الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة نقدية في ثقافتنا العربية المعاصرة ..!

شاكر فريد حسن

2017 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



لا يخفى على احد أن ثقافتنا العربية المعاصرة بعامة تعاني أزمة كبرى ، تتجلى في عدم قدرتها على المنافسة مع الثقافات الكونية الأخرى ، ولا يوجد منهج نقدي عربي ، ولا فلسفة عربية نقدية في راهننا .

وتتجسد الأزمة الثقافية العربية في وجود عدة ثقافات عربية تتصادم ولا تتحاور في ما بينها ، فهنالك ثقافة نخبوية منعزلة ، وثقافة اصولية تكفيرية وسلفية متحجرة ضد أي تغيير نوعي وجذري في المجتمع ، وثقافة شعبية تميل للخرافة والايمان بالشعوذات والاساطير .

وللأزمة الثقافية العربية الحالية جذور تاريخية اجتماعية معرفية سلوكية ومنهجية ، وهي تعبير وتجسيد وانعكاس حقيقي للأزمة العامة التي تعيشها مجتمعاتنا العربية على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، في ظل الفساد السياسي وغياب الحريات والديمقراطية ، ونتاج لمجموعة من السياسات المعادية للمصالح الشعبية وللحريات العامة .

انها أخلاق سعار الثقافة الاستهلاكية التجارية السطحية التي سيطرت على الساحة العامة ، ودفعت بالثقافة النقدية الديمقراطية الى الهامش ، وبالتالي دفعت ما تبقى من مثقفين عرب نقديين وعقلانيين ومستنيرين ، بعد رحيل الغالبية منهم ، وخيانة عدد منهم لمبادئهم وفكرهم ، الى العزلة او النخبوية ، انطلاقا

من مقولة الراحل احمد حسين " انزواء الشرفاء" .

لا بد من ان نحسم القضايا المصيرية ، وأولها قضية التنوير في مواجهة الخرافة واللامعقول وثقافة التقليد والانبهار بالثقافة السائدة المسيطرة ، ثقافة الزيف والدجل والاستهلاك والمظاهر البراقة ..!

ان الثقافة العربية الكبرى التي شهدتها عصور النهضة الحديثة هي موئل ثقافات شتى ، وملتقى ألوان مدنية وحضرية ، ومصهر ابداعات .

وهذا المصهر الابداعي شكل بصورة وأخرى اداءً انسانياً ، تهذيبياً ، تحضيرياً ، ومعرفياً للانسان العربي في القرن الأخير .

لا يمكن للثقافة العربية أن تتطور وتزدهر وتبسق وتخضر من جديد بدون توفر الحرية العقلية ، أساس كل الحريات القائمة ، وبدون تفتح وانفتاح العقل العربي على النقد والتجاوب التعارفي التثاقفي مع التراث الانساني والثقافات الأخرى ، وبدون الاسئلة الأنجع التي تخترق الممنوعات والمحرمات والجزر المغلقة وكل التابوات ، وبدون تطوير المنظور والمنهج النقدي المادي لكل تراثنا العربي الاسلامي .

وفي نظري ، ان ثقافتنا أمام خيارين لا ثالث لهما ، اما ان تخدم الثقافة والحضارة والمعاصرة وفكر التجديد والنهضة ، فتسمو بهم الى فضاء المعرفة ، واما ان تستخدمهم لاغراض آنية فتهبط معهم الى ما دون العصر وآفاقه الرحبة .

وبين هذا الخيار وذاك تتحدد السياسة الثقافية الراهنة ، فاما أن تكون متنورة عقلانية ونقدية حقاً ، أو ظلامية ولو من وراء " حجاب الأنوار " تقودنا الى الظلام والجحيم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف