الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مناقشة هادئة للدراسات الاستشراقية حول المدينة في العالم الإسلامي من خلال قراءة في كتاب -المدينة في العالم الإسلامي-.
عبد الرزاق العساوي
2017 / 9 / 17قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
يندرج مؤلف « The City in the Islamic World » ضمن الأعمال الجماعية التي قاربت موضوع المدينة الإسلامية باستعمال مناهج وأدوات جديدة تتجاوز المقاربات التقليدية التي حصرت الموضوع السالف الذكر ضمن أنماط محددة. يشتمل على عدد من المقالات التي سهر على تنسيقها ثلة من الباحثين المرموقين على المستوى الدولي، وهم: سلمى جايوسي ( Salma K. Jayyusi) وريناتا هولد (Renata Hold)، وأطيليو بيتريشيولي (Attilio Petruccioli)، وأندري رايمون (André Raymond)، وقد صدر الكتاب سنة 2008 في إطار العدد 94 من سلسلة « Handbook of Oriental Studies, Section the Near and Midlle East »، وهو يضم 1486 صفحة.
تتطرق المقدمة إلى الأحداث الحاسمة التي شهدها العالم في بداية القرن الواحد والعشرين، وفي مقدمتها الهجوم الذي تعرض له مركز التجارة العالمية والحرب في أفغانستان والحرب في العراق، فقد وجهت هذه الأحداث الأنظار نحو العالم الإسلامي حيث ظهرت أبحاث ودراسات ركزت على خصوصيات العالم الإسلامي ومكونات نسقه الثقافي. ومن المواضيع التي استقطبت الاهتمام نجد موضوع المدينة الإسلامية باعتبارها بناء عضويا حيويا.
يهدف هذا الكتاب إلى رصد التحولات التي عرفتها المدينة في العالم الإسلامي في العصر الحديث والمعاصر، بعد دخول المستعمر والصدمة الحضرية والهجرة الكثيفة، بالاعتماد على الخرائط والوثائق المتنوعة. يعتمد المؤلف منظور الزمن الطويل بحيث تعود بنا المساهمات بشكل صريح وضمني إلى مرحلة ما قبل الإسلام وصولا إلى فترة الصدمة الحضارية التي تميزت بدخول المستعمر خلال القرن 19 م وبداية القرن العشرين .
من حيث تصميم المواضيع فهناك خمسة أقسام أساسية:
القسم الأول: عنون ب " مواضيع عامة "، اشتمل على خمسة مقالات، تطرق المقال الأول إلى المقاربات النظرية الغربية للعالم الإسلامي التي عملت على بناء إطار نظري جاهز يمكن تعميمه على كافة مجالات العالم الإسلامي.
القسم الثاني: يحمل عنوان " نماذج جهوية"، يضم أربعة مقالات، تناولت المدينة العثمانية والإيرانية والهندية ذات خصوصيات مختلفة .
القسم الثالث: معنون ب " دراسة حالات"، يشتمل على سبعة عشر مقالا، تطرق إلى المدينة الإسلامية في عهود مختلفة، انطلاقا من الحقبة العباسية وصولا إلى الحقبة الحديثة، شملت الدراسة تأثير الإسلام على المدينة الإسلامية في مجالاتها الجغرافية المختلفة: المجال المتوسطي والمجال الصحراوي والمجال النهري.
القسم الرابع: عنون ب " وظائف المدينة"، يضم عشر مقالات. تتناول الوظائف السياسية والقانونية والاجتماعية والبيئية للمدينة الإسلامية وكيفية تنظيمها الداخلي وعلاقات أفرادها.
القسم الخامس: يحمل عنوان" المدينة الحديثة والمعاصرة"، يضم ثمانية مقالات. يرصد التعايش بين القديم والحديث في المدينة الإسلامية والتحولات التي أحدثها الاستعمار بعد دخوله إلى المدن في العالم الإسلامي اجتماعيا وعمرانيا وثقافيا.
يعكس التصميم أعلاه الرهانات الأساسية للكتاب، فعلى المستوى النظري بينت المقالات تطور المقاربات الاستشراقية في بداية القرن العشرين التي ركزت على دور الدين في بناء المدينة الإسلامية، مع التركيز على الطبوغرافية الحضرية وخصائصها الطبيعية، انطلاقا من الدراسة الاستشراقية للمدينة الإسلامية التي استندت على أعمال الإخوة مارسي وروجي لوطورنو ولويس ماسينيون وبرونشفيك. تميزت أعمال هذه المدرسة بتبني نظرة تعميمية ونمطية انطلاقا من مسلمات وهي مقاربة متأثرة بالمناهج السوسيولوجية لماكس فيبر وهنري بيرين دون الاهتمام بالتباينات المجالية، فقد اختزلت التنظيم المجالي للمدينة الإسلامية في "وجود مسجد في قلب التجمع الحضري وأسواق متدرجة من المسجد إلى الأبواب حيث توجد بناءات خاصة وأحياء ترتبط باختلافات إثنية مع غياب التنظيم البلدي". عملت هذه الأفكار على ترسيخ مسألة جمود المدينة الإسلامية وتطور المدينة الأوربية.
انطلاقا من الستينات ظهرت مجموعة من الأعمال التي عملت على إعادة قراءة النظرة الاستشراقية، مثل عمل إيرا لابيدوس Ira Lapidus، فقد استعمل لابيدوس نموذجا تحليليا مرنا لدراسة المدينة الإسلامية الذي يمكن تعديله حسب الحقب والمجالات، ركز على وصف المجتمع الحضري عوض الشكل الحضري وعوض مفهوم "المدينة الإسلامية" Islamic City استعمل مفهوم "المدينة المسلمة" Muslim City. وفي دراسته لمجتمع المماليك في سوريا استعمل مفهوم "المجتمع الفسيفسائي" Mosaic Society.. وبعد 1970 تزايدت الانتقادات والمراجعات للمقاربة الاستشراقية في المدينة الاسلامية بانضمام الجغرافيين وعلماء الاجتماع والمهندسين الأمريكيين والإنجليز الذين رفضوا التعميم واعتبروا أن كل منطقة لها خصوصياتها المحلية. ظهرت في هذه الفترة مجموعة من الأعمال من أهمها ديل إيكلمان حول أبي الجعد، إذ قام بدراسة حي في مدينة أبي الجعد في المغرب ومقارنتها بالمناطق الأخرى. وفي سنوات 1980 نظمت سلسلة من الندوات، مثل ندوة سمير الصادق سنة 1982، وندوة كنيث براون Kenneth Browen سنة 1986، وندوة طاكيشي ياكاوا Takeshi Yakawa سنة 1989. بدأ الوعي بان كل تجمع حضري له هويته الثابتة المتفردة كما أصبح من الصعب استعمال نموذج عام.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ألمانيا تسمح بالحشيش -للترفيه- ودول عربية -طمعانة- في أرباحه
.. بسبب حرب غزة..متظاهرون يقاطعون كلمة بايدن | الأخبار
.. قصف وحصار إسرائيلي على غزة.. الجوع يقتل الغزيين أيضا
.. لماذا قرر نتنياهو إعادة إرسال الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن؟
.. هيئة البث الإسرائيلية: أهالي الجنود المحتجزين في غزة يجتمعون