجئون أم أصليون في كردستانهم؟ وتناقضه واضح من خلال جدليته الساذجة وتتبين من خلال إلغائه لكردستانية الجزيرة، وخاصة شمال شرق سوريا، وبالتالي ستلغى معها كردستانية عفرين. ويناقض الكاتب ذاته مباشرة معترفا أن "الكرد أمة" وهو الأعلم أن الأمة لا تتكون في عقد ولا في قرن، فكيف تمكن كرد الجزيرة الانتقال من العشائرية إلى وعي الأمة خلال نصف قرن من وجودهم مهاجرين في سوريا؟ فيؤلها حسب غاياته، ويقول" وما يفسر ذلك هو عامل الوعي القومي الذي تخطى الروابط العشائرية الأصلية إلى عوامل الأمة" متناسياً أن المرحلة الزمنية حسب تحليله التاريخي والتي تنحصر ضمن فترة تشكل سوريا كدولة، لا تتجاوز نصف قرن من الزمن، وفي الواقع هذه التحولات الفكرية الاجتماعية الثقافية تحتاج إلى مراحل زمنية طويلة تمتد إلى ما قبل ظهور القبائل العربية الإسلامية الغازية بقرون عديدة، وهو العمر الزمني الذي يسكن فيه الكرد ضمن جغرافيتهم، وحضاراتهم السابقة تثبت ذلك.
10- يذكر الكاتب في الصفحة (823) " وباندلاع حركة الاحتجاجات السورية في شباط/فبراير –آذار/ مارس 2011 تدخل الحركة الكردية السورية في مرحلة تطور جديد ما تزال في قيد التكوين وتراوح اتجاهات الأفكار فيها بين حقوق الشعب الكردي السوري بوصفها جزءاً من حقوق الشعب السوري السياسية والاجتماعية، وبين الاعتراف الدستوري به كقومية ثانية، وبين أفكار " مشوشة" تنوس بين اللامركزية الواسعة و" الفيدرالية" وما دعي ب “حق تقرير المصير".) لا شك هنا يظهر واضحا بأنه يستند في تحليله لنهج الكرد السياسي الحديث على منطق الأسد والبعث بالتطبيع، وحصرهم ضمن بوتقة شريحة من النسيج السوري العربي، وأن قضيتهم يجب ألا تتجاوز التمييز الاجتماعي، والغبن الذي حصل كان على حق المواطنة! ملغيا هنا مسيرة التاريخ، وكردستانية الجزيرة، وعارضا سوريا وكأنها دولة كانت بهذا التقسيم الجغرافي منذ ما قبل غزوات القبائل العربية الجاهلة، ومتناسيا أن مطالب الشعب الكردي بعد تقسيم كردستان واحتلالها من قبل الدول الأربعة، تختلف ما بين الواقع، والمطروح على الساحة السياسية حسب الظروف ومتطلبات المرحلة. فالأساليب الحديثة والمسلك الجديد في التعامل مع القضية الكردية ضمن سوريا، تظهر من خلال ما يعرضه الكاتب في الصفحات المذكورة، وتتبناه الحركة العروبية الحديثة، المدعومة من قبل المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات القطرية، والتي جندت العديد من أمثال محمد جمال باروت وعزمي بشارة وغيرهم، ومعهم العديد من الكتاب والباحثين الذين كانوا سابقا في خدمة البعث السوري والعراقي.
11- الفصل الخامس عشر، بدءاً من الصفحة (824) وما بعد، يمكن للقارئ الاستغناء عنه بل وعن أكثر من نصف الكتاب، فهذا الفصل بالتحديد، فصل تركيبي، من الهجرة إلى الجزيرة إلى الهجرة منها، من مجرد الأسئلة الشكوكية حول الهجرة إلى قضية العمران، تكرار لمواضيع بحث فيها سابقا ولمرات، وحشو وتلاعب بالمصادر، والاسنادات الحديثة العروبية ليست سوى محاولة لتثبيت وجهة نظر البعث والأسد والمكلف بها سابقاً، والتي تتبناها قطر بعد دمجها بالفكر التكفيري العروبي...


يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
22/4/2016م










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب في الحزب الحاكم في بريطانيا يطالبون بتصنيف الحرس الثوري


.. التصعيد الإقليمي.. العلاقات الأميركية الإيرانية | #التاسعة




.. هل تكون الحرب المقبلة بين موسكو وواشنطن بيولوجية؟ | #التاسعة


.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. المتحدث باسم البنتاغون: لا نريد التصعيد ونبقي تركيزنا على حم