الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب السورى بين جحيم بشار ونارالدواعش

طلعت رضوان

2017 / 9 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الشعب السورى بين جحيم بشار ونارالدواعش
طلعت رضوان
هلـّـل الإعلام العروبى لمطلب السعودية برحيل بشار. فهل سيحقق رحيله الأمن والاستقرارللشعب السورى؟ بدأتْ ثورة الشعب السورى فى مارس2011وبعد المذابح والتهجيرطوال سنوات، تــُـصرالأنظمة العربية التابعه لأمريكا على رحيل بشارالأسد ونظامه. وهذا الاصراريستدعى الملاحظات التالية:
الأولى أنّ ثمن الحرية قد يكون الموت من الجيل الثائرمن أجل الأجيال القادمة. وأعتقد أنّ ما فعله الشعب السورى نموذجًا نادرًا فى تاريخ كفاح الشعوب.
الثانية أنّ منظومة حكم الفرد المُطلق أثبتتْ أنها أبشع أنواع الدكتاتورية. فالدكتاتوريتلبسه إيمان (شبيه بالغيبيات) بأنّ هزيمة الشعب مؤكدة، فلماذا يتنازل عن الحكم. وكلما ازداد إصرار الشعب ضده، كلما تصاعد قمع الجماهير، حتى ولوبالإبادة الجماعية كما فعل النظام الليبى واليمنى. ومن داخل هذه الظاهرة تتولد ظاهرتان: الأولى أنه إذا كان المحتل الأجنبى يلجأ إلى الإبادة الجماعية كما فعل كل الغزاة بما فيهم العرب (إبادة الآلاف من الفلاحين المصريين على يد الخليفة المأمون فى ثورة البشموريين– نموذجًا) فلماذا يلجأ الحاكم (الوطنى) إلى ذات أسلوب المحتل الأجنبى؟ الثانية رفض الدكتاتورعروض (الخروج الآمن) رغم مضمونها التدليلى الفاجرلصالح دكتاتورأجرم فى حق شعبه. فلماذا رفضْ هذا العرض (المجانى)؟ ما سرالتمسك بكرسى العرش؟ أتذكرأنه قبل تنازل مبارك الشكلى عن الحكم أطلق شعبنا النكتة التالية: إتحاد مُصنعى الغراء يسأل مبارك (إنت بتستخدم أى نوع من الغرا)؟
الظاهرة الثالثة إذا كان بشارالأسد وزبانيته استباحوا لأنفسهم إبادة (شعبهم) فإنّ الأنظمة العربية اشتركتْ مع النظام السورى بالصمت على هذه الجريمة. وأنا أقول الصمت مُتعمدًا إذْ أنّ خطاب (الشجب) العربى معروف عنه أنه (فاقد الفاعلية) هذا الصمت كشف عورتيْن: الأولى أكذوبة شعارات الوحدة العربية. إنّ (حركة القومية العربية) بدأتْ بما يُسمى (ثورة العرب ضد الحكم العثمانى عام 1916) وأنّ كثيرين من المُتعلمين العرب (خصوصًا من الشام) تبنوا فكرة الدفاع عن الوحدة العربية. وأنّ ساطع الحصرى (كنموذج) كان أحد دعاة الوحدة العربية. وهومن مواليد اليمن ومن أصل سورى وانضم إلى الحركة العربية بهدف (وحدة العرب) وله كتاب بعنوان (القومية العربية) فإذا وصلنا إلى المرحلة الناصرية، فإنّ شعارات القومية العربية والوحدة العربية، كانتْ هى الأسطورة (العربية) التى تحوّلت إلى (دين) تخدّرتْ به شعوب المنطقة بسبب مُتعلميها الكبارالذين أضفتْ عليهم الثقافة السائدة صفة (مثقفين) وهم ليسوا كذلك فهذه الصفة تعنى فى محتواها العلمى أنّ المثقف هوطليعة روحية لشعبه. بينما كان هؤلاء المُتعلمون مجرد أبواق دعاية للبكباشى عبدالناصرالذى تسبّب فى احتلال سيناء والقدس والضفة الغربية والجولان ورغم ذلك استمرتْ ظاهرة عبادته بإعتباره (نبى العروبة) وبسبب هذا الإيمان به قالت الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان إنّ ((الله فى السماء وعبدالناصرفى الأرض)) (نقلا عن رجاء النقاش- أهرام 4، 11يناير2004) وكانت صادقة مع نفسها عندما ساوتْ عبدالناصربالإله والسبب أنّ عبدالناصرقال (إنّ سيناء بكل ما فيها من بترول ومعادن، لاتهمنى بقدرإهتمامى بالضفة الغربية) وقال أيضًا (إنّ القدس أهم من سيناء) (المصدرالسابق)
عورة الوحدة العربية انكشفتْ أكثرمن مرة : الهزائم المُتكررة أمام إسرائيل التى وصفتها الميديا العروبية ب (الدولة المزعومة) مع أنه كلما ارتفع الخطاب العروبى كلما سطتْ إسرائيل على المزيد من الأراضى (العربية) + عورة الحرب العراقية الإيرانية (لمدة 8سنين) رغم أنّ أمريكا هى التى خططتْ لهذه الحرب وذلك بتسليح الجيش العراقى والجيش الإيرانى بآلات القتل والدمار+ احتلال العراق للكويت + اعتماد الكويت على أمريكا والغرب (وليس على العرب) لإنهاء الإحتلال العراقى لأراضيها + تدميرالطيران الإسرائيلى المفاعل النووى العراقى يوم 7 يونيو81 رغم محطة الانذارالمبكرالتى وضعها الأمريكان فى السعودية + أكبرقاعدة أمريكية فى قطر+ تقسيم دولة اليمن إلى شمالى وجنوبى + مباركة تقسيم السودان لصالح الرئيس المؤمن المسلم الذى أصرعلى فرض الشريعة الإسلامية على أهل الجنوب. هذه النماذج (وهى مجرد أمثلة) حدثتْ تحت سعيرشعارات الوحدة العربية. والعرب سعداء بمضغ تلك الشعارات. بل إنّ العروبيين والإسلاميين لم يتوقفوا أما تصريح سيف الإسلام القذافى الذى قال فيه إنّ بريطانيا وافقتْ على تدريب الجيش الليبى فى إطارصفقة تاريخية مع تونى بلير(رئيس وزراء بريطانيا آنذاك) ولم يُمانع سيف الإسلام فى منح قواعد عسكرية لقوات بريطانية وأمريكية قائلا ((إننا نتخلى عن أسلحتنا ومن ثم فنحن نحتاج إلى مظلة دولية لحمايتنا)) وأضاف أنه ((لعب دورًا مهمًا فى التوسط بين أبيه وبريطانيا وأقام علاقات وثيقة مع المخابرات الأمريكية والبريطانية)) (نقلا عن المرحوم أ. سلامة أحمد سلامة- أهرام 12/1/2004) وكيف يُصدّق العقل الحرشعارالوحدة العربية بينما كما ذكرأ. فرحات حسام الدين ((من ينظرإلى خريطة العالم العربى ستقع عيناه على 12نقطة خلاف حدودية قابلة للاشتعال)) (أهرام 9/3/2004)
العورة الثانية هى جامعة الدول العربية التى أنشأتها بريطانيا وباركتها أمريكا. وفى أرشيفى أكثرمن دليل: الأول وثيقة نشرها عراب العروبة الأول (هيكل) فى كتابه (الاتصالات السرية بين العرب وإسرائيل) إذْ نشرنص برقية وردتْ من وزيرالخارجية البريطانى السيرإدوارد جراى إلى المعتمد البريطانى فى مصرهنرى ماكماهون، جاء فيها أنه لابد من تشجيع الحركة العربية ((بكل وسيلة ممكنة. ويمكن لعزيزالمصرى أنْ يبدأ فى تنظيم القوة التى يريدها وتستطيع أنْ تضع تحت تصرفه ألفين جنيه استرلينى. وأنْ يظل على اتصال بكتب القاهرة للمخابرات البريطانية. وتتعهد له بأننا سوف نساعد الحركة القومية العربية بمقدارما يبدومن تأثيرها))
الدليل الثانى: الصراع الذى نشأ بين الدولتيْن الاستعماريتيْن بريطانيا وفرنسا حول من منهما يكون له فضل السبق فى إنشاء جامعة الدول العربية. والتفاصيل كتبها د.عبدالرحمن البيضانى نائب رئيس الجمهورية اليمنية ورئيس وزراء اليمن الأسبق ((أعلن مسترإيدن وزيرالخارجية البريطانى يوم 29/5/1941فى داربلدية لندن أنه يدعوإلى إنشاء جامعة عربية. ووعد بمساعدة هذه الجامعة. وعندئذ أسرع المسيوكاتروالمفوض الفرنسى العام فى سوريا ولبنان فكتب إلى ديجول يقول: إنّ تبنى بريطانيا لقضية الوحدة العربية يجعلها تأخذ زمام المبادرة. لذلك يجدر بفرنسا أنْ تدعوإلى نفس الفكرة وتنقل محورها من بغداد والقاهرة إلى دمشق وبيروت حيث النفوذ الفرنسى. ثم ألقى مسترإيدن خطابًا أمام مجلس العموم البريطانى يوم 24/2/ 42يُلح فيه على إنشاء جامعة عربية)) (أهرام 9/8/2003) الدليل الثالث ماذكره عبدالرحمن الرافعى الذى كتب إنّ ((إنشاء جامعة الدول العربية كان بإيعازمن بريطانيا)) (مصربين ثورة19، 52 مركز النيل للإعلام- مطابع الشروق عام 77 ص53) أما أ.طارق البشرى فقد تناول الموضوع من زاوية مختلفة إذْ ذكرأنّ بريطانيا خططتْ ((لبناء كتلة تـُسيطرعليها وحدها تقوم على أساس دعم الحكومات الاستبدادية فى المنطقة وجمعها من خلال الجامعة العربية)) (الحركة السياسية فى مصر1945- 52دارالشروق عام 83 ص283) وما سعتْ إليه بريطانيا وباركته أمريكا تحقق على أرض الواقع. فتاريخ هذه الجامعة يؤكد أنّ دورها هومساندة الأنظمة العربية ضد شعوبها. والسبب بديهى فكيف تقف ضد الأنظمة التى تـُمول ميزانيتها لصالح الشعوب (رغم أنّ الأنظمة لاتدفع من مالها الخاص) وهكذا وقفتْ الجامعة العربية (تتفرج) على المذابح التى ترتكبها الأنظمة العربية ضد شعوبها. لذلك فأنا لم أكن مغاليًا عندما طالبتُ فى أكثرمن دراسة منشورة بضرورة إلغاء هذا الكيان الوهمى الذى ينطبق عليه تعبيرشعبنا العبقرى الساخرمن أية ظاهرة انتهازية أنها عبارة عن (سبوبة) وذلك عند خلق أى كيان شكلى للاسترزاق.
أما دورأمريكا فبدأ عندما تولتْ المخابرات الأمريكية إنشاء محطة إذاعة فى مصرباسم (صوت العرب) وتم افتتاحها يوم 6يوليو53 أى قبل مرورعام كامل على انقلاب 23يوليو52. فلماذا (صوت العرب) فى مصروليس فى الجزيرة العربية؟ سؤال كان لى شرف طرحه فى كتابى (العسكرفى جبة الشيوخ) الصادرعام 2003وكرّرته فى الطبعة الثانية من كتابى (الثقافة المصرية والأصولية الدينية ولم يتفضل أى عروبى أوإسلامى بالرد على سؤالى حتى الآن. وهل يوم افتتاح (صوت العرب) لم يسبقه تمهيد؟ الإجابة كشف عنها ضابط المخابرات الأمريكى (ويلبرين إيفلاند) فى كتابه (حبال من رمال) إذْ ذكرأنّ كيم روزفلت ضابط المخابرات الأمريكى تعامل منذ عام 1950مع ثلاثة صحفيين مصريين هم محمد حسنين هيكل والأخوين مصطفى وعلى أمين. وأنّ الإدارة الأمريكية هى التى ساعدتْ ((عبدالناصرليكون رجل الساعة)) وأنّ مايلزكوبلابد مؤلف كتاب (لعبة الأمم) قال إنّ (عبدالناصرسيُصبح قريبًا المتكلم باسم القومية العربية) وأنّ المخابرات الأمريكية ((تـُقدّم المساعدات السرية لعبدالناصر)) و(إننا نحن الأمريكان جعلنا من عبدالناصرعملاقـًا))
العورة الأخيرة هى موقف بعض الماركسيين المصريين الذين يُصرون على أنّ النظام السورى ((هوالنظام الوحيد المُقاوم للإحتلال الإسرائيلى لفلسطين)) مشيـًا وراء إيران والحزب اللبنانى الذى سرق اسم (الله) وأدخله فى السياسة ليضحك به على البلهاء. والعورة تتضح من أنّ النظام السورى (المقاوم) لم يُحررأرضه (الجولان) حتى الآن من الاحتلال الإسرائيلى. ومع ذلك يُصرهؤلاء الماركسيون على آرائهم الهزيلة المُضحكة. ورغم التحليلات السياسية التى تذهب إلى أنّ الثورة السورية وراءها تيارإسلامى، فإنّ المذابح اليومية للشعب السورى يجب أنْ تتوقف. ولكن كيف يتحقق ذلك والدم السورى (وقبله الدم الليبى واليمنى) سال مع الإيمان الذى لايتزعزع بالعروبة التى رسّختْ لشعار((بالروح بالدم نفديك يا فلان)) العروبة مع القهرلأنها مع المطلق ضد النسبى. وبالتالى فهى مع الشمولية ضد الخصوصية. ولن تتحقق الحرية لشعوب المنطقة إلاّعبرالتخلص من العروبة التى مسختْ الشخصية القومية لشعوب المنطقة، وعودة الإيمان بالخصوصية القومية لكل شعب. فهل يقبل العروبيون والإسلاميون التحدى إذا كانوا (بالفعل وليس بالقول) يتأثرون بمشاهد الدم (العربى) المُسال تحت سنابك (الوحدة العربية)؟ والأخطرمن كل ذلك: لماذا اصرارالسعوديه وأمريكا والغرب على رحيل بشارالأسد؟ وإذا رحل بشار، فمن سيحكم سوريا؟ وهل الدواعش أرحم من بشار؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مدرسة تغيب العقول لها أكثر من طريقة
Amir Baky ( 2017 / 9 / 20 - 17:41 )
الدكتاتور يحتاج لرجل الدين . ولكن لو رجل الدين سعى أن يكون حاكما تكون المشكلة. فبدون الحرامى لا قيمة للشرطى الذى يمارس سياسة. لو أنتهت مدرسة الإسلام السياسي سينتهى تلقائيا مدرسة حكم الفرد. و العكس صحيح. فما حدث فى سورية و مصر و تونس أن رجال العسكر شجعوا الحركات الرادكالية لتحكم و أتحدوا لمحاربة كل من ثار ضد فساد حكم الفرد. الآن نجحوا معا فى أن يقدموا لشعوب المنطقة أن الخيارات المتاحة هى دكتاتورية حكم الفرد أو الفاشية الدينية و المفاضلة لمن هو أقل خطورة.
العجيب أن التابعين السذج لرجال العسكر و رجال الحركات الراديكالية مصدقين أنه يوجد صراع جوهرى بين قادة الطرفان. هؤلاء التابعين هم مجرد وقود لتمثيلية جوهرها أن لا يكون هناك حكم مدنى يكسح تجار الدين و تجار الوطنية من على الساحة السياسية . كلا المدرستان لا يريدان أن تذوق شعوب المنطقة معنى الحرية و معنى الحكم المدنى و معنى أن الحاكم مجرد موظف لدى الشعب ليس حوله هالة قداسة وطنية و لا هالة قداسة دينية و الحاكم تحت المسائلة. صراع البشير مع الترابى كانت نهايتة أن طبق الرجل العسكرى الشريعة و تحدث بلسان تاجر الدين بعد التفرد بالحكم .

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س