الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((الحرب الباردة)).. تعود إلى مسرح السياسة الدولية من جديد!! (2) ولادة عالم متعدد الأقطاب!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لكن سقوط الاتحاد السوفيتي المأساوي ونهاية تلك (الحرب الباردة) لم ينهيا جميع مفاعيلها الكارثية على العالم، وعلى بلدان العرب والمسلمين بشكل خاص!.
فقد استمرت تلك المفاعيل بالتداعي والاستمرار في منطقتنا إلى يوم الناس هذا، وكأن "الحرب الباردة" قد غادرت جميع بقاع الأرض واستوطنت منطقتنا العربية وحدها وإلى الأبد، على المستويين الإقليمي بين بعض العرب وبعض جيرانهم، وعلى المستوى العربي العربي بعد تحول معظم البلدان العربية إلى خنادق متقابلة ومتصارعة داخلياً ومع بعضها البعض، والتي تحولت إلى "حروب ساخنة" في أغلب هذه الساحات العربية!!

وهاهي "الحرب الباردة " تطل برأسها عالمياً من جديد، منطلقة من منطقتنا العربية بالذات ومن سورية بالتحديد، وبين قطبيها القديمين روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي السابق ومعها بعض القوى الناشئة، والولايات المتحدة قائدة الإمبريالية العالمية ومعها أتباعها وأذنابها الأزليين في المنطقة العربية والعالم!.
****
لقد تحولت أفغانستان ـ على إثر دخول السوفيت إليها عام 1979 ـ إلى (بؤرة للجهاد!) وصُنّعت في (بودقتها الجهادية!) أكثر التنظيمات الجهادية المعروفة، كتنظيمات القاعدة ثم طالبان، وجهاديين بأنواع واجتهادات وأسماء مختلفة من أمثال بن لادن والمقدسي وملا عمر محمد..........الخ ثم تفرع عنهم ما عرف في حينها بــ "العرب الأفغان"، ثم ولد من رحمهم ـ فيما بعد ـ داعش والنصرة وبوكو حرام وكل المسميات الأخرى، كذرية "بعضها من بعض" والتي ولدت جميعها من نفس رحم تلك "الحرب الباردة"!! .
وهكذا استمرت مفاعيل "الحرب الباردة" في بلادنا واستوطنتها، وتحولت أفغانستان التي كانت في الأصل فصلاً من فصول تلك "الحرب الباردة" بين (القوتين الأعظم) في العالم، إلى بؤرة للخراب والدمار والتفتيت والتمزيق للعالمين العربي والإسلامي!!

فقد عاد أولئك "العرب الأفغان" إلى بلدانهم الأصلية لــ "يجاهدوا!" في ربوعها، بعد عودتهم ظافرين من "جهادهم الأكبر!" في أفغانستان.. فقلبوا بعد عودتهم حياة هذه المنطقة وسكانها رأساً على عقب:
قلبوا أفكارها ومفاهيمها وقيمها وأزيائها وحتى سحنات مواطنيها بنسبة180 % درجة، ومن ثم انقلبت حياة مجتمعاتها اليومية بأفعالهم وصراعاتهم وجهادهم الدموي المزعوم.. فغاب ـ منذ ذلك التاريخ ـ عن منطقتنا الهدوء والراحة والسلام الاجتماعي الذي كان سائداً، وتحولت بلداننا إلى ساحات لحروب جاهلية ظلامية مفتوحة لكل الاحتمالات!.
حروب ابتدأت في أفغانستان واستوطنتها، ثم مصر ثمانينات وتسعينات القرن الماضي الدموية، ثم انتقلت إلى الجزائر التي عاشت "عشريتها السوداء" ثم الصومال ثم ثم ثم، وصولاً إلى العراق وسورية وليبيا واليمن..........الخ
.


فقد هيمنت فكرة "الفريضة الغائبة" ـ أي فريضة الجهاد ـ على عقول كثير من الشباب وسحرتهم، وبرزت إلى الوجود بفعلها تنظيمات جهادية كثيرة، كتنظيم "التكفير والهجرة" في مصر والجماعات المقاتلة في كل من الجزائر وليبيا والصومال وغيرها بأسماء ومسميات مختلفة!.
وقد تبلورت هذه الفكرة الحجرية ـ فكرة الفريضة الغائبة ـ فيما بعد بصيغ أكثر تشدداً وتطرفاً ودموية.. تبلورت بتنظيم القاعدة ثم طالبان في أفغانستان أولاً، ثم بعشرات وربما مئات الأسماء الأخرى كبوكو حرام والنصرة وجيش محمد وجيش الإسلام.........الخ.. ثم كانت ولادتها الكبرى بـــداعـــــــش، التي أشعلت الحرائق في العراق ـ بعد غزوه واحتلاله أمريكياً ـ وفي سورية وليبيا واليمن ومصر من جديد، ومناطق أخر كثيرة في عالمنا الإسلامي الكبير!.
****
لقد اقتضت ولادة داعش "تحالفاً دولياً" ـ هكذا صوروا الأمر ـ لمحاربتها.. فأعاد هذا "التحالف الدولي" احتلال منطقتنا العربية بكاملها من جديد تقريباً بدلاً من أن يقضي على داعش ويجتث خطرها وأخطارها الداهمة للجميع ـ وهذه النتيجة هي التي تؤكد بأنها جميعاً كانت أدوات صهيوأمريكية ـ ويجتث معها مئات العناوين الإرهابية الأخرى التي تذيل جميعها ذيلها الطويل بكنية "إسلامية!" وتقودها مئات الأسماء التي تتوالد تباعاً منذ تسعينات القرن الماضي إلى اليوم أمثال بن لادن والخليفة محمد عمر والمقدسي والضواهري والجولاني وأولاد علوش وأبو عمر البغدادي، وآخر خلفائهم أبو بكر البغدادي.........الخ .. وجميعها وجميعهم ينتمون إلى ما يعرف بــ "السلفية الجهادية" !!

إن هذه السلسلة الطويلة من المسميات التنظيمية والتسميات الشخصية الإسلاموية، هي سلسلة مترابطة ولد بعضها من بعض، وولدت جميعها في الأصل من صلب وترائب ورحم تلك " الحرب الباردة " التي كانت مشتعلة بين القطبين الكبيرين أنذك!.
فقد ولدت جميع هذه الأسماء والمسميات والشخصيات لتؤدي مهمات وأدوار تخدم بها ـ تعلم هذا أو لا تعلمه ـ واحداً من ذنيك القطبين الكبيرين، وهو الولايات المتحدة وحدها!.
وقد أدت تلك التنظيمات الجهادية أدوارها في خدمة الولايات المتحدة والإمبريالية العالمية بكل كفائة واقتدار، وساهمت مساهمة فعالة بإسقاط الاتحاد السوفيتي السابق، وجعلت الولايات المتحدة تنفرد بشؤون العالم وتتربع على عرشه لبرهة من الزمن.. واستطاعت الولايات المتحدة بواسطتهم هئولاء الجهاديين ـ يعلمون هذا أو لا يعلمونه ـ أن توصل العرب والمسلمين لكل ما هم فيه اليوم من حروب وكوارث ودمار وتخلف.. أصبح بفضلهم مستديماً!!
وهذه النتائج الكارثية التي تمخضت عن ولادة هذه التنظيمات والأسماء الجهادية، والفوائد التي جنتها الولايات المتحدة و "إسرائيل" منها، هي التي تجعل منها أدوات أمريكية وصهيونية، سواء بالحقيقة أو بالنوايا أو بهذه النتائج الكارثية الحالية نفسها!.
****
في نهاية ثمانينات وبداية تسعينات القرن العشرين الماضي، سقط الاتحاد السوفيتي وانتهى عصر ((الحرب الباردة)) وأُسقط معه نظام القطبين، وانفردت الولايات الأمريكية المتحدة بشؤون العالم وأصبح كلما فيه من دول ومنظمات وهيئات دولية تابعاً لها بشكل من الأشكال، بما فيها دول الاتحاد السوفيتي السابق نفسه وحتى روسيا الاتحادية نفسها في عهد يلستين!.
لكن خليفة يلستين فلاديمير بوتين استطاع أن يوقف تداعي روسيا، ويعيد إليها بعضاً من قوتها ودورها على المسرح الدولي، خصوصاً بعد إعادته جزيرة القرم إلى أحضان روسيا، وتدخله الفعال في سورية لمحاربة الإرهاب.. فتغيرت نتيجة لهذا التدخل الفعال موازين القوى على الأرض وفي المنطقة، وفرضت وضعاً إقليمياً ودولياً جديداً ينبأ بعودة "الحرب الباردة" إلى العالم من جديد، بصيغة أو صيغ وقوى مختلفة عن مثيلتها في القرن الماضي!!
وتبدو أن استعادة روسيا الاتحادية لقوتها وبعضاً من دورها الدولي، واستعادتها لــ جــزيــرة الــقــرم وتدخلها الفعال ضد الإرهاب في سورية، قد أعادا الحرب الباردة بينها وبين الولايات المتحدة إلى ما يشبه عهدها السابق!.

لكن هذه الحرب الباردة الجديدة سوف لن تُحْيي أو تعيد الحياة إلى نظام القطبين، الذي كان سائداً إلى الوجود ثانية، رغم أن روسيا تمكنت ـ في هذا الوقت بالذات ـ من كسر نظام القطب الواحد الذي ساد العالم لبرهة من الزمن.. وربما ستتمكن في النهاية مع غيرها من الدول الكبرى الجديدة من جعله نظاماً متعدد الأقطاب، بعد أن أصبح (التفرد الأمريكي) بشؤون العالم، شيء من الماضي فعلياً!!
وستكون روسيا هي طليعة القوى التي سيتشكل منها نظام تعدد الأقطاب الذي سيسود العالم لاحقاً بكل تأكيد، وستكون الصين القطب الآخر الأقوى في هذا النظام القطبي الجديد، تليها قوى إقليمية كبيرة في أميركا اللاتينية كالبرازيل والهند في آسيا وربما اليابان أيضاً.. وستكون هناك أقطاب إقليمية آسيوية صغيرة في هذا النظام القطبي الجديد تلعب أدواراً جوهرية فيه، كإيران مثلاً إذا ما واصلت صعودها العلمي والسياسي والتكنولوجي الحالي وبنفس الوتيرة الحالية.. وستكون تركيا في ذيل قائمة هذا النظام القطبي وربما كوريا الشمالية أيضاً، وكذلك قوى مشابهة في أميركا الجنوبية.. فبالإضافة إلى البرازيل هناك الأنظمة والقوى اليسارية الناهضة في القارة ـ رغم انتكاستها الوقتية الحالية ـ إذا ما استطاعت أن تتجمع وتنتظم في إطار نظام مؤسسي راسخ، يجعل منها قوة فعالة ومؤثرة في شؤون العالم!!
فما هو أو من هو من العرب سيكون قطباً مؤثراً في هذا النظام القطبي الجديد؟؟

[email protected]
[يــــــــــــــــــــتــــــــــــــــــــــــبــــــــــــــــــــع]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن