الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صديقى مثليي الجنس

دينا عبد الحميد
(Dina Iraqi)

2017 / 9 / 18
حقوق مثليي الجنس


كلما نضج الانسان وتقدم حضاريا وانسانياً كلما كانت حياته أسهل ، و تخلص من عقده وامراضه النفسية ، لذلك نجد حياة الانسان في الغرب خالية من النفاق او الكذب او الاضطرار الى إدعاءات مخالفة للحقيقة. ولذلك فهى أكثر سهولة ويسر من حياتنا في الشرق فبرغم من صعوبة الحياة هنا إلا اننا نزيدها صعوبة اكثر مما هى عليه ، فكلما قست علينا الحياة وأتعبتنا نذهب نحن بدورنا لنقسو على انفسنا و نقسو أكثر على أحبائنا واصدقائنا ونقسو على كل من نختلف معه ونتجاهل طبيعتنا , كوننا بشر فلا يوجد آلهة على الارض ورغم ذلك نحاكم ونحاسب كل من سلك طريق غير طريقنا فمن يتخلف عن القطيع يمارس عليه كل اساليب الارهاب حتى يرجع مرة أخرى او فليتحمل العواقب .. خلقنا في مجتمعات مثالية في الشكل ولكن المضمون أبعد ما يكون عن المثالية ، مجتمعات منافقة كاذبة خائفة دوما من افتضاح امرها وكشف زيفها فظلت تكذب وتكذب وتكذب حتى صدقت الكذبة واصبحت هى الحقيقة المطلقة .. ولكن على الرغم من ذلك لم نيأس ابدا فسوف نظل نقاوم ونقاوم حتى تنهض مجتمعاتنا من السبات العظيم وتلحق ركب الانسانية والتقدم ... ولكن كيف السبيل لتحقيق ذلك ؟! اعتقد ان الامر معقد جدا ولكن على كل حال اذ لم تستطع ان تغير العالم ابدأ بتغيير نفسك ...
جميل وصحى ان يعرف الانسان نفسه جيدا وما يعانيه من عقد وأمراض نفسية ويبدأ في علاج نفسه بنفسه لان علاج المشكلة يبدأ بمعرفتها اولا وانا مثلى كمثل باقي البشر الذين يعيشون في الشرق مليئة بالعقد والامراض منذ الطفولة بسبب النشأة والتربية في البيت والمدرسة والجامعة وحتى في العمل فالانسان يتأثر بالبيئة المحيطة به وصعب جدا التخلص من كل هذه التراكمات ولكن مع الوقت استطعت التخلص شيئاً فشيئاً وان كان ببطئ و لقد ساعدنى في ذلك انى نشأت في اسرة علمانية مثقفة زرعت في بذور التطور والتغيير وعدم التسليم بالثوابت ، ولانى كنت دائماً متمردة وعنيدة ولا اسلم بالأمر الواقع أصبحت مصدر ازعاج لكل من حولى وكان من الصعب ان اجد صديقة او صديق يتقبلنى هكذا كما أنا بدون ان يحاكمنى او ينتقدنى طول الوقت فكنت اتعامل مع كل الناس بسطحية بشديدة بدون الدخول في تفاصيل حتى بدا للأخريين ان لدى العديد من الصداقات وكان ذلك غير صحيح لانها في الحقيقة كانت مجرد علاقات سطحية جدا ، وفي يوم بعد ساعات العمل المرهق ذهبت مع صديقاتى الى المقهى الذي اعتدنا دائما ان نجلس فيه و كانت كل منا تحمل في يدها جهازها المحمول وتمارس نشاطها المعتاد على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك،انستجرام، تويتر ) ولكن هذا اليوم كان مختلف لان احدى صديقاتى كانت على خلاف مع حبيبها لانها كانت تشك انه على علاقة بأخرى او بالاصح بأخريات و رغم انها كانت تحبه و علاقتهم كانت جدية جدا بالنسبة لها حتى انها كانت تريد الزواج به ولكنه كان دائما يتهرب بحجة انه ضد فكرة الزواج فأخذ النقاش بيننا يحتد ويشتعل حتى وصل لدرجة الانتقاد الشديد لكل الرجال وربما وصل الامر الى السب ومن كثرة الحماسة أصواتنا اخذت تعلو وتعلو حتى أصبح من حولنا يسمعون الحديث بدون قصد اكيد ولكن ربما هى الصدفة الجميلة التى جعلت هذا الشاب الوسيم الذي كان يجلس في الطاولة التى امامنا يتدخل في النقاش ، وكنت ألاحظه من وقت ان جلسنا فكان يرمقنى بنظراته بين الحين والأخر مبتسماً فأعتقدت انه قد انتهز الفرصة حتى يتعرف علينا ، وبدا هادئ جدا في اول الامر وغير متعصب اطلاقا رغم ما قلناه من انتقاد للجنس الخشن وبكل هدوء طلب الانضمام لنا في نقاشنا وطبعا رحبنا جميعاً .. وفجأة تبدل الحديث تماماً من شتم ولعن وعصبية الي ضحك و تهريج وسخرية من العلاقات بين الشباب والبنات والسخرية اكثر من البنات وسذاجتهن عندما يقعنا في الحب والغريب اننا كنا نضحك ونشاركه السخرية ، كان ساحرا في طريقة كلامه وخفة ظله وفي وسامته ... ولم نستطع الا مجاراته والاستماع والاستمتاع بحديثه ، كان انسان عصري جدا منفتح غير ذكورى في تعامله معنا بل بالعكس كان في منتهى الاحترام و الرقي .
وبعد هذه الصدفة أصبح هذا الشاب الوسيم صديقى المقرب وكانت هذه اول مرة يكون لى صديق قريب استطيع ان اثق به وأسمح له الدخول الى حياتى بكل سهولة ويسر ، فكنت دائماً اهرول عليه عندما يصيبنى الاكتئاب او فشل في علاقة حب او مضايقات في العمل كان دائماً عنده الحل لاي مشكلة فهو يسمع جيدا ويستطيع ان يجد حل المشكلة بدون اى مجهود فهو هادئ ورصين ، فكلما اكون في حيرة من اتخاذ اى قرار كان يقول لى " افعلى ما في قناعاتك مهما كانت العواقب " كانت كلماته بسيطة ولكنها كانت مثل السحر وفي لحظة اجد المشكلة قد انتهت لمجرد انى قررت ان افعل ما انا مقتنعة به ...
كان صديقى فقط ولم افكر قط في الارتباط به عاطفياً رغم ان كل الفتيات تقريباً كن يتمنين الارتباط بمثل هذا الرجل الوسيم اللطيف ربما يكون السبب انه لم يبدى اى اهتمام تجاهى غير كونى صديقتة المقربة فقط ، او ربما لست انا الفتاة التى كان يحلم الارتباط بها ، اما انا فكنت سعيدة بصداقتنا جدا ولم أحاول ارتكاب اي حماقة قد تفقدنى صديقى الجميل هذا ، وكنت اندهش عندما اجد الفتيات يتحرشن به ويتسابقن على اظهار جمالهن له حتى ينلن اعجابه ولكنه كان لا يهتم بهن على الاطلاق ورغم ذلك كان لطيف معهن ودود لا يجرح مشاعرهن بطريقة او بأخرى ، بدا لى الامر غريب فإذا كنت انا لست الفتاة التى يريدها اذا ما خطب الفتيات الاخريات ! ظننت انه ربما يكون على علاقة سرية بسيدة متزوجة او ربما هو من الرجال الرومانسيين ينتظر حتى يقع في حب احداهن ولكن هل يوجد فعلا رجل رومانسي اعتقد ان هذا الاحتمال مستحيل ...
وفي يوم جاء صديقى ومعه فتاة لم أرها من قبل ولكنها كانت ظريفة جدا طيبة ودمثة الخلق ظننت في البداية انها زميلته في العمل ولكنه لم يحدثنى قط عن زميلة له مقربة منه لهذه الدرجة وبدأ صديقى الحديث عن مفاجأة يود أن يخبرنا بها جميعا وكان يمسك بيد فتاته الغامضة وفي تلك اللحظة شعرت ان الزمن قد توقف وعقارب الساعة اختفت ثم رجعت من الغفوة واذا به يعلن على الملاء ارتباطه رسمياً بتلك الفتاة التى لا يعرفها أحد ، تلقيت الخبر مثل باقى الاصدقاء بدهشة وفرح وتعجب في ذات الوقت ... هل وقع في حبها ؟! ولكن اين ومتى جاءك الحب يا صديقى لا ادرى وكان اكثر ما ادهش الجميع ان فتاته كانت متوسطة الجمال وكان يظن الجميع ان هذا الرجل لا يليق به الا ملكة جمال الكون لانه في السابق لم تكن لتعجبه اى فتاة رغم تفوقهن على فتاته من حيث الجمال ...
تمنيت له ولها حياة سعيدة وكانت ملامح الدهشة تعلو وجهى ولم استطع اخفائها ربما هي الغيرة ايضاً لماذا اختارها هى ولست أنا ؟! ولكن هذه هى قوانين القلب يختار من يدق على اوتاره بقوة ، ولطالما احترمت اختيارات الآخرين حتى هذه المرة ، والصراحة أنا الملومة لانى لم احاول انا اتقرب منه اكثر خوفاً ان تفشل محاولتى واخسر صديقي الى الابد .. ولكن ماذا الان ؟ هل خسرته هل انتهت صداقتنا لانه ارتبط بأخرى كم كنت غبية فلقد ضيعت فرصة عظيمة وفي النهاية ما كنت اخشى منه ربما يحدث ولا نعود اصدقاء ثانية بعد الان ...
ولكن رغم كل شئ حاولت جاهدة الحفاظ على صديقى وكان ذلك بالتقرب من فتاته وكسب ثقتها حتى لا يدعها الخوف تأخذه بعيداً عنى ... كانت تحبه جدا وفخورة بإرتباطها به ولكن هو لم يكن كذلك فكان يعاملها ببرود و ايضاً بلطف وكأنها كبقية صديقاته ربما كان يعاملنى بحميمية اكثر منها لان ما بيننا كان يسمح بذلك فكانت هناك اسرار وتاريخ لا يمكن تجاهله وربما لم يخبرها بكل شئ فكانت تجلس معنا وكنت ارى في عينيها تساؤلات كثيرة وتحاول الاندماج ولكنها كل مرة تفشل وهو لم يقدم لها المساعدة قط فكانت تكتفي بالسكوت او الكلام اذا وجه لها احد الكلام .... واجد نفسي مثل فتاته اسأل لماذا ارتبط بها ؟! هل يعقل ان هذا الانسان المنفتح العصري يخبئ داخله رجل شرقي يصادق كل من يحب من الفتيات ولكن عند الزواج يفضل الارتباط بفتاة ليس لها صداقات مع الرجال او علاقات سابقة .. هل كنت غبية لهذه الدرجة حتى يخدعنى ؟ام هو ممثل بارع لهذه الدرجة ؟! ما كل هذا العبث ؟! يجب ان اتخطى الموضوع واتمنى له السعادة وامضي في طريقى وسوف يظل صديقى الى النهاية مهما حدث
قررت ان احتفل بزواجه المرتقب واقيم حفلة صغيرة في منزلى ودعوت فيها كل اصدقائنا وصديقاتنا واعتقدت انني بهذه الحفلة استطيع ان اطوى هذه الصفحة من حياتى نهائياً وفي نفس الوقت احافظ على صداقتنا
حضر جميع أصدقائنا الى الحفل إلا صديقى الوسيم وفتاته انتظرت في البداية وبعد ذلك هاتفته على المحمول ولكنه لا يجيب ، اتصلت اكثر من مرة ولكنه لا يجيب وفي هذه الاثناء حضر أحد الاصدقاء ليخبرنا ان صديقنا قد تعرض لحادث سرقة وان السارق اخذ هاتفه المحمول ولذلك فهو لا يستطيع ان يجيب على اي اتصالات ولكنه سوف يشترى في طريقه الى هنا هاتف اخر جديد... ظل الجميع ينتظرون صديقي وفتاته لان الحفل على شرفهم ...
وصل صديقي ولكن لاول مرة منذ عرفته اجد هذا الشاب الجميل شاحب اللون وعينيه زائغتنان مرتبك وتائه ... شعرت فورا ان هناك خطباً ما اسرعت إليه لاسأله عما حدث وهل تعرض للأذى على يد سارق الهاتف ؟ أم هل تشاجر مع فتاته ...؟ هل سيتركها...؟ طبعا كانت هذه امنياتي !! ولكنه جاوبنى مسرعا انه بخير وألا أقلق هو فقط يشعر بقليل من الارهاق بسبب الاحداث الغريبة التى حدثت له مؤخرا ... صدقته وتابعنا حفلنا
وكان الحدث الاكثر إثارة في الحفل هو قصة سارق المحمول وكيف تمت السرقه وهل تعرض صديقى للضرب ام ماذا ؟! في اى مكان سرق ..؟! كل هذه الاسئلة بدأ الاصدقاء يسألونها لصديقى ولكنه بدا متضايق جدا من الاسئلة فقلت لهم ان يتوقفوا عن الاسئلة ونرجع للرقص والغناء افضل وقبل انتهاء الحفل حدثت مفاجأة غير متوقعة ابدا .... فجأة بدأت هواتفنا جميعا تطلق رنين في وقت واحد ظننا في اول الامر ربما تكون مزحة من احدهم او فيروس اصاب شبكة المحمول ما هذا الضجيج اسرع كلا من الاصدقاء الى هواتفهم يتفقدوها وانا أيضاً امسكت بسرعة بهاتفى اتفقد الرسائل الواردة ولكن قبل فتحها لاحظت ان صديقى هو الشخص الوحيد الذي لم تصله اى رسالة ولم يرن هاتفه ثم تذكرت ربما لان هاتفه جديد حتى فتاته جائتها رسائل ... وكانت المفاجأة المفجعة عندما فتحت رسائلى واذا بها مقاطع فيديو مرسلة من هاتف صديقي الذي سرق ... وبعد ان كان يعم المكان الضحكات والغناء والفرح اصبح الصمت هو سيد موقف
صديقى واقف لا يعلم ماذا جاء في الرسائل واخذ يصرخ بشدة ماذا يحدث ؟ ماذ يوجد في الرسائل ؟ ثم اخذ هاتف فتاته وفتح الرسائل وهى عبارة عن مقاطع فيديو جنسية لمثليين والمفاجأة ان صديقى كان بطل تلك الفيديوهات ... ألقى الهاتف على الارض وذهب مسرعا وترك الجميع في حالة صدمة ....

ساد الهدوء على الحفل الذي انقلب الى فوضى اختار الجميع الصمت وعدم التحدث عن ما جرى وقررنا جميعنا مسح كل الرسائل والفيديوهات من هواتفنا وعدم التطرق للموضوع وكأن شيئاً لم يحدث وغادر الجميع إلا رفيقة صديقى التى ظلت جالسة في ذهول وصمت ، واخذت اواسيها بكلمات انا متأكدة انها لم تسمع حرف منها لا اعرف بماذا كانت تفكر في هذه اللحظة ولكنها غادرت منزلى و كانت هذه اخر مرة اراها فيها ..
وبعد ان ودعت كل الاصدقاء والصديقات جلست مشتتة التفكير لا أصدق ما حدث ولا استطيع ان أفسر ما رأيته في هذه الفيديوهات السخيفة لا اعرف هل هى حقيقية ام ماذا ؟! ولازالت تعيد نفسها في ذهنى مرة تلو الاخرى بدون ان أضغط على زر الإعادة ... صديقي مثلي !! هذا ما تقوله لى الفيديوهات صراحة ، ولكنى مازلت لا أصدق ليس لانى ضد المثليين ولكن لانى لاول مرة في حياتى أتعرض لمثل هكذا موقف ... كيف كان تفكيرى تجاهه بهذه الذكورية الفجة حتى اننى لم افكر لحظة انه رفضنى لانه مثلي ؟! كيف لم يخطر ببالى هذا الامر ؟!!و لكن كان المفترض ان يخبرنى لقد كنت اخبره بكل شئ عن تفاصيل حياتى وكنت اظنه كذلك عندما كان يحكى لي عن علاقاته الجنسية الكثيرة ومغامراته العاطفية التى خاضها في حياته ... هل كانت كلها كذب ام حقيقة ؟! يا إلهى
ولكنه يعلم جيدا اننى انسانة منفتحة جدا وعصرية وانى مؤمنة ان كل انسان حر في اختيار ميوله الجنسية وليس من حق أياً كان ان يحاسب أحد في كيفية التعامل مع جسده الذي هو ملكاً له فقط... لماذا لم يصارحنى!!
و فجأة بدأت استعيد كثير من الاحداث والاشياء التى لم أتداركها حينها فأصبحت أرى واسمع اشياء كان قد اخبرنى بها صديقى ولكنى لم أكن منتبهه وكأنى كنت عمياء صماء ، مواقف وأحداث كلها كانت تشير على انه مثلي ولكني لم انتبه ... حتى انى تذكرت انه قدمنى لاحد أصدقائه وقال عنه انه مقرب إليه جدا هل كان هذا الشخص حبيبه ؟! اعتقد نعم كان كذلك ولكنى لم افهم وقتها سبب قربهم الشديد من بعض حتى انهم كانوا يسكنون في نفس المنزل ظننت انها صداقة عادية ... يا إلهى كيف لم أرى كل هذا !!
مرت الايام واختفى صديقى تماما حتى انه أغلق صفحته على الفيس بوك وعلمت من احد الاصدقاء انه ربما يكون سافر خارج البلاد .. وظل الفضول يقتلنى عما حدث ومن الذي بعث بالرسائل هل هو سارق الهاتف ولماذا فعل ذلك اذا كان كل همه ان يسرق الهاتف فقط ؟! هناك شخص واحد يمكن ان يحل كل هذه الألغاز وهو صديقه الذي كان قد عرفنى عليه السنة الماضية اخذت أبحث عنه على مواقع التواصل الاجتماعى حتى استطعت بالفعل التوصل إليه وطلبت مقابلته ...
جاء في موعدي وبدأ حديثنا وكأننى لأول مرة ألتقى به لان المرات السابقة كانت مختلفة تماما واخذ يسترسل في الكلام وانا صامتة أسمع منه واتذكر كيف كنت جاهلة بما يدور من حولى فهو كما توقعت كان مرتبط بصديقى بعلاقة حب ولكنها كما عرفت منه كانت علاقة متأزمة جدا لان صديقي كان لديه مشكلة حقيقية في كونه مثلي الجنس ، كان يحاول طول الوقت ان يظهر العكس فكان يدعى امام الناس ان له علاقات عديدة مع فتيات جميلات وانه كان كما يقولون مقطع السمكة وديلها وهذا ما لم يستطيع حبيبه التعايش معه فقرروا الانفصال .... وايضاً لانه أخبره انه لم يعد يريد ان يكون مثلياً بعد اليوم وانه قرر ان يتزوج من احدى قريباته ورغم غرابة هذا القرار لكنه لم يعترض طريقه وقرر الانفصال عنه لان علاقتهم كانت قد أصبحت مرهقة جدا له من كثرة الكذب واللف والدوران والتمثيل حتى انهم كانوا في يوم سهرانين مع بعض الاصدقاء في احد الاماكن وأخذ يغازل النساء الموجودات في المكان حتى يعطى انطباع للموجودين الذين لا يعرفهم انه ليس مثلي الجنس رغم ان لا احد كان مهتم بالموضوع كل هذه التصرفات جعلته يبتعد عنه فلم يعد يحتمل كل هذا الهراء ...
ولكن هل انت من سرق الهاتف ؟! أجاب ... لا
هل وصلتك انت ايضاً الرسائل ؟!
نعم للاسف ... بعد انفصالنا و اعلان ارتباطه بقريبته أصبحت حياته تعيسة وبعد فترة قليلة لم يستطع الاستمرار فكانت له علاقات جنسية عديدة ولكن في السر وسارق الهاتف كان احد هؤلاء فما عرفته لاحقاً انه إلتقى به في احد المقاهى واقام معه علاقة وبعد ذلك اخذ يتهرب منه ولكى يقطع علاقته به اخبره كما اخبرنى انه لم يعد مثلياً وانه سوف يتزوج ولكن الوضع هنا اختلف تماما لان هذا الشاب لم يصدقه وكان قد أضمر له الشر لانه شعر بإهانة بالغة ورفض من قبله فاخذ يراقب بيته فكان صديقك فعلا يكذب ويقيم علاقات بشكل يومى مع آخريين وكان هذا الشاب يتربص له كل يوم في حديقة منزله ومعه كاميرته الخاصة واستطاع ان يصوره وهو يمارس الجنس مع آخرين من تراس غرفة نومه المطل على الحديقة وما عرفته لاحقاً ايضا انه كان صبور جدا ومقيم غالبا في التراس حتى اننا وجدنا بعد ذلك أثار أعقاب العديد من السجائر في التراس فكان طويل البال متأهب ولم يمل من طول الانتظار ... كان موقف غريب
المهم تسلل هذا الشاب الي الشقة خلسة واستطاع ان يسرق الهاتف وبعد ذلك نقل كل الفيديوهات التى صورها الي الهاتف و أرسلها لكل أصدقائه انتقاماً منه ولكن لم يكتفى فقط بالاصدقاء بل تعدى الامر انه بعث الرسائل الى عائلته واخوته وزملائه في العمل وكل شخص رقمه مسجل على الهاتف
فكانت هذه الفيديوهات بمثابة القنبلة النووية التى هدمت حياته المزدوجة التى كان يعيشها وأصبح الجميع الان يعلمون انه مثلي الجنس مما جعله يغادر البلد لبعض الوقت حتى يستعيد نفسه ويواجه الواقع الجديد الذي لن يستطيع انكاره بعد الان .....
هل ستسامحه وتعود علاقتكما كما كانت ؟!!
لا اعتقد اكيد سوف نظل اصدقاء لكنه يعانى من مشاكل نفسية كثيرة وتناقض لم اعد استطيع التعامل معه بعد الان ... وأيضاً لاني ارتبط الان بشخص أخر هو اوروبي منفتح جدا وليس عنده هذا الكم من التناقضات والامراض النفسية واذا استمرت علاقتنا على نحو جيد ربما نتزوج لاحقاً ...
حقا ؟! اتمنى لك التوفيق من كل قلبي انت فعلا انسان جميل ومحترم وصادق مع نفسك ...
انتهى اللقاء وانتهت معه نظرتى السطحية الذكورية للحياة و بعيداً عن النظرة النمطية السخيفة التى تتناولها الافلام العربية والغربية أحيانا عن المثليين ، لقد اكتشفت عالم أخر يعيش بيننا بكل أريحية ولكنه عالم مختلف له لغته الخاصة وايماءاته الخاصة كذلك ، قبل ذلك لم اكن اعلم ان المثليين كثيرين جدا جدا وفيهم من يعتلى مناصب هامة وحيوية في المجتمع و كثير منهم المتزوج ولديه أطفال لتضليل المجتمع الذي يدعى بعدم وجودهم بالاساس مع أن لا يوجد رجل لم يختبر المثلية في حياته على حد قولهم ، و هناك من يعلن عن نفسه بكل جرأة وهناك من يقتصر الشر مع مجتمعات متخلفة لا تعترف بحق حرية الانسان في الاختيار فيلجأ للكذب خوفاً من النبذ او القتل كما يحدث في بعض البلدان التى تعتبر المثلية جريمة عقوبتها الاعدام ...
وفي يوم وبالصدفة ظهر صديقى على الفيس بوك مرة اخرى فسارعت وارسلت له رسالة لانى فعلا مشتاقة له كثيرا وافتقده بشدة وافتقد نكاته وكلماته وضحكاته وكل شئ ... وفجأة جائنى رده انه بخير و وافق على لقائي ...
جاء صديقى وقبل ان يسلم على قال لى "انا مثلي" فأجبته نعم انى اعرف الان ولكنك مازلت صديقى لا يعنينى ان كنت مثلى او لا انت حر في اختياراتك ولكن الغريب انك لم تخبرنى قبل اليوم رغم اننا اصدقاء وانت تعلم تماما طريقة تفكيرى وتحررى وان مثل هذا الامر لا يغير مشاعرى تجاهك ابدا ولكنك يا صديقى اخترت ان تعيش حياة مزدوجة حتى وصل بك الامر انك ارتبطت بفتاة ليس لها ذنب في اي شئ واحتمال كنت ستتزوجها لولا ما حدث ولكنى ألتمس لك العذر ايضاً فإننا نعيش في مجتمع منافق متخلف لا يحترم الحريات الشخصية ويدفعنا دائما ان نخفى حقيقتنا حتى ننال الرضا ونصبح مواطنين صالحيين من وجهة نظرهم ...
لم أخبرك لانك من اعز صديقاتى وخفت أن أفقدك رغم تحررك وانفتاحك إلا انك تعرفين فغالباً ما يقول المثقفون في مجتمعاتنا ما لا يؤمنون به حقاً حتى يظهروا بمظهر المنفتحين عقلياً الداعمين لكل الحريات ومنها المثلية ولكنهم مع اول اختبار حقيقي يسقطون ويظهر نفاقهم وكذبهم ...
انا الان في أفضل احوالى بعد ان علم الجميع الحقيقة ، أصبحت أكثر تحررا لا يعنينى أحد فهناك من تقبل كونى مثلي الجنس وهناك من لم يستطع التقبل وانا لا ألومهم إطلاقاً ، ولكنى ايضاً لا أخشاهم مثلما كنت أفعل في الماضي ... لقد تعلمت من ما حدث الكثير. في كل الاحوال لن يرضى عنك البشر حتى لو فعلتي ما يريدون فهم دائما سيطلبون المزيد والمزيد ، فيجب على الانسان ان يفعل ما يريده هو لا ما يريده البشر لانه مهما حاول ارضائهم سوف يفشل وفي النهاية سوف يعتادون على أى وضع .. وفي الحقيقة هم لا يهمون بالتدخل في حياتك بدرجة كبيرة إلا إذا شعروا بخوفك منهم فهى بمثابة دعوة للتدخل ولذلك فإن انسب شئ هو تجاهلهم تماماً وهذا ما أفعله الان ..
الان فقط أدركت لماذا نحن أصدقاء يا عزيزتى لاننا كنا في الماضي نخشى البشر فنحن نختلف عنهم والحقيقة هى ان هم من كانوا يخشوننا لاننا حطمنا كل تابوهاتهم واوهامهم وكل ما اعتادوا عليه وصدقوه ، ومن الطبيعى أن يلجأ الانسان الخائف الى العنف ، وخوف الناس تحديدا من المثليين نابع من خوفهم على سلالتهم فهم يظنون ان وجود المثليين جنسيا تهديدا لهم وهذا طبعا غير صحيح بالمرة لان من المستحيل ان يصبح كل سكان الكرة الارضية مثليين ، حتى لو كانوا يتقبلون المثليين تظل لديهم هواجس (هوموفوبيا) فهم يتقبلوك ولكن ابعد عنا مسافة ويكاد يكون السلام بالايد مشكلة لأنهم يخشون ان يكون هناك مراقب مثلا يتهمهم بالمثلية ..
الطبيعة هي من فرضت تواجدنا فسوف تجدي نباتات مثلية الجنس وحيوانات أيضاً لانها طبيعة الكون ليس شئ مختلق او غير أخلاقى كما يدعى البعض ويضحكنى كثيرا عندما أجد طبيب نفسي يدعى انه يعالج المثلية فهى ليست مرض نفسي ولا بدنى ... نحن موجودون وكثيريين جدا وعليهم تقبل وجودنا طالما ميولى الجنسية غير مؤذية بأى شكل من الأشكال لهم او لحياتهم هى فقط حريتى الشخصية وأيضاً انا لا أفرض أى شئ ولا أتدخل في حياة أى شخص سواء كان امرأة او رجل ... وفي النهاية هذا أنا ولن أكذب او أدعى بعد الأن غير حقيقتى ومن لا يتقبلنى هذه مشكلته في الحقيقة ليست مشكلتى .
وهذا يا صديقى ما كنت دوماً تنصحنى به وهو ان أكون نفسي و أن أفعل ما أريد مهما كانت العواقب أو رفض الناس لإختياراتى .. لان في النهاية هى حياتى أنا ولا يحق لأى انسان ان يتدخل فيها .. سعيدة بصداقتنا جدا كما كنت دائما واتمنى ان تظل للابد .
وبعد تفكير كثير قررت ان اكتب عن تجربتى مع صديقى مثلي الجنس وعن الأحداث التى حدثت معه ولكن طبعا بدون ذكر أسماء .. يجب ان يعرف العالم كم المعاناة والألم النفسي الذي قد يتعرض له أناساً يعيشون معنا ليس لشئ غير لإنهم مختلفون.. وطبعا اتوقع هجوم شديد وسوف يظن البعض انها دعوة حتى يصبح الكون مثلي الجنس ولكن الحقيقة هى دعوة لتقبل وجود المثليين بيننا لانهم فعلا موجودين شئنا ام أبينا .. هذا هو الواقع ولا نستطيع تغييره أو إلغائه ..
يجب ان نصحو من غفوتنا وندرك حقيقة ما نحن عليه الأن وهو اننا أصبحنا اجهل أمة أخرجت للناس للاسف ، نعتقد اننا الأفضل وكل من يختلف معنا هو في ضلال مبين على الرغم اننا لم نحقق أى شئ طوال القرون الماضية لتقدم البشرية أو حتى محاولة انقاذها من الامراض او الجوع ،كل ما نفعله ونحن بارعيين فيه جدا هو بث الكراهية لكل من في الكون لكل شئ مختلف عن ما ألفناه واعتدنا عليه ، يجب ان نتعلم كيف نتقبل من يختلفون عننا دينياً وعقائدياً وجنسياً والمختلفين في اللون والعرق ، يجب علينا ان ننضج ونرتقي وإلا سوف يكون مصيرنا هو الفناء ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - موضوع شائك
على سالم ( 2017 / 9 / 18 - 17:03 )
استاذه دينا , بدون شك هذا موضوع شائك جدا وحساس بالنسبه لعقليه البدو المسلمين , حقيقه الامر انهم يمارسوا هذه الافعال فى السر وبأعداد هائله وان كانوا يتظاهروا انهم لايمارسوها والسعوديه مثال كبير لهذا , موضوع سيكولوجى معقد جدا , من المؤكد ان ثوره المعلومات سيكون لها التأثير الكبير على عقليات هؤلاء القوم , الموضوع ليس بالسهل فهمه واستيعابه ولكن مع الزمن فأن المعتقدات سيكون من السهل تغييرها وكسر الجمود الذى يتميز به اولاد الشرق وعربان

اخر الافلام

.. يونيسف: نحو 4 ملايين طفل دون الـ 5 يعانون من سوء التغذية


.. مراسل الجزيرة: أي غارة إسرائيلية على رفح توقع شهداء وجرحي لت




.. لحظة اعتقال مواطن روسي متهم بتفجير سيارة ضابط سابق قبل أيام


.. واشنطن: طرفا الصراع في السودان ارتكبا جرائم حرب




.. عام على الحرب.. العربية ترصد أوضاع النازحين السودانيين في تش