الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وماذا اذا ما اغتيل -مسعود البارزاني- ؟(2/3)

عبدالامير الركابي

2017 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



في عدد اليوم السبت 16/9/ 2017 من جريدة "الشرق الاوسط" السعودية الصادرة في لندن، صرح احد المقربين للغاية من "مسعود البارزاني"، النائب محمد حاجي محمود في مقابلة مع الجريدة المذكورة قائلا :" قراءتنا للنية العراقية هي انه بعد ان بفرغوا من معركة (داعش) سيحاولون الاستيلاء على المناطق المتنازع عليها مثل كركوك وخانقين وسنجار" واكمل يقول " سيحاولون فرض الحرب علينا" التصريح من حيث الوضوح، ودرجة التطابق، وسرعة الصدور، اذهلني فعلا، ففي مقالي المنشور يوم امس هنا، ورد مايلي نصا:" ، وتحرير الفلوجة، ايقظ لدى القيادة العشائرية الكردية، المخاوف، من ان تنتهي جولة داعش بشطريها، من الرمادي الى الموصل، الى فتح صفحة تمدد البيشمركة باسم تحرير بعض المناطق من "داعش" الى مايعرف ب " المناطق المتنازع عليها"، بظل متغيرات وخبرات عسكرية، يعرف البارزاني انها ستكتسب بفعل الحرب ضد "داعش"، ماسيمنح الحكومة المركزية في بغداد، قدرة في المجال العسكري الاكثر مضاء وخطرا، لم تكن موجوده ابان ازمته الاولى مع المركز ايام المالكي، ومع تراكم المشكلات داخل كردستان، وانتهاء مدة رئاسة مسعود، وتعطيله البرلمان، والكساد بعد توقف مشاريع البناء، وتنامي مظاهر السخط الشعبي، بظل استشراء الفساد، والدكتاتورية العائلية، وتزايد الفقر،لايجد البارزاني سوى مخرج وحيد، يختاره، ليس على قاعدة الحقوق، او النظريات والمباديء، التي يتلهى بها اليوم منشغلون بجنس الملائكة، اذا كانت ياترى برجوازية ام بروليتارية" وساترك للقاريء ان يطابق بين النصين، علما بان رايي المثبت اعلاه، قد اعلن على مدونتي على ( الفيس بوك) منذ معركة الفلوجة، وابانها.
هذا التطور في الموقف، استوجب مني تغييرا رئيسيا، في المخطط الكتابي الراهن، سواء لناحية التوسع، باضافة هذه الحلقة الثانية، او على مستوى المحاججة السياسية، المباشرة التي الحت الان، تمهيدا وتعزيزا للقادم المنوي عرضه بخصوص مسوغات "الوطنية الثانية" وتناميها المطرد، وموضوعاتها، هذا مع الاشارة الى ان مااورده النائب اعلاة، يلفت النظر من ناحية اعتماد الموقف الكردي على "احتساب النوايا"، من دون اي دليل اومعلومة موثقة/ من نوع : "قراءتنا للنية العراقية"/، يمكن ان تبرر اللجوء لاجراء بمنتهى الخطورة، مثل نية الاستفتاء ".
ولنعد الى التصريح الذي ادلى به سكرتير الحزب الاشتراكي الكردي، الذي هو بالاحرى احد اعضاء "سكرتاريا" مسعود البارزاني المعروفين، وماكشفه من رفض البارزاني للعرض الامريكي بتاجيل الاستفتاء مدة سنتين، لحين عرض امريكا وفرنسا وبريطانيا، القضية على الامم المتحدة، ضمن اطار معالجة اشمل للوضع العراقي، فقد اشترط الزعيم الكردي بحسب ماصرح حاجي محمود، ان يعرض قضيته في الامم المتحدة مسبقا، اي اراد "التشاطر"، وقنص خطوة "التدويل" التي تعب من الحلم بها، ثمنا لقبوله التاجيل، والامر هنا يدخل باب المناورات المفضوحة، ان لم يعد من قبيل الابتزاز، فالامريكيون يعرفون ان التاجيل لن يقبل به مسعود، فهو في وضع سيء، ومستقبله السياسي غير مضمون، ولا مجال لديه يمكن ان يقدم على اساسه تساهلا كهذا، هذا غير كون المسالة التي يقوم بها، واعلانها، هي قضية ازمة مركبة، اختار هو فيها مبدءا انتحاريا، يبدا ب "اشتدي ياأزمة تنفرجي" و "علي وعلى اعدائي"، وغرضه خلط الاوراق، والتلاعب بالوقت الضائع، في المساجلات الحادة، مع سوء تقدير خطر للموقف.
وكما سبق وقلنا، فان رجالات "العملية السياسية الطائفية المحاصصاتية"، كلهم، اصغر بكثير من المهمة التي اوكلت لهم، وسعوا جهدهم، وبكل مايملكون لاقتناصها، وها نحن امام موقف من هذا النوع، قد يكون من اخطر ماقد واجهته العملية السياسية الموصوفة، فمسعود، وتحت ضغط اخطائه وعجزه، وسوء ادارته للاقليم، هو وبطانته، يريد اليوم القفز على كل شيء، لدرجة انه يجروؤ على التصور بغرور اخرق، انه يملك المؤهلات، او القدرة على فرض موقفه الملتبس والخطر على الجميع، فمن نقصد ياترى بالجميع، باستثناء الوطنية العراقية، التي لم تخطر له على بال، ولافكر بها اطلاقا:
1 ـ لنركز على موقف الولايات المتحدة الامريكية: قد يكون البارزاني، مايزال يعتقد بان ماقد حصل عليه من شروط مؤاتية، واوضاع مستجدة، ابتداء من 1991، يوم حولته الولايات المتحدة، الى جيب مستقل عن الدولة المركزية، هي نفسها الولايات المتحدة اليوم، بحيث لايفرق بين دولة عظمى، اصبحت وقتها منفردة على راس هرم الجبروت الكوني، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وبين نفس الدولة، وهي متراجعة، يؤكد كل واهم الخبراء بالشان الامريكي، المتابعين لتطور موقع امريكا الاستراتيجي العالمي، انها دخلت طور"الامبراطورية المنحدرة الافلة"، وان الاولويات بغض النظرعن العنتيريات الترامبية، (الدالة على الضعف، ودافعها الخوف من محاولة الاخرين استغلال الوضع المستجد، والعمل على استثماره سياسيا)، تميل للتبدل ضمنيا.
ـ هذا يترجم عراقيا، لا بالافتراضات، بل بالوقائع الحاصلة، الى تعديل في نظرة الولايات المتحدة وموقفها، ونمط تصرفها الاستعماري في العراق، فامريكا التي غزت العراق، وسحقت دولته عام 2003، تعلم جيدا، انها هي التي احدثت الاختلال الاكبر في التوازنات الاستراتيجية الشرق اوسطية، والتي يمثل غياب العراق حجز الزاوية الاختلال فيها، فامريكا التي دمرت العراق، عملت وقتها فعليا، على تكريس موقع ايران في المنطقة، وقدمت بذلك هدية لاتقدر بثمن للايرانيين، بازالة القوة الوحيدة القادرة على موازنة حضورهم ووزنهم، والامريكيون يعلمون تماما، بان لاالسعودية، ولا "المشايخ الخليجية الناطحة للسحاب"، تشكل اي وزن، او امكانية على اي صعيد يؤهلها للوقوف بوجه الحضور الايراني، ناهيك عن احتمالات التمدد، بالاخص بظل غياب العراق، فكيف اذا تحول لقوة مضافة للسياسات الايرانية.
ـ من ناحية اخرى، صارت الولايات المتحدة بعد التجربة، ومع بدء تراجع موقعها، تعلم تماما ان "الموضوع الايراني" في الشرق الاوسط، هو "موضوع عراقي" بالدرجة الاولى، وقبل اي طرف آخر، وابسط مايترتب على مثل هذه القناعة الاستراتيجية، بغض النظر عن الضجيج الاعلامي السائد، اعتبار الامريكيين الحكم القائم في العراق، و"العبادي" خيارهم الاستراتيجي الراهن، ومن لايريد ان يفهم مجريات الاحداث، ويتصور، او يتبنى فقط مايناسبه، فانه قد يتغاضى عما حدث منذ دخول (داعش) الى الموصل عام 2014 ،وكيف تطور الموقف الامريكي، بالاخص بعد اكتشاف تواطؤ المالكي مع ايران، وازالته من صدارة المشهد، وميل الامريكيين الى عدم اعتراض عملية تحرير العراق من (داعش)، مع انهم قد ابدوا احيانا نوايا ابتزايزية، كانوا يتراجعون عنها عمليا على الارض، مما كرس الانطباع بان الامريكيين يريدون منح العبادي، والعملية السياسية الطائفية، نصرا، بالاخص بعد الانتفاضة الشعبية التي تم تاطيرها لاحقا بمطلب "الاصلاح"، مع عدم غياب جوهرها التغييري المحتمل في حال تركت العملية السياسية والعبادي، من دون مخرج، اصبح اليوم واضحا انه قد مرعبر تحرير الرمادي والموصل.
ـ ناتي الان الى مايسمونه، وسماه الكثيرون قبل الان"مابعد داعش"، وما المؤمل او المتوقع وقتها، وبعد انتهاء معركة الموصل، وصولا الى الحدود السورية، ولنر مالذي يمكن ان بعنية ظهور مشكلة جديدة بحجم الاستفتاء في كردستان، بالتعارض، ان لم يكن التصادم مع مقاييس تعزيز موقع العراق ككيان، ومحاولة رعاية حضوره الاستراتيجي، بمواجهة النفوذ الايراني، فهل يمكن تصور ماينوي البارزاني الاقدام عليه، ومدى تعارضه مع الوجهة الاساسية، والمرتكزات المعتمدة في معالجة والتعامل مع مايسمونه "الوضع العراقي"، واذ نتذكر ذلك، فلا مهرب من التساؤل عن "السوبرمان البارزاني"، الذي اكل في الصحن الامريكي حتى اتضخم، وقررالبصق فيه، فتمتع بكل مالم يحلم به او حلم به اي زعيم كردي في التاريخ، على يد الغزاة المحتلين، خلال عشرين عاما، وحين لم يعجبه مجرى الامور، وصار الخيار الامريكي، اقرب الى "العراق اولا لاكردستان"، بفعل تبدل الاولويات والمصالح، وقوة الوقائع المرتكزة للحقائق والتوازنات الفعليه، وقوة حضور العراق الاستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط والعالم، يقرر استنادا الى ماقد يسميه "ارادة الشعب الكردي" زورا، معاكسة التيار، مع ان تلك الارادة، يمكن ان تتغير بمجرد غيابه، او اذا هو اختفى، ومعه مازقه الذي يتخبط فيه، ويريد ان يتصرف بناء عليه كانتحاري (داعشي)، قرر اخذ شعب كرهينه الى الهلاك، لاكسياسي مسؤول عن مصالح عشرات الالوف.
ـ لن ينتقل الامريكيون خصوصا، بناء للخبرة بنمط تصرفهم وتفكيرهم، لمستوى اعتماد سياسة "العملية السياسية رقم 2" بخلفية اساسها " العراق قاعدة اعادة التوازن الاستراتيجي الشرق اوسطي" وتقليص دور ايران في المنطقة،. فمتطلبات مثل هذا التوجه على ملحاحيته، صعب توقعه، اولا لغياب ادواته، ولان الجهة المعنية بالتفكيربه، غير صالحه، ولامؤهلة( سنتناول في الحلقة الثالثة، التدبيريات الاستعمارية الاضطرارية للوضع العراقي عبر التاريخ الاستعماري، كقاعدة ثابته، يمكن ان تتجدد اليوم ضمن متغيرات نوعية).
ـ كل هذا الارتباك والتازم الذي يهيمن على المشهد الشرق اوسطي والعراقي، وعلى الصعيد العالمي، بالامكان ادراج خطوة مسعود البارزاني ضمنها، بما في ذلك احتساب المحركات والاهداف غير المنطقية، كما هو حال الاستفتاء البارزاني، غير المحسوب بدقة، بحبث لايمكن استبعاد بروز خيار ادخال القضية الكردية نفق الفوضى والاحتراب، والضياع غير المعروف المآلات والنتائج، ولاينبغي اليوم ان نستحضر مصير "اوجلان".
ـ فماذا ياترى اذا ما اغتيل فجاة "مسعود البارزاني"؟( هل هذا مستحيل كما قد يتصور البارزاني ومن حوله) وهو مايمكن ان يحدث سواء قبل الاستفتاء او بعده،/ ويؤدي نفس الغرض/، واي مصير سيواجهه الشعب الكردي وقتها، مع الاخذ بالاعتبار كل احتمالات الحضور والتلاعب الاقليمي والدولي، في وضع كردي مترد، وواقع قيادي مزر، من دون بدائل قادرة على فرض وحدة المواقف، ماسيفضي في الغالب لتفجر الفوضى والتنافسات الحادة بين القوى المختلفة، الكردية، الكبيرة منها خصوصا، والصغيرة.
لست اريد من هذا كله، سوى التنبيه الى واحد من الاحتمالات المهملة، الواردة بظل التأزم الشامل، المحيط بخطوة البارزاني المزمع تنفيذها قريبا، بأمل إعتماد "الخيار الوطني العراقي"، وهو الذي على اولئك الذين يتسلون بدعوى "حق تقرير المصير"، ان يتبنوه اليوم، مغادرين منطق التحريض، على مالاينجم عنه الا الى الخراب الوطني الكبير.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في جامعات أميركية على وقع الحرب في غزة | #مراسلو_سكا


.. طلبوا منه ماء فأحضر لهم طعاما.. غزي يقدم الطعام لصحفيين




.. اختتام اليوم الثاني من محاكمة ترمب بشأن قضية تزوير مستندات م


.. مجلس الشيوخ الأميركي يقر مساعدات بـ95 مليار دولار لإسرائيل و




.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية: سنبني قوة عسكرية ساحقة