الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بركة الاسماك وكابوس الغراب

سعد محمد موسى

2017 / 9 / 14
الادب والفن


ذات يوم شعرت بالتعاطف مع شكوى جارتي المعاقة وأنا أستمع الى حكايتها الغرائبية والحزينة بعد كبحت فرامل عربتها المتحركة بصحبة كلبتها الصغيرة المدللة -بالا- والتي عادة ما كانت تقبع في السلة الامامية من الكرسي .. لتروي ليّ بما حصل وهي تذرف بالدموع فحاولت أن أهدئ من روعها.
فأخبرتني فلورينا- أن هنالك غراب سيء الطباع بات في الايام الاخيرة يقتحم حديقتها الخلفية وهو يرعب بقية الطيور ويقتل أسماك الزينة العزيزة التي كانت تربيها وتطعمها منذ أكثر من أثنا عشر عاماً في بركة الماء التي تتوسط الحديقة, ولكن الغريب في الامر أن الغراب كان من شدة دهائه وبذكاء تفكيره الذي يساوي عقل قرد .. كان يستدرج الاسماك الى حافة البركة كي يلتقطها بمنقاره ويقتلها دون ابتلاعها ويلقي بها فوق أعشاب الحديقة.. فبقي هذا الغراب النزق يتردد عدة مرات بعد أن قتل نصف أسماك البركة وهو يلهو بالاسماك الميتة ويعبث بالحديقة.
فأ قترحت على جارتي أن تخبر أهلها بما حصل وتطلب منهم أن يضعوا قفص يحمي حوض الاسماك ,بينما صديقها اليهودي هنري اقترح أن تموه على حافات البركة بوضع أفاعي اللعب المصنوعة من البلاستيك كي تخيف الغراب .. لاسيما أن الغراب يخشى التقرب من الافاعي.
لكن الغريب والتصرف الشاذ من الغراب انه تصرف وكأنه أنسان شرير حين كان يستمتع بالصيد فقط من أجل المتعة وايذاء طيور الحديقة أيضاً وهذا السلوك اللامألوف في مملكة الطيور كان على النقيض من طبيعة غرائز الحيوانات والطيور التي لا تقتل إلا من أجل البقاء لكن هذا الطائر الشاذ قتل الاسماك من أجل التسلية والعبث بهما فقط.
وأثناء حديث الجارة عن أسماكها
وتهديد الغراب .. تذكرت بان للغراب مملكة وقوانين ويمتلكون أيضاً قضاة من الحكماء وكبار السن ولديهم محكمة في الغابة أوالحقل وهم يسننون أحكام يقاضون فيها الغراب الجاني بواسطة غربان متطوعة تأمرها المحكمة لكي تجلب الغراب الجاني وتنفذ به العقوبة والتي تصل أحيانا حد الاعدام نقراً .. فخشيت أن أخبر الجارة بان هذا الغراب ربما هو شرير وهارب من محكمة الغابة, فجاء للمدينة.
أما التصرف الاخر المثير للانتباه أن هذا الغراب بعد أن عرف أن صاحبة الدار كسيحة ولا تستطيع أن تدافع عن أسماكها ولديها كلبة وديعة تحتمي وراء عربتها وحين حاولت الكلبة حماية سيدتها من الغراب نظر لها شزراً ونعق فتراجعت مذعورة وراء عربة سيدتها بعد أن أدركت الخطورة.
بقيّ الغراب غير آبهاً لوجودهم ولايتحرك من مكانه في الحديقة ويتحدى سيدة البيت ويقتل أسماكها.
وبعد غروب الشمس كانت فلورينا عادة ما تسمع ضجيج نقر على نوافد البيت الزجاجية .. وكانت تحملق بخوف الى شبح الغراب وكأنه يبعث برسالة تهديد .. عاشت فلورينا سبعة ليالي برعب مع كلبتها داخل الدار.
وفي احدى الصباحات حين خرجت الكلبة بالا لقضاء حاجتها في الحديقة الامامية الصغيرة بعد أن تجنبت الذهاب للحديقة الخلفية خشية من الغراب الذي اتخذ من شجرة اليوكالبتوس في الدار مكاناً للمراقبة .. عرف الغراب بذلك فهاجم الكلبة ونقرها بمنقاره الحاد وأحدث جرحاً في رأس الكلبة التي نبحت خائفة فهربت الى داخل الدار وهي ترتعد من الخوف.
رغم الكوابيس التي كانت تعيشها فلورينا لكنها كانت ترفض ايذاء الغراب.
في صباح الرعب الاخير غامرت فلورينا لتتفقد بقية اسماكها الجائعة والخائفة والقاء الطعام في البركة.
لكنها فزعت وصرخت حين شاهدت الغراب مقتولاً وسط ريشه المتناثر وسط الحديقة وكان هنالك غراب أخر يحط فوق جثة الغراب القتيل نعق الغراب حين شاهد فلورينا الكسيحة قادمة نحو بركة الاسماك ..
فحملق الغراب الجديد بوجه فلورينا ثم طار بعيداً مخلفاً
جثة الغراب الجاني والاسماك الميتة في الحديقة وصدمة فلورينا التي أجهشت بالعويل !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنا و الغربان
ماجدة منصور ( 2017 / 9 / 15 - 02:52 )
استاذ..أتمتع بصداقة فريدة من نوعها مع الغربان...ولكن جيراني قد إشتكوا عليَ أمام المحاكم في ملبورن و اتهموني بأني (أستدعي ) الغربان...لممارسة السحر الأسود0
كان هذا منذ 4 سنوات تقريبا في مدينة ملبورن0
احترامي


2 - بغض النظر عن واقعيتها حكاية هذا الغراب رائعة
أفنان القاسم ( 2017 / 9 / 15 - 09:38 )
ولو كنت منتجًا لعملت منها فيلم... أنا أيضًا أشارك ماجدة نفس الشعور، أحب الغربان، وسبق لي أن كتبت أكثر من مقال عنها...

اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في