الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمال عبد الناصر وبهتان عمرو موسى

محمد السعدنى

2017 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لكأنه أمام المذبح يقدم بهتانه لا قربانه، حاول الاندماج فى الصلاة فلم تطاوعه نفسه، ذلك أنها أمارة بالسوء، تلفت داخله فما وجد إلا صدى أيام باهتة، فراح يرغى ويزبد، كان يعلم أن قربانه زائف وصلاته ليست فى محراب الرب، إن هى إلا زلفى للسلطان، وسيان عنده أكان سلطان المال أوالشهرة أوالسلطة، المهم أن يكون فى الصورة طالما فشل أن يكون ممن يؤمون الناس فى الهيكل. ويحك ياعمرو، فأنت هذه المرة لم تقدم قربانك، إن هو إلا بهتانك، ويالها من نهاية درامية لمشوار آثرت ألا تكمله إلا متعثراً جاثياً على ركبتى الكذب والتذبذب، لا منتصباً كما حسبناك رجلاً صلباً فى جبهة الإنقاذ ولجنتى كتابة الدستور والدفاع عنه. لكنك كما العادة لاتثبت على موقف، تمسك العصا من المنتصف، تتحدث وعين على مغريات السياسة وأخرى تغازل السلطة، فتميع منك المواقف، ومعها تفقد من وزنك وقيمتك مايدفعنا اليوم لإدانتك بدلاً من الاحتفاء بمسيرة بدت فى ساحة السياسة بالوزن الثقيل، لكنك بما فعلت وبما تبقى منك استحلت لاعباً فى وزن الريشة، تضرب تحت الحزام.
أقول هذا بمناسبة مذكرات السيد عمرو موسى "كتابيه" التى قدمت فصولاً منها جريدة الشروق، والتى قال عنها الكاتب الدكتور محمد الباز فى قراءة ضافية فى جريدة "الدستور" السبت أول أمس: "مارس عمرو موسى فى بداية مذكراته محاولة من النصب السياسى، وهى صيغة يجيدها، فالدبلوماسى الشهير يعرف كيف يسوّق نفسه، ويمنح ما يفعله قيمة حتى لو لم تكن فيه من الأساس، وهو ما حرص على أن يفعله فى مذكراته، التى قرر أن تكون مختلفة، فاستعان بمن يحررها ويوثقها، ويضع لها مقدمة تدخل فى باب الخداع العلمى". وربما يقول قائل إن د. محمد الباز غير محايد فى هذا الرأى فهو دائم الكتابة ضد عمرو موسى، فماذا تقول عندما تتهمه الكاتبة مديحة عمارة بسبب هذه المذكرات بأنه "مسيلمة الكذاب" وماذا تقول عندما يذكرنا الكاتب محمد حماد بلقاءه فى قبرص منذ ربع قرن مع عمرو موسى على هامش المؤتمر الأخير لوزراء خارجية دول عدم الانحياز فى حضور السيد فاروق قدومي ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع، ووزير خارجية الأردن، وقبل أن يستقر الشرع على كرسيه بادره موسى: "هات سيجاراً واعط الأستاذ ده سيجار، أنا لسه قايل له بُقين حلوين فيكم ها ينزلوا في مجلة الموقف العربى". إنه رجل متلون كما الحرباء، يكيل بأكثر من مكيال وهو مستعد أن يمشى حاله، فيجتزء أو يتزيد ويمارس عنتريته أحياناً.
حاول عمرو موسى أن يهيل التراب على رأس عبد الناصر، وأنا سأترفع عن مناقشة أكاذيبه وبهتانه، فى صغائر نعرف يقيناً كذبها، وسأذكر لكم أثناء حملة إغتيال ناصر معنوياً أيام السادات، أن كتب صلاح الشاهد كبير أمناء الرئاسة مع ناصر ثم السادات واقعة يستشهد بها على تجبر عبد الناصر و"جليطته" مع رجال الدولة والوزراء الذين رافقوه فى رحلته البحرية إلى تسخالطوبوا بالاتحاد السوفيتى. كان عبد الناصر يتغدى وحده، بينما وزرائه يأكلون على سفح المركب. طلب الشاهد أن ينقل مائدة ناصر إلى جوار مرافقيه، نقل له الأرز والفاصوليا باللحمة وطبق السلطة، ورأى ناصر على المائدة أشكالاً غريبة من الطعام فسأل: قال الشاهد: هذه بيكاتا شامبينيو، جريلد فيل، بروكولى سوب، فواجرا، أورديفر كانيلونى، بريانى، سيمون فيميه، ووو، وثار ناصر قائلاً وزراء عبد الناصر ياكلوا مما يأكل منه شعب مصر ورئيس مصر، هذا هو الرجل الذى قال عنه عمرو موسى أنه كان يرسل ليستورد طعامه من سويسرا، وهذا هو الرجل الذى رأى فيه عمرو موسى أنه تسبب فى كل مشاكل مصر، وأن 5 يونيو لم تكن نكسة، فهى هزيمة ثقيلة جداً، وأنها كانت بداية لطريق طويل انتهى بثورة يناير. وهنا أعجب كيف لايعرف وهو الدارس أن الحرب صورة من صور الصراع السياسى، وأن خسارة معركة لاتعد هزيمة مادامت لم تكسر إرادة الأمة، بدليل أن ناصر هو الذى أقام حائط الصواريخ وأهان العسكرية الإسرائلية فى رأس العش وتدمير إيلات وحرب الاستنزاف، وهو الذى وضع خطتى جرانيت 1&2 التى كسبنا بها حرب أكتوبر. وكيف لايعرف موسى أن ما أدى إلى 25 يناير هو إنقلاب السادات ومبارك على مشروع ناصر فى الاستقلال الوطنى وحولوه لتبعية مقيتة للولايات المتحدة وإسرائيل. إن الإنقلاب على مشروع يوليو الناصرى فى التنمية والتصنيع وعدم الانحياز، والانتقال من العدالة الاجتماعية والاشتراكية إلى آليات السوق والرأسمالية المتوحشة هو ما أدى لثورة يناير، وياله من خلط للأوراق وتعمد التدليس. إنه بهتان عمرو موسى وقربانه الزائف. كيف؟ هذا موضوع مقالنا القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة