الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية الحرية الاقتصادية

صبحى إبراهيم مقار
(Sobhi Ibrahim Makkar)

2017 / 9 / 20
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تعتبر الحرية أهم ما يحتاجه الفرد لينطلق ويبدع ويطور المجتمع الذى يعيش فيه، حيث تعرف الحرية بأنها "إمكانية وقدرة الفرد على اتخاذ القرار دون وجود أى شرط أو إجبار أو ضغط خارجي" بمعنى التحرر من القيود المادية والمعنوية التى تحجم طاقات الفرد. ويقصد بمفهوم الحرية الاقتصادية "حرية إنتاج وتجارة واستهلاك السلع والخدمات المختلفة دون استعمال القوة والاحتيال والسرقة"، حيث تشمل الحرية الاقتصادية كل من سيادة القانون، حماية حقوق الملكية الخاصة للأصول، توفير مجالات لحرية الاختيار الاقتصادي للأفراد، تعزيز روح المبادرة والإبداع، انفتاح الأسواق.
وبهدف دعم الحرية الاقتصادية، تصدر مؤسسة (Heritage Foundation) منذ عام 1995 بالتعاون مع صحيفة (Wall Street) التقرير السنوي للحرية الاقتصادية فى دول العالم، حيث يوضح مؤشر الحرية الاقتصادية مدى الارتباط بين الحرية الاقتصادية وتحقيق رفاهية الشعوب، كما يعطي صورة عامة لمناخ الاستثمار في كل دولة من خلال الأخذ في الاعتبار التطورات المتعلقة بالعوائق الإدارية والتجارية، مدى سيادة القانون، قوانين العمالة. وقد زادت أهمية المؤشر بصفة أساسية بالنسبة للمستثمرين ومتخذي القرار من ناحية إيجاد انطباع ايجابي عن الدولة من خلال دعم عمليات ترويج الاستثمار الهادفة لجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويقيس المؤشر مدى الحرية الاقتصادية التي تتمتع بها الدول من خلال أربعة معايير رئيسية تشمل 12 معيار فرعى للحريات الاقتصادية كما يلي:
1- سيادة القانون (الفعالية القضائية، مدى احترام حقوق الملكية الخاصة، النزاهة الحكومية).
2- الحرية المالية (الصحة المالية، الإنفاق الحكومي، الأعباء الضريبية).
3- الكفاءة التنظيمية (حرية ممارسة الأعمال، حرية العمل، الحرية النقدية).
4- انفتاح الأسواق (حرية التجارة، حرية الاستثمار، حرية التمويل).
ويحسب مؤشر الحرية الاقتصادية كمتوسط لهذه المؤشرات الفرعية، وتدل قيمة المؤشر (80 - 100) على حرية اقتصادية كاملة، القيمة (70 – 79.9) تدل على حرية اقتصادية شبه كاملة، القيمة (60 - 69.9) تدل على حرية اقتصادية متوسطة، القيمة (50-59.9) تدل على ضعف الحرية الاقتصادية. أما إذا كانت قيمة المؤشر أقل من 50، فيدل ذلك على ضحالة الحرية الاقتصادية (دول قمعية). ويلاحظ أن الدول التى شهدت فى السابق طفرات تنموية، تحصل على درجات عالية فى مؤشر الحرية الاقتصادية، حيث يؤكد التقرير على العلاقة المتلازمة بين درجة الحرية الاقتصادية والتنمية، فكلما زادت الحرية الاقتصادية داخل الدولة، كلما زادت معدلات النمو التى تحققها هذه الدولة.
ووفقاً لمؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2017، والذي يحلل السياسات الاقتصادية لـ 186 دولة، نجد حدوث انخفاض فى قيمة مؤشر الحرية الاقتصادية لمصر ليصل إلى 52.6 عام 2017 لتأتى فى المركز 144 مقارنة بـ 55.2 والمركز 124 عام 2015، 56 والمركز 125 عام 2016 لتظل في نطاق الشريحة (50 – 59.9) التي تدل على ضعف الحرية الاقتصادية. وبالمقارنة بتقرير عام 2016، يلاحظ تراجع مصر فى عدد من المؤشرات الفرعية مثل النزاهة، الفعالية القضائية، الإنفاق الحكومى، حرية ممارسة الأعمال، حرية التجارة، وتقدمها فى عدد من المؤشرات الفرعية الأخرى مثل حقوق الملكية الخاصة، الحرية النقدية، بينما حصلت على نفس التقييم فى مؤشرات حرية التمويل وحرية الاستثمار.
وقد أكد التقرير على أن هذا التراجع فى ترتيب مصر كان متوقعاً فى ظل الظروف الاقتصادية بالغة الصعوبة التى مرت بها خلال عام 2016، حيث يركز التقرير فى المقام الأول على قياس مدى قدرة الأنظمة السياسية والاقتصادية على دعم وتحفيز المستثمرين على تنفيذ مشروعاتهم. وقد تأثرت قدرة الحكومة المصرية فى تنفيذ ذلك الأمر نتيجة لكل من نقص العملات الأجنبية، ضعف القدرات المؤسسية، معارضة البعض للإصلاح الاقتصادى. وقد أشاد التقرير بسياسات مصر نحو تخفيض دعم الوقود، ومن المتوقع أن يتحسن ترتيب مصر تحسناً ملحوظاً العام المقبل فى مؤشر الحرية الاقتصادية مع استمرار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى والسياسات الحكومية لحل جميع المشكلات التى تواجه الاقتصاد المصرى، وخاصة المشكلات التى تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وعلى الرغم من كل المعوقات التى شهدتها مصر خلال عام 2016، إلا أن الحكومة المصرية تسعى بكل عزم وحماس إلى تحسين بيئة الأعمال وتحفيز حركة الاستثمار وخلق المزيد من فرص العمل والمضى قدماً فى الإصلاحات المالية مما قد يؤدى إلى زيادة ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى.
ونخلص مما سبق إلى ضرورة التأكيد على حقيقتين هامتين هما أن تطور الحرية الاقتصادية يعتبر أحد أهم العوامل فى عالم الأعمال والتجارة الذى يتسم بالعولمة وسرعة التغيير والتطور إلى الأفضل، وأن تكريس مبدأ "سيادة القانون" يعتبر بمثابة البنية التحتية اللازمة لزيادة الحرية الاقتصادية. ولذلك، يجب علينا زيادة الجهود اللازمة لبناء اقتصاد منفتح على أسس تشريعية متكاملة، والسعي نحو تحقيق نمو مستدام من خلال سياسات مالية واقتصادية قوية ومرنة لتحقيق اقتصاد متنوع تحكمه القوانين ويدار بشفافية وبكفاءة مما يوفر أفضل الأجواء لممارسة الأعمال لجميع الشركات المحلية والأجنبية التي تسعى إلى الاستفادة من كبر حجم السوق المصرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط