الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((الحرب الباردة)).. تعود إلى مسرح السياسة الدولية من جديد!! (1) عالم القطبين!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في آب 1939وقبيل قيام الحرب العالمية الثانية بأيام، وقع الاتحاد السوفيتي السابق بقيادة (جوزيف ستالين) مع ألمانيا النازية وتحت راية الصليب المعقوف وقيادة (أدولف هتلر) على [معاهدة عدم اعتداء] بينهما!.
في تموز 1941 ضرب أدولف هتلر بهذه المعاهدة عرض الحائط، ودفع بــ 4,5 مليون جندي ألماني اجتاحوا الأراضي السوفيتية، ولهذا اضطر ستالين على أثرها بالاتجاه غرباً.. فوقع مع الدول الغربية تحالفاً من أجل ((القضاء على الفاشية))!!.
وفي نيسان عام 1945 تمكنت القوات السوفيتية من دحر القوات الألمانية واحتلال العاصمة الألمانية برلين، (فانتحر هتلر) ثم استسلمت القوات الألمانية بدون قيد أو شرط.. وفي أيلول 1945 انتهت الحرب العالمية الثانية رسمياً بهزيمة واستسلام ألمانيا ودول المحور المتحالفة معها!.

في أثناء سني الحرب التي خاضتها القوات السوفيتية قبل دخولها ألمانيا، تمكنت من تحرير أو احتلال عدة دول في أوربا الشرقية وأقامت فيها نظم شيوعية موالية لها على غرار النظام السوفيتي نفسه.. فكونت هذه الدول ـ فيما بعد ـ ما كان يعرف بــ (منظومة الدول الاشتراكية) وعززت وجودها السياسي هذا بحلف عسكري دفاعي، هو ((حلف وارسو)).. فشكلت هذه الدول بمجموعها مع الاتحاد السوفيتي السابق ما عرف تالياً باسم ((المعسكر الاشتراكي)) أو ((المعسكر الشرقي))!.
وبهذا انقسم العالم إلى عالمين وإلى معسكرين متقابلين ومتناقضين ومتضادين تماماً في الاتجاهات والتوجهات: الإيديولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الدولية!.
عالم ومعسكر اشتراكي شرقي يمتلك حلفاً عسكرياً ((حلف وارسو)) مدجج بكل أنواع الأسلحة ومنها الأسلحة الذرية، ويقوده الاتحاد السوفيتي السابق!.
وعالم ومعسكر رأسمالي غربي يمتلك أيضاً حلفاً عسكرياً هو ((حلف شمالي الأطلسي/ حلف الناتو)) وهو الآخر يمتلك أسلحة أكثر بما فيها الأسلحة الذرية، وتقوده الولايات المتحدة الأمريكية!.
وكل من هذين المعسكرين قادر ـ بما يمتلكه من أسلحة فتاكة ـ على تدمير الكرة الأرضية وإفناء البشرية مئات المرات!
****
عشية هزيمة ألمانيا واستسلام دول المحور اجتمع المنتصرون ليضعوا " نظاماً دولياً جديداً!" يجنب البشرية ويلات الحروب في المستقبل ـ كما تقول ديباجته ـ ويصون السلام العالمي ومصالح الشعوب قاطبة!.
فتكونت لهذا الغرض منظمة ((الأمم المتحدة)) وأنيطت مسؤولية صيانة السلام العالمي وحفظ الحياة الإنسانية بــ ((مجلس الأمن الدولي))!.
وقد تكون مجلس الأمن الدولي في حينه ـ ولا زال ـ من أربع دول أوربية ثلاثة منها غربية..هي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ودولة أوربية شرقية واحدة هي الاتحاد السوفيتي السابق ـ روسيا الآن ـ ودولة آسيوية واحدة أيضاً، كانت تعرف باسم "الصين الوطنية".. تحتل مكانها الآن جمهورية الصين الشعبية!!

وكما هو واضح فإن هذه الدول الأوربية الأربع، هي الدول التي انتصرت في الحرب (الأوربية/ العالمية) الثانية، وقد أضيفت إليها ـ من بين دول العالم أجمع ـ دولة آسيوية واحدة موالية للغرب تعرف بـ " دولة الصين الوطنية " أنذك!. وكانت هذه الدولة عبارة عن جزيرة تسمى فرموزا ـ تسمى الآن بتايوان ـ وهي دولة هزيلة ليس لها أي وزن دولي أو دور في الحرب (الأوربية/العالمية) الثانية.. إنما وضع أسمها بين الدول الكبار التي تمتلك [حق النقض/الفيتو] نكاية بالاتحاد السوفيتي، ولترجيح كفة الأصوات الغربية على صوته في "مجلس الأمن الدولي".. وكذلك لقطع الطريق على "جمهورية الصين الشعبية" التي أخذ نجمها بالبزوغ في ذلك التاريخ!.
لكن بعد نهوض الصين الشعبية العظيم، وبروزها كقوة كبيرة في سبعينات القرن الماضي وتغيرها للموازين الدولية، أخذت مكانها الطبيعي والشرعي في "مجلس الأمن" وفي جميع المنظمات والمحافل الدولية الأخرى!.
فطردت ما يسمى بــ "الصين الوطنية" من مجلس الأمن ومن جميع تلك المحافل الدولية!.

أي أن ذلك النظام الدولي الجديد ـ في حينه ـ قد فصل على مقاسات المنتصرين الأوربيين وحدهم، ودون النظر لحقوق الشعوب الأخرى ولا إلى مصالح الآخرين من دول العالم الضعيفة والمستعمرة.. وأكثر من هذا، فإن مجلس الأمن قد أرتكب جرائم غير مسبوقة بحق كثير من الشعوب، فقد تم خلق كيانات سياسية مصطنعة لمستوطنين أوربيين محل شعوب عريقة في آسيا وأفريقيا : "إسرائيل" محل فلسطين، "وروديسيا" محل نانيبيا، وجمهورية جنوب أفريقيا البيضاء محل سكانها الأصليين من الأفارقة السود............الخ!!
****
فحين وضعت تفاصيل ذلك "النظام الدولي الجديد" كانت حقيقة وجود عالمين ومعسكرين مختلفين قد خُلقا من حطام وركام الحرب العالمية الثانية، وخلفيتها الدموية هي التي صاغت دقائق تلك التفاصيل المجحفة بحق الشعوب والأمم والمجتمعات الباقية، والسائدة في العالم إلى اليوم!.
وبتلك التفاصيل المجحفة بحق جميع شعوب الأرض، تحول حلفاء الأمس إلى أعداء اليوم.. فانشطر العالم بناءً على هذه التفاصيل إلى نصفين شرقي وغربي، وبرزت إلى الوجود كيانات سياسية جديدة مشطورة هي الأخرى!!
ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية!.
الصين الشعبية والصين الوطنية!.
فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية!.
كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية!.
نظم اشتراكية ونظم رأسمالية!.
دول استعمارية وحركات تحرر وطني
أنظمة رجعية تابعة للغرب، وأنظمة تقدمية علاقاتها متينة بالشرق...........إلخ .

وهكذا ساد العالم (نظام القطبين) والمعسكرين والكتلتين المتعاديتين.. فقامت بينهما حروب طاحنة وشاملة وبكل أنواع الأسلحة : السياسية والإيديولوجية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية وعلى مناطق النفوذ.............إلخ
أي أن بينهما حروب بكل أنواع الأسلحة، ما عدا (الأسلحة النارية الساخنة).. ولهذا سميت هذه الحروب بــ ((الحرب الباردة))!!
وهذه ((الحرب الباردة)) هي حرب شاملة كانت تخاض على مستوى العالم كله، بكل أنواع الأسلحة المختلفة!!
أولها: أسلحة الصراع الإيديولوجي.. ليكسب كل منهما الشعوب الأخرى إلى جانيه!.
وثانيهما: صراع سباق التسلح.. ليكون أيهما قادر على إبادة خصمه بقوة أكبر وسرعة أكثر في التدمير!.
وثالثهما: صراع " الأسلحة السرية " والمخابرات المدنية والعسكرية والعلمية والتكنولوجية!.
ورابعهما: صراع التفوق العلمي والتكنولوجي والاقتصادي على بعضهما!.
وخامسهما: الصراع على مناطق النفوذ بينهما!.
وسادسهما: (حروب بالإنابة) عن القطبين الوحيدين: الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي شملت العالم بأسره تقريباً.. لكنها كانت بعيدة عن أراضيهما الوطنية!!

لقد كانت حروب كثيرة، وحروب متواصلة بين القطبين الوحيدين في العالم، غطت سحبها السوداء مساحة الأرض كلها وشملت كل مجالات الوجود والحياة على كوكب الأرض، وهددت البشرية كلها بالدمار والفناء الكامل!.
وقد امتدت هذه (الحروب الباردة) منذ الحرب [الأوربية/العالمية الثانية] إلى نهاية ثمانينات القرن العشرين، بعد أن سقط الاتحاد السوفيتي السابق بــ " الضربة القاضية " !.

لكن العجيب أن الاتحاد السوفيتي السابق، لم يسقط بأيٍ من تلك الأسلحة التي صنّعها وحشّدها القطب الآخر لإبادته، إنما سقط بــ (الضربة الاقتصادية القاضية) وبمعونة من بعض الأسلحة الإعلامية الغربية الفعالة، وبقوة "الأسلحة الاستخبارية السرية" ، والتي تمكنت ـ في واحدة من أهم فصول تلك الحرب الباردة إثارة وحسماً ـ من توريط الاتحاد السوفيتي السابق في (أفــغـانــسـتان) ودخولها عسكرياً واحتلالها!.
فكانت الطامة الكبرى التي أنهت وجوده من على مسرح الحياة، وجعلت من هذا الفصل من فصول تلك الحرب الباردة، هو الفصل الأخير والنهاية النهائية لجميع فصول تلك الحرب العالمية الباردة!.
فقد تمكنت C.I.A على إثر دخول السوفيت أفغانستان، من تكوين جيوش جرارة لما عرف بــ "المجاهدين الأفغان" وحشدتهم ـ تحت إشرافها وتدريبها وأموالها ـ لمحاربة الاتحاد السوفيتي وإنهاكه واستنزافه، والمساهمة الفعالة في إسقاطه في نهاية المطاف!!

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال


.. أوروبا تسعى لشراء أسلحة لأوكرانيا من خارج القارة.. فهل استنز




.. عقوبات أوروبية مرتقبة على إيران.. وتساؤلات حول جدواها وتأثير


.. خوفا من تهديدات إيران.. أميركا تلجأ لـ-النسور- لاستخدامها في




.. عملية مركبة.. 18 جريحًا إسرائيليًا بهجوم لـ-حزب الله- في عرب