الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لنتحرر من رواسبنا
محمود عباس
2017 / 9 / 15القضية الكردية
المقارنة بين الدول الحضارية والمحتلة لكردستان كالمقارنة بين النص الإلهي ومؤلف أحد التكفيريين، أو بين جمهورية أفلاطون والكتاب الأخضر. فبغض النظر عن أن شريحة واسعة في شرقنا لا تزال تتلذذ بالعيش في أحضان الاستبداد، وأخرى تستسيغ مفاهيم التكفيريين والإرهابيين، ومنظمات وأحزاب وسلطات تفضل بأن تكون الإنسانية في جغرافيتنا معلولة، وتدعم الأنظمة الشمولية الحاضرة، وتعارض نشر الثقافة الحضارية بمفاهيمها، وترفض تربية المجتمع على القيم الحضارية، وتنفي حقوق الأخرين، إلا أن مستقبل ناصع ينتظر شعوبنا، فمعظم المؤشرات وأغلبية المراقبين والمحللين السياسيين يؤكدون بأن كردستان قادمة وهي العامل الأهم لتحضر شرقنا.
لا شك، المسيرة طويلة وتحتاج إلى تضحيات جسام، وأكثر من عملية إصلاح، لأن البناء الثقافي في شرقنا منخور في أساساته، ولا علاج سوى التغيير، وهذه المسلمة من أولى مهمات الحكومات الكردستانية القادمة، والتي يجب أن تشذب من قبل الشعب الكردي، لتختصر الدروب نحو تحضر منطقتنا، وعليهم إشراك نخب من الشعوب المجاورة بعد التخلص من أنظمتها الفاسدة.
الأنظمة التي ستخسر مقومات وجودها، وإحدى أهم حجج استبدادها بدون الوجود الجيوسياسي الديمغرافي الكردي، لذلك نجدها تعادي المكتسبات الكردستانية، وتتحرك في كل الاتجاهات الإقليمية والدولية، وتثير المؤامرات للطعن في عملية الاستفتاء القادمة للإقليم الكردستاني الفيدرالي، تحت ما هب ودب من حجج، بدءً من الوطنية التي نهشوها، إلى الدستور الذي ابتذلوها منذ يوم كتابتها وحتى اللحظة، إلى اتهام حكومة الإقليم بالاستبداد، وهم خبراء الأنظمة الشمولية الاستبدادية، إلى حجج العروبيين ودعاية الإسرائيل الثانية، وهم أدرى من الجميع بأن إسرائيل أكثر الدول ديمقراطية وتحررا في كلا العالمين العربي والإسلامي، إلى حيث العلاقات الاقتصادية والتداخل البشري وكل البشرية لها إطلاع وعلم بعمليات النهب التي قامت وتقوم بها القوى العربية، الشيعية والسنية لثروات العراق، والسطو الدولي على أموالها، وتبديدهم السنوي لدخلها الوطني والتي جعلت العراق في شبه مجاعة، وبنية تحتية كارثية، مقابل كردستان المزدهرة، وفي الفترة الأخيرة بدأت موجة مهاجمة عملية الاستفتاء بإثارة قضية المناطق الكردستانية المسماة بالمتنازعة عليها، ولا شك حجج مشابهة للمذكورة توجه إلى الكرد في جنوب غربي كردستان الطامحة لبناء نظام فيدرالي، رغم محاربة الكرد لأبشع المنظمات الإرهابية (داعش) وتحرير شعوب المنطقة من شرورها. ومعظم هذه الحجج تعرض من منطلقين: الأول لأن هذه الأنظمة تدرك بأنه كردستان القادمة ستكون عامل لزوالها. والثانية نزعة الأنا وثقافة إلغاء الأخر، المتراكم منذ عصر السيادة والموالي، ومراحل حصر الخلافة في قريش ومن بعدهم في العرب، رغم أن هذه العنجهية كانت قد دمرت على يد الدول العديدة التي جعلت الخلافة العربية مجرد أسم لا أكثر، لكنها أعيدت إلى الحياة عن طريق الأنظمة العروبية ونزعة الخلافة العثمانية، ونهج أئمة ولاية الفقيه.
لا تكفي معرفة الأوبئة الثقافية التي بثتها الأنظمة الإقليمية بين الكرد على مدى القرون الماضية، فمعظمنا، في الحركتين الثقافية والسياسية الكردية والكردستانية، متفقون على أنها تنهشنا والمجتمع، لكننا مع ذلك لا نقوم بالخطوات العملية اللازمة للتخلص منها، إلا ببطء غريب، وأغلبية محاولاتنا غير جدية عند التطبيق على الذات وعلى الأخرين، وخير علاج من هذه الأوبئة هي الإصرار على التحرر من إملاءات القوى الإقليمية، والاستفتاء وإقامة النظام الفيدرالي في جنوب غربي كردستان أنسب الطرق للتحرر من هيمنة الأنظمة ومن أمراض ثقافتهم.
ورغم علمنا بأن التغيير يجب أن يتم، وندرك أن إصلاح المدمر لا يفيد، مع ذلك بعضنا لا يزال يكتفي برقع من الإصلاح. والأسباب المعيقة لإحداث التغيير والتحرر هي:
1- توسع هوة الخلافات السياسية والثقافية رغم معرفتنا لمساوئها، وأهمها الضعف الذي يلحق بالقضية ومستقبل كردستان القادمة وبالتالي مستقبل المنطقة، مع ذلك تسعرها الحركة الثقافية بقدر لا تقل عن أحزابنا الكردية، والكل يدرك مدى ترحيب الأعداء لهذه المعضلة، بل ودور القوى الإقليمية في إثارتها وتوسيعها.
2- عدم تقبلنا النقد، وكثيرا ما يتم الرد بالتلاسن أو التخوين، وهنا نقصد في البعدين الفردي والجمعي، والأحزاب الكردية، وخاصة المهيمنة أصحاب السلطة، خير من يمثلها، فعداوتنا المقيتة للأخر المعارض أو المختلف فكرا أو سياسية، تظهر عند أول بادرة نقد، وهي من أحد الأسباب التي تضعف موجات التغيير إلى الأفضل بين أطراف الحركة الثقافية والسياسية.
كثيرا ما لا نميز بين النقد والتهجم، فعند أول مواجهة يتم فرز الكردي المفروض عليه الظروف الموضوعية تقبل الأمر الواقع، إلى خانة العمالة والخيانة، وأغلبية الحركة الثقافية تآذت من هذه السقيمة، فهناك صحفيين وسياسيين في جنوب غربي كردستان اتهموا جزافا بالخيانة والعمالة لمجرد الاختلاف في الرأي والنهج، ولإدراكنا مؤخرا لهذا الوباء، نادرا ما نتقبل البعض بالأساليب الحضارية. فإلغاء الأخر، والمعاملة الفجة أدت إلى ندرة الحوارات بيننا، رغم توفر الشروط الدولية، وفي حال عدم الرغبة في المواجهة يمكن إقامته من خلال الأنترنيت على الأقل، فكثيرا ما نكتفي بالنقاشات والطروحات الفردية، خوفا من الشللية، والتجمعات المنتمية إلى قوى سياسية غير مستقلة.
3- الأحزاب الكردية والكردستانية التي كثرت عليها الانتقادات، والتي تغوص وبتخطيط، في الأخطاء والسلبيات، من قبل القوى الإقليمية إلى جانب السذاجة الذاتية، نادرا ما يتقبلون النقد الذي لا بد منه لتنبيهها إلى حقائق تكاد تكون غائبة عن أغلبية قياداتها، أو أنهم يتناسونها، أو فرضت عليهم تناسيها. وفيما إذا لم يتداركوا بعض القضايا المصيرية وبأسرع وقت ممكن، وخاصة حكومة الإقليم الكردستاني الفيدرالي، ومسؤولي الإدارة الذاتية، فإن القادم من الزمن سيكون وبالا عليهم، وهم بدورهم سيدمرون كل ما حصل عليه الشعب الكردي من مكتسبات، أو هناك من سيدفع بهم على فعلها، ومن جملة تلك القضايا:
يتبع تحت عنوان: لتكون كردستان عامل التحضر
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
11/9/2017م
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ثلثا مستشفيات غزة خارج نطاق الخدمة وفقا لتقرير الأمم المتحدة
.. ماذا تفعل سلطنة عمان لحماية عاملات المنازل الأجنبيات وضحايا
.. برنامج الأغذية العالمي: غزة بؤرة لمجاعة وشيكة هي الأخطر
.. بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل
.. المفوض العام للأونروا: الجوع انتشر في غزة والدخول في مرحلة ا