الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة وشروط ولادتها

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 9 / 14
القضية الكردية


الدولة وشروط ولادتها

الدولة الحية قديما وحديثا هي التي يمكن لها أن تعيش وتستمر بصورة طبيعية وفقا لقانون النشأة والولادة، يجب أن يؤسس لها بما يعرف بالمقبولية من قبل جيرانها أولا ومن يؤثر في وجودها إيجابا وسلبا بالدرجة الثانية، الجماعات البشرية لا تؤسس ولا تتطور لمجرد أنها تريد ذلك أو تعمل لأن يكون لها وجود شخصي خلافا للسيرورة الأجتماعية ولتأريخية حتى لو كانت تملك المبررات والأسس، فكثير منها قد لا تخدمه الطبيعة أو لا تعينه في تحقيق ذلك قزى الصراع الحولي أو حتى الصراع الطبيعي، العالم اليوم مكون من عشرات الألاف من المجتمعات المتمايزة أما لغويا أو برابطة النسب أو حتى بالمشترك الديني، لكن ذلك لا يبرر للجميع الأنفراد بأستقلالية وتميز نظرا لما تملكه من مبرر حتى لو كان تحت ظل قاعدة حق تقرير المصير.
الدولة الحديثة الآن تحديدا وفي ظل أستقرار ما يعرف بالعالم المعنون بحدود الجغرافيا والمصالح لا تؤسس بالرغبات القومية أو العنصرية مع تشتت الكثير من القوميات بين الكثير من الدول والمجتمعات، ولم يعد عصر العولمة والمصالح عابرة الحدود هو عصر القوميات والدول أحادية العنصر، ولا تبرر أحكام الواقع الطاري واللا مستقر هذه النزوات الأستغلالية وفرض أمر واقع على الجميع ورغما عنهم، لأنها بذلك تؤسس لمبدأ فشل دائم وخيبة من أن تتحول إلى مجرد محاولة أنتحار فاشلة، المهم بعلة تكوين الدولة أن تحقق لشعبها أولا الأمان وإمكانيات التطور في ظل علاقات إقليمية ودولية تقوم على مبدأ الشراكة والتعاون وتبادل المصالح الوطنية، وليس لمجرد أن تكون هناك أطر دستورية وعلم وعملة وما يعرف بالشخصية الوطنية وهي مقبلة على صراعات وتنافس حاد لا يحقق الحد الأدنى من أسباب النشوء والإيجاد.
كذلك الدول التي تنشأ نتيجة توافقات ومصالح ورغبات دولية مؤثرة أو نتيجة سعي أممي في ترتيب وضع غير طبيعي ستلاقي نفس المصير الذي ينبني على رغبة مجردة حتى لو نشأت هذه الدولة أو هكذا الكيان نتيجة لذلك، فالتاريخ القريب في القرنين الحالي والماضي شهد ولادة دول وتكوين مجتمعات بناء على هذه الحالة ولكننا شهدنا موت الكثير منها وتفككها وتحولها إلى إنشطارات متعددة لأنها لم تملك المبرر الطبيعي لنشؤها، حتى الدولة العبرية التي تم إنشائها على أرض فلسطين بالرغم مما تملك من قوة وأسباب قهرية غالبة لا يمكنها أن تستمر على هذه الشكلية وهي تواجه قلق دائم ومستمر متعلق بوجودها، وقد يأت الوقت الذي ترى فيه الدول الراعية لها أو المصرة على أستمرارها أن تعديل وضعها القانوني أو حتى النظر بمصيرها النهائي أمر واجب وحتمي لأنها نشأت في غير الظرف الطبيعي لها وخارج قوانين التأريخ والجغرافية.
العبرة إذا لا تكمن بما هو كائن بل بما هو ممكن أن يكون بالنهاية ويرسم ملامح المستقبل، هذا الكلام نقوله الآن في ظل وضع لم يعد خافيا على أحد في ما يعرف بحق تقرير المصير للأمة الكردية والتي تحاول القيادة الكردستانية في شمال العراق أن تفرضه واقعا تمهيدا لقيام دولة كردية كبرى تمتد على أراضي مجموعة من الدول والكيانات التي ترسخت هويتها الوطنية بواقع ما بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، مدفوعة هذه الرغبة بعوامل غير واقعية ومصالح لا تنظر إلى المستقبل كأطار يمكنه أن يحفظ لهذه الدولة الحلم القدرة على الصمود والبقاء والتطور، ورغما عن كل ما يؤشر إلى أن فكرة الأستقلال لا يمنها لوحدها أن تمنح شعب هذه الدولة فرصة بقاء أو حتى الأستمرار المؤقت لحين تترسخت قناعات الواقع بها، هذا الكلام لا يتعارض مع حق تقرير المصير سيما وأن اللغة الكردية أو العنصرية الجنسية لوحدها غير كافية كمبرر للأستقلال بغياب المصلحة العامة للشعب الكردي الذي لديه خيارات أخرى تتلائم مع حق تقرير المصير وتحقق لهم كشعب مصلحة وطنية مشروعة.
وتأسيسا على هذه الحق ومن باب الحفاظ على روح الأخوة التأريخية التي تربط شعوب المنطقة، وحماية للمصلحة الوطنية العراقية أولا نتوجه للأخوة الكرد بدون حساسيا عنصرية ولا إنكارا لحق أحد في أن يكون كما يريد ضمن دستور ساهموا هم الضغط على صياغته وفقا لمصالحهم التي تتنافى حتى مع حق الديمقراطية وقوانينها أن يحسبوا للجغرافية والتأريخ قبل السياسة، وأن يفهموا أن الأحلام شيء والواقع بقوانينه الحتمية هو الحكم في تحديد المصير.. فنحن أمة عراقية عاشت وتعايشت بتعددها وتنوعها الطبيعي وعدم نكران حقية أن هذه الأمة المميزة أنها متعددة الألوان، مصيرنا مرهون بأن نقرر أن التعدد في الألوان يزيد من جمالية الصورة ويثري من تفاعلها الإنساني ضمن أطار الدستور الذي تبنته وأختارته بحرية، ويمنحها القدرة على الإشراق المستقبلي متى ما عمل الكل على أن نحيا بكرامة وسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مع انني لست كرديا
ايدن حسين ( 2017 / 9 / 15 - 08:26 )
استاذ عباس
تقول .. الدولة لا تتأسس الا بشروط .. منها .. قبول الدول المجاورة
هل حقا انت تؤمن بهذا
هل الدول الاسلامية او العربية تاسست بقبول الدول المجاورة
اذا قال الاخرون مثل هذا الكلام فهم معذورون
لكنك استاذ عباس حائز على درجة دكتوراه
و تقبل احترامي
..


2 - جواب
عباس علي العلي ( 2017 / 9 / 15 - 09:19 )
أخ أيدن صباح الخير، لو عدنا إلى نشأت الدول العربية والإسلامية بعد سقوط الدولة العثمانية نجد أن الوضع مطابق تماما لكلامي، لولا التوافقات الدولية والأقليمية والمقبولية شبه العامة وعلى منظور تأريخي وواقعي تأسست هذه الدول ونشأت في حين هناك مجتمعات لم يتم التوافق على أن تكون دول أو كيانات منفصلة لم ترى النور لأن المصالح الدولية والأقليمية كانت في الضد منها.... مع كل تقديري لرأيك وهو محل أحترام عندي

اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون ويشعلون النيران أمام منزل نتنياهو ليلة ع


.. شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد




.. تقرير أميركي.. تدهور أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة


.. واشنطن تدين انتهاكات حماس لحقوق الإنسان وتبحث اتهامات ضد إسر




.. الأمم المتحدة: الأونروا تتبع نهجا حياديا وإسرائيل لم تقدم أد