الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-لا للحرب!- ام -لا للحرب على كردستان-؟!

فارس محمود

2017 / 9 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هناك اصوات ليست بقليلة، ومنها اصوات تعتبر نفسها اشتراكية وشيوعية، تتحدث معلنة رفضها وشجبها لـ"قرع طبول الحرب" المرافقة لقضية الاستفتاء في كردستان العراق، متهيبة من الاوضاع وما تقود اليه من "حرب تحرق الاخضر واليابس"، اصوات داعية للسلام و"عدم تعريض المنطقة لمخاطر الحروب والقتل" والخ. ان ابعاد اي عنف عن المجتمع هو امر مبعث تاييد ومساندة الاغلبية الساحقة من المجتمع التي هي من تدفع ثمن مثل هذه الاوضاع. ان قلق هذه الاصوات هو امر مفهوم وفي احيان كثيرة مبعث تعاطف. بيد ان هذا هو نصف اللوحة، نصف الصورة، نصف الحقيقة. بيد ان الامر يقتضي الحديث عن الصورة والحقيقة كاملتين دون ترك ادنى مجال للبس. حقيقة هادفة تدفع بالمجتمع الانساني للامام.
ان هذا التصوير والوقوف هو وسطي. تعرض هذه الاصوات الامر كدرءا للحرب والاقتتال واراقة الدماء، ولكنهم يضعون للاسف، بوعي او دون وعي، جميع الاطراف في سلة واحدة. يضعون المعتدي والمعتدى عليه في سلة واحدة. يضعون صاحب الحق مع رافض الحق والممانع له في سلة واحدة دون تمييز. لايمكن ان تتحدث عن "يجب الوقوف ضد الحرب" وتضع نفسك فوق الجميع، كقاضي فوق الاطراف، كمنزه يتحلى بـ"حكمة" غير حقيقية وكاذبة فوقها.
ان كانت ثمة رسالة على كل ساعي من اجل عالم خال من الحروب والمصائب والويلات ان يبعثها هو ان يمسك بخناق داعية الحرب. ان يقول لامثال عصائب اهل الحق والحشد الشعبي وايران وتركيا و.... ليس من حقكم ان تهددوا احد! ان جماهير كردستان، ملايين الناس عاشو معنا في جغرافية واحدة وتحت سقف واحد لقرن كامل يريدون الانفصال عنا، لايريدون ان يعيشوا تحت سقف واحد معنا، ان هذا حقهم. ولكن ما ليس لاحد حق هو ان يهدد ويقرع طبول الحرب. ينبغي التمييز مابين الطرفين، وان كانت هناك حراب نقد، ان كان المرء امينا لمبادئه الانسانية، يجب ان توجه لامثال العامري والخزعلي وايران والخ.
ان موقف ما فوق "المواقف" والقوى الواقعية الحية لايعني عدم التحيز. يعني التحيز لمن يهدد ويرعد ويزبد بالضد من داعية الحق. يجب ابلاغه رسالة صريحة وواضحة: "ليس من حقك ان تتطاول على ارادة مليونية! قف مكانك ولاتتمادى! لايحق لك العبث بامان المجتمع، لايحق لك ان تعرض حياة احد للخطر"!ان مطلب "لا للحرب واراقة الدماء" مخادع لانه يوجه النداء ضمنا لجماهير كردستان بالكف عن مطلبهم العادل هذا، بيد ان المطلب الانساني والتقدمي الحقيقي هو "لا للحرب على كردستان"، "لا لتعريض امن جماهير كردستان للخطر"!.
ان الموقف الليبرالي هذا، يبدو كموقف خارج اطراف الصراع، موقف المترفع عن الصراع والاكتفاء بالوعظ بعبارات انسانية عامة هو موقف غير انساني من الاساس، ناهيك عن شيوعي. ان هذا الموقف لايمكن ان يكون انسانيا ولاشيوعيا. انه كمن يقول للعمال لاتقوموا باضراب او اعتصام من اجل زيادة اجور او تحسين ظروف عمل او... لانه يؤدي الى تدخل الشرطة، والى اطلاق نار، وسقوط ضحايا! او ذلك الذي يعظ النساء بان لايقفن ولايتظاهرن ضد جرائم قتل الشرف والقوانين الرجعية، من اسلامية وغير اسلامية، قد يستفحل الامر ويبلغ اعتداءات وقتل. وكذلك الحال مع دعاة حرية الراي والتعبير. ليست هذه بنصيحة مخلصة للعمال والنساء ولا لدعاة حرية الراي والتعبير. انه عمليا يصب الماء في طاحونة اطلاق المتغطرس لغطرسته. لايمكن ان يكون الموقف الانساني موقفاً غير متحيزاً.
ان العنف هو عنف الطبقات الحاكمة وقواها. يجب ان توجه نصال الحراب لهذه القوى وليس لدعاة الحق. ان جماهير كردستان والعمال والنساء ودعاة حرية التعبير هم تحت نيران عنجهية الاخرين وغطرستهم، وهم ضحايا هذه الغطرسة، وهم من يدفعوا ثمنها من حياتهم ومعيشتهم ومستقبل اطفالهم. الاولى هو اخراس المعتدي وسل تهديد اسلحته، لاتوجيه مثل هذه النصائح الليبرالية المخادعة والمضللة للجميع، على العموم!
لو سمعت البشرية على امتداد تاريخها لمثل هذه النصائح، لما تحررت "امة"، ولما تحسنت اوضاع العمال، ولما انتزعت النساء لحقوقها ولا لكان للراي والتعبير مكان في حاضرنا. للاسف ان حياة افضل للبشرية كان في جزءه الاغلب وعلى امتداد التاريخ مر عبر العنف والعنف الدموي، عنف مقاومة وممانعة الطبقات و"الامم" السائدة والحاكمة للحقوق والحريات! على البشرية التقدمية ان تحطم رؤوس حرابهم هذه.
ان كان ثمة سبيل لابعاد العنف عن المجتمع فهو واحد. حشد القوى المليونية وتنظيم الصفوف وارساء حركة جماهيرية عامة ضد تطاول المعتدين على المعتدى عليهم. يجب الوقوف بوجهها والتصدي لها وثنيها عن محاولاتها القمعية هذه. يجب ان تصم اذانه نداء ودعوة جماهير مليونية في مناطق العراق تقول له بالحرف الواحد: ان ابناءنا ليسوا زاد حربك، وجماهير كردستان وامنهم خط احمر.
شخصياً، ارى الامر كالتالي، تهديدات ايران وتركيا وغيرها من دول اقليمية لاتتعدى حرب نفسية، حرب ارعاب وتخويف، حرب سعي لثني جماهير كردستان عن مضيها صوب اقامة استفتائها، لا اكثر. ليس الامر بهكذا سهولة، الاوضاع معقدة ومتشابكة امام التدخلات العسكرية. ليس بوسع تركيا او ايران ان يتدخلا عسكريا. موازين القوى العالمية وتشابكات الصراعات العالمية لاتسمح بذلك. ان كانت التهديدات تهديدات الحشد الشعبي والعامري والخزعلي، يجب ان تفرض عليهم الجماهير التحررية في العراق التراجع والنكوص، مرة وللابد.
ولكن وللاسف، وما لايبشر بالخير، هو وقوف الاغلبية الساحقة من الناطقين بالعربية، ومنهم اناس يساريون وشيوعيون، بوجه هذا الحق المسلم به باشكال مختلفة واحيانا بتبريرات فكرية ونظرية!!. كتب احدهم عبارة مشهورة في صفحته في الفيسبوك، "ليس للكرد صديق سوى الجبل"! جماهير كردستان هم بشر مثلنا، اناس مثلي ومثلك لهم احاسيس ومشاعر واماني واحلام، مثلنا يتطلعون للحرية والسعادة والرفاه وعالم افضل، يشتركون معنا بانسانيتنا، فلماذا ليس لهم سوى الحجر صديق؟! كيف تقبل انسانيتنا هذا؟! انها الشوفينية العربية - الاسلامية المقيتة، لا اكثر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن