الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى لا ننسى ... كانت مقاومة شاملة

مسعود محمد

2017 / 9 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



حتى لا ننسى رفض الاحتلال الإسرائيلي ومقاومته بدأت في بيروت سيدة العواصم التي رفض أهلها الاحتلال بوعي وطني، حيث أستطيع أن أجزم إنه لم يخرج من أبناء بيروت الوطنية التي كانت حينها تسمى " بالغربية" عميل واحد تعامل مع إسرائيل بوعي كما حصل في الكثير من المناطق الأخرى. بيروت بصمودها وتحملها الحصار ساهمت بالتأسيس للمقاومة أرادها شارون ان تكون أول عاصمة عربية يحتلها بعد إحتلال القدس، فكانت اول عاصمة عربية تلحق به الهزيمة والعار وتخرجه منها مزلولا فصرخ جيشه بمكبرات الصوت "يا أهالي بيروت لا تطلقوا علينا النار نحن خارجون". عن صمود بيروت يقول الرائد مائير عميتاي من سلاح الدروع الاسرائيلي " انني متأكد إنه ليس هناك طائرة في سلاح الجو الاسرائيلي لم تشارك في هذه الحرب وكان الطيار الاسرائيلي يقوم بما يزيد عن 20 طلعة جوية يومية وإنني اتساءل لو لم يكن لدينا سلاح جو متطور ومتفوق فكيف سيكون حالنا؟ لقد كانت المعارك قاسية ومريرة لكنني استطيع القول بان اعنف تلك المعارك هي التي خاضتها قواتي في بيروت - منطقة المتحف - لا اخفي عليك انني احاول دائما نسيان الامر فكلما تذكرت تلك المعارك اضطررت للنظر الى حالي وما اصابني انني ام اعد رجلا عاديا كبقية الرجال لقد تمزقت في هذه الحرب".
بعكس ما أعلنته إسرائيل حينها عن محدودية عمليتها كان الهدف الحقيقي لإجتياحها هو الوصول الى بيروت حيث كشف أرشيف الجيش الإسرائيلي، العام 2015، عددًا من الوثائق السرّية التي تكشف أحد أهم وأخطر أسرار تلك الحرب وأهدافها. إذ تبين بشكل مؤكد ورسمي أن هدف الحرب لم يكن الرد على محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في بريطانيا شلومو أرغوف، ولا الرد على الصواريخ الفلسطينية التي أطلقت على إسرائيل، بل كانت هناك خطة معدة سلفا قبل هذين الحادثين بعدة أسابيع، تتضمن احتلال لبنان حتى بيروت، وتصفية المقاومة الفلسطينية المسلحة. وبحسب الخطة، بعد 96 ساعة من بدء العمليات العسكرية، كان من المفروض إكمال احتلال بيروت والتأهب للسيطرة أيضا على طريق بيروت - دمشق. وإتضح أيضا أن القوات الإسرائيلية التي كان من المفروض إنزالها عبر الجو كان هدفها السيطرة على مناطق مختلفة في جنوب لبنان، من بينها منطقة القاسمية وقرية بيصور ومحيط نهر الأولي واحتلال مدينتي صيدا وصور. إلا أن بيروت خذلتهم وصمدت في وجه الإجتياح وتبين للعدو الإسرائيلي إنها ليست لقمة سهلة وهي تحولت الى شوكة في حلق العدو وعدم صموده فيها وخروجه منها مذلولاً جعل منها عقدة لكل قادته حتى يومنا هذا.
لقد كان قرار المواجهة قراراً واعياً منظماً وحول تلك اللحظة التاريخية، كتب القيادي السابق في الحزب الشيوعي، وأحد أركان قيادة المقاومة في الحزب مصطفى أحمد على صفحته للتواصل الإجتماعي ( في الثامن عشر من ايلول من العام ١٩٨٢ وفي ظل الاحتلال الاسرائيلي، وفي احدى الشقق السرية، قال لي ابو انيس (جورج حاوي) : " المهم ان تنفذ العملية الاولى وبشكل سريع ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي وبعدها ستتوالى العمليات ".
تحية للرفيق "ابومحسن" الذي كان له الدور الاساسي في حصول عملية صيدلية بسترس ليل ٢٠/٢١ ايلول وقد ارسلني الرفيق ابو انيس لرؤيته وقال لي : قل له ينبغي ان تنفذ هذه الليله عملية ضد قوات الاحتلال في بيروت . وهذا ما حصل، وتحية للرفاق الاربعة الذين قاموا بتنفيذها وهم : امين _ مازن _ مدلج وعمار وكلهم احياء يرزقون).
عن التأسيس لتلك الحالة المقاومة الوطنية كتب أحد قادتها حسين قاسم عبر صفحته للتواصل الإجتماعي بعنوان جمول وحكاية التأسيس ...
" في العام 1982، وعند احتلال إسرائيل لقضائي البقاع الغربي وراشيا، خاضت قواتنا العسكرية معارك بطولية مع الجيش الغازي، وقد اتبعنا خطة تنظيمية بأن اعدنا السواد الأعظم من اعضاء الحزب وكوادره الى القرى والبلدات المحتلة. وفي اثناء حصار جيش الاحتلال لبيروت طلب مني الذهاب اليها للقاء قيادة الحزب فنزلت بطريقة سرية، وعُقد اجتماع برئاسة الأمين العام جورج حاوي لعرض التطورات السياسية، وبعده عقدت اجتماعات للقضايا العملية مع الرفيق الياس عطا الله المسؤول العسكري والتنظيمي للحزب آنذاك وقد ابلغني بقرار القيادة بتكليفي مسؤولية العمل خلف خطوط العدو في البقاع العربي وراشيا والقطاع الشرقي من الجنوب. وابلغني الياس أن الحزب بصدد استكمال التدابير لانشاء مقاومة شاملة للاحتلال الاسرائيلي على ضوء التطورات المرتقبة في العاصمة، والقيادة ترى اهمية قصوى للعمل خلف خطوط العدو من اجل التأسيس لحالة المقاومة. وعند عودتي الى البقاع ابلغت المعنيين هناك بما تم الاتفاق عليه مع المركز وعلى اثره عقدت عدة اجتماعات تحضيرية برئاسة مسؤول محافظة البقاع آنذاك الرفيق فاروق دحروج وهكذا حصل، حيث تم تكليف الرفيقين كمال البقاعي ونسيم لتنفيذ المهمة الجديدة بعدما كان لهما دورا بارزا في التصدي للقوات الغازية اثناء الاجتياح، ونفذنا عدة عمليات اعلنت باسم القوات المشتركة، الى ان صدر بيان 16 أيلول الموقّع من جورج حاوي ومحسن ابراهيم، والذي اطلق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. وعلى اثره دُعيت مرة أخرى الى بيروت، وفي شقة سرية في احد احيائها علمت في ما بعد انها في ساقية الجنزير، التقيت مجدداً بالرفيق الياس الذي ابلغني بقرار المكتب السياسي تشكيل الهيئة القيادية للمقاومة من الأمين العام جورج حاوي قائداً عاماً، الياس عطا الله عضو المكتب السياسي مسؤولاً مباشراً ومشرفاً على هذا القطاع، حسين قاسم، كاتب هذه السطور، نائباً للمسؤول ومشرفاً ومسؤولاً عن العمل في القطاع الشرقي من الجنوب والبقاع الغربي وراشيا، زياد صعب مسؤولا عسكريا، مصطفى أحمد مسؤولا إداريا، والرفيق ع . م، مشرفاً ومساعداً في القضايا المركزية.
اضيف، بان هذه القيادة قادت بالجملة والتفصيل اعمال ونضالات الحزب بالمقاومة حتى المؤتمر الخامس الذي عقد اوائل عام 1987 حيث حصلت تغييرات تنظيمية في هيئات الحزب المختلفة ومنها قيادة عملنا بالمقاومة فبقي الرفيق جورج حاوي قائدا عاما وصرت انا عضوا في المكتب السياسي ومسؤولا ومشرفا لقيادة عملنا في المقاومة مع مجموعة اخرى وتوزيع آخر للمهام وهيكلية جديدة ولهذا الموضوع حكاية ثانية.
اروي هذه الحكاية الجميلة عن جمول للضرورات الاعلامية وللاجيال الجديدة واضيف من عندي انه صدف ووقع قرار التكليف علينا ففزنا بهذا الشرف، لكن وللامانة فان الحزب كله، قيادة وكوادر انخرطوا بهذا العمل، واهمهم جماهيره والوطنيين والاصدقاء وهم بالآلاف حتى اضحت تيارا مقاوما عريضا نقيا ثوريا ديمقراطيا تنويريا يلتقي فيه طليعة الشعراء والادباء والكتاب والصحافيين، والفنانين، والاساتذة، والمحامين والمهندسين والاطباء، ومتوسطي الحال الى جانب الطبقة العاملة بسائر كادحيها، نساء ورجالا. تيارا لا يبغي شيء سوى تحرير الوطن يرفض اية وصاية وهو صاحب قرار مستقل ونزيه في آن.
انني وبهذه العجالة اذكر فقط رواية حصلت من شاهد حي نجا صدفة من الموت عشرات المرات ولست بصدد تقييم التجربة والتي سيأتي مجالها. لكن اود ان اذكر في ختام روايتي ثلاثة مسائل
الاولى خالص تحياتنا للرفاق في منظمة العمل الشيوعي هؤلاء الجنود المجهولين لدورهم الهام في مقاومة الاحتلال.
الثانية كانت ميزانية المقاومة ثلاثة آلاف دولار.
الثالثة ان مقاومتنا لم تشهد ولا محاولة خرق من قبل العدو ولا من غيره لاجهزتها ولكوادرها".
لم يكن الوعي الشعبي بضرورة خوض المقاومة على مستوى القوى السياسية فقط، بل كان أيضاً ذاتياً لدى الناس حيث كان هناك رغبة بالمواجهة ورفض الإحتلال فخرج المقاتلون ونفذوا عمليات بطولية ضد الإحتلال بقرار ذاتي، بمشاركة لبنانيين وفلسطينيين على اختلاف طوائفهم من مسلمين ومسيحيين، اعتقل الاحتلال الكثير منهم وزجّهم في "معتقل أنصار"، ونقل بعضاً منهم إلى "معتقل عتليت" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة...
كُثُر يمكنهم الادّعاء بأنّهم مقاومون، حتى مَنْ تلطخت أيديهم بالعمالة، وهذا ليس بأمر جديد، لأنّ هناك دائماً مَنْ يدّعي بأنّه يقوم بمهمة "عميل مزدوج"، لكن لا يمكن لمَنْ عايش الواقع والحقيقة أنْ ينسى جرائم هؤلاء، وإنْ تستّروا بعناوين ومسميات متنوّعة، لكن لا يمكن أنْ ينالوا صك البراءة والغفران وشهادة بالوطنية ... هو نموذج في كل الانتصارات أنْ يكون هناك مُدّعون بالمساهمة في تحقيقه، وهو ما ينسحب أيضاً عند أي نكسة أو هزيمة، حيث يتسابق المسؤولون عن ذلك للتهرّب من تحمّل المسؤولية ورميها باتجاه آخر. حول تلك العمالة التي كانت تأخذ أحياناً غطاءً وطنياً مدعياً المقاومة ومزايداً على المقاومين الحقيقيين كتب بشار حسين أحد مناضلي الحزب الشيعي اللبناني ومقاوميه الوطنيين " كنا نتعرض للملاحقة و الإعتقال و مرات للإغتيال على يد قوى الأمر الواقع وعصاباتها وأحزابها ، وصولاً إلى المباشرة الميدانية باغتيال قيادات الصف الأول .. و كان القلق و الحذر و الخوف يساور المقاومين حين يعبرون المناطق المحررة أكثر مما كان عليه الأمر في المناطق المحتلة !
حواجز الغازية زفتا برج رحال و دير نطار و غيرها كانت معابر خطرة على المقاومين !
قطعاً لم يكن الأمر مجرد خلاف تفصيلي بسيط، و بالتأكيد لم يكن على أفضلية المرور وإنما كان على المرور من أصله !
كان الخلاف جذرياً على هوية المقاومة وقرارها وإنتماءها و أهدافها وهذا ما أثبتته الأيام والتجارب والأحداث !".
حصلت الكثير من العمليات العفوية الا أن أبرزها كان عملية خالد علوان المنتمي للحزب القومي السوري الذي نفذ بقرار ذاتي عملية الويمبي في وسط بيروت حيث قتل أربع ضباط من الجيش الإسرائيلي. وفيما كان الاحتلال يتوقّع أنْ تشكِّل اعتقالاته وممارساته قضاءً على جذوة المقاومة، صُدِمَ عندما خرج الفتى الصيداوي نزيه قبرصلي لينفّذ عملية بطولية ضد دورية عسكرية إسرائيلية كانت تمر في إحدى مناطق صيدا القديمة مقابل البحر عندما ضغط على زناد رشّاشه فأوقع إصابات في صفوف الدورية، واستشهد راوياً تراب صيدا بدمائه الذكية. كما شمل العمل العفوي المقاوم فئات لبنانية فلسطينية واسعة كذلك شمل العمل المقاوم المنظم في بعض المناطق قوى سياسية رأت في المقاومة التي أطلقها من منزل الشهيد كمال جنبلاط في بيروت جورج حاوي ومحسن إبراهيم طريقاٌ للخلاص من الإحتلال فكانت لها مبادراتها الخاصة، فتحولت صيدا كبيروت الى عاصمة للمقاومة في الجنوب، فنفذت قوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية الجناح العسكري لـ "الجماعة الإسلامية" عملية عسكرية ضد الإحتلال، بتاريخ 27 كانون الأول 1983 في منطقة البستان الكبير، واستشهد فيها كل من: جمال حبال، محمد علي الشريف ومحمود زهرة، فيما صُرِعَ فيها ضابط و3 جنود إسرائيليين. هذه العملية شكلت محطة مفصلية في تاريخ المدينة والعمل المقاوم لما حملته من دلالات وما تلاها، حيث أقدمت قوّات الاحتلال الإسرائيلي على اقتحام منزل إمام "مسجد بطاح" في صيدا الشيخ محرم العارفي، واقتادته بعدما قيّدت يديه وعصبت عينيه في حملة طالت حوالى 150 شابّاً من أبناء المدينة زُجَّ بهم في "معتقل أنصار". بعد هذه المحطة حاول الاحتلال طَيْ يدي المدينة والضغط لقطع جذور المقاومة، فكان الرد عليها بالتمسّك بمواصلة العمل العسكري، وأدت الى إعلان المقاومة المدنية في المدينة. حيث لعب مفتي صيدا والجنوب حينها الشيخ محمد سليم جلال الدين، دوراً مهماً في مقاومة الإحتلال فأعلن نعياً لشهداء صيدا الثلاثة مع الإضراب العام في المدينة، فاعتصم أهل صيدا في جامع الزعتري طيلة يوم الخميس 29 كانون الأول 1983 استنكاراً لما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من اعتقال وممارسات تعسّفية، مطالبين بالإفراج عن المعتقلين، ومنهم الشيخ العارفي، وأقسموا على المضي في المقاومة والصمود حتى النصر. توالت العمليات البطولية في صيدا التي أجبرت المحتل على الاندحار، لكنه قبل ذلك نفّذ جريمته بمحاولة اغتيال رئيس "التنظيم الشعبي الناصري" المهندس مصطفى معروف سعد (21 كانون الثاني 1985)، والتي أدّت إلى استشهاد كريمته ناتاشا والمهندس محمد طالب وإصابة زوجته لوبا وفقدانه بصره، وتم اختيار الاحتلال شخصية "أبو معروف" نظراً للدور الذي كان يطلع به بمساندة المقاومة، وبهدف إحداث فراغ في المدينة وفتنة إسلامية – مسيحية هدفت إلى تهجير المسيحيين من المنطقة.
الهدف من هذا السرد هو التأكيد على أن فعل المقاومة كان فعلاً واعياً أخذه الكثير من اللبنانيين والفلسطينيين بوعي، ولم يكن عبثياً، وكان هناك إرادة صلبة لكسر قوات الإحتلال وإرادته، وليس كما يحلو للبعض بتزوير التاريخ عبر ربط المقاومة بحزب الله فقط وذلك تنفيذاً للمخطط السوري الإيراني الذي أراد المساهمة بمنع خروج لبنان من السجن العربي الكبير حيث شكلت إنطلاق العمليات العسكرية ضد إسرائيل وتأسيس جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية عملية التأسيس الثانية لإخراج لبنان من هذا السجن التي أرادت جبهة الممانعة إبقاء لبنان أسيراً فيه.
السؤال الأهم في هذه المناسبة الذكرى التأسيس لإنطلاق المقاومة وحول سلاح المقاومة ودور ذلك السلاح الذي حوله حزب الله الى كابوس فرضه على اللبنانيين ويسعى الى حكمهم من خلاله طرحه عبر صفحته للتواصل الإجتماعي الدكتور علي مراد الذي قال ...
" في ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية لا بد من تكسير أزلية وأبدية الاسطورة. وحده هذا الفعل يعيد للبطولة انبل اشكالها.
هؤلاء لم يكونوا الا اناساً عاديين جدا. آلاف ذهبوا الى القتال. استشهد بعضهم واسر العشرات وعاد الاخرون الى جوار عائلاتهم، حاضنين اسرارهم وليناموا بصمت الى جانبها.
ايها ايها العاديون جدا، لقد كنتم فعل السياسة في حدها الاقصى في لحظة الهزيمة الأقسى. كنتم مستعدون للتضحية بالحياة الوضعية من أجل حياة وضعية أبهى للآخرين.
لكن ماذا عن اليوم ؟ هل ندرك حقا أن الحرب التي اقتضت حمل السلاح طوال 15 عاما، قد انتهت منذ أكثر من 26 عاما ؟ هل ندرك حقا أن البندقية كفعل سياسي هي الاستثناء في تاريخ اليسار في هذا البلد لا القاعدة ؟
صحيح ان جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية هي جزء أساسي من تاريخ الشيوعيين واليساريين في لبنان كما هو الحرس الشعبي والانصار والنضال العمالي والسياسي، لكنها تبقى في النهاية محطة نضالية لا ولن ينتهي الزمن عندها. اما التقديس الذي يحمل في طياته بعدا تأسيسيا يظهر ان البعض يريد أن يبقى أسير هذه اللحظة. وكأن متلازمة جمول قد التصقت بحراكنا السياسي الآنيّ الى الابد لتكون ميزان العدل ومعيار ومحدّد كل ما نقوم به .
هذا التقديس هو القطيعة الاخطر مع الثقافة الحقيقية لليساريين والشيوعيين اللبنانيين الاوائل حيث لم يكن لا العنف المسلح قائماً هدفا بذاته ولذاته. هؤلاء لم يحملوا السلاح قبل احداث 1958 ورموزه مع انتهاء الاحداث. ثم عادوا وحملوه في نهاية الستينات. حملوه فقط يوم كانت الارض محتلة ولم يكن هنالك من دولة تدافع وتصد الاعتداءات الاسرائيلية لهؤلاء المجهولين المعروفين : لا اعرف ان كنت املك شجاعتكم وتفانيكم، لو كنا على زمانكم لحملنا السلاح مثلكم. انا اليوم احتفل بالجبهة كجزء من تاريخ ناصع لنتذكر انه حين دخل العدو الى الارض قام شباب في عمر الورد بالتصدي له وطرده. أما أن نحمل السلاح في عقولنا الى الابد بانتظار هذا اليوم فهذا هو الابتعاد عن جوهر فكرة المقاومة بصفتها حالة استثنائية يفرضها وجود الاحتلال، لا دوامة دائمة قائمة بحد ذاتها ولذاتها.
في يومكم أيها الابطال العاديون جدّاً حتى الثمالة : ليتنا نحيا ما تبقى من أيامنا دون ان يكون السلاح جزءا متلازماً منها كما كان السلاح جزءاً من حيواتكم.
ليت هذه البندقية الطارئة تغادرنا نهائيّاً ولا تبقى عنواناً لنضالنا السياسي أو ممراً الزامياًّ لمستقبل أولادنا من بعدنا."









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي