الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاكلنا في كتاب -ثقافة الهبل- جميل السلحوت

رائد الحواري

2017 / 9 / 15
الادب والفن


"ثقافة الهبل وتقديس الجهل" صدر كتاب "ثقافة الهبل وتقديس الجهل" لجميل السلحوت عام 2017 عن مكتبة كل شيء الحيفاوية، ويحمل غلافه الخارجي لوحة للفنان التشكيلي الكوني جمال بدوان. هناك العديد من الكتاب والمفكرين عملوا على كشف ما فينا من عيوب، إن كانت هذه العيوب بسيطة أو متجذرة، وأعتقد بأن "أخوان الصفا" من خلال رسائلهم تعد بداية تناول مشاكل المجتمع العربي الإسلامي بشكل منهجي وعلمي، فهي تكشف عيوب العامة والخاصة، الحاكم والمحكومين، الاقتصاد والسياسة، الدين والفكر، ومن يقرأها ـ الآن ـ سيجدها وكأن كاتبيها قد أنهوها الآن وفي هذا الوقت تحديدا، لما فيها من عمق وتحليل يمس جوهر الأحداث.
وإذا ما اقتربنا قليلا من هذا العصر، سنجد "عبد الرحمن الكواكبي" يقوم بتعرية نظام الحكم الاقطاعي المتخلف، ويقدم لنا أهم كتاب يبحث في جوهر الدين "طبائع الاستبداد"، ويكشف زيف التمسك بالشكليات البعيدة جدا عن جوهر الدين، وإذا ما اقتربنا أكثر سنجد المفكرين القوميين العرب من "ساطع الحصري" و"مشيل عفلق" و"أنطون سعادة" و"هشام شرابي" و"ادوارد سعيد" و "بسام عويضة" وغيرهم عملوا على تبيان وتحليل واقعنا وما فيه من مشاكل، مبينين الطرق الواجب العمل بها للخلاص مما نحن فيه.
إذن تكمن أهمية كتاب "جميل السلحوت" في هذا الإطار، فهي يكشف عيوبنا، جهلنا، ما وقعنا فيه من مزالق فكرية ومسلكية جعلتنا في قاع الأمم، إن كانت متعلقة بالدين، بالقومية، بالعلمانية، بالديمقراطية، بالحزبية، بالعادات والتقاليد، بالأمثال الشعبية، بالمعتقدات الدينية، بتفسير الأحداث دينيا، بالانجرار وراء: "حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الرؤوس" مما افقدنا عنصر النقاء والعطاء، وجعلنا بعيدين بعد الأرض عن السماء في مجال الابداع، إن كان على مستوى علمي أم فكري، أم على مستوى سلوكنا، تعاملنا مع بعضنا كمجتمع واحد، لهذا وجدنا أنفسنا يقتل بعضنا بعضا دون أي شعور بالذنب، ونلقي أحكاما مطلقة بالكفر والخيانة على كل من يختلف معنا، يتعارض معنا، فنحن "لا يأتينا الباطن بالمطلق" فنحن مقدسون، خلفاء الله على الأرض، خصّنا بالجنة والغفران من دون شعوب الأرض.
لكي نكون موضوعيين سنتحدث عن الكتاب بشكل موضوعي، فالكتاب بالتأكيد مهمّ جدا لنا في هذا الوقت، خاصة بعد خروج "مدبرة" القاعدة والدواعش والنصرة وغيرها، فالكاتب يوضح جذور هذه الحركات التي انبثقت من الأمّ "جماعة الإخوان المسلمين" التي رعاها الانجليز ومدّوها بعناصر التغلغل بين المواطنين، والتي تفسر الأحداث حسب منهج خاص بها، يلبي مصالحها ومصالح من يمدّونها بالدعم المالي والعسكري والإعلامي، ومن الأمثلة التي يقدمها لنا الكاتب في هذا الاستخدام للدين بشكل يحقق مصالح "الإخوان" والأنظمة النفطية الرجعية والغرب المعادي لأي حركة تغيير ايجابي في المنطقة العربية، ما قاله "مصطفى عبد الجليل" عن تحالفه "كجماعة إسلامية" مع الطيران الحربي الغربي في ضرب "معمر القذافي" وتدمير الدولة الليبية "لم نتحالف مع أحد، وإنّما سخرهم الله لنا" ويقول عن موقف آخر قام به السفير الإنجليزي في الهند عندما شاهد أحد الأشخاص يضرب بقرة في الطريق، فما كان منه إلا أن نزل من موكبه، ومنع ضرب البقرة، ثم غسل وجهه وبدلته ببول البقرة، وعندما سئل عن هذا التصرف المتخلف والمتناقض مع الأفكار الدينية والعصرية لسفير الامبراطورية، التي لا تغيب عنها الشمس، قال بما معناه "علينا ترسيخ الأفكار الدينية المتخلفة عند من نحكمهم؛ ليسهل علينا السيطرة عليهم وجعلهم يتمسكون بما يعتقدون أنه صحيح" .
ويستنتج "جميل السلحوت" في الاستخدام/التمسك الشكلي بالدين فيقول: " لو اجتمعت كافة قوى الكفر في العالم لمحاربة الإسلام، لما نجحت في ذلك كما نجح التمأسلمون الجدد من دواعش والقوى التكفيرية ألأخرى" ص 64، وهذ واقع لا يمكن لأي عاقل أن يتجاهله.
فالكتاب مهمّ جدا حيث تم صياغته بشكل سهل وسلس بعيد عن الخوض في الأفكار المركبة، بحيث يمكن لأي قارئ أن يستوعب ما جاء فيه، ما يريده الكاتب، وهذا يحسب للكتاب والطريقة السهلة والبسيطة التي جاء فيها. فهو يتناول العديد من السلوكيات التي تعتبر عادية، لكنها في حقيقة الأمر غير عادية، وهي تمثل حالة غير سوية في المجتمع، مثل التعامل مع حالة الموت "الشهيد" وكيف نكتب بشكل غير منطقي "نتقبل التهاني باستشهاد الشهيد كذا" ويتناول أيضا ردّة فعل الأمّ التي عليها أن تزغرد فرحا، مبينا أن الموت لا يوجد فيه تهنئة، وأن الأمّ الأقرب على أبنائها من المفترض أن تبكي وتبدي الحزن، لا أن تظهر الفرح وكأنها في عرس، فمثل هذا السلوك مشوه، ويزيد التشويهات الفكرية والاجتماعية في المجتمع.
لكن هناك هفوات وقع فيها "جميل السلحوت" عندما تحدث عن القومية مستندا على العناصر التي وضعها "ستالين" في تحديد القومية، والذي اعتبر اللغة عنصرا أساسيّا في تشكيل الأمم، لهذا نجد "الكاتب يقع في هذا الخطأ عندما اعتبر الأكراد والشيشان والأمازيغ أمم، وهذا خطأ ناتج عن عدم معرفة شروط تكوين الأمم، فهناك العديد من الأمم تتكلم بلغات عديدة، وتعتنق أفكارا دينية متباينة ومتعددة كما هو الحال في الهند، وهي أمّة كاملة ومنسجمة ومتجانسة، بينما نجد المملكة المتحدة تتكلم بلغة واحدة لكنها تتشكل من ثلاث أمم/ انجلترا، اسكوتلندا، إيرلندا، وإذا ما نظرنا إلى لغة الولايات المتحدة الامريكية وكندا، فهي يمكننا أن نعتبرهما أمّة إنجليزية أم غير ذلك؟، أعتقد بأن تشكيل الأمم لا يخضع للغة بقدر خضوعه للعلاقة الاجتماعية والاقتصادية التي يشكلها المجتمع/الأمة فيما بينها من جهة، وما يتركوه من أثر على الجغرافيا/الأرض، على مر الزمن، من جهة أخرى.
ونجد الكاتب يتجاهل طبيعة الحرب الأهلية ومنبعها، فعندما تحدث عن الحرب الأهلية في لبنان والعراق وسورية واليمن، تجاهل جذور الحرب الطائفية/الأهلية "سني شيعي" التي حدثت بين "علي ومعاوية"، والتي ما زالت مستمرة منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة دون أن تنتهي، وهذا يعود إلى الفكر الديني الذي يستخدم الآية القرآنية في غير موضعها والتي جاء فيها: " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " كهروب من البحث في جذور المشكلة والبحث عن حلول تريحنا من هذه الحرب التي ما زلنا ندفع ثمنا ونشارك فيها.
ونجد الكاتب يتجاهل دور "عبد الرحمن الكواكبي" عندما تحدث عن أثر التجديد في الفكر الديني وتجاوز التقليد، وهناك خطأ وقع فيه الكاتب عندما سمى "الحزب القومي السوري الاجتماعي" والصحيح "الحزب السوري القومي الاجتماعي"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد