الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صرخة واكثر..حب وثورة..

فيصل طه

2017 / 9 / 25
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


صرخة واكثر..حب وثورة..
(جولة اولية في باكورة الانتاج الادبي للكاتبة الهام بلان دعبول" انا لا احبك انت")
تتجلّى المشاعر نصّاً رقيقاً عفوياً واضحاً صادقاً يرتقي النصُ فكرًا صارخاً ثائراً عاشقاً كاشفاً فاضحاً جريئًا رافضًا للقيود الذكورية، ويبثُ الضوءَ الى كل المساحات الكونية قاهرًا الظلمةَ والظلمَ.
أديبتنا وفي باكورة أعمالها الفنية "لا أحبكَ أنتَ" تعشقُ الحياةَ والعدلَ والفرحَ والحريةَ وكسرِ القيودِ وتجاوزِ الحدود. فالأنثى عرسُ فرحٍ.. أنثى بلا حدود.. ليست معجونةٌ تُشكّلها كما تهوى بين يديك.. "عُد الى طفولتك البريئة التي لا تعي أبدا أنها مجرد معجونة".
الأنثى هي أنثى هذا العالم ، هذا الكون ، أنثى هذا الوطن، كنعانية جليلية من قانا، تُنادي ملكاً جليلياً حاملاً قناديلَه ليضيء الحُبَ في نفوس نسائها، وتخص الكاتبةُ نفسَها وباعتزاز بانها "ابنة أبيها الذي علّمها كيف يزهو اكليل الزهر على رأسها ،وكيف تصبو عيناها باتجاه مفاتن الكون وكيف تمر فوق أزماتها كسحابة مطر، وعلّمها ان تمضي برقصتها الى ان يُلامسَ قلبُها النجوم، وكيف تستيقظ بابتسامتها الجذابة".
الهام امرأة متجذرة وملتحمة بالأرض والطبيعة، تنطلق منهما الى الفضاء والآفاق لتعودَ إليه حُباً وشوقاً مُخاطبةً نفسَها وفتاةَ شعبِها. "كُوني رسالةَ وطن. كوني عاشقة.. كوني الوطن.. كوني امرأة في أحشائها حياةٌ ونور، آملة بغدٍ أفضل، رغم الصعاب، وآلام لاجئ يُصارع بحرَ الموتِ وفقدانَ وطنٍ أخضر"
تتمسك بالحب، بحب الكون وبكل أحماله وأبعاده من تراب وحجر وطير وشجر وهواء وماء ونجوم وعتمة ونور، بحب الانسان الانسان، فتترقرق حبيباتُ الحبِ شعرا منثورا باجمل الصور

فأجمل اللحظات عندها ،وببساطة متناهية هي "ان يقطف لها رفيقُ الدربِ وردةً جوريةً معطرة من حديقة البيت.. " ولحظاتٍ مسائية حين "تنقشع همومُك على كتفي"،" حين يختمر الفرح"، و"حين أرتشف قهوتَك"، "وإذا طَرَق الحبُ قلبَك، دعه يمرّ".. واسمح له بالانسياب نحو جميع خلاياك، دعه يغمرك بعطره، تعمّد به، هو من يصنع معجزة الفرح.. الفرح الدائم".
"حين يلتهب قلبُها شوقاً تلتحفُ السماءَ تراقبُ النجومَ تُسامرُ القمرَ تسدلُ جفنتيها"، محلقة باحثةً عن عشقها ،عن الحبيب ، عن نفسها ،عن كلمة "يسحرُها بها "رجل بعد مضي عشرين سنة زواج يهمس بأذن زوجته: "أحبكِ".
وعندما تفقد المراةُ الحبَ، تُصبحُ امرأةً عاديةً تغسل الصحون وتبسط الفراش وتنشر الثياب وتضبط عقارب الساعة...
تعترف بجرأة وببساطة عميقة بأنها لا تُحبُكَ أنتَ.. بل "أحبُ فكرتي التي كوّنتُها عنكَ"، وبهذا تطرح رؤية فلسفية لماهية الحبِ تُجرّده من صورته العفوية السطحية الملساء الهامدة وتُلبسُه صورةً بنائية مُركّبة فعّالة تم تكوينها في ذهن المُحب اتجاه المحبوب. هذا التكوين كأي صناعة يحتاج الى عمليات تفكيك وبناء متتالية ومُتجددة دوماً والى عملية "طحن وعجن" تقول: "طحنتُ هيكلَكَ المُتهشمَ لا لظاهرة طبيعية، بل لصناعة ذكورية ثم عجنتُكَ بماء كنعانية جوفية لم تطلها الأيدي المُلوّثة وسكبُ النبيذ المُعتّق".
انها تحبه كما تريد، هي وليس كما يريد هو، بل تُنقّيه وتُطهّرُه وتحرّرُه من ذئبيّتِهِ الذكورية الهوجاء، وعندما تحب تحب بكل كيانها "أحبكَ حتى عندما ينعدم النبضُ في عروقي". وتلوم نفسَها "كم كانت امرأةً ساذجة، غبية، عندما تمنّت ان يُحبَها مَن احبته وأودعت سعادتَها بين قبضته. اجتهدت ان تكون كما يريد.. اختنقت لأن تكون جميلةً، ذكية، طيبة، سعيدة"، والآن ادركت وصرخت "أصبحت المرأةَ التي اريد.. أريدها انا".
هنا وبوعي حاد، تُوجّه الأديبة رسالة صارخة للفتيات " كوني انت ..وابحري بخطىً واثقةٍ ..غامري دون الالتفاف نحو تخوفاتِك " امتطي صهوةَ طموحاتِك وأَبدعي "لتكن قامتُك "تضاهي المها بسحرها البري" وارفضي ان تكوني أداة ولعبة بيديه لإرضائه واشباع غرائزه الرجولية الذكورية ولتثبيت فحولته الهشة غير الإنسانية .
تخاطب العالم "أنا الأنثى، اذا ما خابرتُكَ عن قدراتي لصناعة الحب في قلبك، ستكره الحروب لتتطهر من فحولتك.. وتتبعُني..
فهي البدء، وهي صانعة الحب، تكرهُ الصمتَ بوجهِ صرخةٍ حرة، تخاف الروتينَ وانصهارَ الأحلام.. عليها ان تقاوم".
وعلى العالم ان يقفَ ويكفَ "عن قطف الحياة لفتيات بعمر الورد"، وتضيف ان "الجسد حين يهب.. يتصارع في الأعماق مع تيارات الدم الساخنة الثائرة بلا رقيب واتجاه ولا توازن عندها، يدخل في حالة تجلّ ويستنهضُ كلَ جزءٍ مقموعٍ في الجسد والروح".
ترسم لوحاتٍ مشبعة بصور وخطوط دقيقة جميلة جريئة لحالة حب وعشق "تتمنى لو اقتربتُ من شَفتكَ السُّفلى بطرف أصبعي السبابة اليُمنى أمرره يمينا ويسارا أتحسس حرارة أنفاسك وأضع كفة يدي اليسرى على صدرك أراقب نبضاتِ قلبِك، آه لو استطعت تقبيلَك دون أن تنقضَ على جسدي شبه العاري".وتنتشي غراما
"شفتاها ممتلئتان كحبتي كرز يشتهيها رجل في الخمسين. السفلى مُتدلية خجلة من فتنتها، والعليا حدودها مرسومة بوضوح ريشة إبداعية خيوط ذهبية تدلّت على كتفيها".
تُبحر الهام، وتغوص وتجول في يقظة حالمة على سطوح ومواطن الكون الجميل، تلامس الأرض عشقاً بكل مكنوناته وتنطلق راقصة الى السماء بكل أكوانها حرةً طليقة تُداعب نسمات الحياة تتمسّك بجذور الورد وعطره، تجتاز البساتين فيظهر مداها أبعد، تستكين للطبيعة تزيح ما أعاق وما علق، تواجه القيد والقهر والظلم وكل من سلب واغتصب. بصرخة غضب بعزيمة بطل ويقظة حالم وحالم يقظ، لا تهرب من واقعها الصعب الا لحلمها وخيالها لتعود أقوى الى واقعها "شامخةً بأنوثتها" راسمة الحرية وبسمة العزة والكرامة في أجواء الوطن والإنسانية.
حين تجول بين فصول وكلمات الهام تجد الهامها الدرويشيّ ماثلا نصاً وروحاً "على الأرض ما يجعلني امرأة تُحب الحياة". "البُحيرة لي والسماء لي واليابسة لي، الشعر والأغنية واللوحة والغزل والأمل والحب لي". "على هذه الأرض الكثير ما يستحق الحياة" وتاخذها فيروز،"زنوبية تدمر"،"ايقونة الوطن" الى حيث تريد ومتى تريد،تغني للقدس،للشام وبغداد، وتتسائل حين يسري صوت كوكبة الشرق الى داخلها..اغدا القاك؟؟
تطرح افكارا صافية نيّرة عن حالنا، حياتنا، واقعنا المعاش،عاداتنا ،وتقاليدنا ،نقبلها،نرفضها،تواجهها الكاتبة بجراة الموقف الصادق، ورقة الانسان الحاني والحالم الراني للعدالة والحرية وللانسانية السمحاء دون ظلم واستغلال للمراة، للانسان، للطبيعة وللكون. تنساب الافكارُ سريعًا لحظةَ ومضتِها لتتسارع الكلمات متزاحمة متلاحقة جمالا وزينة وايحاءً بتلقائية وعفوية صادقة، فيها الكثير من بديع الكلام، سفر، سمر، ضجر، وشوشة حجر، همس بحر، فحيح شجر، ضوء قمر، جبين ليل ، بهاء نهار ، سحرالصباح والندى، خرير ماء ،زهر اللوز والصبار والليمون ،ملامسة النجوم ،دغدغة شمس ،سباحة المساء،حيرة فراشة، ،فرس بيضاء، لهفة لقاء ولوعة فراق، حب، عتاب، حزن، سأم، ندم، كسل، حنين،فرح، سعادة،حياة ،ثورة، كومة فل، تفاؤل، تشاؤم، تشاؤل وغيرها من مفردات الطبيعة والحب التي تاتيها طواعية دون جهد او عناء لانها مغموسةٌ بهما ، بالحب والطبيعة ، في حاكورة منزلها الاول،قانا الجليل، في مهجة الوالدين وفي عائلتها الصغرى والكبرى،وفي مدينتها الناصرة حيث كانت الصبية تصطف بجانب الفتى ليهتفوا.."بلادي يلادي بلادي لك حبي وفؤادي".
يتجلى صدق الهام الملتصق يالطبيعة بالكلمات:" هي بضع كلمات..تتدفق بقوة الطبيعة..من باطني..كما باطن الارض..يدفع بمياه الحياة..نقية تشق دربها بعفوية مفرطة
باكورة فكرية ادبية.. صرخة واكثر..حب وثورة.. تستحق الثناء والقراءة الثاقبة الممعنة ..رائعة هذه الولادة..جميل هذا المولود..مبارك.. وبانتظار الاتي.. الاتي حتما وسريعا..تحياتي.. مع كل المودة والتقدير.

بقلم
فيصل طه
الناصرة..صفورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -اخترت الفن التجريدي كونه يحررني من كافة القيود-


.. تربية الحيوانات الأليفة جزء من الطبيعة التي تعتز بها الريفيا




.. تمثال اميلي سرسق


.. استشهاد امرأة فلسطينية وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية استهد




.. اعتقال ناشطات معارضات للحرب في قطاع غزة والسودان