الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتمية إستقلال كوردستان

مهدي كاكه يي

2017 / 9 / 26
القضية الكردية


هناك الكثير من السياسيين والكُتّاب العرب والفرس والأتراك يدّعون بأنهم يريدون الخير لشعب كوردستان ويجعلون من أنفسهم ممثلين لشعب كوردستان وأوصياء عليه ويتباكون على الخطر الذي يواجهه هذا الشعب في قراره بالإستقلال عن العراق. بعد سقوط النظام البعثي العراقي، حاول شعب كوردستان أن يكون شريكاً للشيعة والسُنّة في العراق ضمن نظام فيدرالي. ها مضت 14 سنة على تحرر العراق من الحكم البعثي، والأحزاب الشيعية الطائفية تنفرد بالحكم وتُكرّس الطائفية والعنصرية وتريد فرض الطائفية الشيعية على الشعوب العراقية وخلق مجتمع اللطم والخرافات وسنّ قوانين بدوية بدائية عفا عليها الزمن وفرضها على المجتمعات العراقية.

ليست هناك أية مصداقية لهؤلاء الأدعياء الدجالين الذين يذرفون دموع التماسيح، على مستقبل شعب كوردستان ومصلحته. لو كان هؤلاء صادقين في إدعاءاتهم، فأنهم يجب أن يحترموا إرادة شعب كوردستان الذي عبّر عنها خلال إستفتاء الإستقلال والذي نتائجه ستُظهر بأن الغالبية العظمى من شعب كوردستان يرغبون أن تستقل بلادهم وأن تصبح كوردستان والعراق جارتَين صديقتَين، تتعاونان لخدمة شعبَيهما، بدلاً من التحارب وسفك الدماء وتخريب البلدَين. المسألة الكوردستانية أكبر من أن يتم حصرها وتقزيمها في شخص واحد مثل السيد مسعود بارزاني، إنها قضية شعب ووطن وها شعب كوردستان قد قرر أن يتحرر ويؤسس كيانه السياسي في وطنه.

كما أنّ الطغمة الشيعية الحاكمة منشغلة باالفساد والنهب، مستغلة كذباً المذهب الشيعي، تاركةً الشعب الشيعي المسكين في وسط وجنوب العراق يعاني من الفقر والمرض والبطالة بالرغم من الثروة النفطية الهائلة الموجودة في باطن أرضه والمليارات من الدولات التي تجنيها الحكومة العراقية من واردات نفط جنوب العراق. لا تكتفي الحكومة العراقية الفاسدة بنهب أموال نفط الشيعة المساكين، بل أنها تُرسلهم الى ساحات الموت وتزجّهم في حروب لا مصلحة للشيعة فيها وأصبحت عشرات الآلاف من الشيعة ضحايا حروب اللصوص والمافيا السياسية التي تتحكم بالشعوب العراقية وخلقت عشرات الآلاف من الأرامل واليتامى.

أود هنا أن أذكر أيضاً بأن حُكّام العراق قد ربطوا مصير شيعة العراق، بل مصير الشعوب العراقية كلها، بإيران ويريدون تأسيس نظام ولي الفقيه في العراق ليصبح العراق سياسياً وعقائدياً تابعاً لإيران. هذه السياسة ستكون لها عواقب كارثية على الشعب الشيعي في العراق، حيث أن الدول الغربية، و في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لا تسمح مطلقاً بأن تسيطر إيران على العراق وتتحكم بالثروة النفطية في كلّ من إيران والعراق ويُكوّن الهلال الشيعي الممتد من إيران الى لبنان والبحر الأبيض المتوسط وأن تُهدد المصالح الغربية في المنطقة. لذلك أحذّر الشعب الشيعي، الذي رزح تحت حُكم السُنة لِعقود طويلة وتعرّض للإبادة والسلاح الكيميائي، من خطورة عمالة القيادات الإسلامية الشيعية الحاكمة في العراق لإيران وربط مصير شيعة العراق بإيران. مرتزقة وأبواق حُكّام العراق يُصفّقون ويهلهلون لهم. هذه السياسة الكارثية للحكام الشيعة في العراق ستُرجع الشعب الشيعي الى المربع الأول، حيث ستضطر الولايات المتحدة الى تسليم الحُكم الى سُنّة العراق من جديد وتبدأ مآسي الشعب الشيعي الطيب، بنات وأبناء سومر، من إبادة وقتل. ينبغي أن يرص الشعب الشيعي صفوفه وينظم نفسه ويُطيح بالمافيا السياسية التي تتحكم فيه ويحلّ الميليشيات المسلحة المنفلتة الخارجة عن سلطة الدولة والعميلة لإيران ويؤسس دولته التي تمتد من سامراء الى البصرة ويستثمر ثرواته الطبيعية الهائلة في البناء والتنمية ويعيش في رفاهية وسلام.

هناك قسم من السياسيين والكُتّاب المرتزقة يدّعون بأن سكان إقليم جنوب كوردستان يعيشون على واردات نفط الجنوب من خلال 17% من ميزانية العراق التي كانوا يستلمونها من العراق. أولاً، هذه النسبة تصبح 12% فقط بعد خصم التكاليف السيادية منها والتي من ضمنها تشمل رواتب الجيش والنفقات العسكرية التي كان الپیشمرگە محرومين منها رغم خصم هذه النفقات من حصة الإقليم. ثانياً، الأموال التي كانت يستلمها الإقليم هي أقل من واردات نفط كركوك التي هي واردات كوردستانية. بدلاً من إستفادة شعب كوردستان من واردات نفطها، تمّ بهذه الأموال شراء الأسلحة التي تمّ قتل الشعب الكوردستاني بها وتدمير الحياة في كوردستان من قِبل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ تأسيس الكيان السياسي العراقي المصطنع من قِبل الإستعمار البريطاني والفرنسي. الإدّعاء الكاذب بأنّ شعب إقليم جنوب كوردستان كان يعيش على واردات نفط الجنوب، هو محاولة من الحكومة العراقية في إثارة الشيعة ضد شعب كوردستان، وإلا فأن الكورد عاشوا على واردات نفطهم في كركوك التي كانت يتم نهبها من قِبل الحكومات العراقية المتعاقبة.

لقد مضت 14 سنة على سقوط النظام البعثي في العراق، حيث كانت قوات الپيشمەرگه القوة الوحيدة التي ساهمت مع القوات الأمريكية في إسقاط هذا النظام في سنة 2003. لم يكتفِ إقليم جنوب كوردستان بالمساهمة بإسقاط النظام، بل رغم كون الإقليم كان يتمتع بإستقلالٍ تام عن العراق منذ سنة 1992 ميلادية أي خلال 11 عاماً (سنة 1992 – 2003 ميلادية)، تخلى قادة الإقليم بكل سذاجة عن إستقلالية إقليمهم وقبلوا بأن يكون الإقليم جزءاً من العراق في إتحاد فيدرالي وأخذوا يُعيدون تأسيس إدارة عراقية جديدة تحل محل الإدارة البعثية المنهارة وإعادة تأسيس قوات مسلحة بعد حل وإختفاء القوات المسلحة التابعة للنظام البعثي.

كان من الواجب على قيادة إقليم جنوب كوردستان أن يحتفظوا بإستقلالية الإقليم وذلك بأخذ الحقائق التالية بِنظر الإعتبار:

1. المجتمع العراقي مجتمع متخلف، تتجذر فيه روح العنصرية والطائفية والقبلية ولا يمكن للشيعة والسُنّة في العراق الإقرار بِحقوق الشعب الكوردستاني، بما فيها حق تقرير المصير والإستقلال.

2. تبعية الأحزاب الشيعية العراقية لإيران، حيث أن هذه الأحزاب والميليشيات الشيعية العراقية المسلحة تمّ تأسيسها من قِبل إيران وعاشت في إيران خلال حُكم حزب البعث للعراق وقاتلت هذه الأحزاب والميليشيات الى جانب إيران ضد الجيش العراقي خلال الحرب العراقية – الإيرانية التي دامت لمدة ثماني سنوات. كان على القيادة الكوردستانية أن تعرف بأن الأحزاب الشيعية العراقية مرتبطة بالنظام الإيراني وصنيعته ولا يمكن أن تصبح هذه الأحزاب حليفة لشعب كوردستان ما دامت إيران تغتصب إقليم شرق كوردستان ولذلك فهي تقف دائماً ضد تطلعات شعب كوردستان في التحرر والإستقلال.

3. بما أن كلاً من العراق وإيران وتركيا وسوريا يغتصب جزءاً من كوردستان، فأن هذه الدول الأربع، رغم خلافاتها مع البعض، فأنها تتوحد وتتحالف معاً فيما يخص القضية الكوردستانية، حيث أنها تعمل على الحفاظ على إستمراريتها في إحتلال كوردستان إستيطانياً ونهب ثرواتها، بِغضّ النظر عن الحكومات التي تحكم هذه الدول. كان من المفروض أن تكون القيادة الكوردستانية واعية وتأخذ هذه الحقائق الثلاث بِنظر الإعتبار في علاقاتها مع الأحزاب الشيعية الطائفية العراقية بعد سقوط نظام البعث في العراق.

يعالج الكثير من السياسيين والكُتّاب العرب والترك والفرس، مسألة إستقلال كوردستان بِسطحية ومن منطلق ذاتي وعنصري وعاطفي، بعيد عن الواقع والموضوعية. هناك إنفصال روحي ونفسي وثقافي وإجتماعي وإقتصادي بين سكان إقليم جنوب كوردستان من جهة وبين السكان العرب في العراق من جهة أخرى. لا تستطيع جيوش العالم أجمع أن تهدم هذا الحاجز بين شعب كوردستان وشعوب العراق. يتم إزالة هذا الحاجز في حالة واحدة فقط وهي زوال شعب كوردستان وذلك بإبادته وهذه أمر مستحيل والتجارب الفاشلة للدول المُغتصِبة لكوردستان في إبادة شعب كوردستان وتعريبه وتتريكه وتفريسه، تشهد على إستحالة كسر إرادة شعب كوردستان وإبادته. لذلك فأن التهديدات بإستخدام القوة لا تستطيع إخضاع شعب كوردستان. من مصلحة الشعبَين العراقي والكوردستاني أن يفترقا ويصبحا جارَين صديقَين وأن تمتنع الحكومة العراقية عن زجّ أبناء الشعب الشيعي الطيّب في حروب مدمرة خاسرة. الشعب الكوردي لا يريد أن تُراق قطرة دمٍ واحدة للشعب الشيعي، حيث أن الشعبَين الشيعي والكوردي، كلاهما أحفاد سومر، تربطهما رابطة الدم وكل منهما هو شعب المقابر الجماعية والمتعرض للإبادات. لنتفرّغ معاً للبناء ونعمل لرفاهية شعبَينا، كجارَين ولِنبتعد عن إراقة دماء شعبَينا وتدمير بلدَينا. إن ولادة دولة كوردستان حتمية، ينبغي الإقرار بها والإمتناع عن القيام بمحاولات لإيقافها أو عرقلتها لأنها ستكون محاولات عقيمة غير مُجدية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة.. قيود غربية على حرية التعبير؟ • فرانس 24 / FR


.. شبكات | أبو عبيدة يحذر من مصير الأسرى في قبضة القسام.. ما مص




.. ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية


.. -الأغذية العالمي-: غزة ستتجاوز عتبة المجاعة خلال 6 أسابيع




.. التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية: العالم على حافة الهاوية