الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأكراد ولعنة الجغرافيا.

عساسي عبدالحميد

2017 / 9 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


مسعود البرزاني ليس طفلا قاصرا أو مبتدءا في سراديب السياسة والعلاقات الدولية؛ حتى نقول أن الرجل غير مدرك للتداعيات الخطيرة وشلالات الدم التي سيجرها إنشاء كيان كردي مستقل شمال العراق؛والمحنة الرهيبة التي سيتجرع مرارتها وحنظلها الأكراد قبل جيرانهم في العراق وسوريا وتركيا وإيران؛ وشرارتها التي من الممكن جدا أن تطال زوايا وجيوبا عديدة بالمنطقة.
========
البارزاني مدرك لكل هذه الكوارث والمآسي التي أصبحت على مشارف كردستان ؛ لكنه يراها شرا لابد منه ؛و درب جلجلة رهيب لا خيار الا السير فوق أشواكه وحمل صليبه على ان يندثر شعب الكرد عن بكرة خالقه و يذهب أدراج الرياح؛
.
كردستان كانت دوما مهددة بالتعريب والتتريك وخنجر أبي لؤلؤة المجوسي؛ ومع مرور الزمن تقلصت مساحات من كردستان التاريخية إما عن طريق سياسة الدبيب الناعمة أو الإخضاع بالقوة؛ كما حدث في عهد صدام حسين مع أكراد العراق الذين تم تهجير قرى وأحياء مدن كاملة وتم اسكان محلها عوائل و أسر من أرومة عربية؛ لدرجة أن الكرد المهجرين حملوا معهم رفات أمواتهم باتجا مناطق أكثر أمنا ؛ فالبرزاني يرى في المأساة والمعاناة التي ستنتج عن قيام دولة كردستان مخاض انبعاث؛ وولادة دولة بعلمها و عملتها ومؤسساتها؛ لكن هذه المقاربة تبقى رهانا هامش الخسارة فيه في تقديرنا أكثر من هامش الربح.
========

هناك شيء اسمه لعنة الجغرافيا؛ وهذا القدر اللعين يحيط بشعب كردستان من كل الزوايا ويحاصره أكثر من شعب آخر؛ والحماسة المغرية قد تصيب المنظرين والنخب الثقافية والسياسية والطاقم الاستشاري للسيد البرزاني بالعمى قبل أن تصيب مواطنين عاديين تبهرهم راية كردية خفاقة؛ وتأسرهم أشعار شيركو بيكس و جكر خوين الحماسية وموسيقى عذبة من وحي طبيعة وتاريخ كردستان؛ وتشدهم ملاحم نضالية لمقاتلين أشاوس على منحدرات جبال وعرة تزينها صور كرديات جميلات ممشوقات القوام ببزتهن الكاكية وهن يتزينن بالبنادق والمسدسات وأحزمة الرصاص حول حقويهن وأكتافهن .
========
الاعلان عن قيام الدولة الكردية والذي سيستفتى فيها أكراد العراق يوم 25 سبتمبر سيغذي ميول الانفصال وسط أكراد تركيا وايران وسوريا ؛ وهذا خط أحمر قاتل لن تقبل به هذه الدول؛ كما أن الدولة الوليدة ستكون كيانا مخنوقا اقتصاديا؛ ومحروما من منافذ على العالم؛ دولة كردستان ستطوقها عن طريق البر تركيا من الشمال والعراق من الجنوب وايران من الشرق وسوريا من الغرب ؛ زد على ذلك أنه لا منفذ بحري يكون رئة ومتنفسا للدولة الحديثة على العالم؛ صحيح أن كردستان العراق تتوفر على ثروة نفطية هائلة تقدر ب 30 في المائة من احتياطي نفط العراق و أن 16 في المائة من إجمالي مساحة كردستان هي مواقع نفطية ؛ وأن الاقليم يتوفر على مؤهلات زراعية و سياحية محترمة ؛ لـــــــــكن عبر أي منفذ أو بوابة سيبيع الأكراد نفطهم و ((عدسهم وفولهم وقثائهم....)) ؟؟ حتى تركيا لن تقبل بشراء نفط أربيل على حساب أمنها القومي؛ ولو بأقل من 20 دولار وهي التي كانت تشتري نفط سوريا والعراق من دواعش الدولة الاسلامية بثمن بخس.
.
أكراد تركيا يستوطنون منذ القدم أراضي خصبة وفيرة المياه ينبع منها نهري دجلة والفرات والأمن المائي والغذائي لتركيا تحت أقدام 25 مليون كردي...
======

كل هذه الأرقام وغيرها من المعطيات الدقيقة والرهانات المستقبلية يعرف تفاصيلها السيد مسعود البارزاني ؛ لكن هل فعلا يرى حاكم أربيل بعينيه ما لا يراه الكثيرون من المعارضين والمتخوفين من رفرفة علم كردستان على شرفات مقر الأمم المتحدة ؟؟؟ وأنه حسب البارزاني؛ خير للكرد أن يسيروا على طريق الآلام لكي يكسبوا في الأخير كينونتهم ووجودهم؟؟ .أم أن استفتاء 25 سبتمبر للتصويت على قيام دولة كردستان هو احدى تفاصيل أجندة مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تدبره مافايات الشركات المتغولة المتحصنة بقلاع شارع وول ستريت بنيوورك بتنسيق مع حاخامية تل أبيب وأمناء الهيكل ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل