الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرزاني في شمال العراق وصالح مسلم في شمال سورية في رحلة الصعود إلى الهاوية

عليان عليان

2017 / 9 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



في الوقت الذي ينشغل فيه الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي بتطهير ما تبقى من فلول داعش في الأراضي العراقية ، أقدم مسعود البرزاني في انتهازية وخيانة مكشوفة على إنجاز استفتاء للانفصال عن العراق، بدعم غير محدود من الكيان الصهيوني ، ومن وراء الستار الولايات المتحدة الأمريكية التي وقفت وراء سيناريو الاستفتاء.
وفي الوقت الذي يحقق فيه الجيش العربي السوري وحلفاؤه ، انتصارات كاسحة على الدواعش في البادية الشرقية ، وبعد أن بات تنظيم داعش يلفظ أنفاسه الأخيرة قام الأمريكان بتحريك الوحدات الكردية، باتجاه دير الزور لإرباك خطط وعمليات الجيش العربي السوري وحلفائه، لتحرير ما تبقى من البلدات الكردية الواقعة تحت سيطرة داعش.
استفتاء البرزاني – الذي يلحق أضراراً هائلة بالشعب الكردي الشقيق- يعبق بالانتهازية والغباء السياسي ، ويجعل من الدويلة الكردية المنتظرة احتياطاً إستراتيجياً للكيان الصهيوني، وها هي الأعلام الإسرائيلية ترتفع في الاحتفالات بالاستفتاء في أربيل والسليمانية ، والأعلام الكردية ترتفع في احتفالات مناظرة في الكيان الصهيوني ، وها هم أزلام أميركا والصهيونية مثل زلمان خليل زادة وبرنارد هنري ليفي -مهندس الثورات الملونة والبرتقالية في ليبيا وأوكرانيا وغيرهما- يشرفون على الاستفتاء ، ويتبخترون في شوارع أربيل والسليمانية فرحاً بهذا الانجاز .
وكان لافتاً أمس، تصريح قائد قوات "البشمركة" الكردية الجنرال سيروان البرزاني في الخامس والعشرين من سبتمبر الجاري، الذي عبر فيه عن خالص تقديره للدعم السياسي الإسرائيلي لأربيل، إذ قال في حديث إلى وكالة "نوفوستي" الروسية، إننا "نمر الآن بحالة معقدة للغاية، إذ نشاهد اليوم المرحلة الانتقالية في تاريخ الأكراد"، لافتاً إلى أن أربيل "لن تنسى أولئك الذين قدموا لنا دعماً جدياً، ومن بينهم إسرائيل... فدعمها سياسي ومعنوي، ونحن ممتنون لرئيس الوزراء الإسرائيلي على هذه المساعدة".
لم يعد سرا أن الكيان الصهيوني هو الداعم الرئيسي للاستفتاء في شمال العراق بشهادة القيادات الكردية نفسها ، وأنه أرسل آلاف الخبراء للترويج للاستفتاء وإنجازه ، ونتنياهو أعلن بصريح العبارة أن قيام دولة كردستان العراق يشكل ذخراً استراتيجياً ( لإسرائيل) ، لوقوعها في مفصل استراتيجي بجوار كل من إيران والعراق وتركيا وسورية ، ما يمكن ( إسرائيل ) عبر نفوذها السياسي والعسكري لدى زمرة البرزاني ، من تهديد إيران والعراق وسورية ، ومن تنفيذ سياسة تطويق دول الطوق ومحور المقاومة.
ما يجب الإشارة إليه هنا، أن رهان البرزاني على الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ، ينطوي على غباء وقصر نظر سياسي ، لعدة أسباب أبرزها :
أولاً : لأن حضور واشنطن العسكري الحالي في العراق، لا يمكنها من حماية دولة الانفصال في حال قيامها ، فالقوات الأميركية التي غزت العراق بإمكاناتها العسكرية الهائلة سبق أن هزمت على أيدي المقاومة العراقية ، واضطرت للانسحاب بقرار من الرئيس الأميركي باراك أوباما ، فكيف لها أن تنقذ البرزاني في ضوء وضعها العسكري الراهن في العراق.
ثانياً : لأن المشروع الصهيو أميركي في العراق شارف على الهزيمة بعد الاندحار شبه الكامل لتنظيم داعش الإرهابي في العراق ، ولا يغير من واقع الهزيمة عمليات التسلل الإسرائيلية إلى إقليم كردستان، وإلى محافظتي نينوى وكركوك.
ثالثاً: لأنه لا مستقبل لدويلة الانفصال في حال قيامها، جراء الحصار الخانق الذي باتت كل من العراق وتركيا وإيران تفرضه عليها, وفي الذاكرة جمهورية مها باد بقيادة الملا مصطفى البرزاني التي انتهت إلى الفشل الذريع.
رابعاً: لأنه ليس بمقدور الكيان الصهيوني أن ينقذ الدويلة المزعومة من المصير المحتوم الذي ينتظرها ، بعد فشل مشروعه في سورية ، وأن محاولات هذا الكيان استثمار استفتاء كردستان كورقة في موضوع التسوية للأزمة السورية ، لا تعدو كونها محاولات يائسة .
خامساً: لأن الإدارة الأميركية ستكون مضطرة لأن تأخذ بنظر الاعتبار الموقف التركي الرافض لإقامة هذه الدويلة ، باعتبارها مسألة أمن قومي تركية بامتياز خاصةً وأن تركيا عضو أساسي في حلف النيتو .
ما يجب الإشارة إليه أيضاً، أن رهان القيادات الكردية في شمال سورية على الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ، ينطوي على غباء وقصر نظر سياسي لعدة أسباب أبرزها :
1-لأن الحضور الأميركي في شمال وشرق سورية إلى زوال ، بعد الهزائم المتتالية لفصائل الإرهاب المدعومة أميركياً، حيث أعلن الأمريكان عن توجههم لمغادرة قاعدة التنف وغيرها من القواعد التي منحتها القيادات الكردية لها ، ما يدل على أن الأمريكان في أضعف حالاتهم .
لقد استثمر الاتحاد الديمقراطي الكردي في شمال سورية بقيادة صالح مسلم بكل انتهازية وخيانة وطنية ، انشغال الجيش العربي السوري بمحاربة الفصائل الإرهابية ، وأقدم عبر قوات سورية الديمقراطية المدعومة أميركياً وإسرائيلياً على السيطرة على مساحات واسعة من شمال وشرق سورية ، ومنح للأمريكان أربعة قواعد أميركية في الأراضي السورية ، على أمل الحصول على فيدرالية كردية .
لكن بعد التطورات اللاحقة ممثلة بتحرير الجيش العربي السوري وحلفائه معظم البادية الشرقية والجنوبية الشرقية، وبعد أن وصل الجيش السوري وحلفاؤه إلى الحدود مع العراق ، وبعد فك الحصار عن مدينة دير الزور والعبور إلى شرق الفرات ، بات رهان الاتحاد الديمقراطي الكردي وقوات سورية الديمقراطية علي الأمريكان لإقامة فيدرالية كردية في شمال وشمال شرق سورية، تمتد من الرقة ودير الزور وصولاً إلى عفرين ، رهاناً غبياً وخاسراً ، وفي الذاكرة ما صرح به السفير الأميركي الأسبق في سورية وأحد مهندسي المؤامرة عليها- روبرت فورد- " بأن على القيادات الكردية في شمال سورية، أن تدرك بأن الولايات المتحدة ستخذلها ، وأنه لا توجد إمكانية لقيام فيدرالية كردية".
2- لأن الأمريكان باتوا يدركون أن اندفاعة الجيش العربي السوري وحلفائه وبدعم هائل من سلاح الجو الروسي، لن تتوقف حتى تحرير جميع الأراضي السورية من الإرهابيين، ومن القوى الساعية لتقسيم سورية وفدرلتها .
3- ولأن الأميريكان ليسوا بصدد الاصطدام مع الروس والجيش العربي السوري وحلفائه، في ضوء ميزان القوى الراهن على الأرض السورية الذي بات يميل بشكل كاسح لمصلحة سورية العروبة وحلفائها، وفي الذاكرة القريبة مطالبة التحالف الأميركي لعصابات ومرتزقة أحمد العبدو وأسود الشرقية بالانسحاب من شرق وجنوب شرق سورية ، وإخلاء المناطق التي يتواجدون فيها للجيش العربي السوري.
4- لأن الأمريكان سيدركون أن مصلحتهم الإستراتيجية تكمن في الحفاظ على تحالفهم مع تركيا في إطار حلف النيتو ، بعد أن باتوا يشاهدون بأم أعينهم نتائج مؤتمرات أستانة وخاصة " أستانة 6" وتقارب حكومة أردوغان مع روسيا خاصةً بعد صفقة س س 24.
وأخيراً يمكن القول لمسعود البرزاني- رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في كردستان العراق- أنك تسببت بضرر كبيرا للأشقاء الأكراد في العراق ولوثت سمعتهم الوطنية – فهم مكون وطني وحضاري أساسي من مكونات المجتمع العراقي – ونقول لصالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في شمال سورية : أنك تسببت بضرر كبير للأشقاء الأكراد في سورية وأسأت لسمعتهم الوطنية، فهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للشعب السوري، ولهم باع طويل في نهضة سورية والدفاع عنها ،فالشعب الكردي سجله حافل في النضال ضد الصهيونية وضد الاستعمار .
فالأشقاء في الشعب الكردي ، لم يعرف عنهم العمالة للكيان الصهيوني وللأمريكان، وفي الذاكرة التي لا تمحي، دور وزير الدفاع السوري " الكردي" في حكومة الملك فيصل الأول، في محاربة القوات الاستعمارية الفرنسية في سورية عندما رفض الإذعان لموافقة الحكومة وقرار الملك فيصل الأول ، بالرضوخ لإنذار الجنرال الفرنسي غور ومطالبه القاضية بتسريح الجيش السوري ، وسحب الجنود من روابي قرية مجدل عنجر والعدول عن فكرة المقاومة ، حيث تصدى بشجاعة وبسالة في معركة غر متكافئة مع ما تبقى من الجيش ومئات المتطوعين ، للقوات الفرنسية الاستعمارية الزاحفة من لبنان بإمرة الجنرال غوابيه وتحت قيادة الجنرال غورو ، وذلك في منطقة ميسلون التي استشهد فها بعد قتال شجاع وشرس .
إذ أنه عندما بدأت القوات الفرنسية بالزحف من لبنان ، بإمرة الجنرال غوابيه (بأمر من الجنرال غورو) باتجاه دمشق في تاريخ 24 تموز عام 1920 وبينما كان الجيش السوري المرابط على الحدود يتراجع منفضًا، سُئل الجنرال غورو عن هذا الأمر أجاب بأن برقية فيصل بالموافقة على بنود الإنذار وصلت إليه بعد انتهاء المدة.
لقد أراد العظمة بخروجه لملاقاة الفرنسيين وقتالهم ، أن يحفظ لتاريخ سورية العسكري هيبته ووقاره، فقد كان يخشى أن يسجل في كتب التاريخ أن الجيش السوري قعد عن القتال ودخل المحتل عاصمته دون مقاومة، كما أراد أن يسجل موقفاً أمام الشعب السوري نفسه بأن جيشه حمل لواء المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي منذ اللحظة الأولى، وإن ذلك سيكون نبراساً للشعب السوري في مقاومته للمحتل، فقد كان يدرك أن من يهن يسهل الهوان عليه، وهوان الجيش قد تكون له عواقب وخيمة على البلاد ومستقبل المقاومة ( انظر كتاب معركة ميسلون… فاتحة الثورة السورية الكبرى والرد المدوي على أطماع الغزاة الفرنسيين في سورية، مقالة منشورة في موقع سانا)
وفي الذاكرة أيضا ، انخراط أعداد كبيرة من الشبان الأكراد في صفوف فصائل الثورة الفلسطينية، للقتال ضد العدو الصهيوني في عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار